يسود هدوء حذر أنحاء مخيم جنين ومحيطه في الضفة الغربية المحتلة، بعد ليلة تخللتها اشتباكات بين عناصر المقاومة والأجهزة الأمنية الفلسطينية التي حاولت تنفيذ عملية اقتحام لمدخل المخيم الرئيسي.

ويشهد المخيم منذ 25 يوما اشتباكات بين المقاومين وأجهزة السلطة الفلسطينية، في سياق حملة أجهزة الأمن ضد من وصفتهم بالخارجين على القانون، والتي أسفرت عن مقتل 11 فلسطينيا.

واشتعلت شرارة المواجهات بعد أن اعتقلت السلطة الشابين إبراهيم طوباسي وعماد أبو الهيجا، مما أثار غضب كتيبة جنين التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما.

ورفضت السلطة مطلب كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– بالإفراج عن الشابين.

وأطلقت السلطة الفلسطينية عملية سمتها "حماية وطن"، وقالت إنها تهدف إلى "إعادة الأمن والاستقرار وإنقاذ حياة المواطنين من الفلتان الأمني المتزايد".

ويقول الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب إن الحملة تستهدف "خارجين عن القانون"، متعهدا بملاحقتهم "في جميع أنحاء الضفة الغربية بكافة عناوينهم ومسمياتهم".

في حين تقول كتيبة جنين إن السلطة الفلسطينية تريد "جنين بلا سلاح مقاومة"، وشددت على أن "بوصلة المقاتلين واضحة وهي ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط، وأنهم تبنوا المقاومة عن الضفة كاملة".

إعلان

وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين وطولكرم، تزامنا مع الاجتياحات المتواصلة لقوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.

تصاعد الأحداث

وتصاعدت الأحداث في مخيم جنين مع مقتل الشاب ربحي الشلبي خلال عمليات أمن السلطة، التي حاصرت مستشفى جنين وقطعت الكهرباء والمياه عن المخيم، ومن ثم مقتل القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة المطارد من الاحتلال الإسرائيلي، ومقتل عدة مدنيين برصاص رجال أمن السلطة.

وتُتهم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية باعتقال مطلوبين للاحتلال الإسرائيلي، مما يزيد تعقيد الوضع في الضفة الغربية.

واعتقلت أجهزة السلطة في الضفة المحتلة -وفق بيانات حقوقية- أكثر من 150 مواطنا فلسطينيا، بينهم مقاومون ومطاردون من قِبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكُتاب وصحفيون، وترفض الأجهزة الإفراج عنهم، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة.

وخرجت مظاهرات في عدة مناطق في الضفة الغربية لدعم كتيبة جنين وإسنادا لأهالي المخيم، ودعت لتعزيز الوحدة الوطنية في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

ومنذ 4 سنوات يعاني مخيم جنين توترات نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تصاعدت بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأسفرت عن استشهاد عشرات الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية للمخيم.

قتلى برصاص السلطة

وارتفع عدد الفلسطينيين الذين قضوا برصاص السلطة منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي إلى 11 فلسطينيا، بينهم الصحفية شذى الصباغ و5 من عناصر الأجهزة الأمنية.

ودعت هيئة حقوقية حكومية فلسطينية، الأحد، إلى فتح تحقيق جنائي في جميع حالات القتل في مخيم جنين.

وكانت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية قد أطلقت، في 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مبادرة تدعو لاعتماد الحوار كوسيلة لمعالجة الأزمة في جنين، مؤكدة استعدادها للتوسط من أجل نزع فتيل التوتر.

إعلان تسليح السلطة

من جهة أخرى، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن السلطات قبلت توصية الجيش ورفضت تزويد السلطة الفلسطينية بالسلاح لدعم عمليتها التي تستهدف مقاومين في جنين شمالي الضفة الغربية.

وقالت إذاعة الجيش إن رئيس الأركان هرتسي هاليفي أوصى القيادة السياسية بعدم نقل أسلحة إلى السلطة الفلسطينية، وهي التوصية التي حظيت بدعم من وزير الدفاع يسرائيل كاتس، قبل أن يوافق عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأشارت الإذاعة إلى أن قرار عدم مد السلطة بأسلحة اتخذ رغم أن الولايات المتحدة مارست ضغطا كبيرا على إسرائيل في الأيام الأخيرة، وطلبت تحديدا مد السلطة بأسلحة كلاشنكوف وذخائر ومركبات مصفحة.

ووفقا لإذاعة الجيش، فإن القرار الإسرائيلي الجديد اتخذ على الرغم من أن أجهزة الأمن الإسرائيلية ترى أن نجاح عملية السلطة في جنين هو مصلحة أمنية لإسرائيل.

تنديد شعبي

بدورها، نددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بممارسات أجهزة السلطة في جنين واستمرارها بملاحقة المقاومين المطلوبين للاحتلال، واستهدافهم المتصاعد، ودعت الفصائل والقوى الفلسطينية كافة والمكونات القانونية والحقوقية لاتخاذ موقف حاسم.

كما حذرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، من تفاقم حالة الاحتقان والتوتر المتصاعدة في جنين ومخيمها منذ عدة أيام، وأكدت أن "حماية الوطن لا تكون إلا بدرء الفتن والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".

في السياق ذاته، طالب تجمع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية بوقف الحملات الأمنية في مخيمات الضفة الغربية، ودعا للاحتكام للغة الحوار.

وقال تجمع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية إن حالات القتل على يد الأجهزة الأمنية تعد جريمة إعدام خارج القانون وتستوجب المحاسبة.

وأشار التجمع إلى أن الحملات الأمنية لأجهزة السلطة الفلسطينية سياسية وأدت لسقوط ضحايا أبرياء، مدينًا حالات القتل التي تمت على أيدي الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية.

إعلان

بدورها، استنكرت "لجان المقاومة في فلسطين" قيام أجهزة السلطة بشن حملة تستهدف المقاومين والمطلوبين للاحتلال "في حالة تماه وتساوق واضح مع الأجندة الصهيونية التي تستهدف القضاء على حالة المقاومة بهدف إفراغ الضفة من المقاومين، لتسهيل تنفيذ مخططات الضم والتهويد للضفة والقدس"، وفق تعبيرها.

كما أطلق المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج عريضة يؤكد فيها أن حياة الفلسطينيين ليست مجالا للتهاون أو المساومة، وذلك احتجاجا على الحملة الأمنية التي تشنها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية على المقاومين في جنين ومخيمها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الاحتلال الإسرائیلی السلطة الفلسطینیة فی الضفة الغربیة الأجهزة الأمنیة أجهزة السلطة أجهزة الأمن کتیبة جنین أمن السلطة مخیم جنین فی جنین

إقرأ أيضاً:

منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا

في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجومه الدموي على الشعب الفلسطيني قطاع غزة، يستمر المستوطنون في استهدافه بالضفة الغربية، وسط دعم الاحتلال وإسناد جيشه، الذي يغضّ طرفه عن آلاف الشهادات التي يقدمها فلسطينيون تعرضوا لعمليات عنف المستوطنين بشكل مباشر، ورغم توثيقها، وفتح آلاف ملفات التحقيق لدى الشرطة، لكنها كلها ذهبت هباءً وسط قرار من الحكومة برمّتها.

واستندا زئيف ستاهل٬ ونوعا كوهين٬ العاملان في منظمة "يش دين" الحقوقية، وهي منظمة إسرائيلية بمعنى "هناك قانون"٬ إلى قاعدة بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، المصدر الأكثر شمولاً للمعلومات حول عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وإساءة معاملتهم، حيث تم توثيق 6 آلاف و285 اعتداء وقعت بين 2016-2023 في الضفة الغربية فقط، دون إحصاء عنفهم في القدس المحتلة التي بلغ عددها ألف و704 اعتداء، كأداة في خدمة الاستيطان في أحياء سلوان والشيخ جراح، وهناك ألف و613 اقتحام قام به مستوطنون لأراضي الفلسطينيين بزعم أنها جولات سياحية".

إحراق الأراضي وسرقة الممتلكات
وأضافا في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" إن "هذه الجولات والنزهات اسم احتيالي للممارسة الفاحشة والبلطجية المتمثلة باقتحام المستوطنين للقرى والبلدات الفلسطينية، وأراضيهم الزراعية الخاصة، بهدف مضايقتهم، وإيذائهم، وإتلاف الممتلكات والمحاصيل الزراعية، وإزالة أصحابها الشرعيين منها، وإقامة بؤر استيطانية فيها، أو إحداث دمار عام، وهذا نشاط مبادر ومنظم يعبر عن الشعور بالسيادة والتفوق اليهودي الذي يميز "فتيان التلال"، وهم من عتاة المستوطنين".


وضربا على ذلك العديد من الأمثلة، لكن أخطرها ما "شهده عام 2022، حين أجرى أبراهام شيمش، المرافق لمجموعة من "فتيان التلال" جولة في أرض عائلة حرب من قرية إسكاكا، وصلوا مزودين بالأدوات بهدف إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية ضمن فعاليات "أسبوع إقامة المستوطنات" التي تنظمها حركة "نحلة"، حيث هرع أهالي القرية للمكان، وطالبوا المستوطنين بمغادرة المكان، إلا أنهم تجاهلوهم، وواصلوا التقدم داخل الأراضي الخاصة، ورغم أن سكان القرية لم يكونوا مسلحين، إلا أن "شيمش" اقترب من علي حرب البالغ من العمر 27 عاماً، وطعنه بقوة في قلبه، حيث انهار على الفور، وتوفي".

وواصلا أن "شيمش أخفى السكين، وعاد لمنزله، دون اعتقاله من الشرطة المتواجدين في المكان، ولم يتم القبض عليه إلا في اليوم التالي، وبعد أن أنكر في البداية، اعترف لاحقا بالطعن، لكن ملف التحقيق تم إغلاقه بزعم عدم وجود أدلة كافية، وأنه تصرّف "دفاعا عن النفس"، وبالتالي فإن كل هذه الرحلات والجولات التي يقوم بها المستوطنون تنتهي بشكل مأساوي".

تواطؤ الجيش والشرطة
وأوضحا أن "هناك 2039 حادثة من عنف المستوطنين تتضمن الاعتداء أو إتلاف الممتلكات دون إصابة جسدية، لا يتم إدراجها في الإحصائيات بزعم أنها لم تسفر عن أذى جسدي، وكأن إشعال النار في المنازل، وحرق المحلات التجارية والسيارات، وتحطيم وسحق وكسر الممتلكات، وتخريب المباني، وسرقة الحيوانات، وإلحاق الضرر بأشجار الزيتون والمحاصيل الزراعية، كلها لا تعتبر عنفاً استيطانياً، مع أننا أمام جرائم ينفذها المستوطنون بدوافع أيديولوجية كامنة وراءها بهدف إرهاب الفلسطينيين، ومنعهم من وصول أراضيهم ، سواء بسبب حظر عسكري، أو خوفًا من الجيش، وفي النهاية يتم طردهم من منازلهم".

وأشارا أن "جرائم المستوطنين وعدم متابعة الجهات الأمنية والقانونية لها ينطلق من فرضية عنصرية مفادها أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين يتمتعون بحقوق متساوية، وليس لديهم الوسائل أو القدرة للدفاع عن أنفسهم، فليس لديهم مجموعات حراسة مسلحة، أو جنودا يحرسون المستوطنات ضد "الغزاة" غير المدعوين، ولا يُسمح لهم بحمل الأسلحة، أو إبعاد "المخربين" بأي وسيلة أخرى، لأن الفلسطيني الذي يحاول الدفاع عن نفسه أو عائلته أو ممتلكاته سيتم اعتقاله، واتهامه بالإرهاب في أفضل الأحوال، أو "العثور عليه ميتاً" في أسوأ الأحوال، وبالتالي يقفون عاجزين أمام حكومة والمستوطنين المسلحين والجيش".


تمهيد للضم
وأكدا أن "العديد من جرائم المستوطنين تنتهي بإتلاف ممتلكات الفلسطينيين، لأنهم يغزون قرية طواعية ، ويلحقون الضرر بممتلكاتهم، تنتهي بتدخل عنيف من جانب الجيش لصالحهم، وحتى قتل أو إصابة الفلسطينيين الذين سعوا لحمايتها، وهذا يعني أن بعض الحالات التي يتعرض فيها الفلسطينيون للإصابة بنيران الجنود ترتبط بعنف المستوطنين، التي بلغت وفق الإحصائيات اليومية بين كانون الثاني/ يناير 2016 ونيسان/أبريل 2023، قرابة ألف 104 اعتداءً عنيفاً على الفلسطينيين، شملت: الاعتداء والضرب وإطلاق النار وإلقاء الحجارة والتهديد، فضلاً عن الحرق العمد والسرقة وإتلاف المحاصيل الزراعية، وتدمير أنواع مختلفة من الممتلكات".

وكشفا أننا "التقينا بالعديد من الضحايا الفلسطينيين لجرائم المستوطنين، وجمعنا شهاداتهم حول ما حدث لهم، وساعدنا بتقديم الشكاوى للشرطة، لكن عددا كبيرا منهم، بنسبة 66%، تخلوا عن شكاواهم، لأن غالبيتهم العظمى لا تثق في الجهات القانونية، مما يسفر في النهاية عن استغلال الحكومة الإسرائيلية لجرائم المستوطنين في السيطرة على المزيد والمزيد من أراضي الفلسطينيين، وإفراغها بأكملها من وجودهم، وبناء البؤر الاستيطانية على طول وعرض الضفة الغربية لضمان السيطرة الأبدية والضم".

مقالات مشابهة

  • منظمة حقوقية: جرائم المستوطنين في الضفة الغربية تزداد توسعا
  • ضمن الاعتداءات.. قوات الاحتلال تنفذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم جنوب الضفة الغربية
  • شاهد | السلطة الفلسطينية.. من عباس إلى الشيخ.. تبديل الأسماء تثبيت السلوك
  • تجديد حبس المتهمين بسرقة أجهزة تكييف من معرض فى القطامية 15 يوما
  • حسن خريشة لـعربي21: هذا سر تمسك السلطة الفلسطينية بالاتفاقيات مع إسرائيل
  • سياسات الاحتلال تجاه الضفة.. على ماذا تراهن السلطة؟
  • شبكات الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية بنية تحتية لفرض الضم
  • تصعيد مستمر للاحتلال في مدن الضفة الغربية