بات لافتاً أن المشهد في سوريا حالياً بعد سيطرة هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع الملقب بالجولاني منذ ثلاثة أسابيع، وسقوط نظام بشار الأسد مازال يلفه الغموض وحالة الفوضى الجوالة التي تضرب بأطناب الدولة السورية وتنذر بسيناريوهات كارثية، حيث ظهر العنف للأسف طيلة الأيام الماضية بعدد من محافظات الشمال ومناطق الساحل السوري لأسباب طائفية وإثنية.

علاوة على مواجهات متوقعة ومرتقبة لفترات قادمة من الوقت بين قوات الإدارة الجديدة وما يعرف بفلول النظام السابق أو شبيحة قوات بشار، وهؤلاء ليسوا بالأقلية، ناهيك عن مفاجأة معارك المواجهة والفوضى التي ضربت أحياء العاصمة دمشق خاصة حي المزة أكبر وأرقى أحيائها، الأمر الذي يشير إلى أن هناك ناراً تحت الرماد، وأن الأمور من الصعوبة السيطرة عليها بين عشية وضحاها، في بلد تعداد سكانه يتجاوز 24 مليون نسمة، ويتكون من فسيفساء متنوع من الطوائف والأقليات والعرقيات والإثنيات، وبالتالي يتعذر القيادة والحكم من قبل فصيل واحد حتى لو كان هيئة تحرير أو رجلاً في زعامة أبو محمد الجولاني، وقواته التي تتجاوز 30 ألفاً عند دخول العاصمة دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، حيث الإشارات التي وصلت للجميع طيلة الأيام الماضية سلبية وتكشف عن نيات الرجل وجماعته في إدارة هذا البلد، عبر صيغة المغالبة والسيطرة والتمكين، وهذا ما ظهر واضحاً في تشكيل حكومة تصريف الأعمال برئاسة محمد البشير، حيث كل وزراء ورجال تلك الحكومة من مكون واحد وهو جماعة الجولاني فقط، جيء بهم كأصدقاء مقربين لزعيم هيئة تحرير الشام، وهو الأمر إلى أثار حفيظة بقية القوى السياسية في الشارع السوري، بما فيهم جماعة ائتلاف المعارضة السورية في الخارج وهم من الشخصيات الثقات والذين لم يسمح لهم بالعودة حتى الآن.

وبالتالي مايحدث وحدث طيلة الأيام الماضية، ينم عن حالة من الإرباك،بسبب عدم وجود خريطة طريق أو إستراتيجية وطنية، بشأن المرحلة الانتقالية متفق عليها بين كل الفرقاء السوريين، حيث يلاحظ جلياً أن هناك بلداً في الإقليم يقف على مسافة قريبة من جماعة الجولاني، وتولى رعايته طيلة السنوات السبع الماضية، وقدم له العدة والعتاد في معركته الأخيرة، بات هو من يتولى تسيير أمور البلاد في سوريا، ويخطط لسيناريوهات المرحلة عبر جماعة الجولاني المسيطرة حالياً بعديد الفرمانات والقرارات والتكليفات من الخارج، وهو الأمر الذي يثير مخاوف السوريين قبل أشقائه العرب ودول المجتمع الدولي، بأن إيران خرجت من سوريا بعد 30 عاماً مع سقوط نظام بشار، لتكون تركيا صاحبة الحضور الكبير في المشهد السياسي والاقتصادي والأمني القادم في سوريا خاصة في مرحلة البناء الكبرى لإعادة الإعمار، والذي تحتاج سوريا بمقتضاه حسب آخر التقارير الصادرة عن البنك الدولي الأسبوعين الماضيين إلى نحو 600 مليار دولار، منها فقط 200 مليار لإعادة بناء وتجهيز 2 ونصف مليون شقة وبناية، تهدمت وانهارت وخربت بالكامل في الحرب التي شهدتها سوريا طيلة 13 عاماً منذ بداية الثورة في درعا مارس (آذار) عام 2011 وحتى سقوط بشار، بجانب كل مناطق وطرق ومؤسسات البلاد بمختلف أنواعها، علاوة على اقتصادها المنهار الذي يلامس خط الصفر وهذه العملية، تحتاج إلى عشر سنوات كاملة من العمل المتواصل حسب تقرير البنك الدولى، حتى إن الإعلام التركي نقل متعمداً عن مسؤولين أتراك أن أنقرة تستعد في العام الأول من المشاركة في عملية إعادة الإعمار بسوريا إلى جني نحو 40 مليار دولار وصولاً في سنوات قادمة إلى الحصول على مئات المليارات عندما تكتمل مراحل الإعمار.

وبالتالي السؤال الذي يثور في أذهان الجميع، هل تفلح خطة أحمد الشرع في حكم وإدارة سوريا مقابل الحصول على مهادنة إسرائيل، من أجل الذهاب في مرحلة قادمة لتوقيع اتفاق سلام وتطبيع معها بعد عودة الاستقرار، كما أكد وألح محافظ دمشق في الأيام الماضية عندما طلب المساعدة من الولايات المتحدة لتوقيع اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل في المستقبل القريب، وبالتالى الاكتفاء بتلك الحاضنتين التركية والإسرائيلية فقط، دون امتداد وحضور أقوى لحاضنته الأكبر والأهم وهى الحاضنة العربية، علاوة على الدعم والتواصل مع المجتمع الدولى للحصول على الشرعية الدولية لحكم سوريا في قادم الأيام ومعالجة بعض القضايا الملحة كرفع العقوبات وقانون قيصر الأمريكي.

في تقديري أن الطريق الذي تسير فيه هيئة تحرير الشام سيؤدي بدمشق الى السير في حائط سد في أقرب الآجال، حيث المطلوب تغيير الأدوات والتكتيكات، وتحويل الأقوال الى أفعال، عبر الرضوخ والقبول لانحيازات وخيارات الشعب السوري أولاً، عبر الإعلان والبدء فوراً في الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الجامع والشامل لكل مكونات الشعب السوري، دون تهميش أو إقصاء لأي فصيل، بمافيه السماح لقيادات ائتلاف المعارضة السورية وقيادته بالخارج بالعودة إلى سوريا في الحال، والمشاركة بجلسات الحوار الوطنى، لوضع ورسم خريطة المرحلة الانتقالية عبر تشكيل حكومية انتقالية جامعة تتولى تسيير شؤون البلاد لفترة انتقالية لاتتجاوز 8 أشهر حسب القرار الدولي 2254 الصادر عام 2015، على أن يتولى المؤتمر الجامع لكل الطيف السوري تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة الدستور الجديد لسوريا، يقوم على مبادئ المواطنة والحقوق الكاملة والمساواة والعدالة والتسامح بإطار زمني محدد لايتجاوز عمر الحكومة الانتقالية، مع الالتزام في هذا المؤتمر بتحديد مواعيد ملزمة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد الانتهاء من وضع الدستور والاستفتاء عليه.
لا مبالغة في القول إنه إذا لم يسمح بالمشاركة لكل القوى السياسية السورية الحية في صياغة خريطة الطريق للدولة السورية القادمة، وإصرار هيئة تحرير الشام على قاعدة التمكين والمغالبة لا المشاركة، فإن الأوضاع في سوريا من أسف ستذهب إلى طريق واتجاه آخر مهلك، ولدينا الخبرة والدلائل العملياتية بما حدث في العراق وليبيا، حيث إن آلية القيادة الحالية بنفس السمت الطائفي والعرقي لجماعة هيئة تحرير الشام وقيادتها، سيؤدي لا محالة إلى موجات من الغضب والعنف والتقسيم، وربما بصريح العبارة، تبدأ سوريا بالدخول إلى دورة العنف العشرية التي مرت بها بعض دول الربيع العربي مثل ليبيا واليمن، والعراق بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث عشر سنوات من الحرب الأهلية والطائفية حتى يتعب المحاربون، ثم يقررون العودة والجلوس على طاولة المفاوضات بعد خراب البلاد والعباد، فأيهما يختار الجولاني: المشاركة والحضور للجميع في سوريا، أم الذهاب إلى سيناريو ليبيا الآن، حيث هناك حكومتان وإدارتان، والنتيجة الانقسام العمودي بين الغرب والشرق في ليبيا.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الجولاني هیئة تحریر الشام الأیام الماضیة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

المطي مطينا بس جلاله مبدل ( الجولاني إنموذجا ً )

بقلم : وسن الوائلي ..

تأريخ أسودٌ حالك للرئيس السوري احمد الشرع الذي دعمته امر يكا واسرا ئيل وتركيا ودول الجوار المطبعة وانجحت انقلابه على حكم الاسد وجعلته من ارهابي مطلوب دولياً الى رئيس دولة سوريا بين ليلة وضحاها تعالو معي لنتصفح ال cv المخجل.
ابو محمد الجولاني طالب جامعي يدرس الطب في الجامعة لسنتين ولكن حس إنه اختار الاختصاص الغلط لأنه لم يتوائم مع تطلعاته ونفسيته وروحه المتعطشة للدماء فقرر يغير الاختصاص وراح إلتحق بتنظيم القاعدة الإرهابي في العراق ( نقلة نوعية مو؟ ) وفي غضون العمل داخل الأراضي العراقية تم اعتقاله من قبل القوات الأمريكية المحتلة حينها و قضى الجولاني مدة في السجن وتم إطلاق سراحه بدون معرفة الأسباب! بعد ذلك شعر الجولاني ان امكانياته اكبر من ان يكون بالقاعدة فقرر يكون صانع تحت يد ابو بكر البغدادي في تنظيم داعش… وفي يوم من الايام ابو بكر البغدادي فكر يفتح تنظيم داعش فرع سوريا فخطر على باله الجولاني يستلم هذا الملف المهم فسأل الجولاني تستلمه؟ قال له موافق مو غلط استلمه واجيب لك نقش…
بعد سنتين حس الجولاني انه جوهم مسموم! فرجع لتنظيم القاعدة وصار قائد جبهة النصرة وبقى ثلاث سنوات مبسوط الريس.
لكن بيوم من الايام فكر وقال اني طموحي اكبر وما اشتغل بعد جوه ايد أحد وضروري أفتح شغل خاص إلي يعكس روحي و مشاعري الدموية والطائفية التي ترسخت بالحروب والدماء والتهجير والقتل و شربت أرواح ودم العراقيين والسوريين واللبنانيين (ماعدا الصهاينة طبعاً) هنا افتتح جبهة تحرير الشام في سوريا الي نشوفهم الان في حلب يقتلون ويبتزون وينتهكون حرمات العلويين الشيعة تحت ذريعة قمع التمرد العلوي والذي كان سببه جلاوزت نظام الجولاني و مايمارسونه من ضغوطات و إهانات وانتهاكات كبيرة للأهالي العزل في مدن سوريا وكانت رد فعل طبيعية للعلويين بالدفاع عن كرامتهم فأدى الى قتل رجال من الأمن الجولاني وهنا انطلقت الشرارة الدامية التي استباح بها هذا النظام الإرهابي الرجال الكهل والشباب والنساء والأطفال العلويين والشيعة والذي أعاد بنا المشهد الى الماضي القريب جداً في غزة هاشم من جثث تفترش الشوارع والازقة الى أمهات ثكالى الى أطفال أيتام ولكن الفرق هنا بسيط ففي غزة كان القاتل( يهو دي صه يوني) وفي سوريا كان ( مسلم متص هين ) يدعي الإسلام المحمدي ولكنهم ابعد الى ذلك ولاخلاق الإسلام فقد حرم ديننا الحنيف بصريح العبارة المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. نسأل الله أن يرحم الشهداء ويوئد هذه النار والعمليات الارهابية التي تطال العزل في الشقيقة سوريا.

وسن الوائلي

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى يدين الجرائم التي ترتكبها الجماعات التكفيرية في سوريا
  • أحدهم مرتبط بجماعة الجولاني.. الأمن العراقي يعتقل 7 أجانب في محافظتين
  • “هيئة النقل”: غرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف ريال على الشركات التي لا تلتزم بتوصيل الشحنات البريدية للمستفيدين في المواقع المتفق عليها مسبقًا
  • “هيئة النقل”: غرامة 5 آلاف ريال على الشركات التي لا تلتزم بتوصيل الشحنات البريدية للمستفيدين في المواقع المتفق عليها مسبقًا
  • شباب ليبيا يناقشون التحديات التي تواجه الاقتصاد
  • نجم الأهلي السابق: أخشى تكرار سيناريو مباراة 95 أمام الزمالك
  • سلاح الجو بجيش الاحتلال يستهدف رادارات ووسائل رصد جنوبي سوريا الليلة الماضية
  • وسط قلق غربي ورفض جزائري.. تحركات روسية لإنشاء قاعدة عسكرية جنوب ليبيا لتعويض خسارة سوريا
  • المطي مطينا بس جلاله مبدل ( الجولاني إنموذجا ً )
  • الإطار التنسيقي يدين المجازر التي يتعرض لها المواطنون في سوريا