تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في مجتمعاتنا العربية نادراً ما يحدث الطلاق بطريقة ودية تحفظ كرامة وحقوق جميع الأطراف بما في ذلك الأطفال، إذ تتحول الأمور غالباً إلى معارك قضائية مرهقة، يلجأ الطرفان إلى استخدام كل الأسلحة الممكنة ويتحول الزوج أحياناً - الطرف الأقوى - إلى خصم شرس يسعى لرد الاعتبار لكرامته التي أهينت حسب اعتقاده بقرار الزوجة بالطلاق، يستعمل مرة التشهير أو الابتزاز أو حتى الأطفال كوسيلة ضغط على الزوجة ويدخل الأطراف في صراع لا منتهي ينهك الجميع.

الإصلاحات في قوانين الأسرة في المغرب، تجربة مغربية شكلت ثورة قانونية واجتماعية، نجحت في تعزيز حقوق المرأة والطفل ومفهوم الأسرة كوحدة قائمة على المساواة والمسئولية المشتركة، مبادرة رائدة لم تقتصر على تعديل القوانين، بل أرست نموذجاً متوازناً يجمع بين مبادئ الشريعة الإسلامية وقيم حقوق الإنسان المعاصرة.

  لم تكن المرأة المغربية أن تأخذ حقها مناصفة مع الرجل لولا الاهتمام الكبير الذي منحه الملك محمد السادس لملف المرأة واعتبره من أولوياته، حيث حظيت بعناية خاصة من خلال مراجعات عميقة لقانون الأسرة الذي كان يستدعي تبني صياغة جديدة تواكب مكانة المرأة اليوم، مبادرة تعكس إدراكاً عميقاً للتحولات الاجتماعية والثقافية في المغرب، مع التمسك بالإطار الشرعي الإسلامي الذي يعتبر أساس التشريع، وتهدف إلى تحقيق التوازن بين الأعراف الشرعية والتطورات الاجتماعية والقانونية.

  أثارت المبادرة المغربية جدلاً واسعاً، فقد أتت بمستجدات مهمة عملت على تنظيم العلاقات الأسرية وأعطت للنساء المغربيات حقوقاً أكثر، جعلت منهن الطرف "الآمن" وليس "الأقوى" كما يشاع، ولعل أكثر النقاط جدلاً إيقاف بيت الزوجية عن دخوله التركة، هذه النقطة تهدف إلى حماية الزوجة والأبناء من التشريد عند وفاة الزوج.

 من النقط المثيرة أيضاً، بقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها، تعديل يضمن استمرار حق الأم في حضانة أبنائها حتى بعد زواجها، مما يعكس توجهاً نحو حماية حقوق الطفل وتجنب التأثير السلبي للزواج الثاني على العلاقة بين الأم وأطفالها.

نقطة مهمة أيضاً أثارت الجدل، تخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية عن أطفالها، هذه الخطوة كانت ضرورية لمنح الأم حق اتخاذ القرارات القانونية والإدارية المتعلقة بأبنائها عند حضانتهم، أيضاً تم اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، مما يمنح المرأة إنصافاً اقتصادياً عند إنهاء العلاقة الزوجية.

  عكست رؤية الملك محمد السادس الحكيمة واهتمامه بحقوق المرأة تحولاً تاريخياً في مسار العدالة الاجتماعية بالمغرب، إذ شكلت إصلاحات قانون الأسرة المغربي نموذجاً رائداً يجمع بين الحفاظ على القيم الدينية والاستجابة لمتطلبات العصر، مما جعل المغرب مثالاً يحتذى به بين الدول الساعية لتحقيق المساواة وتمكين المرأة في المجتمع.

*كاتبة وإعلامية مغربية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: قانون الأسرة في المغرب حقوق المرأة والطفل الملك محمد السادس

إقرأ أيضاً:

في اليوم الدولي لعدم التسامح بختان الإناث.. النيابة الإدارية توضح مجهوداتها لحماية حقوق المرأة

يحل اليوم الموافق السادس من فبراير من كل عام، اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقًا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث "ختان الإناث"، وهو اليوم الذي وُلِد كفكرة خلال مؤتمر اللجنة الأفريقية الدولية المعنية بالممارسات التقليدية التي تؤثر في صحة المرأة والطفل، وذلك في مايو ٢٠٠٥ ، ثم اعتمده  لجنة حقوق الإنسان الفرعية التابعة للأمم المتحدة، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة "UNICEF"؛ ليصبح يومًا عالميًا للتوعية حول مخاطر هذه الممارسة الضارة.

وإذ تنتهز وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة بالنيابة الإدارية لتؤكد على ما شهدته الدولة المصرية وفي ظل إرادة سياسية حقيقية، من طفرة تشريعية غير مسبوقة في هذا المجال بحزمة من النصوص الدستورية والقوانين تشكل بيئة تشريعية متكاملة لتعزيز حقوق الأطفال والفتيات والنساء، ومكافحة كافة أشكال الجرائم المرتكبة ضدهم وعلى رأسها جريمة "تشويه الأعضاء التناسلية للإناث".


فبنظرة على الدستور المصري الحالي نجد عددًا من النصوص المتعلقة بإنفاذ رؤية متكاملة لمكافحة كافة أشكال العنف ضد الفتيات والأطفال، فجاءت المادة ٦٠ من الدستور المصري لتنص على أن: "لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون، ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقًا للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية، على النحو الذي ينظمه القانون.


كما جاءت المادة ٨٠ لتنص على أنه "يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية. وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوي الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري. لكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر".

وعلى صعيد التشريعات: شهدت مصر خلال العقد الأخير طفرات جبارة في مجال مكافحة جريمة الختان، بعدد من التعديلات التشريعية كان آخرها تشديد العقوبات واستحداث صور جديدة للجريمة والعقاب عليها وذلك بالقانون رقم ١٠ / ٢٠٢١ بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، لتتضمن عقوبات رادعة لمرتكب الجريمة أو من يقوم بطلبها أو الترويج لها، مع حزمة من التدابير الاحترازية والعقوبات التكميلية لمرتكبي الجريمة والمنشآت الطبية التي تقع فيها.

فضلًا عن جهود الدولة المصرية بكافة مؤسساتها والتي أسفرت عن تبني العديد من الاستراتيجيات الوطنية ومنها الاستراتيجية الوطنية للطفولة والأمومة "٢٠١٨ - ٢٠٣٠"، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان "٢٠٢١ - ٢٠٢٦" التي جاء محورها الثالث حول "تعزيز حقوق الإنسان والمرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر ٢٠٣٠"، وخاصة الهدف الخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين، والاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة "٢٠٣٠".

وفي إطار تنفيذ توجيهات معالي المستشار الجليل/ عبد الراضي صديق – رئيس الهيئة الموقر، ومن منطلق الدور الفعال والأساسي للنيابة الإدارية كهيئة قضائية عريقة تعمل على تحقيق العدالة وضمان تنفيذ آليات المحاسبة في المخالفات المتعلقة بالجهاز الإداري للدولة، تؤكد وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة، على الاستمرار في أداء هذه الرسالة السامية خاصة فيما يتماس مع دور النيابة الإدارية في هذا الصدد من مخالفات تأديبية، ويقع ضمن اختصاصها الولائي والذي يشمل جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث كإحدى صور العنف ضد النساء والأطفال.

وفي ذات السياق فإن وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة تؤكد على أهمية الإبلاغ عن تلك الجريمة وغيرها مما يقع على المرأة أو يمس حقوق الإنسان وذوي الإعاقة، مما يدل في اختصاصها، وذلك عبر آليات تلقي الشكاوى المعتادة أو من خلال البريد الإلكتروني الرسمي للوحدة:  [email protected]، أو عبر تطبيق "WhatsApp”: ٠١٥٠١٠٠٠٨٨٤

"معًا من أجل مستقبل مشرق وآمن للفتاة المصرية"
المستشارة/ بريهان محسن - مديرة وحدة شئون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة.

مقالات مشابهة

  • في اليوم الدولي لعدم التسامح بختان الإناث.. النيابة الإدارية توضح مجهوداتها لحماية حقوق المرأة
  • محكمة الأسرة تقبل اعتراض زوجة على إنذار الطاعة من زوجها
  • النائبة انتصار شنيب تزور وزير خارجية الحكومة الليبية لبحث دعم قضايا المرأة
  • 3 أسباب .. زوجة تعترض على إنذار الطاعة أمام محكمة الأسرة
  • بائعة شاي تخلع زوجها: سرق رزقي ورفض علاجي
  • لم تعترض على إنذار الطاعة.. حيثيات إثبات محكمة الأسرة نشوز زوجة
  • عندما يصبح الشامبو سبباً للطلاق.. سهير ترفع دعوى خلع بسبب إهمال زوجها
  • السفيرة ميرفت التلاوي: المرأة الريفية نموذج للاعتماد على النفس ومساعدة الأسرة والوطن
  • حكم دعاء المرأة على زوجها ..الإفتاء: لا يجوز وعليها بـ 4 كلمات
  • زوج يلاحق زوجته بالنشوز ويتهمها بهجر مسكن الزوجية وحرمانه من رؤية أطفاله