القوارض.. ضيف مكروه يهدد حياة سكان قطاع غزة
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
الثورة /غزة
يلاقي الفلسطينيون في غزة أهوالًا من العذابات والآلام جراء حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ 15 شهرًا، وليس آخرها ضيوفًا منبوذة ومكروهة ألا وهي الفئران والقوارض التي تضفي بؤسًا وألمًا على حياة الناس.
وبفعل حرب الإبادة المستمرة، يعيش الغزيون مع ضيوف منبوذة، وهي الفئران، والتي تعد الأكثر والأشد سوءَا بين المكاره البيئية التي يواجهها سكان قطاع غزة، لاسيما في المناطق المدمرة.
وفي منزل دمره الاحتلال في اجتياحه لمدينة خان يونس، تعيش عائلة المواطن أكرم الفرا تحت سقف آيل للسقوط في هذا المنزل، مفضلين عدم العيش في الخيام، إلا أنهم لم يسلموا من القوارض.
الدمار الذي أحدثه العدوان خلف انتشارها
القوارض المعروفة بأنها من “الدواب الفواسق الخمس”، لشدة خطورتها، انتشرت في مناطق كثيرة في قطاع غزة بفعل التدمير الإسرائيلي، يقول المواطن الفرا: إن القوارض باتت تقفز فوق أجساد الأطفال كل ليلة مسببة الفزع لهم.
ويتابع أن الأمر لا يقف هنا، بل راحت تشاركهم طعامهم، وتقرض ملابسنا ومتاعنا، “ألا يكفي أن متاعنا حرق في القصف، والقوارض تأكل ما تبقى، نحن نتألم، نموت كل لحظة”.
الفرا نزح من منطقته في خان يونس البلد مرات عدة، وفضل البقاء تحت سقف منزله المدمر، إلا أن القوارض والعناكب الضارة وبعض أنواع الديدان وجدها تنتشر في مكان سكنه، معبرًا عن امتعاضه وفزعه منها.
وبحال من الرضا واليقين بأمر الله، قال: “رضينا بالعيش هنا، رغم خطورة الموقف، إلا أن هذه القوارض والعناكب تعكر صفو ليلنا، ونهارنا، وتقرض كل ما تجده أمامها”.
مواطنون وشهود عيان يقولون إن جيش الاحتلال استقدم هذه القوارض وكبها في هذه المناطق التي اقتحمها، إلا أن ذلك لم تؤكده جهات مختصة في قطاع غزة.
أخطر أمراضها الطاعون
ووفق تقارير علمية فإن القوارض تسبب العديد من الأمراض، فهي تحمل بكتيريا السالمونيلا في الجهاز الهمضي الخاص بها، والتي تنقل إلى الإنسان عن طريق ملامسة المكان الذي يحتوي على روث الفئران المصابة، ومن أعراضها ارتفاع حرارة الجسم.
كما تسبب القوارض مرض الطاعون، حال تناول الإنسان طعامًا أتت عليه مسبقًا.
المواطنة سهام مقداد (75 عامًا) تعبر عن دهشتها البالغة من حجم القوارض التي تراها في خيمتها في منطقة مواصي خان يونس، وهي التي دمر الاحتلال منزلها في معسكر الشاطئ بمدينة غزة.
تقول: رأيت فأرًا كبيرًا جدًا، ولم أر في حياتي بحجمه، ومنذ ذلك الحين وأنا أمضي يومي على أعصابي، ولا أنام خشية أن تؤذي هذه الفئران الأطفال، ألا يكفيهم القتل والقصف والحرمان والجوع، وها هي الفئران تزيد الطين بلة.
وتؤكد أنها تقوم بقرض الملابس، والأغطية الشتوية، وأكياس الدقيق، “ملابسنا وأغطيتنا بالعافية مكفيانا، والفئران تقوم بقرضها”، تتساءل عن الذنب الذي اقترفه السكان ليعيشوا هذه الحياة.
ومن المعلوم أن أكوام الركام والدمار المنتشر في ربوع قطاع غزة، تساعد على تكاثر القوارض، ما تسبب مكاره صحية وبيئية خطيرة جدًا للنازحين.
وفي معسكر دير البلح وسط قطاع غزة، يشتكي السكان من انتشار رهيب للقوارض في منازلهم، وخيامهم، معبرين عن خشيتهم على صحتهم وصحة أطفالهم.
تقول المواطنة غيداء أبو حجاج إنها تجد في منزلها كل يوم فأرًا أو أكثر، وهو ما أرّق حياتها بشكل لا يوصف، وتتابع: “خربوا لي الأغطية، وأكياس الدقيق، تشاركنا في كل شيء”.
تناشد الجهات المختصة والمؤسسات الدولية للتدخل لحل الأزمة، وتقول إنهم يعانون الحصار والجوع والبرد والحرمان، “يكفي ما يجري لنا”.
ناقلة للأمراض المعدية
أحد أعضاء فريق التَّوعية بمكافحة الأمراض المعدية والأكاديميِّ، أ. د عبد الرَّؤوف المناعمة، أكَّد أنَّ الآفات مثل القوارض تعد مشكلة جديدة منتشرة في أماكن النُّزوح في قطاع غزَّة، حيث تسبَّب تلوُّث الطَّعام وتحدَّث أضراراً مادِّيَّة.
وقال المناعمة في حديث إعلامي سابق: “تأكل القوارض كلَّ ما يأكله الإنسان خاصَّةً الحبوب، وكمن ضررها في إتلافها كمِّيَّات أكثر بكثير من تلك الَّتي تلتهمها أو تحمُّلها إلى مخابئها بالإضافة إلى تلويث المكان والموادِّ الغذائيَّة”.
وأوضح المناعمة، أنَّ خطر القوارض يكمن في أنَّها تكون عاملاً في إحداث الأمراض المنقولة بالغذاء وغيرها من الأمراض المعدية والأوبئة، مثل الطَّاعون الَّذي ينتقل عبر لدغات البراغيت الَّتي تعيش على القوارض المصابة، وبكتيريا السَّالمونيلا الَّتي تسبَّب التَّسمُّم الغذائيُّ، حيث تنتقل هذه البكتيريا من فضلات القوارض إلى الأطعمة والأسطح.
وبين أن انتشار القوارض يهدد بانتشار فيروس هانتا الذي ينتقل عن طريق استنشاق الجسيمات الدقيقة المتطايرة من بول أو براز القوارض المصابة، وقد يؤدي هذا المرض إلى التهابات تنفسية شديدة وفشل كلوي.
وأشار إلى أن القوارض تهدد بانتشار داء اللولبيات “البريميات” الذي ينتقل عبر ملامسة المياه أو التربة الملوثة ببول القوارض المصابة.
وزارة الصحة بغزة حذرت مرارًا من ظهور أوبئة خطيرة، نتيجة النفايات والروائح الكريهة نتيجة تحلل الحيوانات وغيرها، وانعدام النظافة وشح المياه بسبب استمرار الحرب.
وتؤكد أن أمراضًا منتشرة بشدة في القطاع، أبرزها الالتهابات الجلدية، وأمراض الجهاز التنفسي، وسوء التغذية الحاد، وسط تدمير ممنهج للمشافي والمراكز الصحية.
الأونروا تدق ناقوس الخطر
“الأونروا” سبق ودقت ناقوس الخطر من انتشار القوارض والحشرات في قطاع غزة، والخطر الذي على صحة الناس في ظل الأوضاع المتردية.
وقالت الوكالة في بيان مقتضب، رصده المركز الفلسطيني للإعلام، على منصة اكس: “تتدهور الأوضاع الصحية في غزة بشكل متزايد يومًا بعد يوم، حيث تشكل الحشرات والقوارض خطرًا على الصحة من خلال نشر الأمراض ما يهدد صحة الناس”.
وأضافت: “تعمل فرق الأونروا على دعم العائلات النازحة في الملاجئ، بهدف منع هذه الآفات من اجتياح المساحات المكتظة التي يعيشون فيها” دون مزيد من التفاصيل.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يهدد بـفصل العسكريين المطالبين بوقف الحرب واستعادة الأسرى
يحاول رئيس حكومة الاحتلال إخماد الأصوات الداعية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، مقابل استعادة المحتجزين الإسرائيليين، باعتبار هذه الدعوات تهديدا لائتلافه اليميني الحاكم.
وهدد نتنياهو، الجمعة، بـ"فصل فوري" للعسكريين الموقعين على الرسائل الداعية لاستعادة الأسرى المحتجزين بغزة عن طريق وقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرا.
وجاء تهديد نتنياهو تعليقا على توقيع مئات الجنود وضباط الاحتياط في سلاح الجو والاستخبارات والمدفعية وسلاح البحرية خلال اليومين الماضيين، رسائل تدعو لوقف الحرب من أجل إعادة الأسرى الإسرائيليين، وفق إعلام عبري.
وهدد نتنياهو في تصريح أصدره مكتبه بـ"فصل" العسكريين الداعين لوقف الحرب أو رفض الخدمة العسكرية.
وقال: "أي شخص يشجع على التمرد، سيتم طرده فورا"، وأضاف: "التمرد هو التمرد، بغض النظر عن الاسم القذر الذي يطلقونه عليه"، وفق تعبيره.
واتهم نتنياهو الموقعين على الرسائل بـ"رفض أداء الخدمة العسكرية"، وهي التهمة التي نفاها الموقعون إذ يطالبون بوقف الحرب في سبيل إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
وتقدر حكومة الاحتلال وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وفي سياق متصل، قلل نتنياهو من شأن الرسائل الرافضة للحرب والموقعين عليها، مضيفا: "نفس الرسائل مرة أخرى: مرة نيابة عن الطيارين، ومرة نيابة عن قدامى المحاربين في البحرية، ومرة نيابة عن آخرين"، بحسب بيان مكتبه.
وادعى أن الإسرائيليين "لم يعد يصدقوا أكاذيبهم الدعائية التي ترددها وسائل الإعلام"، في إشارة لاعتراضات بعض العسكريين على سياسات نتنياهو طوال مسار الحرب ضد قطاع غزة.
وتابع: "هذه الرسائل لم تكتب باسم جنودنا الأبطال، لقد كتبتها مجموعة صغيرة هامشية، تديرها منظمات غير حكومية ممولة من الخارج من أجل هدف واحد، وهو الإطاحة بالحكومة اليمينية"، دون تسمية أي جهة.
كما وصف الموقعين على الرسائل بأنهم "مجموعة صغيرة منفصلة عن بعضها البعض من المتقاعدين"، زاعما أن الغالبية العظمى منهم "لم يخدموا حتى لسنوات في الجيش الإسرائيلي".
وكان نحو ألف من العسكريين الاحتياط والمتقاعدين بسلاح الجو الإسرائيلي وقعوا عريضة الخميس، تدعو إلى استعادة الأسرى عبر وقف الحرب في قطاع غزة، وتبعهم في خطوتهم 150 ضابطا سابقون في سلاح البحرية وعشرات العسكريين في سلاح المدرعات.
وفي 19 آذار/ مارس الماضي، عزل جيش الاحتلال ضابطي احتياط أحدهما في الاستخبارات العسكرية والآخر في سلاح الجو، رفضا المشاركة في الحرب بقطاع غزة بعد استئناف القتال، ووصف أحدهما وزراء الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو بـ"الخونة القذرين".