هل تسير بلادنا فعلا نحو كارثة التقسيم؟
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
تستمر الحرب ويتراكم الغبن والمظالم، تتوارى الأصوات العاقلة وترتفع أصوات أصحاب الاجندات الانفصالية والداعية لاستمرار الحرب، التكلفة اليومية للحرب يدفعها مواطن لا ذنب له ولا جريرة سوى انه وجد نفسه في اتون معركة عبثية، ان بقي في مكانه أو حاول النزوح يتعرض للانتهاكات وقد يصبح متهما (دون أن يقوم بأية عمل سوى محاولة حماية نفسه وأسرته) بموالاة أحد طرفي الحرب.
وكما أشار الأستاذ فيصل محمد صالح في مقاله المهم (خطوات في طريق التقسيم) الى شواهد عديدة تشير الى أنّ فكرة التقسيم تؤيدها بعض الخطوات على الأرض، مثل (سيادة الخطاب العنصري والجهوي لطرفي القتال) بحيث تصبح الحواضن الاجتماعية المفترضة لكل طرف هدفا للطرف الآخر. كما أشار لعملية تبديل العملة التي أخرجت بعض المنتجين في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع من دائرة الفعل الاقتصادي. وكذلك فعلت امتحانات الشهادة التي لم يستطع الكثير من الطلاب أدائها.
الحرب نفسها بكل المصائب التي تحملها هي مسئولية التنظيم الكيزاني، فكرة التقسيم نفسها بدأها التنظيم منذ بدايات عهده، حين شرع في فترة حكمهم المشئومة وبدلا من تنمية الوعي بالانتماء للوطن الواحد كما تفعل كل الحكومات المسئولة والسعي لوقف الحرب في الجنوب، سعى بدلا من ذلك لتنفيذ اجندته الانفصالية.
قطع الانقلاب الطريق على مبادرة الميرغني قرنق التي كان يمكن ان تُبقي بلادنا موحدة، وبدلا من محاولة السعي قدما في طريق السلام، جاء اعلان رأس نظامهم في ايام استيلائهم الأولى على السلطة بالانقلاب على الحكومة الديمقراطية، أعلن استعدادهم لفصل الجنوب ان اتفق اهل الجنوب على ذلك! لم يجرؤ اية سياسي سوداني على مثل هذا الإعلان منذ الاستقلال، بل انّ حكومات الأحزاب كانت تقدم احيانا على تسليم السلطة حين تجد نفسها عاجزة عن تقديم حل لمشكلة الجنوب، مجرد فكرة الحكم الذاتي للإقليم كانت تثير رعب الحكومات الوطنية.
لم يكتف الكيزان بذلك الإعلان بل شرعوا عمليا في فصل الجنوب من يومهم الأول، وبدلا من مخاطبة مخاوف بعض الجنوبيين من تطبيق نميري لقوانين سبتمبر، قاموا بمفاقمة اتلك المخاوف بتحويل الحرب الى جهاد، وباستهداف القرى الآمنة (ذكر لي مشارك في عمليات ما عُرف بصيف العبور انّ الأوامر كانت تأتيهم بقتل المدنيين وحتى المرضى في المستشفيات) وكل ذلك بغرض مراكمة الغبائن التي دفعت أهلنا في الجنوب لخيار الانفصال.
سنجد انه يتم تكرار نفس ذلك السيناريو الانفصالي من خلال الإصرار على استمرار الحرب من الطرف الكيزاني الذي يسيطر على الجيش وقيادته، وما يعنيه استمرار الحرب من تراكم الغبائن نتيجة الانتهاكات والموت المجاني للمواطنين الأبرياء من قبل طرفي الحرب.
وما الذي استفدناه من فصل الجنوب؟ فلا الشمال نعم بالاستقرار ولا الجنوب شهد سلاما واستقرارا، خسرنا جزءا عزيزا من بلادنا ربطتنا معه روابط الدم والوطن، وبحساب المصالح خسرنا الكثير وسنخسر الكثير إن سرنا في ركاب الدعوات التقسيمية التي تستغل الحرب لتوسيع الشقة بين أبناء الوطن.
بلادنا كلها ترتبط بروابط الدم، وحتى البلدان التي تضم اعراقا مختلفة سعت بالقوانين والوعي لتوحيد مواطنيها على قلب الانتماء للوطن، فالتنوع يصبح قوة حين تحسن الدول ادارته.
الاتحاد قوة، ومعظم الدول تسعى للانخراط في كيانات اتحادية تخفف من مصاعبها الاقتصادية وتنمّي الروابط الاجتماعية بين الدول، بريطانيا العظمي حين اختارت ان تفارق الاتحاد الأوربي تعرّض اقتصادها لمصاعب كثيرة ربما لن تستطيع تجاوزها الا بالعودة لحضن الاتحاد الام.
النظام الكيزاني بدلا من أن يوحّد بين مواطنيه ويزيل الفوارق الوهمية بين الناس بالوعي والقانون للإبقاء على وحدة الوطن، سعى لإيقاظ النعرات القبلية واثارة الفتن، وأصبح كتابة اسم القبيلة واجبا في المعاملات الرسمية! في ردة يرتعد لها علي عبد اللطيف في قبره، علي عبد اللطيف الذي قال للمستعمر قبل مائة عام حين سأله عن قبيلته: قبيلتي السودان!
لنتذكر يا بني وطني المقولة المنسوبة للإمام المهدي ( الفش غبينتو خرب مدينتو) وحدة هذه البلاد يجب ان تظل هدفا اسمى لكل مواطن، بالتسامي فوق كل الجراحات التي سببتها حرب بين شريكين سابقين طامعين في السلطة والمال، لقد بقي التنظيم الكيزاني في السلطة لأكثر من ثلاثة عقود نهب فيها موارد هذه البلاد واثار الفتن وايقظ العصبيات وأفرخ المليشيات لقمع شعبنا غارسا البذور التي انبتت هذه الفتنة، وهو يحاول الان الالتفاف على ثورة ديسمبر من خلال إشعال هذه الحرب والنفخ في نيرانها.
كل الجراحات والغبن الذي سببته الحرب يمكن معالجتها بالقانون، ومحاسبة كل من أجرم في حق المواطنين الأبرياء ورد الحقوق الى أهلها، وإصلاح الشرخ الذي حدث بين أبناء الوطن وتوحيد رؤاهم في دولة العدالة والقانون.
الوفاء لقيم ثورة ديسمبر ولدماء شهدائنا الابرار تحتم علينا ان نسعى لتجاوز هذه الفتنة، وقف الحرب وعزل ومحاسبة كل أطرافها من مرتكبي الانتهاكات.
أحمد الملك
ortoot@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رادار المرور يلتقط 1102 سيارة تسير بسرعات جنونية خلال 24 ساعة
شنت الإدارة العامة للمرور، عددا من الحملات المرورية بالتنسيق مع إدارات المرور بمديريات الأمن المختلفة لتحقيق الانضباط، وتطبيق قانون ولوائح المرور على قائدى السيارات وضبط المخالفين منهم.
وأسفرت جهود الحملة خلال 24 ساعة، عن ضبط 1102 مخالفة تجاوز سرعات و89 مخالفة السير بدون تراخيص "قيادة وتسيير"، و36 دراجة نارية مخالفة، و77 مخالفة موقف عشوائى، و98 مخالفة شروط الترخيص، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وتواصل أجهزة وزارة الداخلية حملاتها المرورية لضبط المخالفات المرورية.
وعززت الإدارة العامة لمرور القاهرة تواجدها بالشوارع والميادين، مع انتشار الخدمات المرورية، أعلى المحاور للعمل على إزالة أى أعطال مرورية، أو حوادث تعوق حركة السيارات بشوارع العاصمة، ولتسهيل وصول المواطنين إلى الأماكن التى يقصدونها.
وانتشر رجال المرور بربوع العاصمة لشن حملات مرورية مكثفة لرصد كل المخالفات المرورية بشتى أنواعها، وعدم التهاون مع مخالفى قواعد وآداب المرور، كما يتم رفع كل السيارات المتروكة التى يتم رصدها بالشوارع وتتسبب فى زحامات مرورية بالطرق.
وتمركزت الحملات المرورية أعلى المحاور والشوارع بالجيزة لرصد المخالفات وإلزام المواطنين بقواعد وآداب المرور، وللحد من وقوع الحوادث المرورية الناجمة عن السير عكس الاتجاه، أو الانتظار الخاطئ بالطرق السريعة.
كما شنت اﻹدارة العامة للمرور، حملات مكثفة على الطرق السريعة للحد من الحوادث ومنع القيادة تحت تأثير المخدر، لأنها تهدد سلامتك وسلامة الآخرين، كما تم تكثيف حملات الرادار ونشر سيارات الاغاثة المرورية وسيارات الدفع الرباعى والدراجات البخارية، كما عززت إدارة المرور من تواجد الخدمات المرورية على الطرق لتكثيف وانتشار عمليات مراقبة المحاور لمنع ظهور أى كثافات مرورية.
مشاركة