كيف تؤثر عودة ترامب على البريكس؟
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
تناول ريمون تنوير حسين، باحث مساعد في مؤسسة راند للأبحاث الأمريكية، مسار تحالف مجموعة البريكس ومدى التأثير المحتمل لإدارة دونالد ترامب الثانية على تقدم هذا التحالف، مسلطاً الضوء على العقبات الجيوسياسية والاقتصادية والمؤسسية التي تواجهها مجموعة البريكس، إلى جانب الآثار المترتبة على سياسات ترامب على مستقبل تلك الكتلة.
سياسات ترامب التجارية العدوانية قد تعمل عن غير قصد على تعزيز وحدة البريكس
وأثارت عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مخاوف جديدة بشأن الانعزالية الاقتصادية الأمريكية وتداعياتها العالمية. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أعلن ترامب على منصة "إكس" أن تحركات مجموعة البريكس لاستبدال الدولار بعملات بديلة ستُقابَل برسوم جمركية بنسبة 100%، مما يؤكد التزامه بالحفاظ على هيمنة الدولار.
ويتماشى هذا الموقف مع سياسات الحماية الأوسع نطاقاً التي ينتهجها ترامب، مثل دعوته إلى فرض رسوم جمركية عالية على التجارة مع الصين وكندا والمكسيك.
ويأتي نهج ترامب وسط انتقادات متزايدة من قادة مجموعة البريكس مثل فلاديمير بوتين، الذي طالما ندد بالدولار باعتباره "سلاحاً" للهيمنة الاقتصادية الغربية.
وقال تنوير حسين، في مقاله بموقع مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية إن هذه التطورات تثير أسئلة ملحّة حول قدرة مجموعة السبع، بقيادة واشنطن الانعزالية، على مواجهة نفوذ مجموعة البريكس المتزايد بشكل فعال.
تطور تحالف البريكس من توقعات اقتصادية لمؤسسة "غولدمان ساكس" المالية في عام 2001 إلى كتلة هائلة تتحدى النظام الدولي الليبرالي.
وتأسس التحالف في عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وسعى إلى تقديم بدائل للمؤسسات التي يهيمن عليها الغرب.
وبحلول عام 2024، شكلت دول مجموعة البريكس 34.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية، متجاوزة بذلك نسبة 30.05% لمجموعة السبع.
Donald Trump warned the so-called BRICS nations that he would require commitments that they would not move to create a new currency as an alternative to using the US dollar and repeated threats to levy a 100% tariff https://t.co/pA5RF7Yc9E
— Bloomberg (@business) November 30, 2024ومثَّل هذا تحولاً كبيراً عن عام 2000، عندما شكلت مجموعة السبع 43.28% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي مقارنةً بنسبة 21.37% لمجموعة البريكس.
وتشمل الأهداف الأساسية لمجموعة البريكس إنشاء نظام مالي موازٍ، وتنسيق السياسات الاقتصادية، وزيادة التمثيل في الحوكمة العالمية، والحد من الاعتماد على الدولار الأمريكي.
نظرية انتقال القوةوأشار الكاتب إلى نظرية انتقال القوة، التي قدمها أيه إف كاي أورجانسكي في عام 1958، والتي تفيد بأن الصراعات النظامية تنشأ عندما يهدد منافس صاعد هيمنة قوة مهيمنة راسخة.
وأضاف الكاتب أن جهود مجموعة البريكس لموازنة المؤسسات التي تقودها مجموعة الدول السبع الكبرى تتماشى مع هذا الإطار، وخاصة من خلال مبادرات مثل بنك التنمية الجديد، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية، وترتيبات الاحتياطي الطارئ.
وتهدف هذه المؤسسات المتعددة الأطراف، التي تقودها الصين، إلى منافسة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وتعمل دول مجموعة البريكس على إعادة تعريف مشهد الحوكمة العالمية من خلال الاستفادة من نفوذها الاقتصادي المشترك وعدم رضاها عن الأنظمة التي يقودها الغرب.
السعي إلى المكانة والمؤسسات العالميةولفت الكاتب النظر إلى دوافع أعضاء مجموعة البريكس، خاصةً الصين وروسيا، في السعي إلى الاعتراف والتأثير الدوليين، مما دفعها إلى إنشاء مؤسسات بديلة، وإظهار قوتها المتنامية. ومع ذلك، ما تزال هناك تحديات كبيرة.
The Fate Of The BRICS Under A Second Donald Trump Administration https://t.co/a3TtKgTBed
— Tarık Oğuzlu (@TarikOguzlu) December 28, 2024على سبيل المثال، يمثل الرنمينبي الصيني أقل من 6% من تسويات التجارة العالمية، وتدير البنوك الصينية جزءاً ضئيلاً من حجم المعاملات اليومية التي تتعامل معها غرف المقاصة في الولايات المتحدة.
وتؤكد هذه القيود على الصعوبات التي تواجهها مجموعة البريكس في تحقيق التكافؤ المالي مع الأنظمة التي يقودها الغرب.
الانقسامات الداخلية والتنافسات الجيوسياسيةورغم أهدافها الطموحة، تعاني مجموعة البريكس من الانقسامات الداخلية والتنافسات الجيوسياسية. ودفع الاشتباك الحدودي عام 2020 بين الصين والهند، والذي أسفر عن خسائر عسكرية على الجانبين، أن تقترب الهند من الولايات المتحدة.
وتتجلى هذه الشراكة المتعمقة بين الولايات المتحدة والهند في اتفاقيات الدفاع المهمة، مثل تلك التي تم توقيعها خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى واشنطن عام 2023.
انتقادات لفعالية مجموعة البريكسويزعم المنتقدون أن قدرة مجموعة البريكس على منافسة مؤسسات مجموعة السبع تقوضها التفاوتات البنيوية والاقتصادية.
ويشير الخبير الاقتصادي باري إيكنغرين إلى قدرة الصين المحدودة على توفير السيولة وفرض سياسات مالية قوية. كما أن عدم وجود معايير واضحة للعضوية وتصويرها كتحالف مناهض للغرب يزيد من إضعاف فعاليتها.
سياسات ترامب وتداعياتها على البريكسوأوضح الكاتب أن سياسات ترامب التجارية العدوانية قد تعمل عن غير قصد على تعزيز وحدة مجموعة البريكس، فمن خلال فرض التعريفات الجمركية وتهديد البلدان التي تبتعد عن الدولار، يخاطر ترامب بتعزيز دعم تحالف البريكس للأنظمة المالية البديلة.
وقد تصبح المخاوف المشتركة، مثل التعاون المناخي والاستقلال المالي، نقاط التقاء وتجمُّع لأعضاء مجموعة البريكس.
ومع ذلك، فإن نهج ترامب المتشدد يخاطر أيضاً بتفاقم الانقسامات داخل التحالف، حيث تعطي الدول الأعضاء الأولوية لمصالحها الوطنية على الأهداف الجماعية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب البريكس الدولار الصين عودة ترامب بريكس الدولار الصين مجموعة البریکس سیاسات ترامب مجموعة السبع
إقرأ أيضاً:
قبل عودة ترامب..السلطة الفلسطينية تصر على السيطرة على مخيم جنين
تصر السلطة الفلسطينية على إنهاء "الحالة المسلّحة" في مخيم جنين في الضفة الغربية، "للتكيّف" مع قيادة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وإظهار قدرتها على السيطرة على قطاع غزة بعد توقّف الحرب، وفق محلّلين.
ومنذ أسابيع اندلعت معارك عنيفة في المخيم بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية و"كتيبة جنين" التي تسيطر عليه وتتألف من مسلحين ينتمون الى فصائل فلسطينية مختلفة، ما تسبّب في 11 قتيلاً بينهم 5 من الأمن الفلسطيني، وناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، و 4 مدنيين آخرين، وقيادي من كتيبة جنين.في مخيم #جنين..مقتل شابة بعد اشتباكات بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومسلحين https://t.co/azAARlwzPp
— 24.ae (@20fourMedia) December 29, 2024 حماس والجهاد وفتحوينتمي معظم عناصر كتيبة جنين إلى حركتي الجهاد وحماس اللتين تخوضان منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حرباً مدمّرة في قطاع غزة ضد الجيش الإسرائيلي.
ويقول مسؤول في السلطة فضّل حجب هويته: "الرئيس محمود عباس يرفض بشكل قاطع أي وساطة. ويشدّد على أن يسلّم هؤلاء أنفسهم وأسلحتهم للسلطة الفلسطينية".
وبدأت الأحداث في 5 ديشمبر (كانون الأول) بعد اعتقال الأجهزة الأمنية قيادياً ميدانياً من كتيبة جنين بتهمة حيازة أسلحة وأموال، أعقبه سطو مسلحين على مركبتين للسلطة الفلسطينية، ودأت الأجهزة الأمنية عملية عسكرية تحت شعار "حماية الوطن"، فحاصرت المخيم بعدد كبير من الآليات والعناصر. واندلعت المواجهات بين الطرفين. وقالت الأجهزة في بياناتها إنها تستهدف "الخارجين عن القانون".
وشدّد المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء أنور رجب في بيان على أنه "لن يكون هناك أي تساهل مع هذه الفئة الضالة الخارجة على القانون". وقال: "ستواصل الأجهزة الأمنية وبكل ما أوتيت من قوة، العمل لفرض النظام والقضاء على الفوضى وحماية أمن شعبنا مهما كانت التضحيات".
ويرى محلّلون أن القيادة الفلسطينية تسعى إلى "التكيّف" مع قيادة ترامب بسيطرتها على المخيم الذي يعتبر من أكثر المخيمات تسليحاً، وإظهار قدرتها على الإمساك بزمام الأمور في قطاع غزة، حيث ضعفت حماس إلى حد كبير بسبب الحرب المتواصلة منذ أكثر من 14 شهراً، بينها وبين إسرائيل.
ترامب ينذر حماس مع بداية 2025https://t.co/s88qSLMhnG pic.twitter.com/cC5Vd7Fxil
— 24.ae (@20fourMedia) January 1, 2025 شر ترامبفي تحليل للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية الأسبوع الماضي، قال مدير المركز هاني المصري إن "توقيت الحملة الأمنية" التي "تنفّذ عشية قرب التوصل إلى هدنة في قطاع غزة، وتتزامن مع تولي دونالد ترامب سدّة البيت الأبيض" في 20 يناير (كانون الثاني).
وحذّر من "الوقوع في براثن أوهام جديدة بأن ترامب الجديد يختلف عن ترامب القديم، وأن القيادة الفلسطينية إذا اختارت التعامل والتكيّف معه بدل المقاطعة يمكن أن تتقي شره، أو يمكن أن يوافق على بقاء السلطة في الضفة، وعلى عودتها إلى غزة إذا أثبتت جدارتها".وأضاف "تعتقد السلطة أنها ستكون مقبولة من ترامب الجديد إذا خفضت السقف الفلسطيني".
ويُذكر أن علاقات السلطة الفلسطينية برئاسة عباس تدهورت كثيراً خلال الولاية الأولى لترامب الذي نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، وأوقف المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، وأعلن خطة للسلام عُرفت بـ"صفقة القرن" تسيطر من خلالها إسرائيل على القدس الشرقية، وتضم 30% من الضفة الغربية.
ويقول المحلّل السياسي خليل شاهين: "ما يحدث في جنين هو بروفا حاسمة تحاول السلطة الفلسطينية من خلالها فرض سيطرتها وفرض الأمن في جنين ومنطقتها، ويمكن أن تنتقل الى مناطق أخرى".
ويضيف أنها "تدرك تماماً أنها أمام اختبار وتحاول أن تنحني أمام العاصفة في ظل الهجمات الإسرائيلية والتغييرات التي حصلت في المنطقة، وتستعد لدخول مرحلة ترامب".
وتضاف حلقة العنف الجديدة هذه في الضفة الغربية إلى المواجهات الناتجة عن الغارات والمداهمات الإسرائيلية وهجمات المستوطنين، والتي زادت بنسبة كبيرة منذ بداية الحرب في غزة. وكان مخيم جنين مسرحاً لمداهمات عدة ومواجهات دامية.
مقتل ضابط فلسطيني بعد اشتباكات مع مسلحين في مخيم جنين - موقع 24أعلن المتحدث باسم قوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، مقتل الرائد حسين أحمد حسن نصار، من حرس الرئيس، أثناء مشاركته في عملية "حماية وطن" في مخيم جنين، في الضفة الغربية، التي أطلقتها السلطة الفلسطينية، ضد مسلحين من تنظيمات فلسطينية مختلفة. أوضاع كارثيةواتهمت حركتا حماس والجهاد السلطة الفلسطينية بخدمة أهداف إسرائيل. ويخشى كثيرون توسّع النزاع الفلسطيني الفلسطيني.وخاضت حماس وفتح التي يرأسها محمود عباس مواجهة دامية في2007 انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، وطرد حركة فتح منه.
وأدانت حركة حماس "الانتهاكات الخطيرة التي تنفذها أجهزة السلطة في الضفة الغريبة". وقالت إن ما يحدث "يضرب وحدة صفنا في مواجهة جرائم الاحتلال والمستوطنين ويساعد الاحتلال على تصفية قضيتنا".
أما فتح فقالت في بيان لمفوضية الإعلام والتعبئة الفكرية إن "من يُشرع الفوضى والفلتان الأمنيّ. لا يتمايز بأهدافه ومساعيه عن مخططات الاحتلال الإباديّة".