عندما كشح عمر البشير (الحلة) !!
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
خالد ابواحمد
حادثة إغلاق مكتب قناة (سودانية 24) في القاهرة في أعقاب بثها حلقة من برنامج (دائرة الحدث) تحدث فيها الأمين السياسي للمؤتمر السوداني المهندس شريف محمد عثمان ذكرتني بالاحتفال الكبير الذي نظمته الحكومة السودانية في نهاية التسعينات (تقريبا) لافتتاح مجموعة مصانع (جياد) الذي صرفت فيه الملايين من الدولارات، ودعت لحضوره وفودا من دول عربية وأجنبية، واجتهد المكتب الصحفي برئاسة الجمهورية في كتابة خطاب تم إعداده بعناية فائقة يقرأه رئيس النظام آنذاك أمام الحشود المحلية والاقليمية والدولية، بحضور كُبرى القنوات الفضائية العالمية التي اتفقوا معها على بث الاحتفال والخطاب الرئاسي، الذي أرادوا منه تجميل صورة الحُكم في البلاد، وإعطاء صورة مغايرة للصورة المعروفة عالميا مستضيفا للعديد من الحركات المتشددة في السودان وقياداتهم ومن الذين نفذوا محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك، ودعم النظام لجيش الرب الذي كان يقاتل الحكومة اليوغندية.
كان الخطاب تصالحيا ورّكز على التنمية والتطور، والانفتاح على العالم، وأن النظام يقود البلاد لمرحلة جديدة كليا، وكان الفريق الذي أعد الخطاب قد اتفقوا مع (الرئيس) على عدم الخروج عن النص، لأنه كُتب ليحقق أهدافا معينة تبعد عن النظام العداوات، خاصة وأن السودان كان من ضمن الدول الراعية للإرهاب ومغضوب عليه من الجميع، كان قادة النظام يُعولون على الخطاب الرئاسي ليبدوا صفحة جديدة..!.
في اليوم الموعود واللحظة التاريخية والحشود وكاميرات الفضائيات العالمية في كل الزوايا والاركان، اعتلى (الرئيس) المنصة، وبدأ في قراءة الخطاب والجميع في حالة متابعة، أما الذين كتبوا الخطاب كانوا في حالة ترقب وقلق شديدين، وخوف أن يخرج (الرئيس) عن الخطاب كما تعود دائما، وفجأة بدأت الهتافات بالتكبير والتهليل تزداد شيئا فشيئا، واهتز المكان وسريعا تفاعل (الرئيس) مع الهتافات وعلا صوته شيئا فشيئا، تماما مثل المذيع الرياضي المشهور عصام الشوالي في مباراة طرفها (ريال مدريد) و(برشلونة) واللاعب (ميسي) في مواجهة حارس (ريال مدريد) وملايين المشاهدين في العالم على حافة اعصابهم، وفجأة يخرج عن النص مع التكبير والتهليل، وفي هذه اللحظة الجماعة الذين كتبوا الخطاب الرئاسي قاموا من مقاعدهم يولولون، فإذا بـ(الرئيس) يكشح (الحلة) في وجه الجميع ويصرخ بأعلى صوته:
(السودان من اليوم سيصنع من الإبرة حتى الصاروخ).
اهتزت أركان المكان بالهتافات الداوية لبرهة من الزمن، بطبيعة الحال أن عضوية النظام لم يفهموا شيئا غير أن نظامهم القائم من اليوم سيصنع الأسلحة وبكل أنواعها ومن أصغر قطعة حتى الصواريخ ليواصل سياسته التي أدخلته في زمرة الدول الراعية للإرهاب، داخليا كان الاستياء شديدا لكن في صمت شديد، كانوا يعتقدوا بأن الخطاب الرئاسي إذا تمت قراءته على النحو الصحيح سيكون نقطة تحول، لكن (الرئيس) ضيع كل الجهود، تماما مثل حلقة برنامج (دائرة الحدث) بقناة (سودانية 24) كانوا يعتقدوا بأن من رشحوه للمشاركة في هذه الحلقة التلفزيونية في مواجهة الأمين السياسي للمؤتمر السوداني المهندس شريف محمد عثمان سيحقق لهم المكاسب ويُثبت لهم خطط الكذب التي دفعوا من أجلها الأموال الطائلة لكن المهندس الوطني الغيور شريف محمد عثمان أثبت الحقيقة التي يخافون اقتناع الناس بها.
الخلاصة أن الجماعة دائما مشكلتهم مع الحقيقة، فهم أعداءها ولو كلف ذلك الدم والمال وهذا ما يحدث الآن على أرض الواقع.
khssen@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخطاب الرئاسی
إقرأ أيضاً:
تعريدة الخطاب
نلاحظ عن جماعة إنها في بداية هذه الحرب وإلي أمس قريب كانت تتحاشى وترفض إدانة عنف الجنجويد. وكانت تقول إن الإنتهاكات سببها الحرب ويسأل منها من أشعلها. وهذا يعني أن الجنجويد غير مطالبين باحترام القانون الدولي وحقوق المدنيين وبالتالي في هذا تلميح بأن جرائمهم مفهومة ومبررة فالمجرم هو الحرب وليس الجنجويد.
لكن نلاحظ في الأسابيع السابقة أن قيادات الجماعة صارت تصدر إدانات ضد إنتهاكات الجنجويد وسمتها جرائم حرب.
كنا علي إستعداد لان نرحب بهذا التحول بدون تحفظات لو بينت لنا الجماعة أسباب تغير نبرة الخطاب وماذا حدث لها لتغير رايها هكذا لاننا نريد أن نميز بين إحتمالات مثل:
+ هل نتج هذا التحول عن مراجعة صادقة للذات؟ هذا كان سيكون محمدة مقبولة لو صحبها تفسير واعتذار عن تغبيش الوعي العام بخلق إنطباع مخالف للأخلاق وللقانون الدولي بان المحاربين معفيين من إحترام حقوق المدنيين والإلتزام بقوانين الحرب التي تدعو لحمايتهم. في هذا الخطاب المبرر لإجرام الجنجويد، المجرم هو الحرب وليس الاشوس الذي أغتصب جارتك ونهب بيتك وبلدتك وكأن الاشوس روبوت مسلوب الإرادة تبرمجه الحرب.
+ ولو كانت التوبة، عن تخفيف قبح إنتهاكات الجنجويد، صادقة فلماذا لم تقم الجماعة بالخروج عن اتفاقها مع الجنجويد الذي وقعت عليه قبل عام في أديس؟ كيف تبرر الجماعة لنفسها تواجدها في إتفاق/إعلان أديس مع جنجويد تتهمهم بإرتكاب جرائم حرب مرارا وتتكررا.
+ أما لو كانت تعريدة الخطاب بسبب تحولات تكتونية في الفضاء السياسي والعسكري والإعلامي فان الإدانات المتاخرة تدخل من باب إضافة النفاق إلي الأذي.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب