الكتاب الأول.. حلم يتحقق على طريق الإبداع
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أخبار ذات صلة اختتام الدورة الشتوية لنادي الإمارات العلمي رعاية جديدة لفريق «تورك» للدراجات الهوائيةتعد الإصدارات الإبداعية الأولى خطوة مهمة على طريق الإبداع والاستمرارية، كما تمثل انطلاقة لأحلام عديدة بالتميز، خصوصاً أنها تمثل تجربة في مخاطبة القارئ، وانتظار ردود الفعل، وأيضاً التعامل مع إعادة تحرير النص، وتجهيزه للنشر.
في البداية، تقول منال يعقوب كاهور: إصداري جاء بعنوان «فقدتُ رائحة أبي»، وهو عبارة عن سرد شعوري ينبض بالألم والحنين، كتاب يحكي عن تلك اللحظة الفاصلة التي يغيب فيها الأب عن هذه الحياة، لكنه يظل حياً في الذاكرة والوجدان، عائشاً في تفاصيل التفاصيل، وباقياً في الروح، ولا يزال عطره يسكن في داخلنا وفي نفوسنا. كل صفحة في الكتاب تأخذ القارئ إلى عوالم مليئة بالشجن والذكريات، حيث تتداخل لحظات الحنين مع ألم الفقد والغياب. وتضيف: يعبر الكتاب عن تفاصيل إنسانية دقيقة مررت بها أنا شخصياً، لكن الكتاب أصبح مرآة تعكس مشاعر كل من عاش تجربة الفقد، ووجد في الذكريات ملجأً يعيد له طيف الأحبة ودور العائلة وسندهم في الحياة.
وتابعت كاهور: حين بدأت في هذا العمل واجهت العديد من التحديات، أبرزها مواجهة ذاتي بكل جرأة وصرامة، والبوح بمشاعري الأعمق بعفوية الروح وشفافية الأفكار التي تجعلني أعبر بما تكن قريحتي الكتابية، حيث إن الكتابة عن الفقد ليست مجرد كلمات تُسطر على الورق، بل هي إعادة عيش كل لحظة مؤلمة، وكل ذكرى تفيض بالشوق، وهذا ما جعل العمل قريباً جداً من القراء والجمهور.
بصمة خاصة
من ناحيتها، تقول فاطمة صادق الفلاسي: أصدرت كتابي بعنوان: «حفيف»، حيث اشتمل الكتاب مجموعة من العناوين الفرعية التي تلامس المشاعر من الحب، الحزن، الفقد، الاشتياق، الانتظار، وغيرها، وتركت للقارئ فرصه أن يقدر مدى مشاعره وما تحتاج إليه، وفي كل نص هناك زاوية تلامس شريحة من الناس، وفي كل عبارة هناك جسر يوصل القارئ إلى الضفة الأخرى من التأملات المفتوحة والمشاعر القريبة من القلب والتي يحتاج إليها كل إنسان يعيش في هذه الحياة. وبالنسبة للتحديات التي مررت بها، فهي في كيفية الكتابة بأسلوب سلس ويجذب القارئ ويجعله قريباً من النص الأدبي المطروح، وأن لا تكون مجرد نصوص مكررة يمل منها القارئ ولا يستطيع الاستمرارية في القراءة، من هذه الناحية كانت لديّ المسألة شائكة وصعبة جداً في كيفية البدء، وفي أن يكون النص متكاملاً مترابطاً متماسكاً على نفَسٍ واحد وبصمة تمثلني وتعكس شخصيتي للقارئ، وأن يشعر بنفَس المشاعر التي شعرت بها أثناء الانغماس في الكتابة. موضحة: ولله الحمد، حظيت بدعم كبير وتشجيع من والدي والأهل والأصدقاء، ورأيت الحماس في أعينهم أثناء طباعة الإصدار والاهتمام باقتنائه وقراءة ما بين دفتيه، وكذلك أثناء توقيعه في المعارض الثقافية، وهذا ما جعلني أفخر كثيراً وأسعد، وأستمر لأعمل على إصداري الأدبي القادم، بإذن الله تعالى.
أما فاطمة عبدالله المحرمي، فتقول عن إصدارها الأول «كل مر سيمر» إنها تدعو إلى التأمل في ما مضى من الحياة، بحيث تصقل مهارة الشخص لأن يكون أقوى وقادراً على السير قدماً نحو الهدف الذي الذي لا يزال حبيس النفس، مشيرة إلى أن مثل هذه الكتابات تحفز القارئ وتترك في داخله طاقة إيجابية وتغذي فكرة وتجعله شخصاً آخراً، فالتنمية الذاتية لا تأتي إلا من القراءة وخاصة إن كانت الكتابات تلامس الحياة ووجدانية القارئ وما يحيط به من ظروف، وهذا ما جعلني أركز في إصداري على صناعة الأهداف من الجانب التحفيزي المليء بالإيجابية والسلاسة اللغوية التي تسترسل الأفكار، ويكون القارئ أمام حالة من الإعجاب والدهشة في آنٍ واحد.
تختتم المحرمي قائلة: إنني على يقين بأن الأيام التي تكسرك هي ذاتها التي تصنعك، وإننا جميعنا حصاد اللحظات التي اعتقدنا أنها لن تمر، ومرّت، ومن هنا بدأت فكرة الكتاب والانطلاقة التي جعلتني أتأكد أن العمل سيكون إضافة ولو كان لشخصٍ واحد فهذا يعني لي الشيء الكثير.
مهارة الكتابة
من جهتها، تقول مريم الرميثي: إصداري «أرحام الياسمين المستأجرة»، حاز المركز الثاني في فئة القصة القصيرة بجائزة المرأة الإماراتية للآداب والفنون بالدورة العاشرة التي كانت تحت إشراف رابطة أديبات الإمارات والمكتب الثقافي للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، مضيفة: فوزي بهذا العمل وإصداري الأول، حافز وتشجيع لي لأن أستمر ولا أتوقف عن الكتابة، بالإضافة إلى أنه رسالة لما تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادتها والمعنيين في الشأن الثقافي على الدعم الملحوظ، والوقوف مع الكتَّاب إيماناً بدور الكتابة وقيمة القراءة، ومدى الإضافة التي تقدمها للآخرين.
وبيّنت الرميثي: نحن بحاجة إلى مثل هذا الدعم والتشجيع للاستمرارية من ناحية، ومن ناحية أخرى الاستفادة من تجارب الكتَّاب الآخرين، كي نصقل مهاراتنا الإبداعية والكتابية، وتكون لدينا مهارة الكتابة دائماً في تطور، حيث إن الإبداع هو مهارة بحاجة إلى صقل دائم ومستمر حتى يكون القادم أفضل وأجمل من الأعمال السابقة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أبوظبي الثقافة الأدب الأدب العربي القراءة
إقرأ أيضاً:
في مجموعتها القصصية أمهليني صيفا آخر للفلسطينية شيخة حليوي: فن الكتابة
قصص من نوع خاص مثيرة فكريا ونفسيا، تدفع القارئ نحو التفكير، فتراه يعيد قراءة أكثر القصص، خصوصا نهايات جزء منها؛ حين ينتابه أنه لربما كان قاصرا عن فهم مضمونها، فيكتشف أن ثمة قصدية واضحة في عدم حسم النهاية، وتركها لمنطلقات القارئ. وما يثير الاهتمام هنا أن روافع المضامين عالية المستوى من لغة وتقنية كتابة، متقنة الأسلوب، ومسيطرة على المضمون بدلالاته الملتبسة أحيانا.
من كان يبحث عن تيمة، فالكاتبة امرأة، جعلت النساء شخصياتها، منطلقة من خبراتها الإنسانية، فامتلكت مصداقية بعيدا عن التكلف، وعبرت عن تمكن النساء؛ فصورت النساء الممكنات لأنفسهن، بما اكتسبن من جلد ذاتي وموضوعي معا، حين جاء ذلك من البيئة الاجتماعية.
وتيمة المرأة وأدوارها الجندرية هنا، جاء من كونها إنسانة، أكثر من كون ذلك مصطنعا ومتكلفا، وهو كشف لما هو موجود في حياتنا العربية، حتى في البيئة الريفية لا الحضرية، حيث نكتشف أن الصورة النمطية عن النساء ليست مطلقة، هذا من جانب، وأن المرأة اكتسبت عوامل القوة من عصرها، من جانب آخر. وهنا يمكن لمن أراد الجدل في الموضوع أن يستكشف النص من هذا المنطلق، ليحكم على اتجاهات أدوار النساء.
بتفحص القصص بعد الانتهاء، فإن 9 من أصل 12، كانت المرأة هي بطلة القصص، وهي ليست بطلة، من حيث كونها شخصية رئيسية فقط، بل من كونها ذات ظهور خاص. وتفوق هذا الحضور من حيث الندية، والاكتشاف لنقسها ولنفسه. أما الأربع الأخرى، فاثنتان منها عن المشاعر الوطنية من خلال قصة رمزية وواقعية، والتحولات السياسية، والثالثة، فهي قصة عن الأمل الإنساني، والرابعة عن شعور الوحدة.
لقد تجلت الندية، (بمعنى المرأة إنسانة، لا مجرد أنثى فقط) في عدة قصص؛ أبرزها قصة "كش بنت"، التي يكون لها دور اجتماعي، تجلى من خلال رمزية وجودها مكان الشاغر في لعبة "ورق الشدة"، بحيث يهرب منها زوجها ليلة الدخلة، خشية منها، كونها تستطيع ملء مكان الرجال في اللعبة، هكذا برر هربه، كأنه يخاف ممارسة صبحة لدورها العادي والطبيعيّ.
أما في قصة "للكلاب ذاكرة جيدة" لا تستسلم الزوجة لقدرها، بعد أن زهد بها زوجه بعد إنجابها، وها هي حماتها تصارحها: "لقد أنجب وريثه أي حاجة له عندك؟" ثم لتكشف الزوجة أن شخصيته مسلوبة، حيث بالغت في ذلك بجرأة حين صورت أمه تخرج "القمل من شعر عانته والقمل لا ينتهي يتكاثر هناك".
في قصة "لا يعرف أن اليقين توأمه"؛ هو وهي، بسطوة هو، لكن بصمود هي وتعاملها النديّ. صورت الكاتبة تسارع امتلاكها لشخصيتها، التي تجعلها تساءل زوجها كما يسائلها.
أما في "شيء بهذا الحجم"، جرأة السيدة حِسن، ومفارقة "شيؤه بهذا الحجم"، وعجز صاحب هذا الشيء (الذكر)، بعد ثلاث زيجات فاشلة، يتزوج امرأة شقراء معها ثلاثة أطفال. هنا تقوم المرأة بتزويج الابن، لنكتشف عجزه، وارتباطه فيما بعد بامرأة شقراء معها ثلاثة أطفال.
وفي "فإنما اللذات في الدهر لقط"، فإن الكاتبة تعبر عن رغبة الأرملة، التي تصير أقوى حين تتصالح مع حاجتها.
ويبرز التعبير عن الرغبة أيضا في "جارات الهناء"؛ فسارة العاملة في دار مسنين، تخبئ حقيبة اشترتها عند رقية جارتها خشية لوم زوجها. تكتشف رقية أن الحقيبة المنتفخة بورق جرايد ومجلات، تحوي صورا جنسية، توقظ رغبتها، خصوصا مع زوجها شبه العاجز، الذي يبدو تدب به الحياة، وحتى يظل بهذه الحيوية تترك له بعض الصور تحت المخدة. ثم ليأتي الدور على صاحبة الحقيبة حين تأخذها، فيدبّ بها ما دبّ في الجارات الست اللواتي تبادلن الحقيبة، مكررة الكاتبة عبارة وصف شعار محل الملابس الذي اقتنت منه الحقيبة: "طفل شبه عار بجناحي ملاك وسهم يصوبه نحو المارة"، لما للإيراد العبارة وتكرارها من أثر في تصوير الإغراء.
أما اكتشافات النساء، لأنفسهن وللآخرين، ومن الرجل، فقد تجلى ذلك في نصين، الأول قصة "الحياة خارج نفسه"، حيث تكتشف الزوجة، حين تختفي ملابسها وترجع مرة أخرى، بأن زوجها يتخفى في زي امرأة في ملهى، يكون دوره تمثيل دور من تغني وهي ترتدي ملابس إغراء، حيث تتقبل الزوجة عمل زوجها، بل وتشجعه حين تلتقي به.
أما اكتشاف الرجال للنساء، فكان في قصة "حين ينجلي الغبار"، الذي صور صالون فادية للتجميل. يقوم الزوج بتخمين شخصيات النساء بعد التجميل، على ضوء ما عرفهن قبل ذلك. حين استضافت فادية مجموعة من السيدات العاملات في مجال التجميل، يقوم الزوج بتصويرهن وبعث الصور لزوجته، ولا يبقي إلا صورة واحدة يتأملها مع شعور بالذنب، كمن خان الزوجة. وتكون المفارقة حين يكتشف أن تلك الأربعينية الجميلة زوجته. "تعرف عليهن جميعا الا امرأة في الأربعين من عمرها التقط لها صورا أكثر من غيرها..ترن زوجته فتظهر صورة زوجته، "الصورة التي كان يتأملها خلسة وفوقها اسم المتصل كما يحتفظ به "زوجتي الحبيبة".
خارج تيمة المرأة وداخلها
الحق أن قصة للموت تغدو الوالدات سخالها"، قامت على شخصية المرأة، لكننا فصلناها شكليا، بسبب كون القصة ذات مضمون وطني، خلال القصة الرمزية والواقعية. هي قصة المرأة التي لا تتزوج خشية سطو الزوج على ميراثها، لكنها تضطر لذلك، من أجل ضمان تخصيب عنزاتها من خلال اختلاطهن بعنزات الزوج، لكن ذلك لا يتم ل "ثنية السعد". "ظلت تتزوج في موسم الشيق وتتطلق في موسم العفة"، ولم تيأس حتى بعدما صارت ثمانينية، من خلال حمل عنزتها الأخيرة للبحث لها عن تيس، لتلقي بقنبلتها ضد الذكور (رجال العرب): "عنزتي ما زال فيها الخير ولكن ما العمل إذا كان ذكوركم تيوسا". إنه نقد حاد يستحق التيوس!
أما في "فجوة لا تطاق" التي تجلت فيها التحولات سياسية، فلا نعرف منطلق الكاتبة في اختيار ذلك، وهي التي تعيش في فلسطين المحتلة عام 1948، تحت حكم كولنيالي ديمقراطي غربي. بيد أنها نجحت في التعبير عن هذا المضمون. تناولت تحولا اجتماعيا في الزهد بوظيفة المعلم للعمل كنحات يعمل منحوتات للقادة يزينون بها قصورهم، وتحولا سياسية مع قيام انقلاب سياسي طوح بالنخبة، لكن المفارقة في عودة تلك النخبة، وبالتالي الإفراج عن الفنان، الذي أصبح فنان الشعب.
ونختتم بقصتين الأولى "سوف تغزو العالم"، التي تصور فردة صندل ذات لمعة تثير الجار كلما نظر الى البيت المجاور، يكون مصيرها الطيران بعد تعليق البالونات بها. لعلها قصة الأمل الإنساني. "في الليالي التالية كنت أنظر الى السماء من المربعات الخشبية أبحث عن لمعة فضية".
أما في قصة "يأتي قبل أوانه دائما"، التي انتهت بعبارة "امهلني صيفا آخر"، عنوان المجموعة القصصية، للكاتبة شيخة حليوي، فقد أبدعت في التعبير عن الشعور بالوحدة والزمن.
وأخيرا فقد ظهر المجتمع الكولينيالي لمحا، كالإشارة الى المستوطنة في قصة "شيء بهذا الحجم"، وقصة "كش بنت"، في نقد تصرفات صاحب العمل زيف اليهودي. فثمة علاقة ربما بين الاسم والدلالة.
في الشكل الفني:
كانت لغة المجموعة من روافع النصوص، بما اختارته الكاتبة من لغة منسابة متدفقة، مبتكرة أحيانا كما في "الأصوات المزعجة تمر عبر حلقها"، تخلصت فيها من الثقل الجمالي، حيث استعاضت عن ذلك ببلاغة الموقف، حين لم تحسم ما التبس من دلالات ومقاصد خاصة في خواتم القصص، التي أعادتنا الرمزية السحرية الى القراءة من جديد. مثل خاتمة القصة بانتقاد الطفلة ابنة ال 14 عاما لأحلام أبويها، والطلب منهما بالاحتشام بالأحلام. ولنا مثلا يمكن تأويل التجسس على الأحلام في قصة "لا يعرف أن اليقين توأمه"، بالتجسس على السوشيال ميديا. أما في قصة "شيء بهذا الحجم"، ثمة منحى رمزي في تقييد حِسن ذراعيها خلف ظهرها، وكيف أن "يد تتأبط الكنة ويد مشنوقة بشال مطرزة الى عنقها"، في إشارة أنها ربما أصبحت بدون دور في ظل عجز الابن.
أما عنصر التشويق فظهر بشكل خاص في قصتي "الحياة خارج نفسه"، و"حين ينجلي الغبار". وهذا يدل على تمكن الكاتبة من السرد والتشويق، والذي يمكن أن نقول إنه ظهر بشكل متفاوت حسب مضامين ما تم سرده.
وفي مجال "نفس الكاتبة السرديّ"، فقد دلتنا قصة "فإنما اللذات في الدهر لقط"، على الإمكانيات الأدبية لدى الكاتبة في كتابة الروايات.
تميزت الكاتبة بعناوين القصص من خلال جمل خبرية، تمنح أفكارا ومشاعر، وهي تدفع القارئ للتفكير بها، لما لها من أثر تشويقيّ.
صدر للكاتبة "سيدات العتمة" 2015. و"خارج الفصول تعلمت الطيران" 2016 و"النوافذ كتب الرديئة" 2016
و"الطلبية C342" 2018.
*صدرت عن دار أثر للنشر والتوزيع، الدمام-المملكة العربية السعودية، ووقعت في 64 صفحة.