هل تحتاج سوريا 3 سنوات فعلا لصياغة دستور جديد؟
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
أثار تصريح القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عن أن عملية كتابة الدستور الجديد قد تستغرق 3 سنوات تساؤلات بشأن المدة التي تستغرقها كتابة دساتير البلاد بعد فترات حاسمة في تاريخها، في ظل الإعلان عن تجميد الدستور الحالي ووجود تجربة سياسية يمكن أن تستند إليها عملية صياغة الدستور.
ومنذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد طُرح موضوع كتابة دستور جديد كقضية محورية باعتباره يمثل الإطار القانوني والسياسي الذي سيحدد طبيعة الحكم ويضمن حقوق السوريين في مرحلة ما بعد الحرب، ولا سيما أن الدستور القديم كرس حكم الأسد الاستبدادي بعد تغييره عام 2012 لزيادة صلاحيات الرئيس والحد من الحريات، فضلا عن تغييره مرات عدة لصالح بقاء النظام.
لكن الائتلاف السوري المعارض أشار إلى أن كتابة دستور جديد لن تستغرق أكثر من عام، إذ إن هناك فصولا جاهزة في الدستور "فالعملية لن تنطلق من الصفر".
ففي عام 2015 أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 2254 بهدف تشكيل حكومة انتقالية في سوريا وإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات، مما أسفر عن عدد من الاجتماعات في جنيف للجنة دستورية شاركت فيها هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية كان هدفها إعداد دستور جديد للبلاد.
إعلانلكن تلك الاجتماعات لم تحظَ بقبول سوري كامل حينها، إذ اعتبرت فصائل معارضة أنها "تبحث دستورا في وقت لا تزال سوريا تشهد صراعا مستمرا بحضور قوى إقليمية لها مصالح مختلفة عما يريده الشعب السوري"، كما أن تفاصيل القرار الأممي رقم 2254 لم تعد صالحة كلها في ظل سقوط الأسد.
تجارب أخرىوعادة ما يتغير الدستور في المراحل الانتقالية بالبلاد أو بعد ثورات وإنهاء صراعات بغرض صياغة إطار ينظم علاقة الدولة بالمواطنين، وهي عملية تحتاج إلى توافق وطني واستقرار سياسي وتجاوز للخلافات، وذلك ما تختلف مدة تحقيقه بين بلد وآخر.
ففي تونس على سبيل المثال بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي عام 2011 استغرقت كتابة دستور جديد للبلاد 3 سنوات، إذ صُدّق عليه عام 2014 بعد نقاشات تركزت على شكل الحكم قادها مجلس وطني منتخب لصياغة الدستور.
أما في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 فلم يُتفق حتى الآن على دستور للبلاد -التي تعمل بدستور مؤقت- جراء النزاعات المستمرة.
وعام 2017، قُدّمت مسودة دستور لكنها لم تطرح للاستفتاء نتيجة الاختلافات السياسية، وذلك بعد انتخاب هيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد عام 2014.
وفي مصر عقب سقوط نظام حسني مبارك عدّل المجلس العسكري الحاكم الدستور مؤقتا عام 2011 حتى صياغة دستور جديد عام 2014.
ويمكن أن تطول مدة النقاشات حتى التوصل إلى دستور للبلاد بعد فترة طويلة من عدم الاستقرار والصراع، فاستغرقت دولة جنوب أفريقيا نحو 6 سنوات لصياغة دستورها خلال مرحلة الانتقال من نظام الفصل العنصري إلى الديمقراطي الشامل، وتضمنت مفاوضات على مدى 3 سنوات لوضع دستور مؤقت.
عوامل مؤثرةلذلك، تقدير الوقت الذي ستستغرقه صياغة دستور جديد لسوريا يعتمد على عوامل، منها درجة التوافق بين القوى السياسية، ومدى الاستقرار الأمني في البلاد التي شهدت نحو 14 عاما من عدم الاستقرار والتدخلات الخارجية.
إعلانويرجح أنه إذا شُكلت هيئة انتقالية توافقية تضم مختلف الأطراف السورية -التي لا تزال الخلافات تحكم العلاقات بين بعضها حتى الآن- فقد يُتفق على لجنة دستورية تعمل على وضع دستور جديد في مدة قد تستغرق من عامين إلى 4 أعوام، وفق تقديرات قانونية.
لكن عدم تحقيق الاتفاق السياسي بين الأطراف السورية قد يجعل تلك المدة أطول، كما أن تدخّل أطراف دولية مثل الأمم المتحدة قد يؤثر على المدة ويجعلها أقصر في حال توافق وطني حقيقي كما حدث في البوسنة والهرسك بعد اتفاقية دايتون عام 1995.
وتعتزم الإدارة السورية الجديدة إطلاق مؤتمر حوار وطني شامل في الأيام المقبلة بالعاصمة دمشق بهدف تشكيل مجلس استشاري ذي صفة تشريعية يقوم بصياغة إعلان دستوري وإقراره، بالإضافة إلى منح الثقة للإدارة الجديدة بقيادة الشرع.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كاتب سويسري: ترامب وكيه جي بي وإعادة كتابة التاريخ
بدأت شائعة مفادها أن دونالد ترامب عمل لصالح المخابرات السوفياتية (كيه جي بي) تطفو من جديد على السطح، ولا يبدو الاتهام غريبا في ظل المواقف التي يتخذها الرئيس الأميركي اليوم دونما إحراج، وفقا لكاتب في صحيفة لوتان السويسرية.
وتناول مقال الكاتب السويسري غوتييه أمبروس تحليلا للروايات والمزاعم بشأن ارتباط ترامب بجهاز الـ"كيه جي بي"، مستندا إلى تصريحات حديثة من عميل سابق وشكوك أثيرت سابقا حول علاقة ترامب بروسيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع إيطالي: واشنطن ستطلق أول صواريخها الفرط صوتية بنهاية 2025list 2 of 2محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خياراend of listوتُطرح هذه المزاعم في سياق أوسع يتعلق بتغير السياسات الأميركية تجاه روسيا، إذ تغيرت المواقف من دعم أوكرانيا إلى تبني موقف "واقعي" يقوم على المصالح الذاتية.
وبنبرة انتقادية يبرز أمبروس أن أميركا تغيرت ولم تعد القيم مهمة فيها، بل فتحت الباب على مصراعيه للواقعية في علاقات القوة تحت شعار "أميركا أولا"، وهو ما كان له "تأثير مزعج للغاية يترك المرء مذهولا"، وفقا للكاتب "إذ لا يلاحظ اعتماد ذلك على أي نقاط مرجعية كما لو كان الواقع في الأساس مجرد مادة سائلة مصنوعة من خطابات نقوم بتشكيلها وإعادة تشكيلها من تغريدة إلى أخرى وفقا لإملاءات اللحظة"، حسب تعبير الكاتب.
ولتوضيح ما يجري، يسترجع المقال رواية فيليب روث "المؤامرة ضد أميركا" التي نشرت عام 1984، والتي تعيد كتابة التاريخ بأحداث تخيلية مليئة بالمفارقات.
إعلانففي الرواية يُنتخب تشارلز ليندبيرغ الطيار القومي والشخصية الشعبية رئيسا بدلا من فرانكلين روزفلت عام 1941، مما يؤدي إلى انتهاج سياسات انعزالية وتقارب مع النازيين، بالإضافة إلى إثارة الاضطهاد ضد اليهود الأميركيين المتهمين بالدفع نحو تأجيج الحرب.
وهنا يتساءل الكاتب "كيف لنا أن نخرج من هذا السيناريو المظلم؟"، ليقول إن روث لجأ للإجابة عن هذا السؤال إلى خدعة سردية بارعة تصور فيها أن يختفي ليندبيرغ في تحطم طائرة، ليجري بعد ذلك اقتراع رئاسي يعاد فيه انتخاب روزفلت، ليعود التاريخ إلى مساره الطبيعي، وتنشتر شائعة بأن ليندبيرغ كان عميلا في خدمة ألمانيا، لكنها جعلته يختفي، إذ لم يكن قابلا للتلاعب به بما فيه الكفاية، وفقا للكاتب.
ويربط مقال أمبروس بين الرواية والواقع الحالي، مشيرا إلى أن الإستراتيجيات الشعبوية الحديثة -مثل استغلال وسائل التواصل الاجتماعي- تعيد تشكيل التاريخ وتخلق بيئة مشوشة يصعب فيها التمييز بين الحقيقة والخيال.
وختاما، يتساءل المقال عما إذا كان هذا التشويش المتعمد على الحقائق جزءا من مؤامرات أعمق لإعادة كتابة التاريخ.