تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يدخل العالم نهاية مرحلة ربع القرن الأول من الألفية الثانية مع حلول العام الجديد 2025. وقد حملت المرحلة الزمنية الماضية في جعبتها أحداثاً تاريخية مهولة انطبعت في ذاكرة الدول والشعوب، وشكلت منعطفاً لتغيرات كارثية شهدها العالم على مختلف الأصعدة خلال عقدين ونصف من القرن الحادي والعشرين.

وكانت البداية المدوية بمشكلة الألفية أو (millennium bug) ثم  هجمات 11 سبتمبر 2001  التي أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عنها بعد أن رعته الولايات المتحدة في أفغانستان، وكانت التداعيات السياسية لهذه الهجمات كارثية خاصة على الدول العربية وغيّرت مجرى تاريخ دول وشعوب، وكانت مقدمة لإعادة صياغة شرق أوسط جديد بدءاً باحتلال العراق وسقوط بغداد في إبريل 2003، بعد نحو 3 أسابيع من حملة "الصدمة والترويع" التى تم التمهيد لها بكذبة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، لتنتشر بعدها الفوضى والدمار وتتبدد معها الأحلام الوردية التي وعد بها الأمريكان العراقيين والذين اكتشفوا بعد فوات الأوان أن الهدف الاستراتيجي للأمريكيين هو تدمير العراق وتقسيمه والقضاء على مقدراته ونهب ثرواته وإعادة تقسيم المنطقة.

ولم يكد العالم يلتقط أنفاسه من الحرب على العراق حتى انطلقت الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في يوليو 2006 وكان هدفها القضاء على حزب الله ونقل لبنان من محور الممانعة والرفض للمشروع الأمريكي إلى محور التبعية الكاملة له. واستصدرت أمريكا مع بقية حلفائها القرار 1559 الذي يخدم مصلحة الكيان المحتل واختصر المسألة بتغيير النظام في لبنان، وعزل سوريا وتجريد حزب الله من سلاحه؛ والأمران الأخيران هما بيت القصيد حيث سعت الدولة العبرية لتحقيقه منذ 2000 ونفذته في 2024. 

ولم تكن المنطقة العربية قد لملمت جراحها وتجاوزت خسائرها عندما بدأت أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة في 2007 والتي سرعان ما تحولت إلى زلزال اقتصادي عالمي مع حلول 2008. ولعبت العولمة الكريهة دورها في انتقال الأزمة بسرعة البرق إلى مختلف دول العالم ولم ينج من عدوى تنين العولمة أحد. 

وجاء بعد ذلك الزلزال الذي رسم خريطة الشرق الأوسط الحديث مع أول شرارة لـ"الربيع العربي" أطلقها "البوعزيزي" في تونس عندما أشعل النيران في نفسه يوم 17 ديسمبر 2010، لتمتد بعد ذلك الأحداث إلى مصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين. وتلتها موجات أخرى في السودان ولبنان. وما زالت تداعياتها المدمرة على المنطقة العربية مستمرة وتحولت خلالها الأحلام إلى كوابيس، وغرقت معظم الدول في الصراعات والأزمات والديون. ثم أجهزت جائحة كورونا على ما تبقى من مقومات الصمود. ولحقتها الحرب الأوكرانية، ثم الحرب على غزة ولبنان انتهاءً بسوريا وسقوط نظام الأسد والخطة الآن تدمير ما تبقى من اليمن.

وبالعودة إلى مثل هذا اليوم قبل 25 عاما عندما كان العالم يحتفل بولادة قرن جديد، لم يكن يشغله سوى فكرة أن أجهزة الكمبيوتر ستفشل بشكل كارثي مع حلول العام 2000 وعاشت شعوب العالم حالة من الرعب واحتلت هذه القضية قمة أجندة الدول وأجهزتها الأمنية والعسكرية على امتداد سنوات بسبب احتمالات الأعطال نتيجة إضافة "صفر الألفية الثانية". وعندما أصبح من الواضح أن الكارثة لن تقع، ظهر بعض المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات ليقولوا إن الأمر كله كان ذعرًا لا طائل منه وإهدارًا هائلاً للمال حيث أنفق حوالي 300 مليار دولار لخطط التصدي للمجهول، وهذه في نظر هؤلاء كانت مجرد "خدعة" لتحقيق مكاسب ضخمة لشركات تكنولوجيا عالمية. 

وأذكر أني كنت أعمل في ذلك الوقت في جريدة "العالم اليوم" الاقتصادية التي ترجمت مقالاً أثار هلع الرأي العام العالمي في ذلك الوقت عام 1993 نشرته مجلة عالم الكمبيوتر تحت عنوان "نهاية العالم عام 2000". ويطرح مخاوف متخصصي تكنولوجيا المعلومات من احتمالات كارثة لأن أجهزة الكمبيوتر تخزّن التواريخ المكونة من ستة أرقام لكن مع اللحظة الأولى في الألفية الثانية قد تعتقد الأجهزة أن التاريخ هو الأول من يناير 1900 بدلا من عام 2000 مما قد يتسبب في أخطاء في أنظمتها. 

لكن كما تعلمون لم يحدث شيء من تلك المخاطر، ونشرت الصحف خبراً صباح الألفية الجديدة عن حدوث أعطال محدودة في بعض الأجهزة الطبية في عدد من الدول. واتضح كالعادة أنه موسم من مواسم الذعر(panic)، أصبحنا نعرفها جيدا الآن بعد مرور 25 عاما من الخدع والكذب؛ وهو هلع "بفلوس"، بمعنى أن الفزاعة تتيح صرف مليارات من الدولارات -تكفي لتسد جوع فقراء العالم-  تحت دعاوى مختلفة في كل مرة منها تحديث الأنظمة، وإنقاذ العالم من كيمياوي صدام، وإنقاذ البشرية من فيروس قاتل وهكذا الدعاوى لا تنتهي. وهي استخدام لنظرية الدومينو في كل مرة حيث يتم نشر الخوف والترويج بأنه إذا سقطت قطعة من الدومينو ستنهار بقية القطع، ويدخل العالم في مواجهة مع "المجهول" وهي قصة مثالية للتعبئة العامة، مع إطلاق الخيال لتصورات حول ما سيحدث من أهوال.

وإذا ثمة درس يمكن استخلاصه من هذه الأحداث المهولة في ربع قرن مضى فهو ضرورة استفاقة الشعوب إزاء هذه الخدع والأكاذيب التي لا تخدم إلا خطط مجلس إدارة العالم الذي لا يهمه شعوباً ولا إنقاذ حضارات هو من يتعمد إسقاطها، بل تحقيق أرباح ومكاسب تذهب للشركات العالمية التي تدير وتتحكم في سياسيي الدول الكبرى وليس العكس، وهي شركات السلاح والدواء والتكنولوجيا. فهل نفهم الدرس؟! 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نشرة البوابة نيوز الحرب على العراق لبنان

إقرأ أيضاً:

لو السودان سقط في الحرب، لا قدّر الله، ح تسقط وراه كلّ الدول العربيّة، الأفريقيّة، والمسلمة

ما بين تكريم فارس النور كنموذج لرائد العمل الخيري؛
وتكريم “حفيد السلطان على دينار” كـ”أفضل رجل أعمال في الشرق الأوسط”؛
عايشنا فصول من المسرحيّات السمجة لصناعة الأبطال ومحاولات تلتيق سرديّات تاريخيّة تخدم الأجندة المرسومة؛
– تلميع احمد الضي في عصيان نوفمبر، واختراع شخصيّات وهميّة زي ام كبس؛
– فلم “الثورة” المهندسة، الذي اصطدم باندلاع ثورة حقيقيّة، خرجت تماماً عن السيناريو المرسوم؛
– سكيتشات دسّيسمان وحلمي؛
– فلم المؤسّس، وبطله الذي يفتقر لأبسط مقوّمات القيادة؛
– محاولة اغتيال حمدوك، ولجنة تحقيق FBI؛
وانت ماش لحدّي الحركة الدراميّة الليلة بتاعة توقيف عرمان بالانتربول؛
الما لقوا ليها مكان غير كينيا!!
وقصاصات كثيرة بين ذلك؛
توقيف خالد سلك في مطار الخرطوم حين عودته بعد الثورة؛
قميص مدني المشروط في الاعتصام؛
مليارات محمّد عصمت الفي ماليزيا؛
الخ؛
ما كلّ القصص دي بالضرورة مختلقة؛
لكن حتّى الحصل تلقائياً منّها جرى توظيفه ضمن السيناريو المخطّط؛
يعني أيّ زول بيظهر مع الأحداث، بيحاولوا يشتروه، ولو ما نفع، بيحاولوا يطفوه ويشيطنوه ويكوزنوه؛
الهدف واضح ومكشوف؛
وهو محاولة صنع دولة وهميّة جديدة في النموذج المرسوم للقارّة الأفريقيّة؛
على غرار رواندا وإثيوبيا؛
يتم أسطرة قائدها؛
ومنحه جائزة نوبل للسلام؛
وتلميعه في الميديا؛
وتتدفّق الاستثمارات؛
وتتدافع المنح؛
بينما يتمّ تدجين شعبها ومحو إرادته!
الحاجة الفشّلت التمثيليّات دي كلّها إنّها بتتمثّل في المسرح الغلط؛
ما قدروا السودان حقّ قدره؛
الشعب السوداني شعب حُر وإرادته قويّة؛
عنده تاريخ بفخر بيه وثقافة بعتز بيها، ما ببدّلها بي شويّة عمارات مجلّدة بالألمنيوم؛
وعنده تركيبة ديموقراطيّة طبيعيّة، ما منتظر يركّبوا فيه ديموقراطيّة دولة ملكيّة ومجتمع طبقي زي بريطانيا؛
وعنده رموزه في الفن البتعرفهم افريقيا السوداء، وبيجهلهم الرجل الأبيض؛
وعنده متطوّعينّه الما راجين جزاء ولا شكورا، ما راجي زول يعلّمه العمل الطوعي؛
وعنده روّاده، ما راجي الدمى بتاعة مسرح العرايس ديل؛
#السودان_للسودانيين!!
الحمد لله، كلّ المسرحيّات السمجة دي انتهت؛
والمسرح نفسه الحمد لله اتنقل خارج الحدود، وبقى يبث عروضه من نيروبي حاليّا، لحدّي ما نحرّر أرضنا ونحرّر كينيا وكل دول أفريقيا من التبعيّة؛
الحرب دي اتفرضت علينا كواحد من سيناريوهات إخضاعنا وتدجينّا؛
وكلمة بقولها والله يشهد عليها والتاريخ يسألني منّها:
لو السودان سقط في الحرب دي، لا قدّر الله، ح تسقط وراه كلّ الدول العربيّة، الأفريقيّة، والمسلمة؛
ف الحرب الحاليّة في السودان دي مصيريّة لكل أفريقيا، كلّ العرب، وكلّ المسلمين؛
وح ننتصر بإذن المولى عزّ وجلّ؛
بمجهودنا وعزيمتنا؛
وبمساعدة اخوانّا من الشعوب القريبة الشقيقة؛
وكلّ شعوب العالم الحرّة؛
﴿أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحتَمَلَ السَّيلُ زَبَدًا رابِيًا وَمِمّا يوقِدونَ عَلَيهِ فِى النّارِ ابتِغاءَ حِليَةٍ أَو مَتٰعٍ زَبَدٌ مِثلُهُ كَذٰلِكَ يَضرِبُ اللَّهُ الحَقَّ وَالبٰطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفاءً وَأَمّا ما يَنفَعُ النّاسَ فَيَمكُثُ فِى الأَرضِ كَذٰلِكَ يَضرِبُ اللَّهُ الأَمثالَ﴾ [الرعد ١٧]


عبد الله جعفر
٦ مارس ٢٠٢٥

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)
  • المتحدث باسم وزارة الدفاع: ‏بعد استعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل.. البدء في المرحلة الثانية التي تهدف إلى ملاحقة فلول وضباط نظام الأسد البائد في الأرياف والجبال
  • إجلاء 2000 شخص.. ألمانيا تعثر على 4 قنابل من الحرب العالمية
  • مخاوف حول تنظيم كأس العالم 2026.. ما الصعوبات التي ستواجهها أمريكا؟
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم
  • حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج
  • لو السودان سقط في الحرب، لا قدّر الله، ح تسقط وراه كلّ الدول العربيّة، الأفريقيّة، والمسلمة
  • البايض: أقدر أطلع سطح برج المملكة بثانية واحدة ومعي تركي آل الشيخ ..فيديو
  • 2030.. «ثلث العالم» في «المونديال»!
  • قنبلة من الحرب العالمية الثانية تشلّ حركة القطارات في باريس