31 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: في تقرير لافت نشره موقع “ذا هيل” الأميركي، أضاء الباحث جون هوفمان من معهد “كاتو” على تعقيدات الملف الإيراني الأميركي، محذراً من أن الوقت ينفد أمام فرص الدبلوماسية، خصوصاً مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. التقرير اعتبر أن الدبلوماسية هي الخيار الأفضل، مؤكداً أنها السبيل الوحيد لنزع فتيل الأزمة النووية الإيرانية وخفض التوترات التي قد تدفع إلى مواجهة عسكرية كارثية.

تأتي هذه التوصيات في ظل تقديرات تشير إلى أن إيران أصبحت على بُعد أسابيع فقط من تطوير سلاح نووي إذا قررت ذلك، بعد أن رفع تخصيب اليورانيوم إلى مستويات غير مسبوقة. التحركات الأميركية والإسرائيلية السابقة، بما فيها سياسة “الضغط الأقصى” وعمليات الاغتيال والتخريب، لم تحقق أهدافها بل أدت إلى تصعيد غير مسبوق من جانب طهران.

التقرير شدد على أن فشل هذه السياسات يعزز الحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجية واشنطن تجاه إيران.

لكن أمام أي محاولة دبلوماسية تحديات جسيمة، أبرزها الجمود السياسي داخل واشنطن والاعتراضات الإسرائيلية المتوقعة بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي طالما رحب بالتصعيد مع طهران. ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط مؤخراً، تبدو فرص نجاح أي اتفاق بين الطرفين محفوفة بالمخاطر.

وفي المقابل، يشير التقرير إلى السيناريو الأسوأ: حرب بين الولايات المتحدة وإيران. مثل هذا الصراع سيؤدي إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، ويعمق الفوضى الإقليمية دون أن يقدم حلاً جذرياً للأزمة النووية. ويرى الباحث أن البديل الأكثر عقلانية هو خوض مفاوضات جدية، وهو خيار تلمح إليه أيضاً بعض التصريحات الإيرانية الحذرة مؤخراً.

التقرير خلص إلى أن ترامب أمام فرصة تاريخية لتجنب حرب جديدة في الشرق الأوسط، والقيام بخطوة أولى ضرورية نحو تقليص الارتباط الأميركي بمنطقة تمثل محوراً للتوترات الدائمة.

التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران تحمل تأثيرات عميقة على العراق، الذي يقف في قلب هذه الصراعات بوصفه ساحة محورية للتنافس الإقليمي والدولي.

وإذا اختارت واشنطن وطهران التصعيد بدلاً من الدبلوماسية، فإن العراق سيكون من أوائل الدول التي تتحمل التكلفة. هذا يتطلب من الحكومة العراقية العمل بجد على تعزيز الدبلوماسية الإقليمية ومحاولة لعب دور الوسيط لتخفيف حدة الصراع.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

الخيار الإيراني ليس قدراً عراقياً!

ليس طبيعياً أن يتغيّر الشرق الأوسط كله وأن تفقد “الجمهوريّة الإسلاميّة” أوراقها في لبنان وسوريا وأن يبقى العراق على ما هو عليه. الطبيعي أن يتغيّر العراق من داخل، وأن يعود للعب دوره على الصعيدين العربي والإقليمي كونه عامل توازن في المنطقة وليس مجرّد “ساحة” إيرانية.

توجد حاجة إلى العودة إلى العراق الذي عرفناه لسنوات وجيزة عندما كان مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء. تميزت تلك السنوات القصيرة، بين ما تميّزت به، باتباع حكومة العراق لسياسة خارجية معقولة توازي بين التعاون مع إيران من جهة وبين الانفتاح على دول الخليج العربي، إضافة إلى مصر والمملكة الأردنية الهاشمية من جهة أخرى.
عاد الكاظمي إلى بغداد للمرّة الأولى منذ ما يزيد على عامين. تذكّر عودة الرجل الذي تعرّض لكل أنواع الهجمات، بما في ذلك محاولة اغتيال عن طريق استهداف منزله بواسطة مسيّرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بأن لا خيار آخر أمام العراق سوى التصالح مع نفسه أوّلاً. إنّه تصالح بين كل مقومات المجتمع من شيعة وسنّة وأكراد وتركمان، واستعادة للعمق العربي للبلد ثانياً وليس أخيراً. يكون ذلك عبر خلق توازن مختلف داخل العراق، توازن مشابه لما كانت عليه الحال أيام حكومة الكاظمي الذي سعى إلى استعادة الدولة العراقيّة لهيبتها بعيداً عن النفوذ الذي مارسته ميليشيات “الحشد الشعبي” التي لم تكن يوماً سوى أداة في يد “الحرس الثوري” الإيراني. لا هدف للميليشيات المذهبيّة التي يتكوّن منها “الحشد” سوى لعب الدور المطلوب في إخضاع العراق للإرادة الإيرانيّة ورغبات “المرشد الأعلى”.
لم يكن مطلوباً، في طبيعة الحال وفي يوم من الأيام، أن يكون العراق معادياً لإيران. من غير المنطقي لعبه هذا الدور على الرغم من أن الهدف الأوّل للنظام الذي قام في طهران منذ العام 1979 إخضاع العراق من منطلق مذهبي. الدليل على ذلك الحرب العراقيّة – الإيرانية بين 1980 و1988. في أساس تلك الحرب التي اتخذت طابعاً كارثياً على البلدين، الرغبة التي راودت الخميني، منذ سيطرته على إيران، في “تصدير الثورة” إلى البلدان المجاورة. كان العراق الهدف الأوّل للخميني من منطلق أنّ فيه أكثريّة شيعية. أكثر من ذلك، كان لديه حقد ذو طابع شخصي على العراق وكلّ ما هو عراقي.
لعب صدّام حسين، للأسف الشديد، اللعبة التي أرادها مؤسّس “الجمهوريّة الإسلاميّة” وعمل من أجلها. كان الهجوم، الذي شنه العراق على إيران في 1980، ردّاً على سلسلة من الاستفزازات التي تعرّض لها. كان الخدمة الأكبر التي يمكن تقديمها للنظام الإيراني الجديد. في الواقع، لعب صدّام بعقله الريفي، من حيث يدري أو لا يدري، دوراً مهمّاً في تمكين الخميني من إثارة الشعور الوطني الفارسي من جهة وفي تمكينه من التخلص من الجيش الإيراني عن طريق إرساله إلى جبهات القتال من جهة أخرى. لم يكن الجيش الإيراني في مرحلة ما بعد سقوط الشاه مواليا للخميني، بل كان مستعداً للانقضاض على نظام الملالي متى أتيحت له الفرصة. جاءت الحرب مع العراق لتسهل عملية إبعاد القوات النظاميّة عن المدن. قدّم صدام حسين للخميني الخدمة التي كان يحلم بها.
منذ قيام النظام الإيراني الذي يؤمن بنظرية الوليّ الفقيه، وُجدت صيغة تعايش وتبادل للمصالح بين الملالي والإدارات الأمريكيّة المختلفة بدءاً بجيمي كارتر وصولاً إلى باراك أوباما. تغيّرت الأمور في حدود معيّنة مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض للمرة الأولى قبل ثماني سنوات. مزّق ترامب الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني وسمح لاحقاً باغتيال قاسم سليماني في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020. كان سليماني الرجل الأقوى في النظام الإيراني بعد “المرشد” علي خامنئي، بل كان قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” رأس الحربة في المشروع التوسّعي الإيراني.
ما تغيّر في الوقت الراهن يتجاوز العلاقات الأمريكيّة – الإيرانية التي عرفت طهران في كلّ وقت التحكم بها عن طريق الابتزاز وهو ابتزاز خضع له الرؤساء الأمريكيون بكلّ طيبة خاطر. ذهب جورج بوش الابن في العام 2003 إلى أبعد من التعاون مع “الجمهوريّة الإسلاميّة”؛ ذهب إلى حدّ تسليم العراق على صحن من فضّة إلى إيران!
ما تغيّر في العمق، في أيامنا هذه، خسارة “الجمهوريّة الإسلاميّة” الحروب التي خاضتها على هامش حرب غزّة. مع خسارة هذه الحروب، خسرت سوريا في ضوء فرار بشار الأسد إلى موسكو. خسرت لبنان بعدما هزمت إسرائيل “حزب الله” شرّ هزيمة. لم يبق لإيران في المنطقة سوى العراق. لا أهمّية لليمن والحوثيين سوى في حدود معيّنة، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن الاقتصاد المصري، وليس الاقتصاد الإسرائيلي، يعتبر المتضرر الأوّل من سعي الحوثيين إلى تهديد الملاحة في البحر الأحمر.
التقط مصطفى الكاظمي اللحظة الإقليمية ليعود إلى بغداد، على الرغم من كل التهديدات التي يتعرّض لها. من الواضح أنّه بات أمام العراق خيار آخر، غير الخيار الإيراني. قد تكون تلك الرسالة هي التي حملها مصطفى الكاظمي إلى بغداد مع ما تعنيه من إمكان إقامة تحالف عريض يضمّ الشيعة العرب والسنّة والأكراد والتركمان ومجموعات أخرى ترى في العراق المتوازن مشروعا قابلا للحياة بدل أن يكون العراق مجرّد تابع لـ“الجمهوريّة الإسلاميّة”.
 أمام العراق فرصة لنزع النير الإيراني والعودة إلى لعب دوره على الصعيد الإقليمي في ظلّ نوع من التوازن لم يستطع المحافظة عليه بعد انتخابات 2022… التي تنكّر مقتدى الصدر لنتائجها بشكل مفاجئ بعد فوز تياره فيها. مرّة أخرى ليس منطقيا أن يكون العراق في مواجهة مع إيران. المنطقي أن يرفض البقاء تحت هيمنة “الحشد الشعبي” من جهة وأن يثبت، من جهة أخرى، أن المشروع الإيراني القاضي بالهيمنة على البلد ليس قدراً.

مقالات مشابهة

  • روسيا توافق على "مساعدة" ترامب وتعرض الوساطة مع إيران
  • تصاعد التوتر التجاري بين واشنطن وبكين بعد رفع الرسوم الجمركية
  • تصاعد التوتر التجاري بين الصين وأمريكا .. بكين تدعو للحوار وتحذر من إجراءات مضادة | تقرير
  • يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟
  • تصعيد عسكري وتزايد التوترات الدبلوماسية شرق الكونغو الديمقراطية
  • واشنطن: على زيلينسكي التنازل او الرحيل
  • الخيار الإيراني ليس قدراً عراقياً!
  • واشنطن وطهران على مفترق طرق.. هل تنجح الدبلوماسية أم تشتعل المواجهة؟
  • الطباطبائي والعامري يؤكدان على تعزيز النفوذ الإيراني في العراق
  • الرئيس الإيراني: كنا نرى الحوار مع واشنطن حلاً لكن خامنئي رفض