(واشنطن بوست): هكذا حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعيّ لآلة قتل في حرب غزة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
سرايا - تحدثت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، في تقرير لها، اليوم الاثنين، عن استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي المتقدم في حربها على قطاع غزة، والمتواصلة لأكثر من 14 شهراً، وكيف ساهم ذلك في ارتفاع أعداد الشهداء بشكل كبير، وهو ما يؤكد الإبادة التي ترتُكب في القطاع.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة بكميات كبيرة من القنابل في بداية الحرب، استنادا إلى بيانات جمعها في السنوات السابقة حول عناوين المنازل والأنفاق والبنية التحتية الأخرى، التي شكلت بنك أهداف، الذي سرعان ما نفد مخزونه.
ومن أجل أن تحافظ إسرائيل على وتيرة حربها الفتاكة، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى أداة ذكاء اصطناعي معقدة وأطلق عليها تسمية "هَبْسورا" (أي "الإنجيل")، التي كانت قادرة على توليد مئات الأهداف الإضافية بسرعة، وفق الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مصدرين مطلعين قولهما إن استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة تعبئة بنك الأهداف بسرعة سمح للجيش بمواصلة حربه دون انقطاع.
وشددت الصحيفة على أن هذا مثال على كيف ساهم البرنامج، الذي استمر لعقد من الزمان لوضع أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في مركز عمليات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في عنف حرب إسرائيل المستمرة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن وجود هذه البرامج، التي تشكل ما يعتبره بعض الخبراء المبادرة العسكرية الأكثر تقدما في مجال الذكاء الاصطناعي على الإطلاق.
إلا أن تحقيقا أجرته الصحيفة واشنطن يكشف عن تفاصيل لم يتم نشرها من قبل عن العمليات الداخلية لبرنامج التعلم الآلي، إلى جانب التاريخ السري الذي دام عقدا من الزمان لتطويره.
ويكشف التحقيق أيضًا عن نقاش حاد داخل أعلى مستويات الجيش، بدأ قبل سنوات من السابع من أكتوبر، حول جودة المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت توصيات التكنولوجيات قد حظيت بتدقيق كافٍ، وما إذا كان التركيز على الذكاء الاصطناعي قد أضعف قدرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
ويرى بعض المنتقدين الإسرائيليين أن برنامج الذكاء الاصطناعي كان قوة وراء الكواليس تعمل على تسريع حصيلة الشهداء في غزة، التي تجاوزت 45 ألف شهيد، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال.
ويقول أشخاص مطلعون على ممارسات الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الجنود الذين شركوا في الحرب، إن الجيش وسع بشكل كبير عدد الضحايا المدنيين، وأن هذا العدد الهائل من الشهداء سببه الأتمتة (تشغيل آلي)، لتسهيل وتسريع توليد أعداد كبيرة من الأهداف.
وأفادت الصحيفة بأن تقريرها يستند إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 12 شخصا على دراية بالأنظمة، وتحدث العديد منهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة تفاصيل موضوعات الأمن القومي السرية للغاية، فضلا عن الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة.
وقال ستيفن فيلدشتاين، الباحث البارز في مؤسسة "كارنيغي"، والذي يبحث في استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب إن "ما يحدث في غزة هو نذير لتحول أوسع نطاقاً في كيفية خوض الحرب"، ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي خفّض عتبة معدل الضحايا المدنيين المقبول خلال حرب غزة. "اجمع بين هذا والتسارع الذي توفره هذه الأنظمة وبين أسئلة الدقة، والنتيجة النهائية هي عدد قتلى أعلى مما كان متصوراً في الحرب"، وفق ما نقلت الصحيفة عنه.
وقائد الوحدة 8200، يوسي سارييل، من رواد تطوير "الإنجيل"، وهو برنامج للتعلم الآلي مبني على مئات من الخوارزميات التنبؤية، والذي يسمح للجنود بالاستعلام بسرعة عن مجموعة ضخمة من البيانات المعروفة داخل المؤسسة العسكرية باسم "المسبح".
وتستخدم أداة أخرى للتعلم الآلي، تسمى "لافندر"، نسبة مئوية للتنبؤ بمدى احتمالية أن يكون فلسطيني عضوا في جماعة مسلحة، مما يسمح للجيش الإسرائيلي بتوليد عدد كبير من الأهداف البشرية المحتملة بسرعة. وتحمل برامج خوارزمية أخرى أسماء مثل "ألكيميست"، وعمق الحكمة، و"هنتر"، و"فلو"، وهو الأخير الذي يسمح للجنود بالاستعلام عن مجموعات بيانات مختلفة ولم يتم الإبلاغ عنه من قبل.
ولطالما أعرب العديد من ضباط هذه الوحدة عن مخاوفهم من أن تكنولوجيا التعلم الآلي، التي سرّعت عملية اتخاذ القرار، أخفت عيوبًا أساسية. ولم تشر التقارير المقدمة إلى القيادة العليا للجيش إلى كيفية استخلاص المعلومات الاستخباراتية - سواء من المحللين البشريين أو أنظمة الذكاء الاصطناعي - مما يجعل من الصعب على المسؤولين تقييم النتائج، وفقًا لمسؤول عسكري كبير سابق.
ووجدت مراجعة داخلية أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة العربية تتضمن أخطاء، حيث فشلت في فهم الكلمات والعبارات العامية الرئيسية، وفقًا للضابطين الإسرائيليين المذكورين.
وما يثبت أن إسرائيل تمارس حرب إبادة هو أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي تتنبأ أيضًا بعدد المدنيين الذين قد يتأثرون بالهجمات. وفي الحرب على غزة، تم استخلاص تقديرات لعدد المدنيين الذين قد يتضررون بغارة جوية من خلال برامج استخراج البيانات، وباستخدام أدوات التعرف على الصور لتحليل لقطات الطائرات بدون طيار جنبًا إلى جنب مع الهواتف الذكية التي ترسل إشارات إلى أبراج الاتصالات الخلوية لإحصاء عدد المدنيين في منطقة ما، وفقًا لما ذكر مصدران.
في العدوان على غزة في العام 2014، كانت نسبة الضحايا المدنيين تعادل مدنياً واحداً لكل مسلح رفيع المستوى، بحسب المستشار القانوني السابق للجيش الإسرائيلي، تال ميمران.
وفي الحرب الحالية على غزة، ارتفع العدد إلى نحو 15 مدنياً لكل عضو منخفض المستوى في حماس، و"أعلى بشكل كبير" بالنسبة للأعضاء من المستوى المتوسط والرفيع، وفقاً لمنظمة (يكسرون الصمت) الحقوقية الإسرائيلية، التي تجمع شهادات عديدة من جنود إسرائيليين. وذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن العدد بلغ 20 في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وتطرح اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة إلى إسرائيل في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، تساؤلات حول ما إذا كانت القرارات الحاسمة بشأن قصف الأهداف في غزة قد اتخذت بواسطة برامج الكمبيوتر، وهو التحقيق الذي من شأنه أن يعجل بمناقشة عالمية حول دور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الحرب.
وقال ضابطان إسرائيليان كبيران سابقان إنهما يعتقدان أن التركيز الشديد على الذكاء الاصطناعي كان السبب الرئيسي وراء وقوع إسرائيل في الفخ. وأفاد أحدهما بأنه "كان هذا مصنعًا للذكاء الاصطناعي. لقد تم استبدال الرجل بالآلة".
وباعتراف إسرائيل، لعب الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في عملية الاستهداف في غزة. ففي الأيام الأولى للحرب انهالت على القطاع قنابل "مارك 80" الأميركية والتي يبلغ وزنها طنا من المتفجرات.
في بيان صحفي صدر في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن "الإنجيل" ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة. وعلى أنغام موسيقى درامية وفيديو لمباني تنفجر، أعلن البيان الصحفي عن "تعاون هو الأول من نوعه" حيث يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي، مما يتيح "تنفيذ مئات الهجمات في لحظة".
وقالت هايدي خلف، كبيرة علماء الذكاء الاصطناعي في معهد الذكاء الاصطناعي، وهو منظمة غير ربحية مقرها نيويورك تنتج توصيات سياسية، إن أنظمة الذكاء الاصطناعي بها أخطاء مدمجة تجعلها غير مناسبة لسياق الحياة والموت مثل الحرب.
وشددت خلف على أن صناعة المركبات ذاتية القيادة أمضت العقد الماضي في محاولة الحصول على خوارزميات التعلم الآلي الخاصة بها بدقة 100٪، دون نجاح يذكر.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1070
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 30-12-2024 10:14 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی الجیش الإسرائیلی فی الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: الولايات المتحدة تعلق تزويد أوكرانيا بصور الأقمار الصناعية
كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، اليوم الجمعة عن تعليق الولايات المتحدة مؤقتًا خدمات التصوير عبر الأقمار الصناعية إلى أوكرانيا، وهي ضربة جديدة لكييف من إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي جمدت شحنات الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وقالت شركة ماكسار، وهي شركة رائدة في توفير صور الأقمار الصناعية التجارية في الولايات المتحدة، إن الحكومة الأمريكية تمول عقدًا يوفر لأوكرانيا إمكانية الوصول إلى خدمات التصوير المداري من خلال برنامج يسمى Global Enhanced GEOINT Delivery.
وتأتي إجراءات إدارة ترامب ضد أوكرانيا، في إطار مسعى الرئيس الأمريكي لإجبار كييف على توقيع اتفاق المعادن بالإضافة إلى الموافقة على وقف الحرب والتوقيع على اتفاق سلام مع روسيا.
وفي وقت سابق من اليوم الجمعة، كشفت وكالة رويترز للأنباء، أن الجيش الروسي تمكن من محاصرة القوات الأوكرانية التي تحتل منطقة كورسك الروسية، وهو الأمر الذي يعد انعكاسا مباشرا لوقف الدعم الأمريكي لأوكرانيا في الآونة الأخيرة.