بيوت منتصف الطريق.. نقطة انطلاق في رحلة التعافي التام لحياة إيجابية
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
( جرّبها مرة )، هذا ما خالجت نفس المدمن به في أول مرة بدأ فيها مشواره في هدم حياته .. السواد الذي يراه أمامه وفي لحظتها لا يُساوي شيئاً أمام عتمة حياته المُقبلة منذ هذه اللحظة التي اعتقد فيها أن حياته لا تستحق العيش..غريب أمر الإنسان عندما يختار أن يقتل نفسه بيديه وجودياً، دينياً ، نفسياً وشعورياً يتعاطى ما يُغيّبه عن العالم وعن نفسه وعن أمور كثيرة تستحق منه العيش لأجلها، عن أحلام أم لطالما تمنّت أن تراه في أفضل حال وبأعلى المراتب، وعن صوت طفلته التي ترى فيه الأمان وتتمنى أن تعيشه معه، عن شهاداتٍ جامعية حصدها في شبابه وفي صغره يرتسم على صفحتها الأولى اسمه بخطٍ كوفي أنيق، عن صوت العائلة ونداء الأصحاب، عن شعور السكينة في أول سجدة، عن نظرة إمام المسجد والتفاتة رأسه ليطلب من المصلين الأربعة أن يستقيموا في نصف صف، عن دعواتٍ جالت بين قلبه وبينه قديماً، اعتذر فيها عما ارتكبه وعن كل تقصيرٍ وتهاون في حق نفسه وفي حق الآخر والآخرة.
عن مشهدٍ تبدل أمام عينيه من ممتاز إلى جيد جداً إلى جيّد إلى مقبول إلى ضعيف، إلى بعيد عن الله وهلاكه، بدلاً من القرب منه ، ليس كل ما في الحياة بالفعل يستحق التجربة، لأن التجربة تسحب معها تجربةً أُخرى فيلازمك تكرارها فتبدأ بالتعلق بها، فتنتشي بوجودها وتتعب دونها، فتُدمن، فتهلك.
الإدمان على المخدرات آفة مجتمعية حقيقية، يعيشها من نجهل طريقة عيشهم بما أخطأوا في ارتكابه، يعيشها شخص قد كان يقوم الليل، وأب عاشَ الكثير من الأوقات مع عائلته، وشاب دمرته صحبته السيئة ، وإهمال والدته ، تتعدد الظروف وتتنوع بين أشخاص أُجبروا وبين أشخاص جرّبوا وبين آخرين ظنوا أنها لمرةٍ واحدة ولم تكن المرّة الوحيدة .
الإدمان لا يدمر الفرد فحسب، بل يمتد تأثيره إلى العائلة والمجتمع، محطماً أحلام الأمهات وآمال الأطفال، ومبددًا إنجازات الشباب وطموحاتهم.
في مواجهة هذه الآفة، تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودًا حثيثة ومتكاملة لمكافحة المخدرات والحد من انتشارها. تتبنى الدولة استراتيجية شاملة تشمل تحديث القوانين والتشريعات، وتعزيز التعاون الدولي، وتطوير البرامج التوعوية والعلاجية.
"بيوت منتصف الطريق"
مشروع مصمم وفق أعلى المعايير والممارسات العالمية لإعادة تأهيل مرضى إدمان المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، يوفر خدماتٍ متكاملة تأهيلية واجتماعية وبرامج متميزة تتجاوز 35 برنامجاً تخصصياً لإعادة تأهيل المرضى». يعكس هذا المشروع الرؤية الاستراتيجية للقيادة الرشيدة، ويكون نقطة انطلاقٍ لتعزيز مرحلة التعافي التام وتطوير المهارات الشخصية والحياتية، نحو حياةٍ مستقبلية ناجحة وإيجابية.
تستقبل منشآت «بيوت منتصف الطريق» الإناث والذكور من عمر 18 إلى 65 عاماً، وذلك بعد انتهائهم من مرحلة سحب السمية في مراكز الرعاية الأولوية، حيث يعمل مشروع «بيوت منتصف الطريق» على مساعدة الأفراد في رحلتهم للتخلُّص من مرض الإدمان، وتوفير سُبُل الكشف المبكِّر، وتعزيز آليات العلاج النفسي والاجتماعي والتأهيلي للمتعافين، وإدماجهم في المجتمع، وفق أفضل الممارسات الدولية والعلاجات وأساليب الدمج، ما يعزِّز الجهود المبذولة بهدف دعم رحلة التعافي من مرض الإدمان.
المشروع أنشأته وتديره هيئة الرعاية الأسرية بدعم مالي من هيئة المساهمات المجتمعية - معاً، التي أسهمت بمبلغ 20 مليون درهم لدعم المشروع، من المساهمات المجتمعية للشركات والأفراد.
أخبار ذات صلةوصمَّمت هيئة الرعاية الأسرية نموذجَ رعايةٍ متكاملاً لرحلة التعافي من مرض الإدمان، مبنياً على أحدث البرامج والتدخُّلات العلمية، وفق أعلى المعايير والممارسات العالمية.
مشروع "بيوت منتصف الطريق" طبق في مرحلته الأوَّلية نموذجاً تأهيلياً يُعدُّ الأول من نوعه في المنطقة، لتلبية احتياجات الأفراد الذين يعانون من مرض الإدمان في رحلتهم نحو التعافي الكامل. إضافة إلى تقديم نطاق واسع من الخدمات والعلاجات للحالات ولأسرهم.
ويبقى تعاون الجميع وبالذات الأسر مهماً للغاية في إنجاح رسالة المشروع حتى يمضي على طريق التعافي التام.
جهود الدولة في مكافحة المخدرات
في إطار تعزيز الجهود الوطنية، تم تشكيل مجلس مكافحة المخدرات برئاسة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، بهدف تنسيق وتكثيف الجهود بين مختلف الجهات المعنية لمكافحة هذه الآفة.
المبادرات التوعوية
كما أطلقت الدولة العديد من المبادرات التوعوية، مثل حملة "شاركنا لنمنعها"، التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي بمخاطر المخدرات وتشجيع المجتمع على المشاركة الفعّالة في الوقاية منها.
المركز الوطني للتأهيل
بالإضافة إلى ذلك، يلعب المركز الوطني للتأهيل دورًا محوريًا في تقديم خدمات علاجية وتأهيلية لمرضى الإدمان، مع التركيز على السرية والخصوصية، مما يشجع الأفراد على طلب المساعدة دون تردد.
تسعى الإمارات أيضًا إلى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة المخدرات، حيث شاركت في العديد من العمليات الأمنية المشتركة التي أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات والقبض على المتورطين.
من خلال هذه الجهود المتكاملة، تؤكد دولة الإمارات التزامها بحماية المجتمع من مخاطر المخدرات، وتوفير بيئة آمنة تُمكّن الأفراد من تحقيق طموحاتهم والعيش بكرامة وسلام.
المصدر: الاتحاد - أبوظبيالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: سيف بن زايد مكافحة المخدرات الإمارات المخدرات بیوت منتصف الطریق
إقرأ أيضاً:
أرشيف الإمارات يستقبل أكثر من مليون وثيقة تاريخية من محاكم رأس الخيمة
انطلاقاً من أهميتها كمصادر للمعلومات ولأنها تشكّل رصيداً وثائقياً يعد مصدراً للحقيقة التاريخية فقد استقبل الأرشيف والمكتبة الوطنية، بدولة الإمارات العربية، مليون وثيقة معاملة قديمة من دائرة محاكم رأس الخيمة قامت بتحويلها للحفظ والترميم في الفترة من يونيو 2024 وحتى يناير2025 والتي اشتملت على وثائق الإشهادات، وعقود الزواج والطلاق، والتنفيذ المدني والشرعي، والأمر على عريضة، والوكالات والإقرارات والعقود الموثقة بالكاتب العدل.
وتأتي هذه الخطوة تأكيداً على الاهتمام الذي يلاقيه المجتمع الإماراتي والأسرة التي تشكل نواته في عام المجتمع، إذ إن هذه المعاملات القديمة تشكل وثائق تاريخية تهم العائلات والأسر والأفراد، وهي توثق رسمياً الروابط الأسرية والمجتمعية بين أبناء المجتمع، وهذا ما يبرهن على الاحترام والاعتزاز بالمجتمع وبمكوناته من الأسر والأفراد.
وبهذه المناسبة قال عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية: إن مشروع التعاون مع محاكم رأس الخيمة يأتي ضمن أكبر مشروعات الشراكة والتي ارتقت لدرجة التكامل بين الأرشيف والمكتبة الوطنية والمؤسسات الحكومية في الدولة؛ وذلك على ضوء بنود القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2008 بشأن الأرشيف والمكتبة الوطنية ولائحته التنفيذية.
وأضاف: إن هذا الالتزام ببنود القانون، والتعاون يضمن الحفاظ على القيمة التاريخية الكبيرة لهذه الوثائق بالمحافظة عليها لأطول فترة ممكنة في جهة وطنية ذات خبرة عالمية متخصصة في هذا المجال، ويدعم المشروع أيضاً معيار التكامل بين المؤسسات الحكومية والذي يعتبر ركيزة أساسية في منظومة التميز الحكومي الإماراتية في إصدارها الأخير 2024 والتي تركز على المخرجات والنتائج والشراكة والتكامل.
وقال المستشار أحمد محمد الخاطري رئيس دائرة محاكم رأس الخيمة: إن هذا المشروع يأتي لضمان حفظ الملفات الورقية لمعاملات دائرة محاكم رأس الخيمة القديمة نادرة بجودة عالية، وإمكانية استدعائها بسهولة، وضمان ترميم التالف منها جزئياً في مؤسسة متخصصة وذات سمعة عالمية كالأرشيف والمكتبة الوطنية بعيداً عن المخاطر، وأضاف إلى أن ما يحققه هذا المشروع اقتصادياً يسهم في تحقيق رؤية حكومة رأس الخيمة 2030، ويدعم هذا المشروع سياسة استمرارية الأعمال وتقليل مخاطر الاحتفاظ بكمٍ هائل من الوثائق الورقية في أماكن غير مؤهلة ما يعرضها للتلف أو الفقد.
وأكد الدكتور حمد المطيري مدير إدارة الأرشيفات بالأرشيف والمكتبة الوطنية أنه تم الاتفاق بين الجهتين على تنفيذ مشروع نقل 100% من الملفات الورقية القديمة بدائرة محاكم رأس الخيمة إلى الأرشيف والمكتبة الوطنية والمقدر عددها بما يقارب 1,407,818 معاملة ورقية قديمة يعود إنشاؤها إلى ما قبل عام 2020م.
وقال الدكتور هزاع النقبي رئيس قسم الأرشيفات الحكومية: إن الأرشيف والمكتبة الوطنية لديه آلية خاصة لاستدعاء واستعارة هذه الملفات؛ مؤكداً أنه تم إنجاز 70.3% من إجمالي عدد الملفات القديمة المخطط تحويلها إلى مخازن الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وقال محمد حسين فهمي مدير المشروع ومستشار التطوير المؤسسي بمحاكم رأس الخيمة: إن 7,628 صندوقا يحتوي على 989,273 معاملة قد تم تحويلها إلى الأرشيف والمكتبة الوطنية في 33 رحلة.