قرأتُ في وسائل التواصل الاجتماعي، أن لجنة أمن ولاية الخرطوم وضعت ضوابطَ لاحتفالات العام الجديد، من بين ضوابط وتدابير لأمور أخرى، حيث طالبت اللجنةُ المواطنين بضرورة، “مراعاة حالة الطوارئ التي فرضتها الحرب خلال احتفالات بالعام الجديد، بعدم إطلاق الرصاص والألعاب النارية والقيادة باستهتار والالتزام بقرار حظر المواتر وأي مظاهر من شأنها الخروج عن المألوف.

” إلى آخر ما نصت عليه لجنة أمن الولاية في ضوابطها.

من المألوف، أن تكون احتفالاتُ العام الجديد غناءً ورقصًا وتوابع ذلك أو سابقاته. والذي يُستَغربُ له حقا هو لماذا لا تُلغي السلطاتُ السودانية احتفالات هذا العام، بسبب هذه الحرب التي أذاقت جميع الناس في بلادنا مآسيَ لا حدودَ لها، من إحراق للممتلكاتِ، وسلبٍ ونهبٍ وقتل. وحيث احتُلت المساكن وقُتل الرجال والنساء، ومن يُقتل من النساء فإما أُخذن من مختلف الاعمار أسرى، وجرى بيعُهن في أسواقِ رقيقٍ أقيمت لهن في غرب السودان، وفي دول الجوار الافريقي!!؟ وإما اصبحن لمحتلي بيوتَهن خادماتٍ، ولإمتاعهم بالمعاشرة الجنسية أنى شاءوا ومتى شاءوا!! وقرأتُ من ذلك قولاً لمن كانت تُسمى من قبلُ (كنداكةً) من كنداكات الثورة، وهي تتحدث في أسىً، وأنا أورد قولها هنا بمعناه وليس بنصه: قالت إن أكثرَ ما يؤلم هو أن المرأة تخدم مغتصبي بناتها!! ذلك قولها، وهو قولٌ يؤلم حقا.ولعل أسوأ ما تراه تلك الأم خادمةُ محتلي مسكنها، ليس اغتصابَها هي بل اغتصاب بناتها، وربما يكون اغتصابُ بناتها أمامها وهي عاجزة مقهورة، لا حول لها ولا قوة، أمام أولئك المجرمين، مرتكبي هذه الأعمال الشنيعة. ومن أجل أولئك المجرمين تبذل بعضُ الجهات المساعيَ لجلوس زعمائنا إليهم للتفاوض معهم، وما ذلك إلا شفقةٌ بهم، وخوفـًا عليهم من اجتثاث شأفتهم بحرب الكرامة هذه، التي هي بإذن الله ماضيةٌ إلى ذلك بلا ريب، والذي لن تقبل الأمة إلا به.

ومما يُستغرب له أن ينبري صحفيون معروفون عندنا لتحسين الجلوس إلى أولئك المجرمين والتفاوض معهم، كأن كل ما يرجوه من هجروا من مساكنهم هو العودةُ إلى تلك المساكن فحسب، وإن قبل المحتلون ــ تفضلاً منهم ــ بإخلائها فيكون العفو عنهم مقابل ذلك. هذا ما يُفهم من غضب أولئك الصحفيين الذين يحملون الحكومة مسؤولية الحرب وإطالة أمدها، في خطلِ من الرأي، وحَولِ ناظرٍ يُعمي عن الحق!! وليعلم أولئك الصحفيون المدافعون عن أولئك المجرمين أن اجتثاث شأفتهم عن بكرة أبيهم هو ما يرجوه الشعب قاطبة، إلا من كانوا من شيعتهم، من آل قحت/ تقدم اومن لف لفهم.

إن ما يرتكبه هؤلاء المجرمون من شنيع الأفعال، وما تتركه في نفوس ضحاياهم مدى الحياة، من إذلال وكسرٍ للخواطر، يفوق كلما سُرق وما نُهب وقُتل في أعمال الحرب. وبرغم ذلك هناك من بيننا من تستعبدهم نوازعُ اللهو ويرغبون في إحياء ليال ليتنزوا فيها طربًا، رقصًا وغناءً وشرابًا ومجونًا، في ليالي السودان الجريح، ولينفقوا الأموالَ الطائلة على المغنين والمغنيات، وهي أموالٌ يضن كثيرٌ منهم بها على أكثر الناس حاجةً إليها في ظروف هذه الحرب، التي أظهرت أسوأ ما في نفوس بعض السودانيين، من الأنانية والجشع والتكسب على حساب ضحاياها.

وكم سمعنا عن أولئك السودانيين اللاهين، الذين هم مضربَ المثل في احتقار مواطني تلك البلاد التي هو لاجئون فيها لهم، لما هم فيه من ضروبِ سهراتِ الغناء والرقص واللهو والمجون، وبلادهم تنزف دماءً وتحترق في أتون حرب ضروسٍ وكأنهم لم يسمعوا بها. ولذا أرجو من البرهان إلغاء احتفالاتِ هذه السنة بالعام الميلادي الحديد، اتساقا مع مواقف الأمة التي هي الآن ملتفة حول جيشها ومسانديه، والرئيسُ البرهان أدرى الناس بذلك كله.

هذا وقد ألغى عددٌ من الدول العربية احتفالاتِ إيامها أو(أعيادها) الوطنية، وألغت الاحتفالات فيها بالعام الجديد، وهي ليست فيها حربٌ كحال بلادنا، بل ألغوها تضامنًا مع إخواننا الفلسطينيين الذين يعجز المرء عن وصف أحوالهم، في حرب تشنها عليهم إسرائيل أمام عجزٍ عربي مُخجلٍ. ونحن والحربُ في بلادنا وفي فلسطين، وفينا من يرغب في الاحتفال بعام جديد وكأنه لم يسمع بها، ألْغِ يا برهان هذا العبث في أوان الجد الذي هو ما نحن فيه.*

أيوب صديق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: العام الجدید

إقرأ أيضاً:

مبعوث ترامب في فنزويلا لحضّ مادورو على استعادة المجرمين

توجّه مبعوث للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فنزويلا -الجمعة- لحض الرئيس نيكولاس مادورو على استعادة مهاجرين "مجرمين" تعتزم الولايات المتحدة ترحليهم، وذلك تحت طائلة "عواقب" ستفرضها عليه.

وأكد المسؤول عن شؤون أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية ماوريسيو كلافر كارون إجراء المبعوث الخاص ريتشار غرينيل زيارة إلى فنزويلا، وقال للصحفيين إن "الولايات المتحدة والرئيس ترامب ينتظران من نيكولاس مادورو أن يستعيد من دون شروط المجرمين وأعضاء العصابات الفنزويليين الذين تم تصديرهم إلى الولايات المتحدة".

وأضاف أن قضية "الرهائن الأميركيين المحتجزين في فنزويلا ليست غير مقبولة فحسب، بل يجب إطلاق سراحهم على الفور".

وفي إشارة إلى زيارة غرينيل -الذي كلّفه ترامب بالقيام بـ"مهمات خاصة"- قال المسؤول الأميركي إن الأمر ليس عبارة عن "مفاوضات مقابل أي شيء"، وحضّ "حكومة مادورو ونظام مادورو في فنزويلا، على أن يأخذا في الاعتبار (زيارة) المبعوث الخاص ريتشارد غرينيل ومطالبه وما يطرحه على الطاولة، لأنه في حال حدوث العكس فستكون هناك عواقب".

من جانبه، أكد وزير الاتصالات الفنزويلي فريدي نانيز أن مادورو -الذي أدّى مؤخرا اليمين الدستورية لولاية ثالثة- وافق على لقاء المبعوث الأميركي.

إعلان

وألغت إدارة ترامب تمديد وضع الحماية المؤقت لأكثر من 600 ألف فنزويلي في الولايات المتحدة، وهو وضع كان يحميهم من الترحيل.

وكان الرئيس السابق جو بايدن مدّد هذا الوضع لهؤلاء الفنزويليين لمدة 18 شهرا، قبل أيام قليلة من وصول ترامب إلى البيت الأبيض لولاية جديدة.

وبمجرد عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني، تعهد الرئيس الجمهوري إطلاق "أكبر برنامج طرد في التاريخ الأميركي"، عبر استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر.

مقالات مشابهة

  • بغض النظر عن اختلافنا السياسي مع البرهان، يلزمنا جميعا الاعتراف له بالشجاعة
  • البرهان مع قوات الجيش في مروي
  • البرهان يزور مروي ويتفقد الفرقة ١٩ مشاة
  • مبعوث ترامب في فنزويلا لحضّ مادورو على استعادة المجرمين
  • خير صديق (2).. فاطمة بارودي تكتب: ماذا قرأ الناطقون بالفرنسية العام الماضى؟
  • خير صديق (2).. سامح قاسم يكتب: "الحرب والسلام"..  ملحمة إنسانية عابرة للتاريخ
  • بالفيديو.. عانق “البرهان” وبكى بشدة.. قصة عميد بالجيش أُصيبت يده في بداية الحرب داخل القيادة وكُسرت ولم يتوفر له العلاج اللازم فجُبر كسرها ملتوياً مما تسبب في تعطيلها وظل صامداً وصابراً
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • انتشار عناصر الأمن العام في ساحة السبع بحرات بمدينة إدلب لتأمين احتفالات النصر
  • الخروج من صفوف المليشيا.. البرهان يلتقي وفد تنسيقية قبيلة السلامات