مغتربون يمولون مبادرات تنموية في قرى يمنية
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
شهدت المناطق الريفية في محافظة إب (وسط اليمن) إنجاز عشرات المشاريع التي أظهرت ديناميكية ناجحة في إدارة المبادرات المجتمعية التي تتشكل في القرى عبر الوجاهات، ويتم من خلالها رصف الطرقات، وحفر الآبار، وإحداث صناديق لدعم معلمي المدارس المنقطعة رواتبهم.
في مديرية "الشَعِر" تبنى مغتربون من أبناء المنطقة، وخاصة المقيمين في الولايات المتحدة، استكمال مشروع طريق "الصيادي الرضائي" والذي يبلغ طوله أكثر من ثمانية كيلومترات بتكلفة بلغت مليوني دولار أميركي، وكان المشروع الحكومي متعثرا منذ أكثر من عشر سنوات.
وتضم مديرية الشعر أكثر من 220 قرية، ومساحتها 145 ألف كيلومتر، وكان عدد سكانها 40 ألف نسمة في آخر تعداد سكاني أجري في عام 2004، ويتوقع أن العدد ارتفع إلى نحو 60 ألفاً، وتضم كثيرا من المرتفعات الجبلية، وقد برزت مع مديرية بعدان المجاورة، كأكثر المناطق التي تم إنجاز مشاريع مجتمعية فيها.
بدأت مهمة إنجاز مشروع الطريق بتشكيل لجنة من وجاهات المنطقة، قامت بدورها بالتخطيط، واستقدام مهندسين، ومناقشة طرق الحصول على الأموال من خلال دعوة المغتربين والسكان للتبرع عبر لجان متخصصة تم تشكيلها، كما تابعت مع المتعهدين دفع المبالغ المطلوبة، ثم متابعة مراحل الإنجاز.
ويقول صدام دبوان، وهو أحد سكان المنطقة، إن "التعاون الكبير الذي أبداه السكان، والأموال التي دفعها المغتربون كانت مثالاً يحتذى على التعاون المجتمعي الذي أنجز الطريق التي سهلت التنقل على آلاف المواطنين، وأصبح الأمر ملهماً لكثير من المناطق".
يضيف دبوان في حديث مع "العربي الجديد": "المغتربون كان لهم الدور الأبرز في التمويل، وغالبية السكان شاركوا، كل بقدر استطاعته، والمشروع بات شبه مكتمل، وحالياً يجري إنجاز مرحلته الأخيرة التي تشمل استكمال التشطيبات".
وخلال السنوات الماضية، ظهرت العديد من المشاريع التنموية والخدمية التي تبنتها مبادرات مجتمعية بتمويل ذاتي لمواجهة الأوضاع السيئة التي تعيشها البلاد من جراء الحرب، فتم ترميم وبناء عدد من المدارس، وتعبيد وشق طرق، ووفق تقديرات غير رسمية، فقد بلغت كلفة مشاريع المبادرات المجتمعية في مديرية الشَعِر بمحافظة إب، خلال عام 2022 وحده، نحو 11 مليارا و184 مليون ريال يمني (الدولار يساوي 530 ريالا).
ويعتقد الناشط المجتمعي محمد الدلالي، من مديرية بعدان، أن "التنافس بين المغتربين، وشعورهم بالانتماء إلى القرى، كان حافزاً لإنجاز الكثير من مشاريع المبادرات المجتمعية، وتسعى الوجاهات الاجتماعية إلى إبراز النماذج التعاونية في القرى من أجل تحفيز الدعم المالي، أو المشاركة في العمل التطوعي". ويوضح لـ"العربي الجديد": "في منطقتنا، تم إنجاز مشروع جسر في وادي الشناسي بتكلفة 350 ألف دولار، ويتم حالياً العمل على رصف طريق بطول 1300 متر، بتكلفة 140 ألف دولار، وهذه في الواقع نتيجة مباشرة للنجاح الذي حدث في مشاريع مشابهة بالمناطق المجاورة".
وكشفت دراسة ميدانية نشرت عام 2020، أجريت في 56 قرية بمديرية بعدان في محافظة إب، أنه تم تنفيذ 44 مشروعا عبر مبادرات مجتمعية، من بينها 32 مشروعاً انتهى تنفيذها بشكل نهائي. وأكدت الدراسة أنه "إذا كانت الحاجة إلى شق الطرق هي الدافع الأساسي وراء تنفيذ هذا العدد الكبير من المبادرات، إلا أن دافعاً آخر يتمثل في حالة التقليد والتنافس بين القرى عبر الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في حشد المواطنين".
ورأت الدراسة أن "الانتماء إلى القرية يعد المحرك الرئيسي لمشاركة السكان في مثل هذه المبادرات، والذي ما يزال قائماً على الرغم من موجات الهجرة الكبيرة إلى خارج البلاد، أو الهجرة نحو المناطق الحضرية، ويساهم المغتربون في تمويل مبادرات رصف الطرق لأنها تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة يصعب على المواطنين توفيرها".
وتشكلت مبادرات متعددة خلال السنوات الماضية في عدد من المحافظات اليمنية، وحققت نجاحات كبيرة، ومنها مشروع شق طريق في مديرية وصاب بمحافظة ذمار (جنوب صنعاء) بطول 52 كيلومتراً، وبتكلفة 12 مليار ريال يمني، ويربط الطريق بين ثلاث محافظات يمنية هي ذمار، وإب، والحديدة، ويعد من أهم المشروعات التعاونية المجتمعية في اليمن.
وقبل اندلاع الحرب في اليمن، كانت البلاد تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي والفساد الذي كان عائقاً كبيراً أمام جهود التنمية، وعندما طال أمد الحرب فقد الناس الأمل في إنجاز السلطات مشاريع توفر لهم الخدمات الأساسية، ما اضطرهم إلى مساعدة أنفسهم عبر استغلال القدرات البشرية والمادية المتوفرة لديهم.
ويرى الصحافي أحمد الكمالي، رئيس تحرير منصة بناء المتخصصة بالعمل التعاوني، أن "توجه المجتمع اليمني إلى العمل التعاوني التنموي يعد تعبيراً عن مقاومته ورفضه للحرب، وما تسببت به من دمار على الصعيد الإنساني والمادي"، لافتاً إلى أن "الدعم السخي من المغتربين اليمنيين وفر الإمكانيات المادية لنجاح تلك المبادرات، وكان نجاح أي مبادرة يمثل إلهاماً لبدء مبادرات أخرى في مناطق مختلفة".
يضيف الكمالي في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "الحرب كان لها دور في مضاعفة قناعة المواطنين باستحالة أن تقوم الحكومات المنقسمة والمتصارعة بدورها في توفير الخدمات، الأمر الذي دفعهم إلى إيجاد حلول لمشاكلهم الخدمية المتعثرة منذ عقود. الصورة الفريدة للمشاريع المنجزة تعود إلى وجود جذور راسخة للعمل التعاوني في المجتمع اليمني، وقد لعبت التعاونيات دوراً بارزاً فيما تحقق من تنمية منذ سبعينيات القرن الماضي".
ويشهد اليمن حرباً مستمرة للعام التاسع على التوالي، تسببت في دمار هائل للبنية التحتية نتيجة القصف المدفعي والجوي الذي تعرضت له من قبل أطراف النزاع، في حين قدمت المبادرات المجتمعية قصص نجاح ملهمة من عمق المأساة.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: المبادرات المجتمعیة
إقرأ أيضاً:
أمن غزة مقابل البحر الأحمر.. رسالة يمنية لكيان العدو
يمانيون../
لم تكتفِ حكومة صنعاء بإعلان التهاني والتبريكات بعد انتصار حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين وارغام الكيان الصهيوني على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وانهاء العدوان والحصار، بل جددت تأكيدها على استمرار الوفاء.
وأمام الانتصار التاريخي العظيم الذي تحقق للشعب الفلسطيني ومجاهديه في غزة ضد آله القتل الإسرائيلية، أكد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب النصر، الاثنين 20 يناير، أن اليمن وجيشه وشعبه في جهوزية مستمرة وأياديهم على الزناد وعملياتهم مرتبطة بمدى تنفيذ العدو للاتفاق، موضحاً أن صنعاء تحولت من مرحلة الهجوم قبل وقف اطلاق النار، إلى مرحلة الرصد والمراقبة لتنفيذ الاتفاق داخل غزة، وسط استعداد كامل للتصعيد في أي مرحلة يعود كيان العدو الصهيوني إلى التصعيد ويتراجع عن تنفيذ الاتفاق”.
وباعتباره رجل القول والفعل، وأمل الأمة، فإن مرور سفن العدو الإسرائيلي من البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مرهون بأمن واستقرار غزة، مالم فإنه سيظل محرماً عليه، باعتبار ذلك مسئولية دينية ووطنية والتزام أخلاقي حرص الشعب اليمني اتباعها منذ بدء عملية طوفان الأقصى البطولية.
بأمر اليمن .. سيكون البحر الأحمر الورقة التي يخضع من خلالها الكيان الصهيوني لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار وانهاء العدوان والحصار على شعب غزة، هكذا تحدث السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، عن جبهة الإسناد في يمن الإيمان التي فاجأت العالم بمستوى موقفها واستمرارها وثباتها وبزخمها الشعبي والسقف العالي، مؤكدًا أن الحديث عن جبهة اليمن ليس للتمنن ولا للمزايدات فهو أداء لواجب مقدس ومسؤولية دينية.
وأشار قائد الثورة إلى أن الانطلاقة الإيمانية ارتقت بالشعب اليمني من مجرد العاطفة الوجدانية والتعاطف النفسي إلى مستوى الشعور بالمسؤولية والموقف العملي الجهادي الشامل في كل المجالات، لافتا إلى أن الميزة الثانية في موقف اليمن هي الاتجاه الرسمي والشعبي معا في توجه واحد وموقف واحد بسقف عال أيضا.
وعقب ساعات قليلة من خطاب السيد القائد، قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، إن استئناف عمليات الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، يتوقف على مدى استمرار وقف إطلاق النار في غزة.
وأوضحت الشركة البريطانية في تصريح الثلاثاء، أن السفن التي تملكها “إسرائيل” وترفع علمها لا تزال معرضة للاستهداف في البحر الأحمر وخليج عدن.
وحذرت شركة أمبري من أن الشحن المرتبط بـ “إسرائيل” والتجارة الإسرائيلية في البحر الأحمر معرض لخطر أكبر من الشحن المملوك لأمريكا وبريطانيا حيث لا يزال وقف إطلاق النار هشًا في غزة وسط استمرار المفاوضات الثانوية.
ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن “جاكوب لارسن” مسؤول الأمن البحري في “بيمكو” أكبر جمعية شحن في العالم قوله، إن وقف إطلاق النار في غزة ما زال يعتبر هشًا، ولذلك حتى الانحرافات البسيطة عن اتفاقات وقف إطلاق النار قد تؤدي إلى تجدد عودة العمليات التي تنفذها القوات المسلحة في اليمن.
في السياق أكد مركز المعلومات البحرية المشترك “JMIC” الذي تشرف عليه البحرية الأمريكية، أن التهديد في البحر الأحمر وخليج عدن للشحن المرتبط بـ”إسرائيل” أو الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة “سيظل مرتفعاً.
وكانت حكومة صنعاء قد أعلنت عن استمرار استهداف السفن الإسرائيلية وحظر الملاحة الصهيونية والأمريكية أو السفن المرتبطة بهما في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، في حال استمر العدوان على غزة واليمن.
هاني أحمد علي| المسيرة