تكنولوجيا القرن الـ19 التي تهدد الذكاء الاصطناعي في أميركا
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
في عصر يتنامى فيه صراع الهيمنة على الذكاء الاصطناعي بين القوى العظمى في العالم، تواجه الولايات المتحدة تحديا كبيرا في تطوير أنظمة كهرباء تدعم هذا القطاع بسبب قلة الاستثمار والتعقيدات التنظيمية، في الوقت الذي تستفيد فيه الصين من قدراتها على تنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة بشكل أسرع، وهذا قد يمكّنها من تقليص الفجوة مع الولايات المتحدة في هذا المجال.
وقال الكاتب "عظيم أزهر" في هذا المقال الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه رغم سمعة الولايات المتحدة كقوة آخذة في الأفول، إلا أنها تستمر في التقدم في سباق الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي على الصين، منافستها الكبرى، وهذا بسبب قدرة وادي السيليكون الفريدة على الجمع بين العلماء ورواد الأعمال ورأس المال المخاطر، لكن استمرار الهيمنة في هذه التكنولوجيا في القرن الـ21 يتوقف على تسخير تكنولوجيا من القرن الـ19: الكهرباء؛ وهذا هو المجال الذي لا يزال أمام أميركا فيه طريق طويل لتقطعه.
وشدد الكاتب على أن تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة يتطلب كميات هائلة من الطاقة؛ حيث يعتمد تدريب هذه الأنظمة على أعداد كبيرة من رقائق الكمبيوتر المتخصصة، وقد أشار أحد التقديرات إلى أن تدريب نظام جي بي تي-4، وهو أحدث نظام للذكاء الاصطناعي من شات جي بي تي، يستهلك تقريبا نفس كمية الكهرباء التي تستهلكها عدة آلاف من المنازل الأميركية في العام.
إعلانوأوضح الكاتب أن هذه الاحتياجات غير العادية تصطدم بالفعل بقيود العالم الحقيقي، فشبكة الطاقة الأميركية، التي تعاني بسبب عقود من نقص الاستثمار والعقبات التنظيمية، ليست مجهزة للنمو السريع في احتياجات الطاقة الكهربائية، وينتظر مستثمرو الطاقة في جميع أنحاء البلاد تطوير 2.6 تيراوات من الطاقة الكهربائية الجديدة، معظمها في مزارع الرياح والطاقة الشمسية ومزارع البطاريات، وقد نما إجمالي قدرة التوليد غير المتصلة بالشبكة والتي تنتظر الربط بالشبكة بنحو 8 أضعاف منذ عام 2014، ومن شأن إضافة ذلك أن يضاعف قدرة التوليد على مستوى البلاد 3 مرات تقريبا ويساعد في تلبية الاحتياجات المستقبلية للذكاء الاصطناعي.
غير أن هذه المشاريع تتعطل بسبب شبكة من السياسات المتشعبة والموافقات المطولة، أي أن الصين ليست هي التي تعيق القدرة التنافسية للولايات المتحدة؛ بل شبكة أميركا من اللوائح المتضاربة والهياكل القديمة وحوافز الاستثمار غير المتوائمة التي لا تشجع على التوسع المنسق للشبكة.
فجوة الذكاء الاصطناعيوفي تناقض صارخ؛ يمكن للصين أن تنقل مشاريع البنية التحتية من التخطيط إلى الواقع في وقت قليل للغاية، وقد تساعد هذه القدرة الهائلة الصين على سد فجوة الذكاء الاصطناعي أو حتى تجاوز الولايات المتحدة، فمنذ ديسمبر/كانون الأول 2023، قامت الصين ببناء 34 خط نقل فائق الجهد العالي، يبلغ مجموعها عشرات الآلاف من الأميال، وهذا يتيح توصيل الطاقة بكفاءة لمسافات طويلة، في حين أن الولايات المتحدة لا تملك أي خط من هذه الخطوط.
وأضاف الكاتب أن شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تكافح حاليا للوصول إلى أحدث الرقائق المصممة في الولايات المتحدة بسبب ضوابط التصدير، لكنها مسألة وقت فقط قبل أن تظهر رقائق بديلة صينية الصنع أكثر تنافسية من خلال الابتكار بدافع الضرورة، وإذا حدث هذا، فإن قدرة الشركات الصينية على التوسع بسرعة يمكن أن يسمح لها بتشغيل مجموعات تدريب ضخمة للذكاء الاصطناعي.
إعلانوبحسب الكاتب؛ زادت الصين قدرتها الكهربائية بمقدار 7 أضعاف تقريبا منذ عام 2000؛ وأضافت 355 غيغاواتا من القدرة الجديدة عام 2023 فقط، مقارنة بـ29 غيغاواتا في الولايات المتحدة. وفي العقد الماضي، أنشأت الصين أكثر من 30 مفاعلا نوويا، بينما تمكنت الولايات المتحدة من إنشاء 3 مفاعلات نووية فقط، وغالبا ما تنتقل المشاريع النووية الصينية من مرحلة الموافقة إلى مرحلة التشغيل في 7 سنوات أو أقل، بينما استغرق تشغيل اثنين من أحدث المفاعلات التي تم بناؤها في الولايات المتحدة أكثر من عقد من الزمن.
وختم الكاتب مقاله بأنه على الولايات المتحدة التركيز على تحديث بنيتها التحتية الكهربائية، وإنشاء هيئة تسريع الطاقة التي سيكون لها تفويض لتبسيط الموافقات على مشاريع الطاقة النظيفة الحيوية، فالكهرباء أكثر من مجرد مرفق؛ فهي حجر الأساس للعصر الرقمي، وإذا كانت الولايات المتحدة تريد حقا تأمين ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي؛ فعليها أن تستثمر في أنظمة الطاقة التي تشغل الذكاء الاصطناعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
كل أسبوع.. خطر الذكاء الاصطناعي على القيم الأخلاقية
يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة عظيمة لتحسين حياة البشر، لكنه يحمل أيضا مخاطر أخلاقية هائلة تستلزم وعيا عميقا.
وعلى المسلمين أن يكونوا قادة في توجيه استخدام هذه التقنيات بما يخدم الإنسانية ويحقق العدل، مسترشدين بمبادئ الإسلام التي تدعو إلى التوازن بين التطور التكنولوجي والقيم الأخلاقية.
فمع التقدم السريع في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يواجه المسلمون تحديات أخلاقية جديدة تمس حياتهم اليومية ومبادئهم الأساسية.
فالذكاء الاصطناعي لم يعد مقتصرا على تحسين الإنتاجية أو تنفيذ العمليات الذكية، بل أصبح يؤثر على القرارات المجتمعية والاقتصادية وحتى القيم الإنسانية. وهذا يضع على عاتق المسلمين مسؤولية كبرى لضمان أن تستخدم هذه التقنيات بما يتوافق مع القيم والمبادئ الإسلامية.
ومن أبرز القضايا في عصر الذكاء الاصطناعي مسألة الخصوصية، حيث تجمع الشركات الكبرى بيانات ضخمة عن الأفراد لتحليلها واستخدامها في تطوير منتجاتها وخدماتها. وهذا يتنافى مع مبدأ أصيل من مبادئ الشريعة وهو اعتبار الخصوصية حقا أصيلا يجب حمايته، حيث يقول الله تعالى: «ولا تجسسوا» (الحجرات: 12).
ويتطلب هذا من العالم الإسلامي المطالبة بتشريعات تحمي البيانات الشخصية وتضمن استخدامها بطرق أخلاقية.
وبينما يمكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين التعليم والرعاية الصحية، فيمكن استخدامه أيضا لأغراض سلبية مثل نشر الأخبار الزائفة أو تطوير الأسلحة المدمرة.
والإسلام يحث على استخدام الموارد لتحقيق الخير ومنع الفساد، يقول الله تعالى:«ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها» (الأعراف: 56). وهنا تكمن أهمية الوعي والرقابة الأخلاقية في استخدام هذه التقنيات.
وإذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد على بيانات سابقة قد تكون متحيزة ومنحازة لأفكار وتوجهات معينة، فذلك يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير منصفة في مجالات مثل التوظيف والتعليم.
من هنا، يجب أن يكون المسلمون في طليعة من يطالبون بتطوير خوارزميات تعكس قيم العدل والمساواة. يقول الله تعالى: «اعدلوا هو أقرب للتقوى» (المائدة: 8)، وهو مبدأ يجب مراعاته عند تصميم هذه الأنظمة.
ومن التحديات الكبيرة أيضا التي يفرضها الذكاء الاصطناعي: تراجع العلاقات الإنسانية بسبب الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا. فوسائل التواصل الاجتماعي والروبوتات الذكية قد تضعف صلة الأرحام والعلاقات الاجتماعية التقليدية.
والإسلام يحرص على تعزيز العلاقات الاجتماعية، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها». لذا، يجب أن نسعى لتحقيق توازن بين استخدام التكنولوجيا والحفاظ على الروابط الإنسانية، وفى مقدمتها صلة الأرحام.
ومع ازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي، بدأت العديد من الوظائف التقليدية تتلاشى، مما يؤدي إلى بطالة واسعة النطاق، مما يثير تساؤلات أخلاقية حول حقوق العمال وإيجاد بدائل عادلة لهم. فالإسلام يولي أهمية كبيرة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوق العاملين.
ومن مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي أنها تطرح أحيانا أسئلة معقدة حول الروح والإرادة الحرة والإنسانية، مما قد يثير تحديات عقدية. فمن المهم أن يكون المسلمون واعين لهذه التحديات وأن يستندوا إلى التعليم الشرعي لتعزيز فهمهم الصحيح للعقيدة ومواجهة هذه التساؤلات بحكمة.
إن هذه التحديات وغيرها كثير تستوجب اليقظة التامة من المؤسسات الثقافية والتعليمية والتربوية والدعوية والإعلامية في عالمنا العربي والإسلامي للحفاظ على الجيل الجديد من الانسياق وراء ما تبثه أنظمة الذكاء الاصطناعي، وخاصة ما يتعلق بالقضايا الدينية وآيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فقد رصد البعض أخطاء جوهرية في تفسير الآيات القرآنية، بل في الآيات نفسها، حين طلب تفسيرها بالذكاء الاصطناعي.
من هنا تبرز أهمية توجه الدولة المصرية نحو تطوير التعليم الرقمي والاهتمام بإنشاء كليات تكنولوجية قادرة على تخريج جيل يستطيع أن يواجه تحديات الذكاء الاصطناعي، ونسأل الله السلامة.
اقرأ أيضاًثورة في علم الاقتصاد.. الذكاء الاصطناعي يُخمّن رغباتك ويبيعها في السوق
طريقة تفعيل ميزات الذكاء الاصطناعي في تحديث iOS 18.1 من «أبل»
التعليم العالي: طفرة في تطوير منظومة الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي بالجامعات المصرية