نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرًا للكاتب "دان ميلمو" استعرض فيها دراسة جديدة لباحثين في جامعة كامبريدج، أفادوا أن أدوات الذكاء الاصطناعي قد تستخدم للتلاعب بالجماهير عبر الإنترنت لدفعهم لاتخاذ القرارات، تتراوح من ما يجب شراؤه إلى من يجب التصويت له.

وأوضحت الصحيفة أن البحث سلط الضوء على سوق جديدة ناشئة لـ "إشارات النوايا الرقمية" المعروفة بـ "اقتصاد النوايا"، حيث يقوم مساعدو الذكاء الاصطناعي بفهم نوايا البشر والتنبؤ بها والتلاعب بها وبيع تلك المعلومات للشركات التي يمكنها الاستفادة منها.

وقال الكاتب إن الباحثين في مركز ليفرهولم لمستقبل الذكاء الاصطناعي في جامعة كامبريدج يروجون لاقتصاد النوايا باعتباره خليفة لاقتصاد الاهتمام، حيث تبقي الشبكات الاجتماعية المستخدمين مرتبطين بمنصاتها وتعرض لهم الإعلانات.

وأفاد الكاتب أن اقتصاد النوايا يشمل الشركات التقنية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي التي تبيع ما تعرفه عن دوافعك، بدءًا من خططك للإقامة في فندق وصولًا إلى آرائك حول مرشح سياسي.

ونقل الكاتب عن الدكتور جونّي بن، المؤرخ التكنولوجي في مركز ليفرهولم لمستقبل الذكاء: "على مدى عقود، كانت الاهتمامات هي العملة على الإنترنت. فمشاركة اهتماماتك مع منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" كانت هي من يقود الاقتصاد الرقمي."

إعلان

وأضاف جوني: "إلا إذا تم تنظيمها، فإن اقتصاد النوايا سيعتبر دوافعك العملة الجديدة. سيكون هناك سباق محموم للذهب لأولئك الذين يستهدفون النوايا البشرية ويوجهونها ويبيعونها."

وقال: "يجب أن نبدأ في التفكير في التأثير المحتمل الذي قد يحدثه هذا السوق على تطلعات البشر، بما في ذلك الانتخابات الحرة والنزيهة، وحرية الصحافة، والمنافسة العادلة في السوق، قبل أن نصبح ضحايا لعواقبه غير المقصودة."

وأشار الكاتب إلى أن الدراسة تزعم أن النماذج اللغوية الكبيرة، وهي التكنولوجيا التي تدعم أدوات الذكاء الاصطناعي مثل روبوت الدردشة "شات جي بي تي"، ستُستخدم لـ"توقع وتوجيه" المستخدمين استنادًا إلى "البيانات المقصودة والسلوكية والنفسية".

وتقترح الدراسة أنه في "اقتصاد النوايا"، يمكن لنموذج اللغة الكبير أن يستخدم، بتكلفة منخفضة، خصائص مثل وتيرة المستخدم وتوجهاته السياسية ومفرداته وعمره وجنسه وتفضيلاته، لزيادة احتمالية تحقيق هدف معين (مثل بيع تذكرة فيلم). وسيتمكن المعلنون من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بتوجيه المحادثات لخدمة المعلنين والشركات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أدوات الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية

منذ إطلاق الذكاء الاصطناعي أو ما يُعرف بـ«تشات جي بي تي» في ٣٠ نوفمبر من عام ٢٠٢٢م، بواسطة أوبن أيه آي ـ سان فرانسيسكو المُصَمَم على محاكاة القدرات الذهنية للبشر عبر استخدام تقنيات التعلم والاستنتاج ورد الفعل واتخاذ القرارات المستقلة... منذ ذلك الحين غصّْت الصحف التقليدية ومنصات الكتابة الإلكترونية بالمقالات والأعمدة والتحليلات التي لا تنتمي إلا شكليًا للشخص المُدونُ اسمه في نهايتها.

وبقدر ما يُسهم الذكاء الاصطناعي في حل كثير من الإشكالات في حياتنا بما يمتلكه من قدرات خارقة تساعد الإنسان والمؤسسات على تحسين الأداء وحل المعضلات والتنبؤ بالمستقبل عبر «أتمتة» المهام والعمليات، إلا أنه ساهم في تقويض مهارات الكتابة الصحفية كوسيلة أصيلة للتعبير عن الأفكار وطرح الرؤى الواقعية التي تساعد المجتمع على تخطي مشكلاته... يتبدى ذلك من خلال تقديم معلومات غير موثوقة كونها لا تمر بأيٍ من عمليات التحقق ولا تقع عليها عين المحرر.

يستسهل حديثو العهد بالعمل الصحفي وممن لا علاقة لهم بعالم الصحافة كتابة مقال أو تقرير أو تحقيق صحفي، فلم يعودوا بحاجة للبحث والتحضير وتعقب المعلومات وهو المنهج الذي ما زال يسير عليه كاتب ما قبل الذكاء الاصطناعي الحريص على تقديم مادة «حية» مُلامِسة للهمّ الإنساني، فبضغطة زر واحدة يمكن الآن لأي صحفي أو من وجد نفسه مصادفة يعمل في مجال الصحافة الحصول على المعلومات والبيانات التي سيتكفل الذكاء الاصطناعي بتوضيبها واختيار نوع هرم تحريرها وحتى طريقة إخراجها ليترك للشخص المحسوب على الصحفيين فقط وضع صورته على رأس المقالة أو التحليل أو العمود وتدوين اسمه أسفله.

إن من أهم أخطار الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي أن الشخص لن يكون مضطرًا للقراءة المعمّقة وتقصي المعلومات والبيانات ولهذا سيظهر عاجزًا عن طرح أفكار «أصلية» تخُصه، فغالبًا ما يقوم الذكاء الاصطناعي بتقديم أفكار «عامة» تعتمد على خوارزميات وبيانات مُخزّنة.. كما أنه لن ينجو من اقتراف جريمة «الانتحال» كون المعلومات التي يزوده بها الذكاء الاصطناعي «مُختلَقة» يصعب تحري صدقيتها وهي في الوقت ذاته «مُتحيزة» وغير موضوعية تأخذ طرفًا واحدًا من الحقيقة وهو بلا شك سبيل لإضعاف مصداقية أي صحفي.

وتقف على رأس قائمة أخطار الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في الكتابة الصحفية ما يقع على القارئ من ضرر، إذ لوحظ أنه يواجه دائمًا صعوبة في استيعاب «السياق» وهي سمة يُفترض أن تُميز بين كاتب صحفي وآخر... كما أنه يُضطر لبذل مجهود ذهني أكبر لاستيعاب عمل «جامد» يركز على كمية المعلومات وليس جودتها، فمن المتعارف عليه أن المادة وليدة العقل البشري تتصف بالمرونة والحيوية والعُمق والذكاء العاطفي ووضوح الهدف.

لقد بات ظهور أشخاص يمتهنون الصحافة كوظيفة وهم يفتقرون للموهبة والأدوات خطرًا يُحِدق بهذه المهنة في ظل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من قدرات فائقة على صناعة مواد عالية الجودة في زمن قياسي رغم أن القارئ لا يحتاج إلى كثير من الجهد لاكتشاف أن هامش التدخل البشري في المادة المُقدمة له ضئيل للغاية.

بقليل تمحيص يمكن للقارئ استيضاح أن لون المادة التي بين يديه سواء أكانت مقالة أو عمودا أو تقريرا يفتقر إلى «الإبداع والأصالة» وهو ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يحل في يوم من الأيام محل العقل البشري الذي من بين أهم مميزاته قدرته الفائقة على الابتكار والتخيل والإبداع والاستنتاج عالي الدِقة.

النقطة الأخيرة..

رغم التنبؤات التي تُشير إلى ما سيُحدثه الذكاء الاصطناعي من نقلة هائلة على مستوى زيادة الكفاءة والإنتاجية وتوفير الوقت والتكاليف، إلا أنه سيظل عاجزًا عن تقديم أفكار خلّاقة وأصلية علاوة على المردود السلبي المتمثل في تدمير ملَكات الإنسان وإضعاف قدراته الذهنية.

عُمر العبري كاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • «ديب سيك» دليل على أنّ الغرب يخسر سباق الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي بات يشكل إحدى أهم أدوات التغيير في العالم.. دائرة الحوار العربي في الإسكندرية
  • رئيس البرلمان العربي: الذكاء الاصطناعي بات خياراً حتمياً وأحد أهم أدوات التغيير
  • بريطانيا تجرم استخدام الذكاء الاصطناعي
  • كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في مكافحة الاتجار بالبشر؟
  • بريطانيا تجرم استخدام الذكاء الاصطناعي لاستغلال الأطفال جنسيا
  • ديب سيك الصيني يهدد عرش الذكاء الاصطناعي الأمريكي
  • الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
  • هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي تذوقها
  • أوروبا تحظر نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"