مركز دراسات.. تهديدات الحوثيين للسعودية تشكل واقعًا دائمًا بطابع استراتيجي
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
يمن مونيتور/ إسطنبول/ خاص:
اعتبرت دراسة حديثة أن جماعة الحوثي، التي تسيطر على أجزاء من اليمن، واحدة من أبرز التهديدات الأمنية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية. يتجلى هذا التهديد في شكل هجمات عسكرية متكررة، تستند إلى خلفيات تاريخية ودينية معقدة.
وخلصت الدراسة كتبها الباحث أنور بن قاسم الخضري، ونشرها مركز المخا للدراسات الاستراتيجية يوم الاثنين، إلى أن تهديدات الحوثيين للسعودية تشكل واقعًا دائمًا، يمتاز بطابع إستراتيجي.
وتشير إلى أن جماعة الحوثي نشأت في سياق تاريخي مليء بالصراعات المذهبية، حيث يمثل الحوثيون المذهب الزيدي، الذي يعتقد الحوثيون أنه تعرض للتهميش في ظل دعم السعودية للأنظمة السنية. هذا الخلاف المذهبي، بالإضافة إلى التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران، شكل أساسًا للصراع القائم.
وتقدم الدراسة رؤية تاريخية لطبيعة الصراع والتهديد الحوثي للمملكة العربية السعودية، فمنذ عام 1990، شهدت التهديدات الحوثية للسعودية تصاعدًا ملحوظًا، خاصة بعد الحرب التي اندلعت في اليمن عام 2015. استغل الحوثيون هذه الحرب لتعزيز قدراتهم العسكرية، بدعم إيراني مستمر، مما زاد من مخاطر الهجمات على الأراضي السعودية.
ولفت إلى أن هناك عدة عوامل تساهم في تنفيذ الحوثيين لهجماتهم، من بينها: الموقع الجغرافي مع قرب مناطق سيطرة الحوثيين من الحدود السعودية يسهل تنفيذ الهجمات. والمخزون العسكري حيث استولى الحوثيون على أسلحة ضخمة خلال النزاع اليمني بينها مخزونات السلاح في عهد علي عبدالله صالح.
وتشير إلى العامل المرتبط بالدعم الإيراني المستمر لجماعة الحوثي “بالأسلحة المختلفة، منذ عام 2014م، عبر خطوط تهريب بحرية واسعة، ومِن منافذ مختلفة”. كما أنها تساند الحوثيين بالخبرات والكفاءات العسكرية التي تساعدهم في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وفي تحديد الأهداف والمصالح السعودية المستهدفة. ومعلوم أن لإيران صلاتها وتحالفاتها مع المعسكر الشرقي، على مستوى روسيا والصين، وهذا يمنحها قدرات عسكرية وتقنية مختلفة.
ولفتت الدراسة إلى أن السعودية باتت المليشيات الشيعية والجماعات الطائفية المسلحة في الشمال (العراق) والجنوب (اليمن)، وهذا يشتت قدراتها في الاستجابة للتهديدات التي يمكن أن تطلقها تلك الكيانات على أراضيها ومصالحها الإستراتيجية ومجمعاتها السكنية ومنشآتها المدنية. وهناك تبادل في الأدوار بين هذه الكيانات والمليشيا في تبني الهجمات بما يتوه الانتباه السعودي عن الفاعل الحقيق ومصدر الخطر.
كما أن تعد جماعة الحوثي فاعلًا دون الدولة، ومِن ثم فهي متحررة بالالتزامات الدستورية والقانونية والمعاهدات الموقعة بين اليمن والسعودية، أو اليمن والإقليم عمومًا، بشكل ثنائي أو جمعي. هذا الواقع يمنحها القيام بعمليات خارج القانون والإضرار بالمصالح السعودية، خصوصًا في ظل اعتبار هذه العمليات “دفاعًا عن النفس”-كما تشير الدراسة.
ولفتت الدراسة إلى أنه لم يتم تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، حيث لا تزال الحكومات الغربية تتعامل مع جماعة الحوثي كمكون اجتماعي يمني، وطرف سياسي، وأقلية دينية مضطهدة، وتصنيفها كجماعة “إرهابية” جرى في الإطار الإقليمي فقط، أما أمريكيا فقد تراجعت إدارة الرئيس “جو بايدن” عن تصنيف إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” آخر أيامها للجماعة بأنها “إرهابية” ، وعادت لتصنيفها “إرهابية” عندما انخرطت في حرب غزة، دعمًا لحركات المقاومة الفلسطينية، عبر الهجوم على إسرائيل وتهديد الملاحة الدولية ؛ في حين لم تقم بهذا الإجراء رغم تهديد وإضرار الجماعة لدول الإقليم والشعب اليمني ذاته.
وخلصت الدراسة إلى أن “تهديد جماعة الحوثي للسعودية تهديد دائم وإستراتيجي، فالجماعة محملة بالأحقاد المذهبية والطائفية والتاريخية، ومنخرطة في تحالف إقليمي وتوظيفات دولية تمنحها القوة والقدرة على البقاء كقوة عسكرية مهيمنة على شمال اليمن، معززة بموارد الدولة والمجتمع، وبالمخزون البشري الضخم الذي يتيح لها في ظل استفرادها بالسلطة توظيفه في حروبها المذهبية والسياسية؛ فضلًا عن المجالات المفتوحة -البرية والبحرية والجوية- التي قد تمكنها مِن بناء ترسانة أسلحة خطرة يمكن لها تهديد العمق الخليجي في مصالحه الإستراتيجية والاقتصادية، وفي بناه الخدمية والسكنية”.
واختتمت بالقول إذا “أغفلت السعودية ودول الخليج خطر جماعة الحوثي على وجودها ومصالحها، تحت ضغوط دولية، أو اغترارًا بالسلوك البراغماتي الذي تبديه الجماعة في التعامل مع السعودية، في ظل تنامي الرفض الشعبي والحزبي والسياسي لها داخليا، فإنه قد تصطدم بمخاطر أعظم مِن تلك التي بدت عام 2014م، خصوصًا إذا تمكنت إيران مِن تجاوز العقوبات الدولية، وقطعت شوطًا مغايرًا في برنامجها النووي بحيث تفاجئ العالم بامتلاكها سلاحًا نوويا؛ لذا فعلى صانع القرار السعودي أن يعيد قراءته للمشهد اليمني وتقييمه لخطورة جماعة الحوثي في ضوء معطيات الواقع والخبرة والتجربة اليمنية والسعودية، وأن يشرك الأطراف اليمنية المعنية بالقضية الوطنية في أي خطة متبعة تجاه السلام في اليمن، خصوصًا إذا تجاوز مقررات مجلس الأمن، والمرجعيات الثلاث، وإرادة الشعب اليمني”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةاشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
أريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
انا في محافظة المهرة...
نحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...
شجرة الغريب هي شجرة كبيرة يناهز عمرها الألفي عام، تقع على بع...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: التحذیر الأخیر إسرائیل تصدر جماعة الحوثی فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد ثلاثة أسابيع من القصف…مؤشرات فشل واشنطن في اليمن
6 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: احمد الشلفي
رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الضربات الأمريكية المكثفة ضد مواقع جماعة الحوثي في اليمن، يبدو أن نتائج هذه الحملة العسكرية لا تزال بعيدة عن تحقيق الأهداف المعلنة، وهناك عدة مؤشرات إلى أن الولايات المتحدة لم تنجح في شل قدرات الجماعة أو كبح أنشطتها.
أولاً: مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية صرّحت لوسائل إعلام أمريكية أن جماعة الحوثي لا تزال تحتفظ بقدرات عسكرية تمكّنها من تنفيذ هجمات على السفن في البحر الأحمر، واستهداف المصالح الأمريكية، بل وحتى استهداف إسرائيل.
هذا الإقرار بقدرة الجماعة على مواصلة الهجمات يكشف أن الضربات الجوية، رغم كثافتها، لم تحقق تأثيراً حاسماً في شل البنية العسكرية للحوثيين.
ثانياً: وفقاً لتقارير أمريكية، فقد بلغت تكلفة الحملة الجوية الأمريكية على اليمن خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نحو مليار دولار. وبرغم هذه الكلفة الضخمة، لم تُعلن واشنطن عن تحقيق إصابات استراتيجية نوعية، كما لم تكشف عن طبيعة الأهداف التي تم قصفها، وهو ما يعزز الشكوك حول فاعلية هذه الحملة.
ثالثا:حتى الآن، لم تُعلن الولايات المتحدة عن مقتل أي قيادي بارز من الصفين الأول أو الثاني في جماعة الحوثي، ما يطرح تساؤلات حول دقة المعلومات الاستخبارية التي استندت إليها الضربات، ومدى جدوى التركيز على أهداف غير حاسمة.
رابعاً: الرئيس الأمريكي دونالدترامب شدد في أكثر من تصريح على “نجاح الهجمات”، إلا أن الواقع الميداني لا يعكس هذا التفاؤل. فالهجمات لم توقف الهجمات الحوثية، ولم تُحدِث تحولاً ملموساً في المعادلة العسكرية على الأرض، ما يجعل هذه التصريحات أقرب إلى الخطاب الدعائي منها إلى التقييم الواقعي.
خامساً: نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صورة جوية لاستهداف لما قيل إنه اجتماع لقيادات حوثية، اتضح لاحقاً – وفقاً لمصادر يمنية – أنه اجتماع قبلي محلي لا علاقة له بالجماعة. هذه الحادثة، التي نالت تفاعلاً واسعاً، تكشف عن خلل استخباراتي أميركي قد يفسر محدودية الإنجازات على الأرض.
سادساً:كلما أعلنت الولايات المتحدة أن ضرباتها الجوية “حققت نجاحاً”، جاء الرد الحوثي سريعاً ومباشراً، من خلال تكثيف الهجمات على السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر، أو عبر إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل. بل إن جماعة الحوثي ذهبت أبعد من ذلك بتهديدها بمواصلة التصعيد، ما يكشف بوضوح أن الحملة لم تُفقدها القدرة أو الإرادة على الفعل، بل على العكس، يبدو أنها عززت من خطابها التعبوي.
سابعا :استمرت جماعة الحوثي في إسقاط الطائرات الأمريكية بدون طيار، مما يشير إلى امتلاكها لقدرات دفاع جوي فعّالة، ويعكس تحديًا للعمليات الجوية الأمريكية في المنطقة
مجمل المؤشرات تقود إلى نتيجة واضحة: الحملة الأمريكية على الحوثيين، حتى الآن، لم تحقق أهدافها المعلنة. فالجماعة لا تزال تمتلك القدرة على تهديد الملاحة الدولية، ولم تُصب قياداتها بأذى، فيما تتكبد واشنطن تكلفة باهظة بلا إنجاز نوعي. هذا الواقع يفرض على صناع القرار في واشنطن إعادة النظر في الاستراتيجية الحالية، أو المخاطرة بالانزلاق نحو استنزاف طويل وغير محسوب النتائج.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts