عام التحولات والنكبات العربية
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
هذا هو آخر أيام عام 2024 وبعد انطواء آخر ساعاته يدخل العام الأكثر تحولا فـي منطقة الشرق الأوسط فـي عهدة التاريخ إلا أن تحولاته الدراماتيكية خاصة فـي منطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تشكل مستقبل المنطقة وتعيد رسم توازناتها وربما حدودها السياسية وموازين القوة فـيها بل إنها قد تعيد تشكيل الكثير من الأيديولوجيات السياسية فـيها.
ولن ينسى العالم الأحداث الكبرى والمحورية التي شهدها عام 2024، وسيتذكره العالم العربي بأنه العام الأكثر تأثيرا فـي مسارات الأحداث وخاصة القضية الفلسطينية.
ورغم أن الدبلوماسية فـي منطقة الشرق الأوسط كانت على الدوام على حافة الهاوية رغم الحديث المتواصل بأنها هي التي تحافظ على التوازن بين صوت العقل وصوت البندقية إلا أنها توارت تماما فـي عام 2024 لصالح السلاح الذي استخدمته دولة الاحتلال الإسرائيلي بدعم غربي فـي إبادة الشعب الفلسطيني فـي قطاع غزة وفـي لبنان ونجحت إلى حد كبير فـي القضاء على ما كان يعرف بمحور المقاومة بعد المجازر التي ارتكبتها فـي غزة والقضاء على قيادات حركة حماس فـي الداخل والخارج، وفـي لبنان والقضاء على قيادات حزب الله وتكبيده خسائر فادحة جدا لم تكن قابلة للتصور بنفس بالمسار الذي حدث عند بداية هذا العام. وكانت ثالثة الأثافـي التي أتت على محور المقاومة هي سقوط «نظام» بشار الأسد ما يعني، أيضا، قطع طرق الإمداد على حزب الله وخسارة شريك أساسي للحزب وكذلك لإيران التي تدعم الحزب وتسلحه.
لكن محور التغير الذي شهده عام 2024 يتمثل فـي التغيير الأيديولوجي الجذري الذي حدث فـي سوريا بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة وسقوط حزب البعث ومع سقوط التحالفات السياسية والعسكرية التي كان يقيمها الحزب طوال العقود الخمسة الماضية. والأيديولوجية التي تتبناها السلطة الجديدة فـي سوريا تنتمي إلى الإسلام السياسي الذي يقيم قطيعة كاملة مع إيران ومع حزب الله ما يعني التفكك الجذري العميق لفكرة محور المقاومة.
لكن سوريا بأيديلوجيتها الجديدة تحتاج إلى سنوات طويلة إذا أرادت أن تعود إلى المقاومة من أجل استعادة أراضيها المحتلة؛ فالدولة فـي وضعها الحالي لا تملك أي بنية أساسية عسكرية ولا تملك حتى الآن جيشا نظاميا بعد فرار الجيش وتفرقه وبعد أن قضت إسرائيل على كل القواعد الجوية والبحرية فـي اللحظة التي كان فـيها السوريون يحتفلون بالحرية إثر سقوط النظام السابق.
وإذا كانت إيران قد دخلت لأول مرة فـي تاريخها فـي مواجهة مباشرة مع إسرائيل خلال عام 2024 إلا أنها تجد نفسها الآن فـي حالة صعبة بعد تفكك محور المقاومة وبشكل خاص حزب الله الذي سيحتاج إلى سنوات ليعيد قوته إلى سابق عهدها رغم أن هذا الأمر يبدو بعيد المنال فـي ظل التحولات فـي المنطقة وإعادة رسم حدود القوة فـيها.
ومن الشمال إلى الجنوب حيث شهد اليمن، الذي عاش فـي حالة حرب دامية وغياب الدولة خلال العقد الماضي، تحولا جذريا أيضا بعد أن دخل أنصار الله «الحوثيين» فـي مواجهات مباشرة مع إسرائيل سواء فـي تل أبيب أو فـي صنعاء. لكن من المهم خلال العام القادم مراقبة تطور تسليح أنصار الله لفهم ديناميكية التحولات وما يصاحبها من تغيير فـي موازين القوى.
سيكون العالم على موعد مع نتائج الكثير من هذه التحولات مع دخول الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب إلى البيت الأبيض فـي العشرين من يناير القادم، وحينما يمكن أن تبدأ الكثير من الأحداث التكامل بعضها مع بعض وتكشف عن نفسها بشكل أكثر وضوحا.
لكن العام 2024 رغم كل ما به من تحولات وما شهده من إبادة جماعية فـي غزة، وظهور الوجه الحقيقي للنظام العالمي الذي بدا واضحا أنه غير معني أبدا بقيمه ومبادئه التي يتكئ عليها وفـي مقدمتها حقوق الإنسان والعدالة والكرامة الإنسانية إلا أن العام القادم يمكن أن يكون أسوأ بكثير مما شهدناه خاصة فـي منطقة الشرق الأوسط.
وعلى الدول العربية أيضا مراقبة نفسها خاصة وأن ثمة روحا بدأت تنتعش فـي بعض الدول وتحلم باستكمال مشروع «الربيع العربي» وإن كان بنسخة جديدة أكثر تحديثا بعد نجاح الأمر فـي سوريا. ويحتاج هذا فهم التحركات العالمية والقوى التي تدعم مثل هذه الحراكات فـي العالم العربي.
لكن هذا لا يعني أن على العالم، وخاصة العرب، أن يفقدوا الأمل فـي غد يمكن أن يكون أكثر إشراقا وأكثر اختلافا وأكثر قدرة على مواكبة التحولات الإيجابية التي تحدث فـي العالم مثل التحولات التكنولوجية والعلمية والاقتصادية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی منطقة الشرق الأوسط محور المقاومة حزب الله إلا أن عام 2024
إقرأ أيضاً:
نص الخطاب الذي سلمته اللجنة العليا للحملة القومية لنجدة الفاشر إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة
سعادة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة @ant0ni0guterresتحية طيبة وبعد،،نخاطبكم اليوم بخصوص الفاشر رمز الصمود في وجه الحصار والعدوان بواسطة مليشيا الدعم السريع، ونعلم أنكم على علم بما يحدث فيها وقطعاً هذا لا يفوت عليكم.تعلمون أن مدينة الفاشر تتعرض إلى أكبر حصار خانق يتمثل في قطع الإمدادات الغذائية والصحية والمياه، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، وظلت المدينة تحت القصف والهجمات بشكل يومي من قبل قوات مليشيا الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في ١٥ ابريل ٢٠٢٣ حتى هذه اللحظة٠يعيش أهالي الفاشر في ظروف قاسية وبالغة التعقيد، حيث أصبحت أسعار المواد الغذائية برغم قلتها وعدم توفرها في الأسواق تتصاعد بشكل جنوني. كما أن الوضع الصحي آخذ في التدهور بعد استهداف مليشيا الدعم السريع للمستشفيات والمرافق الصحية والكوادر الطبية، حيث يعاني العديد من المواطنين من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة لكنهم غير قادرين على الوصول إلى المرافق الصحية بسبب الحصار الجائر.السيد الأمين العام، إن حياة أكثر من ثلاثة مليون نسمة في مدينة الفاشر وحدها معرضين للإبادة الجماعية بوقائع مؤكدة تستوجب التدخل العاجل لإنقاذ المدينة من العدوان البربري عليها من قبل مليشيا الدعم السريع ٠٠ فالسكوت وعدم التحرك لمنع هذه الجريمة ستكون جريمة ووصمة عار لا تقل سوءا عن جريمة الابادة التي تشرع المليشيا في ارتكابها ٠٠ وللأسف قد تقع الجريمة تحت بصركم إن لم يقم مجلس الأمن بمسئوليته تجاه الفاشر وبقية المدن المتبقية و من بينها تنفيذ قراري مجلس الأمن ١٥٩١ و٢٧٣٦.هناك ادلة وبينات عن مرتكب جريمة غزو السودان والسعي لخلق مأساة إنسانية بترويع المواطنين ودفعهم للتهجير القسري، وكلها وسائل غير أخلاقية٠ وتضاف اليها تجويع المواطنين ومنع الماء عن المواطن، باستهداف مرافق المياه القليلة لإجبار أهل الفاشر للاستسلام، ولاستباحتها مثلما استبيحت مدنا اخرى في السودان٠لم يعد السكوت على جريمة العدوان والتخطيط لإبادة سكان مدينة الفاشر مقبولا، وشعبنا لن يغفر لدول العالم خذلانها له، فمنظمتكم السيد الأمين العام ؛ لا تُشعر السودانيين انها تفعل شيء تجاه الانتهاكات الجسيمة للسودانيين من قبل المليشيا المتمردة وكفلائها الظاهر منهم مثل دولة الإمارات وبعض دول جوارنا والمتستر التي تنكرت للجيرة، ونعلم أنه ما كان ممكنا جرأتهم على الاعتداء لولا مباركة بعض الدول الكبرى، أو غضها الطرف عن أفعالهم وجرائمهم٠إن إقدام الدعم السريع على اجتياح معسكر زمزم وارتكاب جرائم حرب فيها، وحصار الفاشر يمثل خرقاً فاضحاً لأبسط مبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، حيث يُعاقب المدنيين على صراعات ليس لهم يد فيها، كما أن الحصار يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يُلزم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية لهم.السيد الأمين العام،خرجنا اليوم من مدينة بورتسودان استنكارا على السكوت أمام جريمة تكاد تقع أمام سمعكم وبصركم في أية لحظة على مدينة كان الأجدر أن تُحمى كمحمية أثرية بما تحمل من معالم تراث إنساني، وخرجنا منبهين لكارثة مخطط لها لإبادة أكثر من ثلاثة مليون نفس بالحصار المطبق وبمنع الماء والغذاء والدواء ٠خرجنا مطالبين بإنقاذ حياة هؤلاء عبر جسر جوي عاجل يسقط الطعام والماء والدواء والكساء، وإجراءات تبعد الغزاة وتفك حصار الفاشر، فالعدو يُحكِم على طرقٍ من الممكن مد المدينة باحتياجاتها الغذائية عبرها من جبل مرة التي لا تبعد كثيرا عن الفاشر أو من الدبة. وندعو إلى جعل المناطق التي أوى إليها من استطاع الخروج من الفاشر ومعسكر زمزم، مناطق إسقاط للمعونات الإنسانية مثل طويلة وروكرو وتارني ٠٠إن الأوضاع الحالية والانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها مليشيا الدعم السريع في الفاشر وزمزم وأم كدادة وبروش والمالحة وغيرها من المناطق في دارفور، تستوجب على الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ خطوات جادة في هذا الاتجاه، بما في ذلك تطبيق عقوبات على قيادة الدعم السريع المسؤولة عن هذه الانتهاكات. وقد حان الوقت ليتدخل المجتمع الدولي بحزم، وخصوصاً الأمم المتحدة، لإجبار مليشيا الدعم السريع على إنهاء هذا الحصار الظالم.السيد الأمين العام للأمم المتحدة،أن الشعب السوداني، واحرار العالم سيراقبون جهودكم العملية المشهودة والمحسوسة لوقف إبادة وشيكة تخطط لها مليشيا الدعم السريع وحلفائها لواحدة من أقدم مدن أفريقيا جنوب الصحراء.وأخيرا نرجو لكم التوفيق قياما بأداء واجبكم المنوط بكم. وصونا للأمن والسلام في العالم ٠٠والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،اللجنة العليا للحملة القومية لنجدة الفاشر الخميس ٢٤/٤/٢٠٢٥بورتسودان إنضم لقناة النيلين على واتساب