"العُمانية": صدر عن وزارة التراث والسياحة النسخة المحلية لأحدث كتبها العلمية ضمن سلسلة التراث الأثري العُماني بعنوان "معالم الهوية: أبراج العصر البرونزي في شبه الجزيرة العُمانية" لمؤلفته البروفيسورة ستيفاني دوبر، الذي يسلط الضوء وبأسلوب فريد على ما يقارب من 100 برج من الألفية الثالثة قبل الميلاد. ويقدم المجلد المدعم بالصور والرسوم التوضيحية رؤى جديدة في تاريخ هذه الهياكل المعمارية الضخمة ووظائفها وأهميتها الثقافية والحضارية.

وتدحض المؤلفة ستيفاني دوبر في هذا الكتاب المُعتقد السائد قديمًا بأن هذه الأبراج ما هي إلا مُجرد أبنية مُراقبة وتحصينات دفاعية مصغرة حيث إن التنقيبات الأثرية الحديثة دحضت ذلك المُعتقد بالكشف عن أن هذه الأبراج لها مجموعة متنوعة من الأغراض التي تستخدم من أجلها في العصور القديمة.

وعمدت المؤلفة على إجراء دراسة عميقة ومفصلة لكيفية بناء هذه الأبراج وتطورها، وكيف تمت إعادة توظيفها مع تنوع طرق استخدامها عبر قرون من النشاط البشري. كما يشرح هذا الكتاب كيف تناسبت هذه الأبراج مع التطورات الأوسع للأنشطة والمجتمعات في العصر البرونزي، والتي تشمل شبكات التجارة لمسافات طويلة، وإنتاج النحاس على نطاق واسع، وتطور أشكال البناء والعمارة الضخمة.

ويُعد هذا الإصدار أكثر من مجرد مرجع علمي متخصص، بل هو أيضًا دليل للزوار والباحثين، ويضم في طياته خرائط ورسومًا توضيحية وصورًا فوتوغرافية توثق موقع كل برج على حدة وبالتفصيل. كما يسهم الكتاب في إثراء فهمنا للتقاليد الثقافية للمنطقة وارتباطها بالعمليات التاريخية الأوسع من خلال جمع وتحليل أحدث البيانات.

وكرست ستيفاني دوبر - عالمة الآثار المتخصصة في شبه الجزيرة العربية - سنوات عُمرها لدراسة عمارة العصر البرونزي والمشاهد الثقافية. فشملت مسيرتها الأكاديمية العديد من الدراسات الأثرية والمسوحات والتنقيبات في سلطنة عُمان، مما يجعلها ضليعة في هذا العِلم.

وقد جاء هذا الكتاب تتويجًا لعملها المكثف والدؤوب وخبرتها في هذا المجال حيث يقدم نظرة شاملة لواحدة من أهم الظواهر الأثرية في المنطقة. ويقدم "معالم الهوية: أبراج العصر البرونزي في شبه الجزيرة العُمانية" مُساهمة كبيرة في مجالات علم الآثار والتاريخ، ومن المؤمل أن يصبح مرجعًا أساسيًّا لكل المتخصصين والباحثين والقراء المهتمين بماضي عُمان التليد حيث يُعد هذا العمل الذي طبعت نسخته الدولية دار الآركيوبرس أكسفورد للنشر شهادةً على التراث الثقافي الثري لسلطنة عُمان بصفة عامة وعلى الأهمية التاريخية لأبراج العصر البرونزي بصفة خاصة.

يذكر أن كتاب "معالم الهوية: أبراج العصر البرونزي في شبه الجزيرة العُمانية" لمؤلفته البروفيسورة ستيفاني دوبر هو الإصدار الثالث عشر لوزارة التراث والسياحة ضمن سلسلة التراث الأثري العُماني التي تصدرها الوزارة دوريًّا في إطار جهودها الرامية إلى توثيق وتأليف وطباعة وترجمة مختلف الإصدارات العلمية في قطاع التراث العُماني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العصر البرونزی هذه الأبراج الع مانیة الع مانی

إقرأ أيضاً:

تأثير الحرب التجارية الأمريكية على القطاع اللوجستي العُماني

 

 

د. منصور القاسمي **

 

بعد إعلان الحرب التجارية العالمية التي تقودها الولايات المُتحدة الأمريكية تحت شعار "التعرفة المُتبادلة"، من خلال فرض تعريفات جمركية جديدة تراوحت بين 10% إلى 45% لتحرير الاقتصاد الأمريكي (بحسب وجهة نظرهم) وتعزيز قدرتها على التحكم في الأسواق العالمية، من خلال تقليص الهيمنة الاقتصادية والتجارية للدول المنافسة، نعتقد أنَّ هذه الحرب ستؤثر بشكل كبير على القطاع اللوجستي وسلاسل التوريدات العالمية؛ مما يُوجب علينا إعادة التفكير خارج الصندوق.

الولايات المُتحدة الأمريكية حريصة كل الحرص على استمرار تدفق المنتجات الأمريكية إلى دول العالم، ومن غير المُنصِف أن تكون هناك دول تفرض رسوماً جمركية أعلى على المنتجات الأمريكية بـ200% من الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على منتجات تلك الدولة، لكن فرض التعريفات الجمركية الجديدة سيكون له تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية. والقائمة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضم معظم الدول الكبرى، وتتصدرها الصين التي بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية لها لعام 2024 ما يقارب 43.85 تريليون يوان (حوالي 6 تريليونات دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 5% مُقارنة مع العام السابق (2023) من هذا المجموع، وبلغت قيمة الصادرات الصينية 3.58 تريليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 5.9% مُقارنة بالعام السابق. وتُشكّل الآلات، مثل: أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، إضافةً إلى معدات النقل والملابس، الجزء الأكبر من الصادرات الصينية لكثير من الدول. وأعتقدُ أن زيادة التعرفة الجمركية سوف تتسبب في تضخم الأسعار بمعظم الدول التي ترتبط بالتجارة مع الصين، وخصوصًا فيما يخص الاستراتيجيات المتعلقة بالشحن بمختلف المراحل؛ سواءً كان برًا أو بحرًا أو جوًا، إلى جانب عمليات النقل والتوزيع؛ مما يتطلب إعادة النظر في توسيع التعاون التجاري بين الدول المُنتِجة والمُستهلِكة.

وتعد سلاسل الإمداد العالمية واللوجستيات من أبرز القطاعات التي ستتأثر بشكل كبير نتيجة لارتفاع الأسعار؛ مما سيجعل من الصعب على الشركات الحصول على المواد الخام أو المنتجات المصنعة بشكل فعّال وبالأسعار المناسبة، وهذا بدوره سيؤدي إلى تقليل الكفاءة اللوجستية في التصنيع والنقل والتوزيع على مستوى العالم، ومن ثَمَّ تدهور كفاءة المنتج وارتفاع التكاليف اللوجستية وتباطؤ عمليات الشحن والتوزيع. كما إنَّ رفع الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات المستوردة، سيكون له الأثر المُباشر على تكلُفة المُنتَج. لذا سيكون من الضروري على الدول المُتأثِّرة إيجاد بدائل وحلول من خلال أنظمة لوجستية أكثر فاعلية وذكاء.

سلطنة عُمان بما لها من موقع استراتيجي مُتميِّز في منطقة الخليج العربي، تُعد من أبرز الدول في مجال النقل البحري واللوجستيات بمنطقة الشرق الأوسط. كما إنها من الدول المُصدِّرة للنفط والغاز، إضافة إلى العديد من المواد الأولية الأخرى مثل: النحاس، والحديد، والجبس، والرخام. وفي عام 2020، بلغ إنتاج سلطنة عُمان من النفط حوالي 1 مليون برميل يوميًا؛ ما يجعلها من أكبر المُنتِجين في المنطقة. وتذهب 70% من صادرات السلطنة النفطية إلى أسواق آسيا؛ بما في ذلك الصين والهند، وفي ظل استمرار هذه الحرب الاقتصادية، من المحتمل أن تتأثر أسواق السلع العُمانية المُصدِّرة إلى الأسواق الأمريكية والعالمية نتيجة للتعريفات الجمركية الجديدة، عدا المنتجات النفطية ومشتقاتها؛ مما سيرفع بالتالي تكاليف التصدير.

ومع مشاركة سلطنة عُمان في مشروع "الحزام والطريق" لتعزيز التعاون التجاري واللوجستي، يمكن لعُمان زيادة صادراتها إلى الأسواق الآسيوية من خلال الموانئ العُمانية. وقد بذلت السلطنة جهودًا كبيرة لتحسين بنيتها الأساسية اللوجستية، منها على سبيل المثال: ميناء صحار، الذي يُعد أكبر ميناء في السلطنة، وشهد في عام 2020 حركة حوالي 1.1 مليون حاوية نمطية؛ مما يبرز دور عُمان كمركزٍ رئيسيٍّ في التجارة البحرية الإقليمية. إضافة إلى ذلك، فإنَّ السلطنة قد استثمرت بشكل كبير في تطوير المنطقة الحرة في الدقم، وهي منطقة اقتصادية استراتيجية تهدف إلى جذب الاستثمارات وتعزيز التجارة، خاصة مع الدول الآسيوية. ولا تقتصر السلطنة فقط على استثمارات النقل البحري؛ بل تبذل السلطنة أيضًا جهودًا كبيرة في مشاريع الطاقة المتجددة.

ومن أبرز هذه المشاريع "محطة الدقم للطاقة الشمسية"، التي تعد من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في المنطقة، مما يعكس التزام السلطنة بتنويع مصادر طاقتها وتقليل الاعتماد على النفط. أما على الصعيد الإقليمي، تسعى السلطنة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي داخل دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة التجارة مع الدول العربية الأخرى لتخفيف آثار القيود الاقتصادية.

وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تفرضها الحرب الاقتصادية، فإن تأثيرها على السلطنة ستكون طفيفة على المستوى الاجتماعي وستتمكن من العبور بأمان بفضل استعدادها المسبق، فقد عملت السلطنة على تحسين البنية التحتية اللوجستية والتكنولوجية بشكل مستمر، وتعزيز التعاون مع دول أخرى. وهذه الخطوات ستساعد عُمان على مواجهة آثار الحرب الاقتصادية بشكل فعال وبخسائر أقل، كما ستسهم في تقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية وتوسيع نطاق تجارتها لتشمل أسواقًا جديدة بالمستقبل القريب.

** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد

مقالات مشابهة

  • بعد جولة ماكرون بخان الخليلي.. زعماء وقادة زاروا معالم القاهرة التاريخية
  • "إكسبو أوساكا".. القوى الناعمة العُمانية لمد الجسور الحضارية
  • ريكيلمي خليفة مارادونا الذي تحدى قواعد العصر
  • معالم في طريق استقرار الحكم في السودان (الحلقتين التاسعة والعاشرة الاخيرة)
  • فقرات فنية تبرز الهـوية الثقافية العُمانية فـــــي افتتـاح دورة الألعـاب الشـاطئية الخليجية
  • تأثير الحرب التجارية الأمريكية على القطاع اللوجستي العُماني
  • بحضور واسع.. مدينة سيئون تشهد فعالية مهرجان "ألحان الزمن الجميل"
  • نصف قرن على وفاة كوكب الشرق !
  • أول تعليق عُماني على الرسوم الجمركية الأمريكية ضد الصادرات العُمانية
  • مسرح السامر يشهد ختام احتفالات عيد الفطر بأغاني الزمن الجميل والفنون الشعبية