في احدى زياراتي لدولة الامارات الشقيقة أقام لي الاخ الشاعر الكتيابي والاخ الشاعر الحلنقي والفنان سيف الجامعة، ولفيف من الصحفيين والاعلاميين ومعهم الموسيقار الكبير بشير عباس رحمه الله، عشاءً فاخرًا مترع بالشواء والغناء والذكريات والأشعار العامية والفصيحة مما جعلها إحدى أمسيات الف ليلة وليلة.

وقد وجدت في نفسي حزناً بليغاً أن مثل هذه النوارس خارج سربها وأوكارها وبلادها، وقد حرضتهم وأغريتهم وحفزتهم بالأماني واقسمت لهم بأنها لن تكون من كواذب القول وسراب الأمنيات.


قلت للحلنقي: لماذا لا تعود للسودان وكل العنادل والأوتار في انتظارك؟

فرد قائلا: تعرف يا حسين إنه أخوك بخاف من الحرارة والطيارة والعيون الغدارة، واكملها بابتسامته الودودة الغامضة، لكنه من بعد الغياب عاد زي عيداً غشانا وفات وعاد وعم البلد أعياد.

وقلت لعبد القادر الكتيابي: لماذا لا تعود يا عبدالقادر والمعابر والمنابر والنسيمات العوابر في انتظارك؟

فقال في ابتسامة تقع ما بين جغرافية الحزن والسخرية: أنا كما تعلم يا صديقي حسين مثقل الكاهل بالاشعار الشوارد التي لم تكتب بعد والفواتير المؤجلة والضراعات والجراحات القديمة، وحتى اتداوى بها ومنها سأعود للسودان، وعاد عبد القادر وجمل أمسياتنا بشعره البديع من عامية أهل السودان وفصيح العرب والكتياب، من وادي عبقره الخاص دون أن يشغل نفسه بفن التفعيل والتشطير والكتاب.

وقلت أيضاً لسيف الجامعة: انت يا سيف في بلاد حفية بالسودانيين، ولكن لا جمهور لك فيها والفنان بلا جمهور سيموت مثل الفراشات والعصافير حين يجف النبع وتذبل الحديقة
فقال لي متعللاً وكان انذاك أحد أصوات المعارضة بالانقاذ: أنا يا حسين خايف لو جيت الجماعة ديل يعتقلوني، فضحكت حتى انتبه القوم.

فقلت له: انت يا سيف الجامعة قايل روحك سيف الدولة الحمداني؟ وفعلا عاد سيف وقد فاح عطره الابداعي من لدن المتمة وحتى لقاوة ومن الفاشر حتى كسلا، وقد ملأ الأرجاء غناءً وسيما وأسعدنا بزواج مبارك وملأ الساحة بذرية صالحة، فكانت اعذريني من كلمات الحلنقي ولحن صلاح ادريس حمامة بيضاء أتت من سرب الستينات الجميل.
أعذريني الدمعة ديّه… حتبقى آخر دمعة ليّه
تاني لو قربت منك… يبقى ليك الحق عليّ
ويتواصل البوح الباكي إلى نهايته الموحية الجريحة
من زمان وأنا راجي منك
كلمة بيها تفرحيني
وانتي ما فرحت قلبي
كنت ديمة بتجرحيني
قسمة الزول ما بتفوتو
والبجيني معاك بجيني
لو بكت منك عيوني
سامحيها وأعذريني
وأرجو من كل قلبي بعد الانتصار والتحرير أن يعود الثلاثي الأنيق لبلاده وهل من عودة تاني أم هي مستحيلة؟

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: سیف الجامعة

إقرأ أيضاً:

محمود حميدة يلتقي جمهور معرض الكتاب في نقاش "حول الفن والمجتمع"

 

استضافت "القاعة الرئيسية"، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، الفنان محمود حميدة، في لقاء حول الفن والمجتمع، أداره الشاعر إبراهيم داود.  

في بداية اللقاء، قال الشاعر إبراهيم داود: "إن شخصية محمود حميدة، غنية وثرية، فهو مشغول بمشروع ثقافي كبير، حيث يسعى لإنشاء مؤسسة باسم -فؤاد حداد- وأخرى باسم -يحيى حقي-:، وأضاف: "أعرف محمود حميدة، منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهو دائم الانشغال بالسينما والأدب، ومُحِبٌّ لزكي نجيب محفوظ، وفؤاد حداد، ويحيى حقي، حيث إنه مثقف كبير يتسم بالصدق والموهبة، ونحن أمام شخصية مهمومة بالأفكار، وتحديث المجتمع، وتسعى لنقل الواقع إلى مستوى أسمى مما هو عليه".  

من جانبه، قال محمود حميدة: "أنا شخص أحب التمثيل منذ أن كنت في الخامسة من عمري، وكان هدفي حينها تسلية الناس، لكن هذا المفهوم تغير مع مرور الوقت، ولكي أتمكن من إمتاع الجمهور، قررت التعرف على كبار العقول، وكان أول باب فُتح أمامي هو الكتاب، فكنت كلما قرأت كتابًا، أتخيل ملامح وصوت مؤلفه، فمثلًا، عندما قرأت للعقاد، كنت أستحضر صورته وصوته، وأتخيل أنني أجلس معه"، وأضاف: "كنت دائم الانشغال بالتعرف على العقول التي تحرك فكر المجتمع، وهم الكُتّاب والمفكرون، وعندما أقرأ لهم، أتمكن من الاقتراب من عقول الناس بشكل أعمق، وذات مرة، سألني المفكر الدكتور علي حرب: لماذا تهتم بقراءة كتب الفكر؟ فأجبته: لكي أعرف كيف أُسليك، لأن الممثل، لكي يُسلّي الجمهور، يجب أن يفهمهم جيدًا".  

وتابع حميدة، قائلاً: "لدينا مشكلتان خطيرتان تكمنان في عدم إعمال العقل، ورفض الآخر، وإذا لم نتخلص من هاتين الآفتين، فلن نتقدم، لذا، أقترح تعليم الأطفال في المدارس القيم الإنسانية، لأنها مشتركة في جميع الشرائع السماوية، كما أطالب بإنشاء أرشيف سينمائي تديره مؤسسات، وليس أفرادًا، فإسرائيل، رغم عدم امتلاكها صناعة سينمائية حقيقية، لديها مشروع أرشيف سينمائي، ونحن في مصر لدينا أكثر من 4000 فيلم، لكننا لا نعرف شيئًا عن 2000 منها، رغم أنه تم الإعلان مؤخرًا عن ترميم 20 فيلمًا فقط!".

وحول حبه للشاعر فؤاد حداد، قال حميدة: "تعرفت على فؤاد حداد، من خلال الكاتب خيري شلبي، وعندما قرأت شعره ودرسته، اكتشفت أنه شاعر غزير الإنتاج، يمتلك دواوين تفوق غيره بكثير، 90% من دواوينه كانت مخططة قبل إصدارها، ولديه أكثر من 36 ديوانًا معروفًا، غير ما فُقد من أعماله، واشتهر بأنه شاعر العامية، لكنه كتب بالفصحى أيضًا، وأبدع فيها كما لم يفعل أي من معاصريه، وله دواوين كاملة بالفصحى، بالإضافة إلى أعمال مزجت بين الفصحى والعامية"، وأكد حميدة أن "يحيى حقي بالنسبة لي شخصية استثنائية، كنت أظن أن ثروت عكاشة، هو المسؤول عن المؤسسات الثقافية في مصر، لكنني اكتشفت أن يحيى حقي كان هو القائد الحقيقي لها".  

كما أبدى حميدة، تحفظه إزاء مصطلح "القوة الناعمة"، قائلاً: "هذا مصطلح فيزيائي يُقاس بوحدة الحصان، وأنا لا أستخدمه، بل أُفضل تسميتها -أشرس قوة مسالمة-، لأنها قادرة على السيطرة على المتلقي بالكامل، وهذا قمة الشراسة".

وفي ختام اللقاء، أشاد حميدة، بالتطور الفني الحاصل في المملكة العربية السعودية، وبدورها في الاستعانة بالفنانين المصريين باعتبارهم رواد هذه المهنة، مؤكداً أن "التعبير بأنهم سحبوا البساط من تحت أقدامنا تعبير غير لائق، لأن النجاح الفني في أي بلد هو مكسب للجميع".

مقالات مشابهة

  • البريكي: وقلـتُ لـهُ: يا نيلُ، مصرُ صباحُها معي قهوةٌ أخرى بشعري مزعفَرَة
  • المكنة طلعت قماش.. عمرو الدردير: تاني ماتش لـ جراديشار مهاجم الأهلي وتاني جول
  • محمود حميدة يلتقي جمهور معرض الكتاب في نقاش "حول الفن والمجتمع"
  • زيزو يرد يرد على مشجع: سأذهب إلى الأهلي
  • «كلاكيت تاني مرة».. أشرف عبد الباقي وآسر ياسين يجتمعان في مسلسل «قلبي ومفتاحه»
  • الجديد: منظومة “أيسر” ستخفض المرتبات إلى أقل من 60 مليار دينار لكنها تواجه عراقيل
  • خبير عسكري: حرب غزة ذهبت بقيادات لكنها أنتجت جيلا قياديا جديدا
  • "نيران الأناضول" تبهر جمهور القاهرة وتستعد لإشعال أجواء شرم الشيخ
  • نداء شرارة تحتفل بعيد الحب بـ "هنحب تاني".. تعاون جديد يحمل نكهة رومانسية مميزة
  • نادية رشاد عن سبب انفصالها: كبرت ومش قادرة أخدمه .. فيديو