أكدت حركة "فتح"، أن الأولوية القصوى لدى الحركة هي وقف حرب الإبادة الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة ، وإنهاء معاناة شعبنا البطل هناك، والعمل فورا على انسحاب جيش الاحتلال من غزة وإعادة بناء القطاع وإعادة توحيده مع الضفة، وصولاً إلى إنجاز إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

وأشارت "فتح" في بيان لها، اليوم الثلاثاء، لمناسبة الذكرى الـ60 لانطلاق الثورة الفلسطينية، إلى أنه لا أمن ولا استقرار ولا سلام في الشرق الأوسط دون أن تكون الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة حقيقة واقعة.

وحمّلت "فتح" الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة المسؤولية الكاملة عن حرب الإبادة الجماعية، وما يقوم به جيش الاحتلال خلالها من جرائم ومجازر بشعة، وتدمير كل مقدرات الشعب الفلسطيني وكل مقومات الحياة في القطاع، مؤكدة أن من يصمت عن حرب الإبادة هذه هو شريك فيها.

وأضافت، أن الصمت المريب هو الذي يشجع دولة الاحتلال على مواصلة حرب الإبادة في غزة، وعلى ما تقوم به سلطة الاحتلال وعصابات المستعمرين في الضفة والقدس، من اعتداءات واقتحامات واعتقالات، وسياسة العقاب الجماعي، مشيرة إلى أن إرهاب المستعمرين واعتداءاتهم الوحشية على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم لا تعالج بإجراءات شكلية، وخطوات محدودة، وإنما باعتبارهم إرهابيين يجب تطبيق القانون الدولي عليهم، والأهم إنهاء الاحتلال للأرض الفلسطينية المحتلة منذ حرب حزيران/ يونيو 1967، وفي مقدمتها القدس الشرقية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، باعتبارها العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة.

ودعت "فتح" المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية إلى الوقوف أمام مسؤولياته لإجبار دولة الاحتلال على وقف جرائمها بحق أسرانا الأبطال أسرى الحرية الذين يتعرضون لأبشع هجمة تجلّت في الإعدامات المباشرة والتعذيب بطرق لم تعرف البشرية مثيلاً لها وأدت إلى استشهاد العشرات منهم، وعاهدت فتح أسرانا الأبطال بأن تبقى قضيتهم على رأس أولوياتها وأن أي حرية للشعب الفلسطيني لا تبدأ إلا بتحرير الأسرى البواسل في معتقلات الاحتلال.

وطالبت فتح المجتمع الدولي، الذي يقول إنه مع مبدأ حل الدولتين، بأخذ زمام المبادرة ومنح الدولة الفلسطينية العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن أي مماطلة وتأخير في اتخاذ هذه الخطوة سيمثل تواطؤا مع دولة الاحتلال، وانتهاكا لكل المواثيق الدولية والقانون الدولي، وتنكرا لقرارات الأمم المتحد ذات الصلة.

وأكدت أن الدولة الفلسطينية لن تكون سوى عامل استقرار وأمن وسلام في المنطقة والعالم، ووجودها سينزع كل المبررات لتأجيج العنف والحروب في الشرق الأوسط، موضحة أن الواقع يقول إنه ليس هناك شعب زائد في المنطقة، وإنما هناك دولة ناقصة هي الدولة الفلسطينية التي دونها لن ينعم أحد بالأمن والاستقرار، وأنه لا سلام ولا تعايش حقيقي في الشرق الأوسط دون وجود الدولة الفلسطينية.

وعبرت "فتح" عن تقديرها وتقدير الشعب الفلسطيني للدول والشعوب التي وقفت ضد حرب الإبادة الإسرائيلية، وخاصة الدول التي اتخذت القرار التاريخي العادل بالاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية.

وأعربت عن استنكارها للدول التي تتواطأ مع دولة الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الاونروا "، مؤكدة أن الموقف من هذه الوكالة، التي أسستها الأمم المتحدة من أجل تقديم العون للاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم إلى ديارهم، إنما يحدد من هم حقا مع القانون الدولي ومن هم ضده، ومن هم مع العدل والإنصاف ومن هم مع الظلم والاحتلال.

ودعت فتح جماهير الشعب الفلسطيني إلى الوحدة والتلاحم، انطلاقا من مبادئ واضحة في مقدمتها أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن مشروعها الوطني بما فيه من أهداف وثوابت وطنية، هو المشروع الذي يلتف حوله الشعب الفلسطيني ويكافح في إطاره من أجل حريته واستقلاله.

وشددت على أن الوحدة والشراكة الوطنية الحقيقية تتطلبان عدم انفراد أي فصيل أو حركة باتخاذ قرارات تتعلق بالحرب أو السلم أو القيام بمغامرات تكلف الشعب الفلسطيني غاليا، وأن يتم الالتزام بأن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخولة بالتفاوض باسم الشعب الفلسطيني في كل المجالات وفي المحافل كافة، وهو ما يلزم الجميع عدم انتهاك هذا الالتزام الذي يؤكد وحدة الشعب الفلسطيني.

وأكدت فتح أن تطوير أداء المنظمة، وهو أمر مطلوب دائما، إلا أنه من غير المقبول أن يطرح أي فصيل نفسه بديلا لها، أو أن يكون جزءا من أجندة خارجية تتعارض مع المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني، وتمس باستقلالية قراره الوطني المستقل المتعلق بقضيته الوطنية ومصيره ومستقبله، مذكرة بأن أحد أهم إنجازات الثورة الفلسطينية التي أطلقتها حركة فتح في عام 1965، هو أنها أنهت كل أشكال الوصاية والهيمنة والتبعية، وحررت الإرادة الوطنية للشعب الفلسطيني، وانتزعت قراره الوطني من كل من يحاول المتاجرة بقضيته.

وأوضحت فتح أن التطورات الأخيرة في المنطقة تؤكد أن المراهنات على الخارج قد سقطت وثبت فشلها، وأكدت مجددا صوابية نهج حركة فتح منذ تأسيسها الذي يعتمد أساسا على تحرير الإرادة الوطنية من أي تبعية، والإصرار على الإمساك بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل.

وأشارت إلى أن هذه المراهنات والانخراط في أجندات خارجية لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا الويلات والدمار، ولم يحرر بالمقابل شبرا واحدا من فلسطين، بل قدم للاحتلال الإسرائيلي كل الفرص والمبررات للتوسع ومد احتلاله لمناطق أخرى، وإعادة احتلال قطاع غزة.

وأكدت "فتح" باعتبارها العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية ولمنظمة التحرير، أنها ستبقى متيقظة ومستعدة وموحدة، لأنها تدرك أن قوتها وصلابتها ستنتقلان إلى كل مفاصل العمل الوطني.

وعاهدت فتح جماهير شعبنا العظيم بأن تبقى فتح وفية للمبادئ والأهداف التي انطلقت الثورة الفلسطينية من أجلها، وأن تسير على الدرب ذاته الذي خطه لنا ياسر عرفات "أبو عمار" والإخوة القادة المؤسسون، درب الشهداء الأبرار والأسرى الأبطال، درب الحرية والاستقلال والعودة.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: الدولة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی للشعب الفلسطینی دولة الاحتلال حرب الإبادة إلى أن

إقرأ أيضاً:

جيل يُمحى .. تقرير يوثق إبادة الاحتلال لأطفال غزة

الثورة /متابعات

سلط تقرير حقوقي أصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الضوء على مأساة الأطفال الفلسطينيين نتيجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

وجاء التقرير تحت عنوان ” جيل يمحى: أطفال غزة في أتون الإبادة الجماعية،”، وركز على جريمة الإبادة الجماعية الممنهجة والمقصودة التي ترتكبها إسرائيل بحق الأطفال في قطاع غزة، بما في ذلك القتل، الإيذاء الجسدي والنفسي الجسيم، وإخضاعهم لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم ماديًا ومعنويًا، مع التأكيد على غياب المساءلة الدولية ودور الدعم الغربي والتقاعس الدولي في استمرار هذه الجريمة بحقهم.

ووصف المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، جرائم الإبادة الجماعية بحق الأطفال قائلاً: “استهدفت هجمات الاحتلال القتل العمد للأطفال من خلال استهداف الأماكن السكنية ومراكز الإيواء، ما جعل الأطفال يشكلون النصيب الأكبر في القتل، حيث بلغ عددهم نحو 17 ألف طفل حتى الآن.

كما انتهجت قوات الاحتلال – وفق الصوراني- سياسة التجويع عبر منع الطعام والماء عنهم وعن أسرهم، مع تفاقم معاناتهم بشكل خاص لدى الأطفال والنساء الحوامل.

وأدى التدمير الواسع للمنازل إلى تهجير نحو مليوني شخص من قطاع غزة، مما جعلهم بلا مأوى في برد الشتاء وحرارة الصيف. كما تم تدمير المستشفيات ومنع العلاج والدواء والتطعيم، وتدمير المدارس ومنع التعليم. كل ذلك ضمن سياسة منهجية وتخطيط ممتد، مما يجعل إسرائيل وجيشها المحتل بلا شك الجيش الأكثر سقوطًا أخلاقيًا في العالم، والعدو الأول للأطفال على الصعيد الدولي، والدليل القاطع على ممارستها قولا وفعلا لجريمة الإبادة الجماعية، وفق الصوراني.

ويمثل أطفال قطاع غزة، بعد السابع من أكتوبر 2023، ضحايا مباشرين لجريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال بوحشية غير مسبوقة. فقتل الأطفال، وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي الجسيم بهم، وإخضاعهم لظروف معيشية قاسية تُدمِّر حياتهم، لا يمكن عدّه مجرد تبعات جانبية للهجمات العسكرية، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى محو الهوية الفلسطينية والقضاء على الأجيال القادمة.

قتل الأطفال

ووفق التقرير؛ منذ السابع من أكتوبر 2023، أصبح أطفال غزة ضحايا مباشرين لجريمة الإبادة الجماعية، بدءًا بـفعل “القتل”، الذي تُنفّذه قوات الاحتلال الإسرائيلي بوحشية متعمدة وبنية واضحة لاستهدافهم كجزء من هذه الإبادة. فقد أكدت تصريحات القيادات الإسرائيلية هذا التوجه بوضوح، حيث أشار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى قصة التوراتية حول تدمير العمالقة على يد الإسرائيليين، في رسالة وجهها إلى الجنود والضباط الإسرائيليين قائلاً: “الآن اذهب، هاجم عماليق، وأحرم كل ما يخصه. لا تشفق على أحد، بل اقتل الرجال والنساء، الأطفال والرضع، الثيران والأغنام، الجمال والحمير.”.

ومنذ بداية الهجمات الإسرائيلية، استشهد أكثر من 17,000 طفل في قطاع غزة، بمعدل طفل كل عشر دقائق. وهذه الإحصائية لا تشمل الوفيات الناتجة عن الأمراض والجوع والأوبئة.

وقد أكد توثيق المركز لفعل القتل في شهادات قتل الأطفال، والتي ذكر بعضها في التقرير، على الاستهداف الممنهج والواسع النطاق للأطفال.

فقد أبرز أن أشلاء الأطفال الممزقة تُجمع في أكياس، وتُحرق أجسادهم الحية بفعل النيران المتعمدة. ويلقى العديد منهم حتفهم أثناء نومهم في لحظات من الأمان الزائف، أو خلال محاولاتهم المحفوفة بالمخاطر للحصول على المساعدات الإنسانية، أو أثناء نزوحهم عبر الطريق الذي ادعى الجيش الإسرائيلي أنه آمن. كما يقتل الأطفال جراء استهداف المستشفيات، مما يؤدي إلى تعطيل أجهزة الأوكسجين بسبب انقطاع الكهرباء، فتتحول الحاضنات إلى مقابر صامتة لهم. هذه الشهادات ليست سوى نماذج من الجرائم المنهجية والواسعة النطاق التي يتعرض لها الأطفال في غزة، في ظل غياب أي تمييز بين المدنيين وتقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة الجناة.

إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير

في سياق الفعل الثاني من أفعال جريمة الإبادة الجماعية، يتطلب قيام المسؤولية أن يكون الجاني قد تعمد إلحاق أذى جسدي أو عقلي بليغ بأحد أفراد المجموعة، بحيث يكون الضرر ناتجًا عن قصد واضح.

ويُعرَّف الأذى الجسدي البليغ، وفقًا للاجتهادات القضائية الدولية، بأنه يشمل الأذى الجسيم الذي يلحق بالصحة، مثل التشويه أو الإصابات الخطيرة التي تصيب الأعضاء، والتي تؤدي إلى تدمير أو عجز دائم، أو تُسبب تأثيرات بالغة على الحالة البدنية أو النفسية للضحية.

وقد وثّق المركز الحقوقي إصابات جسيمة ومروّعة تعرّض لها أطفال قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي والانفجارات الهائلة. شملت هذه الإصابات فقدان الأطراف، وتشوهات حادة في الوجه ناجمة عن إصابات مباشرة أو حروق بالغة.

كما سُجّلت إصابات في العمود الفقري أدت إلى الشلل الكامل أو العجز الحركي، بالإضافة إلى إصابات دماغية خطيرة أثّرت على القدرات الإدراكية والسلوكية للأطفال. وإلى جانب ذلك، عانى العديد من الأطفال من إصابات في العين تسببت في فقدان البصر كليًا أو جزئيًا، ما أدى إلى إعاقة قدرتهم على التعلم والمشاركة في الأنشطة اليومية.

هذه الإصابات والتشوهات المدمّرة لا تقتصر على الأذى الجسدي وحده، بل تمتد لتغرس آثارًا نفسية واجتماعية عميقة تعيق تعافي الأطفال وتحدّ من قدرتهم على العيش بكرامة وبشكل طبيعي. وتعد إصابات بتر الأطراف للأطفال الأعظم في أي صراع مسجل في الحروب الحديثة، حيث يترك أثرًا دائمًا لا يمكن تجاوزه على حياتهم اليومية ومستقبلهم.

هذه المعاناة تمتد طوال حياتهم، وتجعلهم يعيشون تحت وطأة تجربة مريرة لا تفارقهم، خاصة أولئك الذين باتوا يعانون من إعاقة دائمة تحرمهم من أبسط حقوقهم في حياة طبيعية ومستقرة.

اعتقالات تعسفية

ومن جانب آخر، وثّق المركز تعرض أطفال غزة لاعتقالات تعسفية يتعرضون خلالها لأساليب تعذيب قاسية وغير إنسانية. يبدأ التعذيب بترهيب الأطفال باستخدام الكلاب البوليسية، وتكبيلهم، وعصب أعينهم لساعات طويلة، قبل نقلهم إلى مراكز احتجاز تفتقر لأبسط مقومات الكرامة. هناك، يواجهون تعذيبًا جسديًا ونفسيًا، يشمل الضرب الوحشي، وإطفاء السجائر على أجسادهم، والإجبار على الوقوف في أوضاع مؤلمة مع الحرمان من النوم والطعام. تترك هذه التجارب آثارًا نفسية طويلة الأمد، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، واضطرابات ما بعد الصدمة، مما يعيق فرصهم في بناء مستقبل مستقر.

وأوضح التقرير أن الأذى النفسي الجسيم، لا يتطلب بالضرورة حدوث اعتداء جسدي، وهو يتجاوز الأعراض الضعيفة، ويتطلب تأثيرًا طويل الأمد على قدرة الفرد على العيش بشكل طبيعي. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذا الضرر ليس شرطًا أن يكون دائمًا أو غير قابل للعلاج.

ووثّق المركز شهادات مؤلمة تكشف حجم الأذى النفسي الجسيم الذي يُلحقه الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر بالأطفال. وتشمل هذه الشهادات معايشتهم لمشاهد العنف والدمار المروّعة الناتجة عن الهجمات العسكرية، وفقدان الأهل والأحباء في ظروف مأساوية تفطر القلوب، فضلاً عن التهجير القسري المتكرر في أوضاع لا تراعي أدنى مقومات الكرامة الإنسانية. هذه التجارب المروّعة تترك ندوبًا نفسية عميقة ويحد من عيشهم بشكل طبيعي.

إخضاعهم لظروف معيشية مدمرة

الفعل الثالث من أفعال الإبادة الجماعية يتمثل في فرض ظروف معيشية تهدف إلى التدمير التدريجي لجماعة معينة جسديًا، دون القتل الفوري. وقد ارتكبت دولة إسرائيل هذا الفعل من أفعال الإبادة الجماعية بشكل متعمد، حيث أخضعت سكان قطاع غزة، بما في ذلك الأطفال، لظروف مروعة تهدف إلى تدميرهم ماديًا بشكل كامل.

وصرح العديد من المسؤولين الإسرائيليين بنواياهم الواضحة في هذا السياق، منهم وزير الجيش الإسرائيلي، في حينه، يوآف غالانت الذي صرح قائلاً: “قطاع غزة لن يعود كما كان أبدًا، سنقضي على كل شيء وسيتغير الوضع 180 درجة إلى الوراء.” وتؤكد هذه التصريحات وغيرها بوضوح على نية المسؤولين الإسرائيليين تدمير جماعة سكان قطاع غزة بأكملها، بما في ذلك الأطفال الأبرياء.

وفرضت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، على سكان قطاع غزة ظروفًا معيشية قاسية تهدف إلى إلحاق دمار تدريجي بالسكان، ما يعادل الموت البطيء.

التجويع

تجلت هذه السياسات الممنهجة -حسب التقرير – في استخدام التجويع كسلاح حرب، وحرمان أطفال غزة من العلاج الطبي الضروري والمساعدة الإنسانية الكافية.

كما تعمدت إسرائيل نشر الأوبئة والأمراض المعدية نتيجة انهيار البنية التحتية الصحية، مع فرض التهجير القسري للسكان تحت ظروف إنسانية مروعة شملت انعدام الغذاء والرعاية الطبية والمأوى. علاوة على ذلك، حُرم أطفال غزة من حقهم الأساسي في التعليم، مما يعمّق الأثر المدمر على حاضر ومستقبل الأجيال القادمة في القطاع.

ووفق التقرير؛ يُعد الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل أو المرضعات الأكثر عرضة لخطر سوء التغذية، بسبب حاجتهم المتزايدة للعناصر الغذائية في فترات نموهم الحساسة. حتى إذا نجا الطفل من سوء التغذية الحاد، فإن التأثيرات الصحية تكون طويلة الأمد، حيث يعاني من تقزم وتأخر في النمو العقلي والجسدي، بينما يؤدي سوء التغذية الحاد إلى الهزال، مما يعرض حياته للخطر. وتزيد احتمالات وفاة الأطفال الذين يعانون من التقزم والهزال، حيث تكون أجسامهم أضعف في مواجهة الأمراض.

ومنذ بدء سياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، فقدت حياة 27 طفلاً، علماً بأن العديد من هذه الحالات لا تُوثق في المستشفيات.

ومنذ منتصف يناير 2024، فحص أكثر من 319 ألف طفل في غزة، وشخصت حالة حوالي 22 ألف حالة سوء تغذية حادة، والعشرات منهم يواجهون مضاعفات طبية تهدد حياتهم ومن جانب آخر، رافق تدمير قوات الاحتلال للمرافق الصحية في غزة سياسة تهدف إلى منع سفر المرضى والجرحى لتلقي العلاج، بما في ذلك الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة مثل مرضى السرطان والفشل الكلوي وذوي الإعاقة. كما ارتفع عدد الجرحى بشكل كبير، مما دفع الأطباء إلى فرز الحالات الطارئة بسبب الضغط على النظام الصحي ونقص الموارد، تاركين العديد من الأطفال في مواجهة موت بطيء.

وشدد المركز الحقوقي على أن التهجير القسري – بحد ذاته – لا يُعد إبادة جماعية، لكنه يصبح كذلك عندما يُرافقه حرمان الأفراد من الغذاء والرعاية والمأوى، ما يؤدي إلى تدميرهم جسديًا.

وبين أنه في غزة، أجبرت العمليات العسكرية 1.9 مليون شخص، نصفهم أطفال، على النزوح القسري دون توفير أي ملاذ آمن. حتى المناطق التي زعم الجيش الإسرائيلي أنها “آمنة” تحولت إلى أهداف للقصف، ما جعل غزة بأكملها بلا مأوى يحمي سكانها.

وتعيش العائلات في ظروف مأساوية، سواء في العراء، أو مبانٍ مهجورة، أو خيام مؤقتة، أو مراكز إيواء مكتظة، حيث تفتقر جميعها إلى مقومات الحياة الأساسية مثل الطعام والمياه النظيفة. ويفاقم هذا الوضع النقص الحاد في النظافة وأدوات التعقيم، مما أدى إلى تفشي الأمراض وسط انعدام شبه كامل للرعاية الطبية، خصوصًا للأطفال. إلى جانب ذلك، يعاني الأطفال من قسوة الطقس، إذ يُجبرون على تحمل حرارة الصيف وبرودة الشتاء، ويضطرون لجمع الحطب أو البحث عن مياه غير صالحة للاستخدام تحت تهديد القصف. هذه الظروف تجسد التدمير البطيء كجزء من سياسة الإبادة الجماعية التي تستهدف سكان غزة.

الحرمان من التعليم

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على غزة منذ أكثر من عام، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، بشكل منهجي.

تسبب هذا الاستهداف في حرمان مئات الآلاف من الطلاب من حقهم الأساسي في التعليم، مع تدمير المدارس وقتل آلاف الطلاب والمعلمين، مما يهدد مستقبل جيل كامل ويخلّف أثرًا مدمرًا طويل الأمد على حقوق الأطفال في التعليم والتعبير.

وحتى 9 نوفمبر 2024، استشهد 12,700 طالب و750 معلمًا وموظفًا تربويًا، فيما تعرضت 92.9٪ من المدارس لأضرار، و84.6٪ منها تحتاج إلى إعادة بناء أو إصلاحات كبيرة. أُغلقت المدارس أمام 625 ألف طالب، مما حرم 39 ألفًا من إجراء امتحانات التوجيهي، وحال دون بدء 45 ألف طفل في عمر السادسة عامهم الدراسي الأول.

وحذر خبراء أمميون من أن تدمير البنية التعليمية في غزة يشكل تهديدًا مباشرًا للمعرفة والهوية الفلسطينية، مع انعدام كامل للأمان. حتى مع وقف إطلاق النار وإعادة البناء الفورية، يُتوقع أن يخسر الطلاب عامين دراسيين، وقد تصل الخسائر إلى خمس سنوات إذا استمر الصراع حتى 2026 .

ورغم محاولات إطلاق التعليم الافتراضي، تواجه هذه المبادرات تحديات كبرى بسبب النزوح المستمر، وانعدام الأمان، ونقص الكهرباء والإنترنت، والجوع المتفشي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني مليون طفل من آثار نفسية واجتماعية خطيرة، مثل الصدمات، وفقدان الأحبة، والقلق المزمن، مما يهدد تطورهم وسلوكهم، ويزيد من خطر التسرب الدراسي، والعمل القسري، والزواج المبكر.

 

*المركز الإعلامي الفلسطيني

مقالات مشابهة

  • "حماس" تعلن استعدادها لتنفيذ الاتفاقات الوطنية لترتيب البيت الفلسطيني
  • وكالة الأنباء الفلسطينية تعلن مقتل الضابط بجهاز المخابرات الفلسطيني رشيد شقو
  • كلية التربية بجامعة الحديدة تنظم وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال ارتكب مجازر عدة بقطاع غزة اليوم
  • الوطني الفلسطيني: استهداف النازحين في مواصي خان يونس إمعان بجريمة الإبادة الجماعية
  • جيل يُمحى .. تقرير يوثق إبادة الاحتلال لأطفال غزة
  • جامعة صنعاء تشهد مسيرة طلابية حاشدة تنديداً باستمرار حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني
  • «التربية» الفلسطينية: 12.943 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة قصفها الاحتلال
  • الرئيس الفلسطيني: وقف العدوان على غزة أولوية لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة