كاتب إسرائيلي يدعو لتقسيم سوريا إلى خمس دويلات
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
قال المحامي والخبير العسكري الإسرائيلي، رامي سيمني، إن تقسيم سوريا إلى "كانتونات" ستكون وسيلة لمواجهة التوسع التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان وتعزيز المصالح الإسرائيلية.
ويرى الكاتب في مقاله المنشور في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن سوريا دولة "مصطنعة" منذ تأسيسها بعد اتفاقية سان ريمو (1920)، حيث كان من المفترض أن تكون مقسمة إلى خمس مناطق ذات حكم ذاتي بناءً على التركيبة العرقية والطائفية.
ولفت إلى أن سوريا لم تكن يومًا دولة موحدة أو قومية، وأن تقسيمها هو الحل الأكثر انسجامًا مع الواقع الديموغرافي.
ويعتقد الكاتب أن تفكيك سوريا سيخدم مصالح إسرائيل، حيث يمكن دعم الكانتونات المختلفة مثل الدروز والأكراد. الأكراد، على وجه الخصوص، يُنظر إليهم كحلفاء تاريخيين لإسرائيل، ودعم استقلالهم سيعزز الضغط على تركيا.
ويرى المقال أن أردوغان يُعتبر التهديد الأكبر بعد إيران، وإن تقسيم سوريا وإنشاء دولة كردية مستقلة سيضعف نفوذه.
وتابع: "الهدوء الزائف في سوريا بعد سقوط الأسد يثير حماسة محللينا الذين يغرقون في أملهم أنه ربما، ولو لمرة واحدة في الشرق الأوسط، يتحول الإرهابيون الذين تتمثل ماهيتهم في القتل والتدمير إلى شخصيات مثل سنو وايت. ولكن، هذا لن يحدث. كان المحللون يحلمون بأن يحدث ذلك مع عرفات، ربما مع السلطة الفلسطينية، ربما مع حماس - ولكن ذلك لم يحدث".
وأضاف: "لن يحدث ذلك مع قائد المتمردين الجولاني، الذي يعتبر مثل يحيى السنوار. الرجل يغير مظهره بلا توقف: من الملابس الجهادية، إلى زي القتال التكتيكي، وأخيرًا إلى بدلة أعمال أنيقة ومفصلة - محاولات غير سلسة لتنويم الاستخبارات الإسرائيلية، لكن ليس فقط ذلك".
وقال إنه "بعد سقوط الأسد، كل مجموعة من المتمردين تسعى لتحقيق أكبر مكسب للمجموعة التي تمثلها. كل مجموعة تبدأ بتحريك الدفة نحو اتجاهها".
وشدد على أن هذه هي الفرصة لإسرائيل لتشكيل المنطقة المحيطة للأجيال القادمة.
وتابع: "في محاضرات مختلفة، وكذلك في هذا المقال، كنت من أوائل من تحدثوا قبل خمسة أشهر عن الحاجة الاستراتيجية لإسقاط نظام آيات الله. تدمير القدرة النووية لن يفيد طالما أن هناك نظامًا في إيران يسعى لتدميرنا. لكن التهديد الأكبر على إسرائيل بعد سقوط نظام آيات الله هو السلطان أردوغان، الذي في طريقه لإعادة إنشاء الإمبراطورية العثمانية، ويتحدث عن احتلال إسرائيل. لذا، يدعم أردوغان سوريا موحدة - لأنه من أجل احتلال الشرق الأوسط يحتاج إلى الهدوء على حدوده، بحسب الكاتب.
ويضيف "المصلحة الإسرائيلية هي عكس ذلك تمامًا. يمكن لإسرائيل ويجب عليها أن تجعل سوريا تختفي. بدلاً من ذلك، ستكون هناك خمسة كانتونات، موجودة بالفعل الآن،
يجب على إسرائيل أن تعمق سيطرتها داخل سوريا، عميقًا داخل الكانتون الدرزي الذي يسعى للاتصال بنا - ليس من خلال الضم ولكن من خلال حكم ذاتي يتلقى الحماية من إسرائيل".
وتابع: "تخيلوا دولة كردية مع عشرات الملايين من الناس تجلس على رأس أردوغان، على طول حدوده الشرقية مع تركيا. يجب على إسرائيل أن تتخلى عن سياسة إخفاء علاقاتها مع الأكراد. الأكراد هم أصدقاء قدامى لإسرائيل، ولهم علاقات تاريخية عميقة معنا. إخفاء هذه العلاقات ودعمهم في مطالبهم المشروعة للاستقلال ليس أخلاقيًا".
وختم مقاله قائلا: "تشجيع إقامة كانتون أو حكم ذاتي أو دولة كردية على حدود تركيا سيسبب مشاكل لأردوغان، الذي سيتعين عليه تفسير معارضته للعالم، وسيزعزع الدعم له داخل تركيا، وسيؤدي إلى إضعاف الاقتصاد التركي الهش - وربما ينتهي به الأمر إلى إنهاء حكمه الجائر في تركيا، ما سيجلب الراحة لجميع دول حلف الناتو.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية سوريا تركيا سوريا تركيا الاحتلال المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”
قد تكون تركيا ـــــ على غرار إيران و”إسرائيل” ـــــ إحدى القوى الإقليمية الثلاث في المنطقة، ذات الحضور الإقليمي، والتي لديها مشروع إقليمي، في مقابل بقيّة الفاعلين الدوليين والإقليميين، على امتداد الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.
وتبقى تركيا وإيران، كما بلدان وشعوب المنطقة، بخلاف “إسرائيل”، في صلب التكوين أو التركيب السوسيولوجي والديموغرافي للإقليم. لكنّ أنقرة ليست مطلقة اليدين في مواجهة واشنطن و”تل أبيب”، ولا سيما بمسألة سوريا والمسألة الكردية. فماذا عن تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”؟ وما هي آفاقها وحدودها؟
في التمدّد أو التوسّع التركي في المنطقة
مع اندلاع الأحداث في سوريا، في غمار ما بات يُصطلَح على تسميته بـ “الربيع العربي”، لم تكن تركيا بعيدة عن خلفيّات ومجريات تلك المستجدّات وتلك المتغيّرات. هي لم تكن البتة بمنأى عن تطوّرات المشهد السوري، وهي لم تنأَ بنفسها عن مسار العمليات الأمنية والعسكرية على الساحة السورية. فتركيا ترى أنّ إقليم سوريا الطبيعي والجغرافي هو جزء لا يتجزأ من المجال الحيوي، الذي يشكّل الامتداد الخارجي للأمن القومي التركي في عمقه الاستراتيجي ضمن النطاق الداخلي.
هذا ما يفسّر ـــــ من وجهة النظر التركية ـــــ الوجود العسكري والحضور الأمني في سوريا منذ وقت مبكر، ولا سيما بين أنصار ومناصري الرئيس التركي والحزب الحاكم التركي. إن سوريا، بالنسبة إلى تركيا، تمثّل الممر الإلزامي لمشروع التمدّد أو التوسّع باتجاه الجنوب، ضمن المشرق العربي ونحو الجزيرة العربية والخليج. وهي كانت، ولا تزال، حتى حينه، تتطلّع إلى المزيد من التسلّل والتوغّل داخل سوريا لإثبات حضورها ودورها مع العثمانيين الجدد في إطار النظام الإقليمي.
إنّ ضلوع تركيا في الكثير من التطوّرات السياسية وغير السياسية التي طرأت على سوريا لا ينفصل عن انخراطها مبكراً في الكثير من الأحداث التي اندلعت سابقاً في العراق بصورة عامّة وإقليم كردستان شمالي العراق بصورة خاصة. هنا بالتحديد تبرز هواجس الأتراك بشأن قضية الكرد وحراكهم وتحرّكهم بالتنسيق والتعاون مع الأمريكيين والإسرائيليين. ثم عمدت تركيا إلى المضي قدماً والذهاب بعيداً على امتداد الإقليم، من غربي آسيا إلى شمالي أفريقيا، وحتى ليبيا على حدود مصر!
في الحسابات والتقديرات العربية في المنطقة
أثار الاتجاه السياسي والاستراتيجي لدى أنقرة نحو التوسّع والتمدّد ضمن المنطقة العربية، والمتنامي والمتصاعد طيلة حقبة الرئيس رجب طيب إردوغان على رأس السلطة ونظام الحكم في تركيا، حفيظة العرب، في إشارة إلى الأنظمة العربية، ولا سيما في المشرق العربي والخليج، بصرف النظر عن الخلاف أو الاختلاف بين العرب حول الاتجاهات والتموضعات والاصطفافات الإقليمية، حتى إنه أثار الشعور بالريبة، وكذلك الشعور بالقلق. وقد أصبح هذا الشعور المركّب مفهوماً ومبرّراً أكثر، بل مضاعفاً، مع سقوط سوريا ودور تركيا بالمعطى المستجدّ.
كان الحضور التركي والدور التركي ذو الصلة على حساب المصالح والحقوق والأدوار العربية. ثم جاء التوسّع والتمدّد في النفوذ التركي على أنقاض المشاريع والطموحات والتطلّعات العربية. مما يفسّر ردود الأفعال العربية، من جانب كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما مصر، والتي بدأنا نرصد الإرهاصات والمؤشرات لها بالحراك والتحرّك العربيّين، على الصعيد الإقليمي، ولا سيما الأوساط العربية، وعلى الصعيد الدولي، ولا سيما الأوساط الغربية، في محاولة للحدّ من سطوة، أو لنقل صعود، النفوذ والدور التركيين الإقليميين.
في المشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة
لقد قامت “إسرائيل” بعجالة ـــــ فور سقوط النظام قبل الدولة ـــــ بتدمير قوة سوريا العسكرية والأمنية والاستراتيجية. وهي تمعن في عملية تفكيك الدولة السورية وفي عملية تمزيق الوحدة الوطنية السورية، السياسية والاجتماعية. هي تريد – ومعها أيضاً أمريكا – تقسيم سوريا، على أسس طائفية ومذهبية وإثنية، وتقاسم الحصص ومناطق النفوذ فيها. لم يعد هذا المسار أو هذا المسير خافيين على أحد- أيّ أحد- في الإقليم وفي العالم بأسره. كما قامت “إسرائيل” بتوسيع احتلالها جنوبي البلاد، بينما قامت أمريكا بتثبيت وتكريس احتلالها شمالي البلاد.
هذا الكلام ليس بالجديد على الإطلاق. وقد عمدنا سابقاً إلى الإدلاء به وتدوينه مرات عديدة. أمريكا و”إسرائيل” تريدان تفتيت إقليم الشرق الأوسط عموماً وإقليم المشرق العربي خصوصاً، بقصد التمكّن منهما وإحكام السيطرة والهيمنة عليهما. قد لا تكون بقية الحكومات والأنظمة والجيوش والدول والبلدان العربية بمنأى عن مخاض التدمير والتقسيم والتفتيت، ومن بينها الجيش المصري والعرش الأردني.
بعد النيل من الجيش العراقي أولاً، ومن ثم الجيش السوري ثانياً، ثمة تصريحات وتسريبات تفيدان بنية “إسرائيل” تدمير قوة مصر لاحقاً، بل قريباً.
في الخيارات والرهانات التركية في المنطقة
لا يمكن تركيا أن تنتهج سياسة وضع اليد على سوريا برمّتها، بالنظر إلى وجود كلّ من الأمريكيين في منطقة الكرد شمال شرقي البلاد والإسرائيليين في منطقة الدروز وغير منطقة جنوبي البلاد. ستشهد الخارطة السياسية لسوريا تغيّرات أو تغييرات دراماتيكية وتراجيدية، إن عاجلاً أم آجلاً. أمّا بعد دخول تركيا عمق وقلب سوريا، فهي لن تستطيع أن تستحوذ عليها كلّها، حتى وإن كانت المخابرات التركية تجوب الأرجاء والأنحاء كافة، بحيث ستحتفظ فقط بالمنطقة الممتدة من حلب إلى حماة شمالي البلاد.
ويبقى على الروزنامة التركية لدى أنقرة الأولوية المتصلة بتقويض المشروع والحراك الكرديّين، ومنع تصديرهما من شمالي شرقي سوريا وشمالي العراق إلى جنوبي تركيا. وهو ما يفسّر خطوة الأتراك الأخيرة على صعيد المفاوضات السياسية على خط زعيم الكرد عبد الله أوجلان في سجنه. إنّ الحكومة التركية تريد التخلّص من الحالة الكردية، الثائرة أو الثورية، المتمردة على القرار التركي بأيّ شكل من الأشكال. وهي لا تعير أيّ اهتمام أو انتباه لقضية الكرد وحقهم بتقرير المصير.
يبدو الأفق السياسي لوجود وبقاء تركيا في سوريا محدوداً بالزمان والمكان، إن في المدى الزماني أو في النطاق المكاني. هي مقيّدة بالحسابات المتقاطعة والمتداخلة أو المتشابكة. وعليها التعامل والتعاطي مع الأمريكيين والإسرائيليين بإيجابية، فيكون لها ويبقى لديها ما تريد، مع الإشارة إلى أنّ أمريكا و”إسرائيل” تبديان الحزم والحسم في سوريا، كما في لبنان وفلسطين، بل ربما في مصر. وقد لا تكتفيان بتدجين الموقف السياسي المصري، بل قد تقومان بضرب القوة العسكرية المصرية!
أنقرة والإدارة الأمريكية
قد يكون لتركيا دور ومكانة في النظام الإقليمي، بالنظر إلى حجمها ووزنها ضمن الإقليم بميزان الجيوبوليتيك. وهي تحتفظ لنفسها بهامش خاصّ بها، وتتمايز، بطريقة أو بأخرى، عن بقية اللاعبين الدوليين والإقليميين في المنطقة، من حيث التموضع أو الاصطفاف السياسيان والاستراتيجيّان.
لكنّ أنقرة لا تستطيع الخروج عن الإرادة الأمريكية، الضابطة والناظمة لإيقاع الترتيبات الإقليمية، ولا تستطيع بالتبعية تحدّي الإرادة الإسرائيلية، ولا حتى استفزازها.
هكذا تغدو أنقرة محكومة، أو لنقل ملزمة، بهذه السقوف والضوابط في حراكها أو تحرّكها الإقليمي.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية.