الغرب يطالب بحماية الأقليات.. تعرف على خريطة سوريا الطائفية
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
منذ سقوط النظام السوري، والدعوات الدولية للقيادة الجديدة منصبة بجزء كبير على "حماية الأقليات"، وسط مخاوف من وقوع البلاد في "فخ الطائفية".
مدير مؤسسة "الذاكرة السورية" ومؤلف كتاب "البعث الشيعي في سوريا"، الدكتور عبد الرحمن الحاج، يفسر الدعوات هذه بأسباب عديدة، أحدها أن أحد بواعث الصراع في سوريا هو "الطائفية" التي مارسها النظام السوري البائد في عهد حافظ الأسد وابنه بشار الأسد، وبالتالي الخوف من نوازع الانتقام.
أما السبب الثاني، فيربطه في حديثه لـ"عربي21" بمفهوم الدولة الحديثة، الذي يتعامل مع مفهوم الأقلية بحساسية بالغة، إذا لم تتعارض مع مصالحه، وبالتالي هو بدهية سياسية، ويقول: "يفترض ألا يذكروا القيادة بها، لكنهم (الغرب) ينظرون إلينا نظرة استشراقية، أي القوي يأكل الضعيف، وبالتالي يذكروننا به كأحد أسس بناء الدولة".
وبحسب الحاج، فإن السبب الثالث هو التجارب البائسة في الدول المجاورة، والتي خاضت حروباً أهلية على أساس صراع طائفي، وانتهت إلى محاصصات أدت إلى تعميق الهوة بين الأطراف، سواء كان هذا في لبنان أو في العراق.
ورابع هذه الأسباب، بحسب الكاتب، هو أن أبناء الأقليات يعتقدون أن حمايتهم من تغول أبناء بلدهم يكمن في القوة الخارجية، وفي ضغط الدول الأجنبية.
ولا تتوفر معلومات دقيقة عن نسب التوزع الطائفي في سوريا، وكل ما هو متوفر بهذا الخصوص معلومات تعتمد إحصاءات مختلفة، آخرها يعود إلى الثمانينات.
التوزع الطائفي السوري (أكثرية سنية)
ويشكل المسلمون السنة الأغلبية في سوريا، بحيث تُقدر إحصائيات متطابقة نسبتهم عند حدود 77 في المئة.
ويتوزعون في كل المدن السورية وأريافها، وخاصة في مراكز المدن الكبرى والصغرى من دمشق إلى حلب مروراً بحمص وحماة، واللاذقية، وطرطوس، ودرعا جنوباً، إلى الحسكة ودير الزور والرقة شرقاً.
ومنذ اندلاع الثورة السورية حاول النظام تصوير الثورة على أنها حراك طائفي (سُني)، وبدأ بقمع الحواضن السنية.
العلويون (حاضنة النظام السابق)
وتقول أرقام شبه مؤكدة إن نسبة أبناء الطائفة العلوية تتجاوز 10 في المئة بقليل، وكان النظام يتعامل معهم على أنهم "خزان بشري".
ينحدر رئيس النظام السابق بشار الأسد من هذه الطائفة، وتعد أرياف الساحل السوري معقل الطائفة العلوية في سوريا.
ويتركز وجودهم بشكل كبير في ريفي اللاذقية وطرطوس، وبعض قرى حماة وحمص، لكن خلال حكم النظام السابق انتقل قسم كبير منهم إلى دمشق وحمص.
وتقول مصادر مفتوحة إن النظام السوري السابق عمد إلى تسليم أبناء الطائفة العلوية المراكز الهامة في الجيش والمؤسسات المدنية.
وتتهم المعارضة السورية أبناء الطائفة بممارسة دور "أدوات القتل"، لكن مصادر من الطائفة ترفض التهم، وتدافع بأن "النظام استنزف الطائفة لمصلحة عائلته الضيقة".
المسيحيون (محط أنظار الغرب)
ومنذ عقود تتراجع أعداد المسيحيين في سوريا، شأن بقية دول المنطقة، لكن مع اندلاع الثورة السورية في العام 2011، تزايدت هجرة المسيحيين من البلاد، نتيجة الحرب وتردي الوضع المعيشي.
بحسب إحصائيات كان المسيحيون يشكلون نسبة 10 في المئة من سكان سوريا، وتشير أغلب التوقعات الحالية إلى أن عددهم تناقص كثيراً.
ينتشر أبناء الديانة المسيحية في مدن دمشق وحلب ودرعا والحسكة وطرطوس وفي أرياف حماة وبعض قرى الساحل السوري.
ومنذ سيطرة "إدارة العمليات العسكرية" على حلب، بدأت المخاوف تتزايد من تعرض المسيحيين إلى مضايقات، لكن الأحداث حتى الآن تُثبت خلاف ذلك، بحيث صدر أكثر من بيان من رجال دين مسيحيين يؤكدون على البقاء في سوريا.
ويرى الباحث في الشأن السوري أحمد السعيد، أن المسيحيين هم محط أنظار الغرب، ويقول لـ"عربي21": "كان النظام السابق يتاجر بهذه الورقة، وباعتقادي نجحت "القيادة الجديدة" في التعامل مع هذا الملف الحساس".
الدروز (حياد مناهض للنظام)
يتركز الوجود الدرزي في سوريا في محافظة السويداء (جنوب سوريا)، ولهم امتدادات في بعض قرى إدلب.
وفق إحصائيات فإن الدروز يشكلون 3 في المئة من عدد سكان سوريا، وتتهم مصادر الطائفة النظام السابق بممارسة "الإقصاء" ضدهم.
ويدللون على ذلك، بالوضع المعيشي الصعب الذي يسود محافظة السويداء والقنيطرة، نتيجة حرمان هذه المحافظة من وسائل التنمية الاقتصادية.
منذ اندلاع الثورة السورية التزم الدروز الحياد، ومنعوا شبابهم من الالتحاق بجيش النظام السابق، لكن قلة منهم ساندوا جيش النظام.
وثار الدروز أكثر من مرة ضد النظام السوري، وخاصة في العامين الأخيرين، بسبب الواقع الاقتصادي المتردي، وتحولت شعارات ثورتهم من مطالب اقتصادية إلى سياسية مطالبة بإسقاط النظام.
الإسماعيلية
ينتشر أبناء المذهب الإسماعيلي في مدينة سلمية وريفها التابعة لمحافظة حماة (وسط سوريا)، إلى جانب بعض القرى في الساحل السوري.
وتقدر إحصائيات أن أبناء الطائفة الإسماعيلية في سوريا يشكلون 1 في المئة، وغالبيتهم فضلوا الحياد والهجرة.
ودخلت قوات "إدارة العمليات العسكرية" إلى مدينة سلمية، بشكل سلمي، بعد اتفاق مع أهلها على حياد المدينة وريفها.
قوميات "سنية"
ويدخل تحت تصنيف الأكثرية السنية قوميات سورية عديدة أكبرها الأكراد والتركمان والشركس وغيرها.
ويتوزع هؤلاء على محافظات حلب والحسكة واللاذقية بنسبة كبيرة.
هل المخاوف الدولية مبررة؟
وبحسب عبد الرحمن الحاج، لم يحدث في تاريخ سوريا مجازر تتعلق بالأقليات، موضحاً أن "كل الأديان في سوريا عاشت من فجر التاريخ بدون حروب أهلية، باستثناء ما يعرف بــ"طوشة دمشق" وهي حادثة قصيرة سرعان ما وقف السكان ضدها في نهاية القرن الثامن عشر".
ويتابع: "لم يحدث في سوريا حوادث اقتتال طائفي مهمة باستثناء عهد الأسدين، الذين استخدموا الطائفة العلوية ضد جميع السوريين للإمساك بالسلطة، وفي سبيل ذلك ارتكبوا الفظائع".
ويتفق مع الحاج الباحث أحمد السعيد، الذي يعتقد أن "مخاوف الغرب غير مبررة"، مختتما بقوله: "الشعب السوري لم يعتد على الطائفية، ومخاوف الغرب هي ذريعة لا أكثر".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية النظام سوريا الأسد سوريا الأسد النظام العلويين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطائفة العلویة النظام السوری النظام السابق أبناء الطائفة فی سوریا فی المئة
إقرأ أيضاً:
إصابة اثنين من عناصر الأمن السوري بعد هجوم على حاجز في ريف دمشق
كشفت وزارة الداخلية السورية، الخميس، عن إصابة اثنين من عناصر الأمن جراء اعتداء على حاجز أمني في منطقة جديدة الفضل في ريف دمشق.
وقال المسؤول الأمني لمحافظة ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، إن "بعض فلول النظام البائد قامت بالاعتداء على أحد الحواجز التابعة لإدارة الأمن العام على أطراف قرية جديدة الفضل بريف دمشق، وإطلاق النار على القوات الموجودة على الحاجز، مما أسفر عن إصابة اثنين من عناصر الحاجز".
وأضاف في تصريحات نقلتها الداخلية السورية عبر منصة "فيسبوك"، أنه "على إثر الحادثة، تم استدعاء قوات إضافية لملاحقة المتورطين في هذه العملية الإجرامية حتى يتم إلقاء القبض عليهم وتحويلهم إلى القضاء العادل لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم".
يأتي ذلك في أعقاب توترات أمنية شهدتها منطقة القرداحة التابعة لمحافظة اللاذقية غربي سوريا إثر أعمال تخريب قام بها أشخاص مشاركون في مظاهرة رافضة لإقامة حاجز أمني في المنطقة.
وبحسب وسائل إعلام سورية، فقد تخلل المظاهرة وجود عدد من العناصر الذين يحملون أسلحة يرجح أنها تتبع لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وقال مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية المقدم مصطفى كنيفاتي، مساء الأربعاء، "قامت وحداتنا الأمنية بنصب حاجز في منطقة القرداحة لضبط أمن المنطقة وحفظ سلامة وممتلكات الأهالي".
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية "سانا"، "إلا أن مجموعات متضررة من فرض الأمن حاولت منع الحاجز والاعتداء عليه، وإثارة الفوضى والتهجم على مخفر المدينة".
يشار إلى أن السلطات السورية تواصل تنفيذ عمليات أمنية واسعة ضد من تصفهم بـ"فلول" النظام المخلوع في العديد من المناطق، بما في ذلك الساحل السوري.
وكانت السلطات الجديدة افتتحت مراكز في العديد من المحافظات بهدف تسوية أوضاع عناصر قوات النظام المخلوع بشكل مؤقت، إلا أن هناك من لم ينخرط ضمن عملية التسوية.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.