تحليل: الامبريالية الروسية تقوّض الحل السلمي في أوكرانيا
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
يرى المحللان الأمريكيان جلين شافيتز، وجون سيفر، أنه لكي نفهم هوس روسيا الحالي بأوكرانيا، من المهم أن ندرك أن روسيا لم تكن أبداً دولة بالاستخدام الشائع للمصطلح.
فعلى عكس الدولة التركية الحديثة، التي خرجت من رحم الامبراطورية العثمانية، أو بريطانيا العظمى، التي امتلكت امبراطورية وفقدتها، فإن روسيا لم يكن لديها هوية منفصلة عن امبراطورية، وكما أوضح المؤرخ البريطاني جيفري هوسكنغ "بريطانيا امتلكت امبراطورية، ولكن روسيا كانت امبراطورية".
وقال سيفر، الذي عمل في الخدمة السرية لوكالة المخابرات المركزية لمدة 28 عاماً، وهو الآن زميل رفيع المستوى غير مقيم في المجلس الأطلسي ومؤسس مشارك لشركة سباي كرافت انترتاينمنت، وشافيتز الذي يتمتع بأكثر من 30 عاماً من الخبرة في الحكومة والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، أن تاريخ روسيا على مدار ألف عام والمصدق عليه رسمياً أسطورة تم نسجها وإدامتها ذاتياً، وروج لها أجيال من الديكتاتوريين الروس لتبرير توسعهم في الخارج وقمعهم في الداخل. وبدلاً من ذلك، فإن ما نفكر فيه اليوم كروسيا بدأت كمجموعة فضفاضة من دول مدن مستقلة شملت نوفجورود وبسكوف وسمولينسك وتفر وموسكو، واكتسبت الأخيرة أهمية خاصة نهاية حكم المغول قبل أكثر قليلاً من 500 عام.
Modern Russia remains an empire and does not see itself as a Great Power unless it dominates its neighbors, write Glenn Chafetz and @john_sipher in #UkraineAlert.
It will continue to absorb its neighbors until the West acts collectively to contain it.https://t.co/ZsoVW0h5PO
ولم تكن كييف جزءاً من روسيا عندئذ مثلما هي الآن. ولم تكن هناك لغة مشتركة أو إدارة مشتركة أو هوية مشتركة. وفي حقيقة الأمر، مرت قرون قبل أن يحاول حكام إمارة موسكوفي (الاسم القديم لروسيا) تأكيد سيطرتهم على كييف وأراضي أوكرانيا الحالية.
وكانت حقبة حكم المغول، وليس إرث دولة كييفان روس، هي التي مهدت الطريق أمام صعود الإمبراطورية الروسية. وإبان حكم إيفان الثالث (الأكبر)، رسخت إمارة موسكو وضعها كأقوى الدول المدن تنبثق عن العصر المغولي، وأطلق إيفان على نفسه "قيصر كل روس"، ولكنه كان في الواقع أشبه كثيراً بعمدة موسكو الكبرى.
وكان إيفان هو الذي بدأ في توسيع رقعة موسكوفي، حيث شرع في ما أطلق عليه "تجميع الأراضي الروسية". وتبنى رؤيته التوسعية بالفعل كل حاكم جاء بعده لموسكوفي والإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي والاتحاد الفيدرالي الروسي، ويستمر مسعى إيفان الثالث للاستيلاء على أراض جديدة، غالباً تحت ستار "إعادة توحيد أراضي روس القديمة" حتى هذا اليوم، وأن ذلك له تأثير عميق على تاريخ العالم.
الامبراطورية الروسيةوقال المؤرخ ستيفين كوتكين: "بدءاً من حكم إيفان الرهيب في القرن الـ 16، استطاعت روسيا أن تتوسع بمعدل 50 ميلاً مربعاً في المتوسط في اليوم على مدار مئات السنين، مما يغطي في نهاية المطاف سدس مساحة كوكب الأرض"، واعتبر عدد قليل من الشعوب، التي كانت تسكن على الأراضي التي زعم ملكيتها إيفان الثالث وأسلافه، أنفسهم روس على الأقل ليس قبل أن يتم "تجميعهم سوياً".
وفي وقت وفاة إيفان الثالث، كانت إمارة موسكوفي تغطي أقل من خمس منطقة روسيا الحالية: وخصوصاً أنها لم تشمل أراضي أوكرانيا الحديثة وبيلاروسيا والقوقاز أو كل صربيا، ولم تكن شبه جزيرة القرم التي يتحدث عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحماس، جزءاً من الإمبراطورية الروسية حتى استولت عليها الإمبراطورة الروسية كاترين الثانية من خانات القرم في عام 1783.
وإذا كان بوتين معنياً بتصحيح الأخطاء التاريخية، فإنه يتعين عليه أن يعيد القرم إلى تتار القرم، وأنه لن يفعل ذلك، بالطبع لأن ديناميكيات الغزو الإمبريالي وعملية الروسنة عنصر رئيسي للشرعية لبوتين مثلما كانت بالنسبة لكل حكام روسيا تقريباً (باستثناء بوريس يلتسين وميخائيل جورباتشوف جزئياً).
وتتوسع روسيا لأن حكامها يحتاجون لتهديد خارجي لتبرير استبدادهم. وكان هذا الأمر صحيحاً بالنسبة لإيفان الرهيب وبطرس الأكبر وكاترين الثانية العظيمة، وتتحسر روسيا تحت قيادة بوتين على خسارة المجد الإمبريالي، ولم تتصالح أبداً مع ماضيها القمعي. و مفارقة التوسع - والأمن، التي تعد القوة الدافعة للسياسات الخارجية والداخلية الروسية، حلقة مفرغة يدور فيها كل الأباطرة بدرجة أو بأخرى.
توسع حدوديويخلق الاستحواذ تهديدات داخل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها حديثاً وعند الحدود التي تتمدد للإمبراطورية الآخذة في النمو. ويتطلب التوسع عملية الروسنة والقمع الداخلي، والمزيد من التوسع الخارجي، وقالت الإمبراطورة كاترين الثانية العظيمة "ليس لدى أي وسيلة للدفاع عن حدودي سوى توسيع نطاقها".
ويمكن أن تنتهي هذه الديناميكية بطريقتين، إما من خلال الاحتواء الخارجي أو تطبيق الديمقراطية في الداخل. وأثبتت الأخيرة أنها تمثل مشكلة للشعب الروسي ولا تعد شيئاً يجب أن تعول جارات روسيا على حدوثه في أي وقت قريب. ونجح الاحتواء الخارجي من قبل، خلال الحرب الباردة.
ومازالت روسيا الحديثة إمبراطورية لا تعتبر نفسها قوة عظمى ما لم تسيطر على جاراتها. وبالتالي فإن روسيا سوف تواصل تهديد جاراتها ومهاجمتهم واستيعابهم حتى يتحرك الغرب بشكل جماعي لاحتوائها، وسوف تشتكي روسيا والمدافعون عنها من أن الاحتواء يتجاهل مخاوف روسيا الأمنية المشروعة. وهذا كذب لأن مخاوف روسيا الأمنية تتزايد باستمرار.
وفي الحقيقة، ليس لدى الزعماء الروس على الإطلاق أي شيء يقلقون عليه إذا عادوا إلى حدود بلادهم لعام 1991 المعترف بها دولياً، واختتم المحللان تقريرهما بالقول إن "الغرب يحترم دائماً هذه الحدود، وأن روسيا هي التي لم تحترمها، ومن غير المحتمل أن يتغير ذلك، قبل أن تتجاوز روسيا الحديثة هويتها الإمبريالية المتجذرة بعمق فيها".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني روسيا أوكرانيا فلاديمير بوتين لم تکن
إقرأ أيضاً:
ما مقاتلات ميراج الفرنسية التي تسلمتها أوكرانيا؟
أعلنت فرنسا أمس الخميس تسليم أولى طائراتها المقاتلة من طراز "ميراج 2000-5" المقاتلة لأوكرانيا "لمساعدتها" في الدفاع عن مجالها الجوي ضد روسيا.
وتسلمت أوكرانيا أولى المقاتلات، بحسب وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، مما يمنح كييف نوعها الثاني من الطائرات الغربية إلى جانب مقاتلات "إف-16" التي سلمها الحلفاء الغربيون العام الماضي.
وقد أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن امتنانه لتسلم طائرات ميراج من فرنسا، قائلا في منشور على حسابه في إكس "وصلت أولى طائرات "ميراج 2000-5″ من فرنسا، مما أضاف إلى قدراتنا الدفاعية الجوية".
وأضاف زيلينسكي "أشكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على قيادته ودعمه"، معتبرًا أن هذه خطوة أخرى لتعزيز أمن أوكرانيا.
ومن المقرر نقل 6 مقاتلات ميراج من أصل 26 يملكها سلاح الجو الفرنسي إلى أوكرانيا، وفق تقرير الميزانية الفرنسية الصادر عن الجمعية الوطنية في وقت سابق، دون تأكيد وزارة الجيوش الفرنسية.
مواصفات ميراجوذكرت صحف فرنسية في أكتوبر/تشرين الأول أن أول دفعة من الطائرات التي ستسلم إلى أوكرانيا ستكون عبارة عن دفعة من 3 طائرات مسلحة بصواريخ جو-جو من طراز ميكا وصواريخ "كروز سكالب" بالإضافة إلى قنابل موجهة، إلى جانب أن الطائرة مجهزة بمدفعين عيار 30 ملم.
إعلانوقال ليكورنو في أكتوبر/تشرين الأول إن الطائرة ميراج 2000-5 هي نسخة من الطائرة ذات التفوق الجوي، وإن الطائرات المخصصة لأوكرانيا يجري تحديثها بمعدات جديدة للقتال جو-أرض، أما الطائرة "ميراج 2000 دي" التي تستخدمها القوات الجوية الفرنسية فهي نسخة للهجوم الأرضي.
وقد حلقت طائرة "ميراج 2000-5" لأول مرة في عام 1978، ودخلت نسخة دفاع جوي للخدمة في القوات الفرنسية عام 1984.
وتقول شركة داسو للطيران إنها أنتجت 600 طائرة، وتم تصدير ما يقرب من نصفها إلى 8 دول منها البرازيل والإمارات العربية المتحدة واليونان وتايوان.
وتبلغ كتلة الطائرة القتالية 9.5 أطنان، ويبلغ أقصى وزن للإقلاع 17.5 طنا، وسرعة قصوى تزيد على 2.2 ماخ، ويمكنها البقاء في محطتها لمدة ساعتين و40 دقيقة على مسافة 150 ميلا بحريا من قاعدة انطلاقها، بحسب شركة داسو للطيران، وفق ما أورده موقع "ديفنس نيوز".
وتجري فرنسا استبدالا تدريجيا لأسطول ميراج بطائرات رافال، وتخطط البلاد لإخراج Mirage 2000 "ميراج 2000-5″ من الخدمة بحلول عام 2029، و"ميراج 2000 دي" بحلول عام 2035.
ووفقًا لتقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي، فإن تكلفة تشغيل طائرة "ميراج 2000-5" تُقدّر بحوالي 17 ألف يورو لكل ساعة طيران. بينما وجد تقرير لمكتب المحاسبة الحكومي الأميركي لعام 2022 أن تكلفة تشغيل طائرة "إف-16" بلغت 26 ألفا و927 دولارًا لكل ساعة طيران في عام 2020.