صنعاء تُحبط مساعي الاحتلال: قلعة محصنة أمام الجهود الاستخباراتية الصهيونية
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
يمانيون../
في ظل تصاعد العمليات العسكرية التي تنفذها صنعاء واستمرارها في توجيه ضربات نوعية إلى عمق الكيان الصهيوني، يجد الاحتلال نفسه عاجزًا عن استعادة توازنه أو تحقيق أي اختراق يُذكر في الجبهة اليمنية. ست ضربات متتالية استهدفت مناطق حساسة منذ 16 ديسمبر، أحدثها كان الهجوم الرابع في أقل من أسبوع، وهو ما يعكس تطور القدرات اليمنية وتكتيكاتها التي أربكت الاحتلال وأجهزته الأمنية.
جهود استخباراتية يائسة
كيان الاحتلال، الذي لطالما اعتمد على التفوق الاستخباراتي، يجد نفسه اليوم أمام تحدٍ جديد وغير مألوف يتمثل في عجزه عن جمع معلومات دقيقة حول صنعاء. بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن الاحتلال يعاني من نقص حاد في البيانات التي تمكنه من تنفيذ عمليات نوعية ضد القيادات اليمنية أو المنشآت العسكرية الحيوية.
هذا النقص دفع الكيان إلى تنشيط خلايا تجسسية في محاولة يائسة للحصول على معلومات استخباراتية، إلا أن النتائج لم تكن مرضية. فشل الاحتلال في اختراق الدفاعات اليمنية، إلى جانب عجزه عن إحداث تغيير في المعادلة الميدانية، دفعه إلى استهداف بنى تحتية مدنية كضرب مطار صنعاء ومحطات الطاقة، وهي خطوات تعكس ضعف الخيارات الاستراتيجية لديه.
تصاعد الجدل داخل الاحتلال
في ظل هذا الإخفاق، يتصاعد الجدل داخل أروقة الاحتلال حول السبل الممكنة لمواجهة صنعاء. رئيس الموساد ديفيد برنياع يرى أن استهداف إيران قد يكون السبيل الوحيد لردع أنصار الله، باعتبارها الحليف الاستراتيجي لصنعاء. في المقابل، يدعو وزير الدفاع يسرائيل كاتس إلى التركيز على ملاحقة قيادات أنصار الله واستهدافهم بشكل مباشر.
غير أن خبراء صهاينة، مثل زميل المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وولف كريستيان بايس، يؤكدون أن صنعاء ليست مجرد تابع لطهران، بل كيان مستقل يتخذ قراراته بشكل ذاتي. هذا التعقيد يجعل من استهداف إيران خطوة غير مضمونة النتائج، ويزيد من حيرة الاحتلال في التعامل مع الجبهة اليمنية.
هجمات الليل تستنزف الاحتلال
الهجمات اليمنية الأخيرة، التي نُفذت في ساعات الليل، تسببت في إرباك كبير داخل الكيان. القائد العسكري السابق غادي شامني أشار في تصريحات لإذاعة 103 FM المحلية إلى أن اختيار الليل كوقت للهجمات يعكس ذكاءً تكتيكيًا من صنعاء، حيث أن اضطرار السكان للاستيقاظ في ساعات متأخرة يفاقم من الضغط النفسي عليهم.
وأضاف شامني: “أنصار الله يقاتلون منذ فترة طويلة جدًا، وهم معتادون على المعاناة. قصف بنيتهم التحتية المدنية لن يوقفهم، بل يزيدهم صلابة.”
قدرات صهيونية محدودة
يعقوب كاتس، الباحث في معهد سياسة الشعب اليهودي، أكد أن الكيان يواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع صنعاء. وأوضح أن الجيش الصهيوني لم يكن يعدّ اليمن هدفًا استخباراتيًا في السابق، مما أدى إلى نقص كبير في البيانات حول مواقع حساسة كالقواعد السرية أو أماكن تواجد القيادات العسكرية.
وأشار كاتس إلى أن الأهداف التي استهدفها الاحتلال حتى الآن اقتصرت على البنية التحتية مثل الموانئ ومحطات الطاقة، دون أن يتمكن من ضرب أهداف ذات قيمة استراتيجية. هذا الفشل يعكس محدودية القدرات الصهيونية في مواجهة أنصار الله، مقارنة بقدراته على التعامل مع حزب الله أو حماس.
عائق اللغة: رمز الإرباك الصهيوني
في خطوة تعكس حجم الأزمة، افتتح جيش الاحتلال قسمًا استخباراتيًا جديدًا مخصصًا لليمن. غير أن هذا القسم يواجه تحديًا غير متوقع يتمثل في نقص الكفاءات اللغوية. صحيفة معاريف كشفت أن الاحتلال يفتقر إلى إسرائيليين يتقنون اللغة اليمنية، مما دفعه إلى افتتاح فصل خاص لتعليم هذه اللغة.
هذا العائق اللغوي يعكس الفجوة الكبيرة في استعدادات الاحتلال لمواجهة صنعاء، التي باتت تشكل جبهة جديدة ومعقدة أمام الكيان الصهيوني.
صنعاء تُغير قواعد اللعبة
الهجمات اليمنية الأخيرة، التي استهدفت عمق الكيان الصهيوني بدقة وفعالية، تؤكد أن صنعاء باتت رقمًا صعبًا في معادلة المواجهة الإقليمية. هذه العمليات لم تُظهر فقط تطور القدرات العسكرية اليمنية، بل كشفت أيضًا عن ضعف الخيارات الصهيونية في التعامل مع هذه الجبهة.
صنعاء اليوم تثبت أنها قلعة محصنة، قادرة على التصدي لكل محاولات الاختراق، وماضية في تغيير قواعد اللعبة لصالح محور المقاومة. هذا الواقع الجديد يضع الاحتلال أمام تحديات غير مسبوقة، ويزيد من تعقيد المشهد الإقليمي في ظل استمرار الهجمات اليمنية النوعية.
الخنادق
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: أنصار الله التعامل مع
إقرأ أيضاً:
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة
الثورة / وكالات
على مدى العصور الماضية، كان قطاع غزة بوابة آسيا ومدخل إفريقيا، ومركزا مهما للعالم ونقطة التقاء للعديد من الحضارات المختلفة ومهدا للديانات والتعايش، من معابد وكنائس ومساجد تاريخية تعكس غنى وعمق الهوية الفلسطينية، كان القطاع مركزا للحياة الدينية والثقافية وقبلة للسلام، قبل أن تحوله إسرائيل إلى مسرح للإبادة الجماعية ارتكبتها طوال أكثر من 15 شهراً.
ارتكب جيش الاحتلال أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءاً من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني.
خلال فترة الإبادة التي اقترفتها تل أبيب بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر 2023م حتى 19 يناير 2025م، لم ينجُ مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات جيش الاحتلال.
وكانت هذه الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.
ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.
738 مسجدا سُويت بالأرض
متحدث وزارة الأوقاف بقطاع غزة إكرامي المدلل، قال للأناضول إن صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجداً بالأرض ودمرتها تدميراً كاملاً من أصل نحو 1244 مسجدًا في قطاع غزة، بما نسبته 79%.
وأضاف: «تضرر 189 مسجدا بأضرارٍ جزئية، ووصل إجرامُ الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلينَ الآمنين».
وتابع: «كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائسَ تدميرا كليا جميعُها موجودة في مدينة غزة».
وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضاً 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميراً كلياً و18 جزئياً.
وأوضح أن «استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب».
كما أكد المدلل أن «استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حرب الاحتلال الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية».
وأضاف: «يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر».
ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين، وفق المتحدث.
أبرز المساجد والكنائس التي طالها التدمير
المسجد العمري الكبير بمدينة غزة
يُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
يضم 38 عمودا من الرخام الجميل والمتين، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، يعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب.
وفي تاريخه الطويل، تحول الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.
وتعرض المسجد لتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما تعرض لدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقًا في العام 1925م.
وقال أحد رواد المسجد العمري للأناضول: «المسجد تعرض لأشرس هجمة بشرية»، وأضاف: «تدميره فاجعة لنا، هو جزء من غزة وفلسطين».
مسجد السيد هاشم
يقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، والذي ارتبط اسمه بالمدينة «غزة هاشم».
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 ديسمبر 2023م.
مسجد كاتب ولاية
يشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتٌقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
ويرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي1341 و1309 ميلادية.
وتعرض المسجد لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 أكتوبر 2023م؛ ما أسفر عن تعرضه لأضرار جسيمة.
المسجد العمري (جباليا)
يعد مسجد جباليا أحد أقدم المعالم التاريخية في البلدة يُطلق عليه سكان المنطقة «الجامع الكبير» ويتميز بطرازه المعماري المملوكي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات، آخرها في حربَي 2008 و2014م، ورغم ذلك بقي رمزا مهما للمنطقة.
الكنائس المدمرة:
كنيسة القديس برفيريوس
أقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها للقرن الخامس الميلادي، وهي تقع في حي الزيتون، وسميت نسبة إلى القديس برفيريوس حيث تحتضن قبره.
تعرضت للاستهداف المباشر لأكثر من مرة؛ الأول كان في 10 أكتوبر 2023م ما تسبب بدمار كبير، والثاني في 19 من ذات الشهر ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، وأدى لوقوع عدد من القتلى والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.
كنيسة العائلة المقدسة
تعد كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتعرضت للقصف الإسرائيلي مما أسفر عن أضرار جسيمة.
كنيسة المعمداني
تتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882م ميلادية على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
ارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهي جزء من مباني الكنيسة، لقصف إسرائيلي في 17 أكتوبر 2023م أسفر عن مقتل نحو 500 فلسطيني من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين في المستشفى.