تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

انتهى عام ٢٠٢٤ بحلوه ومرة، وإنّ كانت حروب وصراعات هذا العام هى العنوان الأبرز، وهو ما سوف ينعكس بصورة عامة على أمن واستقرار العالم؛ فمنذ انطلاق شرارة الحرب الأوكرانية قبل أكثر من عامين والحرب الإسرائيلية قبل أكثر من عام، إلا أنّ تبعات هذين الحربين الكبيرين ظهرت فى الفوضى التى ضربت المنطقة العربية والعالم.


سقطت دول وتشكلت أخرى على خلفية هذه الفوضى، ولعل الحرب الأوكرانية كانت نموذجا للتأثير الدولي، بينما ظلت الحرب الإسرائيلية النموذج المصغر للتأثير الإقليمي؛ صحيح الحرب الأهلية فى السودان سبقت أحداث ٧ أكتوبر عام ٢٠٢٣، ولكن تظل الحرب الإسرائيلية علامة فارقة على فوضى المنطقة العربية.
فالحرب الإسرائيلية شكلت المنطقة العربية وأعادت رسم خريطتها من جديد؛ خاصة بعد الحرب التى شنتها إسرائيل ضد حزب الله اللبنانى في الجنوب، وما تقوم به إسرائيل بين الوقت والآخر من ضربات فى العمق اليمني، وبخاصة المناطق التى يُسيطر عليها أنصار الله أو الحوثيون وبخاصة فى العاصمة صنعاء، والأهم من هذا وذاك، تغيير النظام السياسي في سوريا.
اتجهت إسرائيل إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يُحافظ على أمنها، أو يُعيد آلة الردع الإسرائيلى التى اهتزت بعد العمليات العسكرية التى قامت بها حركة حماس؛ فكل ما حدث فى المنطقة العربية كان نتيجة مباشرة لتحرك حماس العسكرى قبل أكثر من عام، حتى الدول التى أصابتها الفوضى قبل هذا التاريخ تأثره سلبًا بعد هذه الأحداث.
 

مؤشر الإرهاب فى عام ٢٠٢٤ وتطلعات المستقبل:


يرتفع مؤشر الإرهاب العالمى فى العام ٢٠٢٤ عن عام ٢٠٢٣ بنسبة تُقدر بـ ٢٢٪، بما يُعنى أنه مازال يُمثل تهديدًا عالميًا خطيرًا، حيث ارتفع إجمالى الوفيات الناجمة عن الإرهاب إلى ٨٣٥٢ عن عام ٢٠٢٣، وهو الآن أعلى مستوى له.


وقياسًا للمقارنة بين ارتفاع مؤشر الإرهاب فى عام ٢٠٢٤ عن العام السابق له؛ فإنّ مؤشر الإرهاب قد يرتفع بنسبة تصل إلى ٥٠٪، على اعتبار ارتفاع المؤشر فى العام السابق، فضلًا عن الاضطرابات والحروب والصراعات التى ضربت المنطقة العربية، خاصة وأنّ هناك توجها بتصعيّد تنظيمات الإسلام السياسي في إطار رسم خريطة الشرق الأوسط.


الظروف السياسية التى طرأت على المنطقة العربية سوف تدفع فى اتجاه ارتفاع مؤشر الإرهاب، خاصة وأنّ هناك قوى صاعدة إقليميًا وهى تركيا، تسعى لامتلاك نفوذ أكبر من خلال تنظيمات الإسلام السياسي، وبخاصة التنظيمات الراديكالية العنيفة، والتى باتت أكثر ولاءً لها سواء الموجودة فى سوريا أو فى الغرب الليبي.


التطلعات إلى منطقة أكثر استقرارًا أو إلى عالم يسوده الأمن، جزء من الخيال، خاصة وأنّ أوراق اللعبة باتت فى يد دول عالمية وإقليمية تبحث عن مصالحها الخاصة، حتى ولو كان ذلك من خلال دعم التنظيمات الإسلاموية الراديكالية التى سبق ووضعت على قوائم الإرهاب العالمية من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 


المستقبل لا يحمل إلى أيام حبلى بتنظيمات الإسلام السياسى بمختلف أنواعها، ليست التنظيمات الدعوية أو تلك التى تمسك العصا من الوسط، ولكن التنظيمات الأكثر تطرفًا، بهدف تحقيق المصلحة السياسية الخاصة، حتى وإنّ هدد ذلك أمن العالم.


بيئة العنف والصراعات 


انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بصراعها فى أوكرانيا أثر على جهودها فى مكافحة الإرهاب، وهو ما انعكس على تنامى ظاهرة الإرهاب العالمي، الأمر ينطبق أيضًا على أوروبا التى خرجت تباعًا من أفريقيا، وبخاصة فرنسا بعد عدد من الانقلابات العسكرية، وهنا خسرت واشنطن وكثير من الدول الأوروبية وجودها ونشاطها فى القارة السمراء، وبالتالى تأثيرها فى مواجهة تنظيمات العنف والتطرف.


خطيئة الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولى الذى تحرك وراءها لم يقتصر فقط على الحرب الإسرائيلية ولكن انتقل إلى الدعم اللا محدود لإسرائيل، وهو ما خلق حالة من الفوضى، استفادت منها جماعات العنف والتطرف، وبخاصة تنظيم داعش، الذى نظم صفوفه فى بعض المناطق مثل البادية السورية زالمناطق الصحراوية على الحدود العراقية.


الصراع الإسرائيلى انتقل إلى إيران وأذرعها فى المنطقة العربية، وهو ما وسع من دائرته، ولعله هو المسئول الأول عن تغيير النظام السياسى فى سوريا؛ فقد أعطيت هيئة تحرير الشام الضوء الأخضر فى التحرك للسيطرة على المحافظات السورية الأخرى، خاصة وأنها كانت تُسيطر على محافظة إدلب، ومن هنا سقطت كل المحافظات حتى سقطت العاصمة دمشق، والهدف هو إسقاط النفوذ الإيرانى فى المنطقة.


الأدوات التى تم استخدامها كانت جماعات العنف والتطرف ذات الخلفية السنية، القاعدة وداعش ومن سار على نحوهما، وتمت الاستعانة بتركيا فى رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، ولكن الهدف الأهم هو اسقاط الإمبراطورية الإيرانية والتى وصلت إلى ٤ دول عربية، ومنها سوريا.


لما تمثله سوريا من دعم كبير لحزب الله اللبناني، نظرًا لوجود حدود مشتركة يتم تهريب الأسلحة من خلالها، وهنا نجحت إسرائيل فى توظيف الصراع لصالحها، كما فعلت واشنطن من قبل فى الحرب الأفغانية فى العام ١٩٧٩، عندما دعمت ما أطلق عليهم المجاهدون العرب، فى مواجهة التمدد الروسي، وهؤلاء هم من شكلوا فيما بعد نواة القاعدة، ومنها تشكل تنظيم داعش.


واشنطن وأمريكا تُعيد تشكيل الشرق الأوسط بما يُحقق أمن إسرائيل، وتستخدم فى ذلك التنظيمات الإسلاموية الراديكالية؛ فهى بديل إيران وأذرعها فى المنطقة، وتركيا هى عرّاب هذا التغيير، على اعتبارها كبرى الدول التى تمثل العالم السني، ولديها استعداد للقيام بهذا الدور، بل بذلت جهودًا فى سبيل تحقيق ذلك.


فى الحقيقة أنّ أى تغيير يحدث فى منطقة الشرق الأوسط ليس له علاقة بالانتصار للحريات ولا بدعم الاستقرار، ولكنه مرتبط فى الأساس بتحقيق أمن الحليف الأمريكي؛ فما حدث من تغيير سابق أو لاحق لا يرتبط برغبة الشعوب العربية بعودة الإسلاميين ولا بصعودهم، ولكنه مرتبط بالأساس بتحقيق أمن إسرائيل.
٢٠٢٥ عام تمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية
المتوقع أنّ تكون هناك محاولات أمريكية وإسرائيلية لتمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية فى العام ٢٠٢٥ بهدف خلق بديل لأذرع إيران، خاصة وأنّ التنظيمات الإسلاموية المتطرفة ليس لديها مانع فى أنّ تقوم بالدور الأمريكى والإسرائيلى فى التغيير المطلوب بعد خسائرها خلال عام ٢٠٢٤ وما قبله.
وهذا يُعنى أنّ هذه التنظيمات قرأت ما يحدث على الساحة بعمق وحاولت أنّ تستفيد منه؛ فعرضت نفسها، ليس هذا فحسب ولكنها قدمت عروضًا للتنازل عن بعض القناعات مقابل أنّ تكون موجودة فى السلطة، ولعل هذا بدا واضحًا بصورة كبيرة فى الحالة السورية حتى هذه اللحظة.
ما حدث فى سوريا مرشحًا للتكرار فى عدة دول أخرى مثال، ليبيا واليمن، ولذلك التنظيمات المتطرفة تقوم بإعداد نفسها فى هذه الدول، ولعلها تقوم بتقديم فروض الطاعة والولاء، وهنا تبدو المصلحة متبادلة بين ما تُريده واشنطن وترغب تل أبيب فى تحقيقه، وما بين ما تُريد التنظيمات الراديكالية؛ رغبة أمريكا وإسرائيل مرتبطة بتحقيق مصالحهما حتى ولو كان ذلك من خلال صعود تنظيمات العنف والتطرف.
وهنا لابد من استيعاب مخطط تمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية ومحاولة التعامل معه بحكمة وحنكة؛ صحيح هناك مشروع إيرانى يمثل خطرًا على الخليج وأمنه، ولكن التماهى مع مشروع التنظيمات المتطرفة لا يقل خطرًا عن المشروع الأول، وهنا لابد من مواجهة كل المشاريع التى تمثل خطورة على أمن المنطقة والعالم بشكل متواز.
لابد من الوقوف أمام كل المشاريع التى تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة العربية؛ صحيح هناك أولويات فى مواجهة هذه المشاريع، ولكن من المهم الانتباه إلى خطورة كل هذه المشاريع، ومواجهتها فى توقيت واحد أو الاستعداد لهذه المواجهة، قد يحدث تلاقى فى الأهداف، ولكن مهم استيعاب هذه المساحة والقفز عليها لمصلحة أهم وهو تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة جماعات العنف والتطرف فى نفس الوقت.
التقاعس عن القيام بهذا الدور قد لا تقل نتيجته عن خطر المشروع الإيرانى أو التركى أو حتى الإسرائيلي، وكل منهما يُريد أنّ يكون له دور إقليمى أكبر من حجمه، أو يُريد حجم يزيد على حجمه الطبيعى من خلال احتلال مزيد من الأرض أو احتلال القرار فى بعض الدول، وبالتالى من المهم مواجهة كل المشاريع التى تُهدد أمن المنطقة فى وقت واحد.
مستقبل المنطقة العربية 
جزء من علاج الواقع مرتبط بتشخيص الحاضر، وبما أننا نودع عام ٢٠٢٤ بمؤشر مرتفع للإرهاب، فى ظل حروب وصراعات تصب فى اتجاه تنامى جماعات العنف والتطرف، فلابد من رسم خطوط المواجهة وتحديد الأهداف، بحيث تكون مركزة على تفكيك التنظيمات المتطرفة وأفكارها المؤسسة، وأنّ يكون ذلك بصورة مجردة، بمعنى ألا تعوق المصالح السياسية الضيقة عن القيام بهذا الهدف. 
لابد من إنشاء تحالف عربى يتم استقطاب فيه الدول الكبرى لمواجهة تنامى جماعات العنف والتطرف وتوفير حاضنة لها، مع توفير بدائل لحلول أخرى بعيدًا عن استقدام هذه التنظيمات أو استخدامها فى المواجهة، وأنّ تنحى المصالح السياسية الضيقة مقابل مواجهة التحدى الأكبر والأبرز والمتمثل فى مواجهة التنظيمات المتطرفة عابرة الحدود والقارات.
لابد من إنشاء هذا التحالف سريعًا أو الدعوة لإنشائه بعد وضع تصور عام لدوره، وأنّ يكون هناك نقاش مفتوح حول ما يمكن أنّ يحققه على المدى القريب والبعيد، وأنّ يتم التركيز فى المناقشات حول البدائل التى يقدمها هذا التحالف كحلول بحيث لا تصعد هذه التنظيمات، ليس هذا فحسب ولكن أنّ تكون هناك خطة للمواجهة.
لابد أنّ تكون هناك نقاشات عميقة حول هذا المقترح، ويتم تداول هذه النقاشات على مساحة أوسع من الكتّاب والمفكرين والباحثين والمراقبين، بحيث توضع ملامح التحالف وأهدافه ورؤاه وما يمكن أنّ يحققه، ثم يتم تنفيذ التحالف فينتقل من مجرد فكرة جاءت متأخرة إلى واقع لابد من تنفيذه بأدوات عصرية وسريعة تناسب الواقع.
تقديرى لهذا التحالف أنّ تكون جمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هم نواة هذا التحالف لمواجهة الخطر القادم من الخلف، ثم تنضم لهم عدد من دول المنطقة، ودول أخرى فى المحيط الإقليمى والدولي، فعلى قدر هذه الدول وحجمها وإيمانها بضرورة تفكيك هذه التنظيمات سوف يكون نجاح هذا التحالف.
القادم قد يكون أسوأ بكثير من الحاضر، ولذلك لابد أنّ يكون التحرك سريعًا فى اتجاه خلق المستقبل، خاصة وأنّ التنظيمات الإسلاموية الراديكالية تمر بعدة تحولات هدفها أنّ تقدم نفسها للظروف التى يعيشها العالم والمنطقة وتبدو حاضنة لهذه التنظيمات، وقف صعود هذه التنظيمات أولوية مهمة للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
٢٠٢٥ هو عام الحسم فى مستقبل المنطقة العربية، إما حسمًا فى وقف نزيف الصعود غير المبرر والداعم للتنظيمات المتطرفة أو مواجهة هذه التنظيمات بما يشل من قدراتها على الانتشار، وهنا يجب الانتباه والتخطيط والعمل فى استقبال هذا العالم.
وأخيرًا فإن مواجهة صعود التنظيمات الإسلاموية الراديكالية ليس ترفًا، ولا يمكن تأخير هذه المواجهة، فما تعيشه المنطقة العربية وما ينتظرها يتطلب سرعة المواجهة، وأنّ تكون مخططه بحيث تؤتى ثمارها وبما يعود بالفائدة على أمن الشرق الأوسط.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عام الحرب منير أديب العنف والتطرف سوريا صنعاء خريطة الشرق الأوسط الولايات المتحدة الأمريكية تركيا جماعات العنف التنظیمات المتطرفة الحرب الإسرائیلیة المنطقة العربیة هذه التنظیمات مؤشر الإرهاب الشرق الأوسط هذا التحالف فى المنطقة فى مواجهة خاصة وأن عام ٢٠٢٤ فى العام من خلال لابد من على أمن وهو ما التى ت

إقرأ أيضاً:

3 عواصم كبرى تناقش المسألة السورية.. مفكرون من واشنطن وموسكو والقاهرة يقدمون رؤيتهم حول المستقبل فى ظل التحديات الراهنة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع سقوط نظام بشار الأسد وهروبه برفقة عائلته إلى خارج البلاد، تواجه سوريا مرحلة مفصلية تحاول خلالها الخروج من النفق المظلم، ويظل مستقبل البلاد محط تساؤلات عالمية، حيث تتباين الرؤى حول ما سيحدث فى المرحلة المقبلة، وتعكس آراء مفكرين من ثلاث عواصم كبرى، استطلعتها «البوابة نيوز» وجهات نظر متنوعة بشأن مستقبل سوريا والتطورات المحتملة.

ويرى البعض أن الطريق نحو إعادة بناء سوريا يتطلب توافقًا داخليًا بين مختلف القوى السياسية والمجتمعية، إلى جانب دعم دولى فعّال يضمن استقرار البلاد على المدى الطويل. بينما يشكك آخرون فى قدرة الأطراف السورية المختلفة على الوصول إلى حل دائم فى ظل التدخلات المستمرة.

واشنطن

فى الولايات المتحدة، يؤكد جابريل صوما، مستشار الرئيس دونالد ترامب، أن السياسة الأمريكية تجاه الملف السورى كانت واضحة منذ البداية، إذ قامت على مبدأ عدم التدخل المباشر، مع تركيز الولايات المتحدة على مراقبة الوضع حتى تتضح ملامح المشهد السوري.

وأوضح أن الإدارة الأمريكية ربطت تعاملها مع الملف السورى بتطورات الأوضاع واستقرارها، مشيرًا إلى أن توجهات واشنطن تجاه سوريا ستتجلى بوضوح فور مباشرة حكومة ترامب الجديدة مهامها.

وعن ملف التطبيع بين سوريا وإسرائيل، أكد صوما أن هذه المسألة تعدّ محورًا أساسيًا فى السياسة الخارجية للرئيس ترامب، لا سيما فيما يخص الشرق الأوسط.

وقال إن ترامب يرى فى التطبيع وسيلة رئيسية لإنهاء النزاع العربي-الإسرائيلى بشكل كامل، وهو ما يعتبره عاملًا حاسمًا لتحقيق الاستقرار الإقليمي، مشيرا إلى أن التطبيع يمكن أن يسهم فى التخفيف من الأزمات التى تعانى منها المنطقة، مما يجعله إحدى القضايا الاستراتيجية التى تحظى باهتمام كبير فى السياسة الأمريكية.

 

جابريل صوما مستشار الرئيس دونالد ترامبرؤية غامضة

وقال مارك كيميت مساعد وزير الدفاع الأمريكى السابق، إن الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترامب لم تبلور بعد استراتيجية واضحة للتعامل مع الأزمات المتفاقمة فى سوريا وغزة، مما يعكس حالة من الغموض والارتباك فى سياساتها الخارجية تجاه الملفات الأكثر سخونة بالشرق الأوسط.

وأضاف، أن الأوضاع فى غزة تُنذر بمزيد من التصعيد، لكن من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة تقديم الدعم لكل من حماس وإسرائيل على حد سواء، فى محاولة لاحتواء التوترات المتصاعدة وامتصاص ذروة الأزمات. 

وفيما يتعلق بسوريا، أوضح أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن، كانت تتبنى سياسة واضحة تقوم على التعاون مع الحكومة السورية الجديدة لدعم إعادة إعمار البلاد وتخفيف المعاناة الإنسانية.

ومع ذلك، فإن إدارة ترامب الحالية لم تعلن حتى الآن عن أى موقف رسمى أو سياسة محددة للتعامل مع المشهد السورى المعقد، مما يثير تساؤلات حول أولوياتها وحجم تدخلها فى هذا الملف الحساس.

 

مارك كيميت مساعد وزير الدفاع الأمريكي 

أما توم حرب، رئيس التحالف الأمريكى الشرق أوسطي، وهو شخصية أمريكية بارزة، فقال إدارة ترامب لا تزال تعتبر الأوضاع غامضة، والرئيس السورى أحمد الشرع يطرح أمورًا، ولكنها لم تُترجم إلى أفعال على أرض الواقع، وتحرك المجتمع الدولى للقضاء على داعش، ولكن ظهر لاحقًا فى إدلب، بعد أن غيّر جبهة النصرة اسمها إلى "هيئة تحرير الشام"، وهذا الكيان اتخذ أسماء وصفات متعددة، لكن الهدف ظل واحدًا، إذ أن عقلية داعش منبثقة بشكل أساسى من فكر جماعة الإخوان والتطرف الدينى بأقصى حدوده.

وتابع، أن الرئيس السورى قام بتنفيذ إصلاحات داخل سوريا مع احترام التعددية والإثنيات والمنهجيات السائدة، باستثناء الفكر البعثي، وربما يفسر هذا الأمر لماذا بدأ المجتمع الدولى بالتقارب مع الشرع، لذلك، هناك وفود دولية تعتبر أن التفاوض معه قد يجلب الخير للشعب السوري، حيث يتميز بمنهجه التعددي، مما يمكن أن يحول دون انزلاق سوريا إلى مسار مشابه لما حدث فى أفغانستان.

وأوضح أن الغرب فى انتظار الخطوة التالية التى سيقوم بها أحمد الشرع ويتساءل، هل سيتجه نحو تشكيل حكومة انتقالية؟ أم هل سيبدأون فى دراسة الدستور وتشكيل لجان للعمل على وضع دستور جديد لسوريا فى المستقبل القريب؟ وإذا تحقق ذلك، فسيكون خطوة إيجابية، أما إذا لم يحدث، فقد يتجه الوضع نحو مسار سيئ، مع احتمال نشوب خلافات دموية داخل سوريا.

 

القواعد العسكرية والأقليات

وفقًا للمراقبين فى الولايات المتحدة الأمريكية، يُلاحظ وجود قواعد عسكرية فى شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى قاعدة التنف الواقعة بين الحدود الأردنية وشمال شرق سوريا فى منطقة الرقة، هذا الوجود العسكرى يمنح شعورًا بالطمأنينة للإثنيات الموجودة فى تلك المناطق.

أما فى منطقة السويداء، فلا شك بوجود الدروز الذين تربطهم اتصالات بدروز إسرائيل، حيث يعتبرون أنفسهم إلى حد ما تحت الغطاء الإسرائيلى فى حال تعرضوا لأى خطر.

وبالنسبة لبقية المجموعات الأقلية، مثل تلك الموجودة فى وادى النصاري، معلولا، اللاذقية، وطرطوس، فلا يزال هناك وجود عسكرى روسى فى تلك المناطق، وربما يتم التنسيق بين الأطراف لضمان حماية هذه المجموعات.

وتبقى الساحة السورية مفتوحة، حيث تشكل الأغلبية السكانية الطائفة السنية التى ينتمى إليها أحمد الشرع، 

والسؤال الآن: هل ستحدث اضطرابات فى مدن مثل حلب وحمص أو مناطق أخرى؟ أم أن الاضطرابات قد تتركز فى الشام، حيث توجد تعددية سكانية؟

وبالنسبة لتركيا، كعضو فى الناتو، فقال توم إنها تشكل تحديًا كبيرًا للحلف، خصوصًا بسبب دعمها لمجموعات متطرفة فى سوريا، وكما يبدو، فإن هناك تحديات محتملة بين الولايات المتحدة وتركيا، أو حتى بين الدول الأوروبية وتركيا، وكيف ستتطور هذه العلاقات؟ الأشهر القادمة ستكشف صورة أوضح.

وتابع، أن هناك الشق الاقتصادى الذى تحتاجه سوريا بشدة لإعادة الإعمار، حيث يتوقع أن تسهم الدول العربية فى عملية البناء، لكن يبقى السؤال: ما هى شروط هذه الدول المانحة؟ ومن هى الدول التى ستدخل بمصارفها إلى سوريا؟ هل ستكون المصارف التركية، الأردنية، أو المصرية جزءًا من هذه العملية؟

من سيشارك فى إعادة الإعمار؟ ومن هم الأطراف القادرة على تقديم المساعدة؟ هل سيكون ذلك عبر الشعب الأردنى أو المصري؟ جميع هذه الأسئلة ترتبط بالشق الاقتصادى لإعادة بناء سوريا. 

لكنه أوضح أن التحدى الأكبر سيكون من أين ستأتى الأموال؟ هل سيقدم البنك الدولى الدعم المالي؟ هذا يبدو مستبعدًا فى ظل الظروف الراهنة، حيث من المتوقع أن يضع البنك الدولى شروطًا صارمة، وكذلك الأوروبيون، الذين سيواجهون ضغوطًا من شعوبهم للتساؤل: لماذا تُمنح سوريا الأموال، خاصة إذا بقى أحمد الشرع متشددًا أو لم يحترم التعددية الموجودة؟

أما الدول العربية، فهى الأنسب لتقديم الدعم المالي، ولكنها ستواجه بدورها ضغوطًا من الولايات المتحدة لوضع شروط على أحمد الشرع قبل صرف أى أموال كل هذه الأمور ستتضح أكثر خلال الأشهر القادمة.

 

توم حرب رئيس رئيس التحالف الأمريكي الشرق أوسطيموسكو

 

تختلف وجهة النظر السورية عن تلك التى تبديها الولايات المتحدة بشأن الوضع فى سوريا، حيث يرى سيرجى ماركوف، المستشار السابق للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أن روسيا تتوقع حضورًا أكبر لسوريا فى المستقبل، ما يعنى زيادة فى تواجدها ومشاركتها فى مختلف المجالات، ويؤكد أن السيناريوهات المستقبلية لسوريا واسعة ومتعددة، مما يفتح المجال للعديد من الاحتمالات.

وأوضح، أن أحد الأسئلة الأساسية التى تطرح نفسها هو، كيف سيكون النظام الحاكم فى سوريا؟ هل سيكون نظامًا موحدًا أم متعدد الجوانب؟ وهل سيكون النظام علمانيًا أم إسلاميًا؟ وهل سيشبه النظام فى أفغانستان أو إيران، أو ربما سيكون أكثر اعتدالًا ومتعدد الأطراف مثل تركيا أو لبنان أو العراق؟

روسيا تأمل فى أن تشهد سوريا مزيدًا من المشاركة فى الحياة السياسية والاجتماعية، ولكن دون أن تصبح أكثر إسلامية أو تحت هيمنة الجماعات الإسلامية. هذا يشمل أيضًا الجماعات الشيعية والمسيحية وبقية الطوائف والعرقيات التى تعيش فى سوريا منذ فترة طويلة، والتى يجب أن تكون جزءًا من المشهد السياسى والاجتماعى فى البلاد.

من المهم أيضًا احترام كرامة سوريا المستقبلية، وعدم تشجيع أى دولة على احتلال سوريا أو أجزاء منها وتحويلها إلى مستعمرة لدولة أخرى.

وأوضح أن ما حدث فى سوريا ليس انتصارًا لروسيا، بل يمكن اعتباره نوعًا من الهزيمة، ومع ذلك، أؤكد أن الغرب يكذب عندما يتحدث عن الهزيمة الكبرى لروسيا فى سوريا، ويعتبر الادعاءات غير صحيحة، مشيرا إلى أنه فى الواقع، الهزيمة كانت لإيران، التى كانت متدخلة بشكل كبير فى الشأن السياسى السوري.

وأشار إلى أن بشار الأسد أثر سلبًا على العلاقات السورية مع روسيا، حيث كان هناك انتشار للقوات الروسية فى سوريا فى تلك الفترة، وكانت روسيا قد ساعدت نظام الأسد فى البقاء. ويستشهد بمثال واضح وهو المظاهرات التى كانت تجوب شوارع سوريا فى ٢٠١٥ و٢٠١٦ و٢٠١٧، حيث لم يلتزم بشار الأسد بتنفيذ أى من الاقتراحات الروسية.

وأضاف أن المشهد تغير بشكل كبير عندما تمت إزالة الأعلام الروسية من الساحات السورية فى ٢٠٢١ و٢٠٢٢ و٢٠٢٣ و٢٠٢٤، وهو ما يعكس رفض بشار الأسد تنفيذ الاقتراحات الروسية، وهو ما أدى فى النهاية إلى سقوطه.

 

سيرجي ماركوف المستشار السابق للرئيس الروسي بوتين مستقبل لا يبدو أخضر 

 

أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسى وعضو فى اللجنة الروسية للشؤون الدولية، جيفورج ميرزايان، يرى أن مستقبل سوريا يبدو مظلمًا وفقًا للعديد من السياسيين والباحثين الروس، حيث يصعب تصور كيف يمكن لمجموعات متطرفة أن تحكم سوريا كدولة واحدة موحدة. ويشير إلى أن هذه المجموعات قد تقسم سوريا إلى عدة مناطق متنازعة، أو حتى إلى مدن متصارعة على غرار ما يحدث فى ليبيا. فى هذه الحالة، قد تتحول سوريا إلى مستعمرة غير مستقرة، تُستغل لصراعات دولية.

ويتوقع ميرزايان أن تندلع حرب داخلية فى سوريا بين قطاعات مختلفة، وأن تتحول الصراعات إلى حرب طائفية، مما يجعل سوريا بمثابة مستعمرة يسعى كل طرف فيها لتحقيق مصالحه الخاصة. على الرغم من طرد الجولانى لإيران من سوريا، إلا أن التدخل التركى والقطرى ما زال مستمرًا.

ويعتبر أن سوريا ستظل ساحة صراع مستمر، حيث قد تُجرى مناقشات ومفاوضات بشأن الوضع السوري، لكن الوضع سيظل غامضًا. وفى حال تمكنت الإدارة الحالية من القضاء على ميليشيات داعش، فقد يكون ذلك هو المكسب الوحيد للعالم بأسره.

وأضاف ميرزايان أنه لا يعتقد أن سوريا الجديدة ستشهد مشاركة حقيقية ومساواة بين المجموعات المختلفة فيها، حتى إذا أعلنوا عن نواياهم لتحقيق ذلك. ويشدد على أن القتل المستمر للمسيحيين فى سوريا هو نتيجة تصرفات الإرهابيين والمتطرفين، الذين سيستمرون فى تنفيذ مخططاتهم المتطرفة، ما يعكس طابعهم الإرهابى الواضح.

تركيا ترى نفسها الفائز الأكبر فى الحرب الأهلية السورية، أو هكذا تعتقد، لكن الواقع مختلف، وفقًا لما ذكره جيفورج ميرزايان. وأوضح أن تركيا لم تعد قادرة على تحقيق المزيد من المكاسب أو التصرف بحرية فى سوريا، لأن هيئة تحرير الشام كانت تحتاجها فقط فى مراحل معينة، مثل سيطرتها على إدلب عندما كانت بحاجة إلى المال والدعم العسكري. أما الآن، فلم تعد تركيا تشكل أهمية كبرى للهيئة، التى تسعى لتحقيق أهدافها الخاصة وتحويل سوريا إلى مستعمرة تحت سيطرتها.

أما عن المصالح التركية، فقد أشار ميرزايان إلى أن أنقرة لا تزال تطمح إلى تحقيق نفوذ فى سوريا، لكنها بحاجة إلى تعزيز وجودها العسكرى فى دمشق لتتمكن من فرض سيطرتها، وهو أمر لن يكون سهلًا فى ظل إصرار هيئة تحرير الشام على الاحتفاظ بسلطتها فى المنطقة.

وعن التواجد الروسى فى سوريا، أكد ميرزايان أن ما حدث يمثل هزيمة لروسيا، حيث أن سقوط بشار الأسد يُعد ضربة كبيرة لموسكو، رغم أن هذه الهزيمة أقل حدة من هزيمة إيران. وأضاف أن أعداء روسيا أصبحوا اليوم فى السلطة، مما يعنى أن النفوذ الروسى فى سوريا قد تراجع بشكل كبير.

فيما يتعلق بالمكاسب الإسرائيلية، أشار ميرزايان إلى أن إسرائيل استفادت من التغيرات فى سوريا، حتى وإن لم تكن هى من رسم خريطة التغيير أو أطاح بالنظام السوري. فقد انعكس هذا التغيير إيجابيًا على استراتيجيتها الإقليمية، إذ ركزت تل أبيب على تقليص النفوذ الإيراني، باعتبار أن إيران كانت الداعم الأساسى لحزب الله وحماس. كما قدمت إسرائيل دعمًا لبعض الجماعات المعارضة للنظام السوري، ما ساهم فى إضعاف خصومها الإقليميين.

جيفورج ميرزايان أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة المالية التابعة لحكومة الاتحاد الروسى التنظيمات الراديكالية

 

يؤكد السياسى السورى عبد الرحمن ربوع أن وصول التنظيمات الإسلاموية الراديكالية إلى السلطة فى سوريا ديسمبر ٢٠٢٤ كان نتيجة حتمية للمرحلة التى مرت بها البلاد، فقد شهدت هذه الفترة عسكرة الصراع، وتفوق المجموعات الجهادية على حساب القوى الثورية والجيش الحر، بالإضافة إلى تأثيرات داخلية وخارجية ساهمت فى تشكيل هذا الواقع.

وقال، لم يكن تولى هيئة تحرير الشام الحكم فى دمشق أمرًا متوقعًا، كما أنه لم يكن الخيار الذى طمح إليه السوريون بعد أربعة عشر عامًا من الثورة وستين عامًا من الحكم الاستبدادي. ومع ذلك، يرى كثير من السوريين أن قيادة الهيئة للمرحلة الحالية قد تكون مفيدة للتخلص من أعباء الماضى وبدء صفحة جديدة فى تاريخ سوريا.

ويعتقد ربوع، أن هذه المرحلة لن تدوم طويلًا، بل ستشهد موجات جديدة من التغيير، تمهّد لعودة سوريا إلى وضعها الطبيعى كـدولة مدنية حديثة، بعيدة عن العسكرة والتطرف، قائمة على أسس قانونية ودستورية تقطع مع الاستبداد والتشدد بجميع أشكاله.

ويشير ربوع إلى أن السلطة الحالية فى دمشق قد أثبتت، خلال حكمها لإدلب، أنها تتخذ موقفًا معاديًا تمامًا لتنظيم داعش وغيره من الجماعات المتشددة مثل حراس الدين، جند الأقصى، وحزب التحرير. 

وخلال السنوات التسع الماضية، تعاون زعيم الهيئة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) مع المجتمع الدولى فى مكافحة الإرهاب، حيث نسّق مع روسيا لإبعاد المقاتلين الشيشان والداغستانيين عن جبهات القتال، وتعاون مع الولايات المتحدة وتركيا لمنع نشاط داعش داخل إدلب، وسمح بعمليات تصفية وتحجيم قادة التنظيمات المتطرفة عبر التحالف الدولي، وهو ما تم تحت تنسيق مباشر مع هيئة تحرير الشام.

ويوضح ربوع أن الإدارة الحالية فى دمشق ليست ديمقراطية، بل لديها مشروعها السياسى الخاص، الذى لا يختلف كثيرًا عن مشاريع الإسلام السياسى الأخرى. وهى نفسها لا تخفى ذلك، إذ أعلنت منذ اليوم الأول رفضها لأى شراكة فى الحكم خلال هذه المرحلة، مركّزة جهودها على، إعادة إعمار الدولة وبناء هياكلها الإدارية والخدمية، القضاء على إرث الفساد والاستبداد الذى تركه النظام السابق، التخلص من النزعة الطائفية وإرساء حكم مركزى قوي.

وتبنّت الإدارة الجديدة"شرعية المتغلب"، معتبرة أن السلطة وهبها الله لهم، ولا يمكن لأحد أن ينزعها منهم سوى الله. ومع ذلك، استجابت لاحقًا لبعض الضغوط الدولية، معلنة عن الحوار الوطني، وفتحت قنوات تواصل مع الوفود الدولية التى زارت دمشق.

أكد ربوع أن إسرائيل كانت آخر من دافع عن بقاء بشار الأسد، حيث وفّرت له الحماية حتى اللحظات الأخيرة. ويضيف أن هذا ليس مجرد تحليل، بل تصريحات رسمية أدلى بها قادة إسرائيل، سواء فى الحكومة أو المعارضة.

فقد كان الأسد الضامن الأكبر لأمن إسرائيل من جهة سوريا، ومنع أى تهديد مباشر لها. كما لعب دورًا رئيسيًا فى شق الصف العربى وإضعاف الموقف تجاه القضية الفلسطينية، حيث كان يدّعى المقاومة ومعاداة إسرائيل، لكنه فى الواقع حافظ على حدودها آمنة طوال عقود، ولم يسمح بإطلاق رصاصة واحدة باتجاهها.

الوجود الروسى

 أوضح دميترى إيغورتشينكوف، مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية فى جامعة الصداقة الروسية، أنه يتفق مع ميرزايان بشأن مستقبل الوجود الروسى فى سوريا، مشيرًا إلى أن معايير هذا الوجود العسكرى قد تتغير بعد تغيير النظام، وذلك فى إطار مفاوضات مستقبلية. وأضاف أن القواعد الروسية لا تزال قائمة حاليًا، ويمكن أن تستخدم كمراكز للمساعدات الإنسانية، إلا أن المشهد الأمنى لا يزال معقدًا، حيث تسعى الأطراف الجديدة المتنافسة فى سوريا لتحقيق مكاسب سياسية دون تحمل تبعات ذلك، مما قد يؤدى إلى حالة من عدم الاستقرار والمواجهات بين القوى الصاعدة والأقليات الدينية، وكذلك بين الفصائل التى عززت نفوذها فى سوريا والقوى الإقليمية المتصارعة. وأشار إيغورتشينكوف إلى إمكانية أن تلعب روسيا دور الوسيط فى تحقيق تسوية سياسية شاملة، إلا أن هذا الهدف لا يزال بعيد المنال بسبب غياب سلطة سيادية حقيقية داخل البلاد. فالأراضى السورية تشهد تدخلات عسكرية غير مسبوقة من قبل قوى أجنبية تسعى لاستغلال مواردها إلى أقصى حد ممكن. وأكد أن روسيا كانت ولا تزال ترى أن مستقبل سوريا يجب أن يُحدد عبر حوار داخلى شامل يضم جميع الأطراف، إلا أن الإدارة السابقة فشلت فى تلبية تطلعات الشعب السوري، ما دفع القوى الإقليمية إلى التدخل وتحمل هذه المسؤولية، بالإضافة إلى الاستيلاء على أراضٍ سورية ذات سيادة. أما عن الدور التركي، فقد أشار إيغورتشينكوف إلى أن أنقرة تبدى رغبة فى تحقيق استقرار الوضع فى سوريا، حيث أثار وزير الخارجية التركى هاكان فيدان خلال لقائه مع المفوض الأوروبى لبيب مسألة رفع العقوبات عن سوريا. وأضاف أن استعادة سوريا يمكن أن تصبح مشروعًا طموحًا للقوى الإقليمية الكبرى، خاصة فى ظل التحولات الجيوسياسية العالمية، حيث بات توازن القوى عاملًا رئيسيًا فى تحديد مسار وشروط التسوية السياسية فى سوريا. دميترى إيغورتشينكوف

 

 دميترى إيغورتشينكوف  دميترى إيغورتشينكوف، مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية فى جامعة الصداقة الروسيةالقاهرة 

أما وجهة النظر المصرية فيسيطر عليها القلق على مستقبل سوريا، ويقول اللواء دكتور سمير فرج، المفكر الاستراتيجى المصري، إن القاهرة تتابع بقلق تطورات المشهد السوري، نظرًا للعلاقات التاريخية والمكانة الخاصة التى تحظى بها سوريا لدى المصريين، مشيرا إلى أن الجيش السورى تعرض للتدمير الكامل، ولم يعد له وجود، مما يمهد لمحاولات تشكيل جيش جديد فى المرحلة المقبلة. 

وأوضح، أن الحكومة السورية ستعتمد على بعض الفصائل المعارضة لإنشاء ما يُعرف بـ"الحرس الثورى السوري"، والذى من المتوقع أن يكون الجيش الجديد للبلاد. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة كانت وراء المخطط لإسقاط نظام بشار الأسد، وكانت الداعم الرئيسى لظهور أحمد الشرع، المعروف باسم "أبو محمد الجولاني"، واستخدامه لتحقيق أهدافها. وأضاف أن هيئة تحرير الشام بسطت سيطرتها على سوريا بموافقة تركية.

وشكّك فى الذريعة الأمريكية لمكافحة الإرهاب، معتبرًا أن الهدف الحقيقى للوجود الأمريكى فى سوريا هو الاحتلال، إذ أن القوات الأمريكية متواجدة هناك منذ ١٠ سنوات دون تحقيق نجاح يذكر فى محاربة الإرهاب.

 وأشار فرج إلى أن تركيا تسعى للهيمنة على سوريا لعدة أسباب، أبرزها: منع الأكراد من تحقيق حكم ذاتى أو إقامة دولة كردية تمتد إلى تركيا، ما يشكل تهديدًا لوحدة أراضيها، الحصول على دور رئيسى فى إعادة إعمار سوريا، حيث يسعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لإشراك الشركات التركية فى مشاريع التمويل الغربى لإعادة الإعمار، إعادة ترسيم الحدود البحرية مع سوريا لضمان حصول تركيا على حصة من موارد الغاز فى البحر المتوسط. واعتبر فرج أن الإدارة السورية الحالية لا تتبنى نهجًا ديمقراطيًا، متوقعًا تهميش العديد من المكونات السورية. كما حذر من أن الدستور القادم قد يكون مستندًا إلى أفكار جماعة الإخوان المسلمين، مما يمهد لإقامة نظام إسلامى متطرف فى سوريا.

 وختم بالإشارة إلى واقعة طلب أبو محمد الجولانى من إحدى الإعلاميات تغطية رأسها خلال مقابلة صحفية، معتبرًا ذلك دليلًا على التوجه الإسلامى المتشدد الذى قد يسود البلاد مستقبلًا.

 

اللواء دكتور سمير فرجإسرائيل وتركيا

 

الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومؤسسة ومديرة وحدة الدراسات الروسية، تؤكد أن المستفيدين الرئيسيين مما جرى فى سوريا هما إسرائيل وتركيا، حيث لعب الطرفان دورًا محوريًا فى الأحداث التى شهدتها البلاد. 

وترى أن الدور التركى كان حاسمًا، بينما كان لإسرائيل تأثير رئيسى من خلال إضعاف إيران، مما ساهم بشكل غير مباشر فى إسقاط نظام بشار الأسد. فلو كانت إيران وحزب الله بكامل قوتهما، لكانت المعادلة مختلفة تمامًا.

وأوضحت أن روسيا تكبدت خسائر بسبب الوضع فى سوريا، لكنها لم تخسر بشكل كامل، إذ إن العلاقات الدولية لم تعد تُدار بمنطق المكسب أو الخسارة المطلقة. رغم أن سقوط النظام السورى كان سيعنى تراجعًا كبيرًا لنفوذ موسكو فى المنطقة، فإن روسيا لم تكن تدافع عن النظام السورى كشخص، بل عن مصالحها الإستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بوجودها فى قاعدة حميميم وطرطوس. وطالما أن موسكو ما زالت تحتفظ بوجودها فى هاتين القاعدتين، فإنها لا يمكن اعتبارها خاسرة بنسبة ١٠٠٪.

وتطرقت إلى السيناريوهات المحتملة لمستقبل سوريا، مشيرة إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية، يصعب تحديد أيها سيتحقق:

الأفغاني: حيث تسيطر الإدارة الحالية على الحكم بنظام دينى اقتصادى ديكتاتوري، وتقصى القوى السياسية والعلمانية الأخرى، مما يؤدى إلى هيمنة كاملة على الدولة السورية.

التونسي: حيث تبقى الإدارة الحالية لفترة، لكن بوجود قوى سياسية وعلمانية، إلى جانب الأكراد، ما قد يمهد لاستعادة الدولة السورية لطابعها المدنى أو العلمانى بعد فترة من الحكم الإسلامي.

العراقي: حيث تعود سوريا إلى حالة من الفوضى والصراع المسلح، سواء بين الجماعات المسلحة المختلفة أو بسبب تفرد القيادة الحالية بالسلطة، مما قد يؤدى إلى مواجهات عنيفة داخل إدلب، وربما على نطاق أوسع.

وترى الشيخ أن المشهد السورى لا يزال غير واضح، وأن المرحلة المقبلة ستحمل العديد من التغيرات التى ستحدد مسار البلاد.

نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة التنظيمات الإرهابية 

يرى حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، أنه لا مستقبل للتنظيمات الإرهابية فى سوريا، نظرًا لعدم إيمانها بالدولة الوطنية أو بوحدة الداخل السوري. فهذه التنظيمات، المدعومة من قوى إقليمية ودولية، تعمل على تفتيت البلاد وفق أجندات خاصة، مما يجعل وجودها يشكل تهديدًا خطيرًا على مستقبل سوريا. 

كما أن أيديولوجيتها القائمة على التفكك وعدم الوحدة تعيق بناء دولة سورية جديدة، فضلًا عن عدم رغبتها فى مواجهة التنظيمات الأكثر تطرفًا، فى ظل وجود أكثر من ٥٩ فصيلًا عسكريًا مسلحًا داخل سوريا، يحمل كل منها أفكارًا وأيديولوجيات مختلفة.

وأشار فارس إلى ضرورة قيام الإدارة السورية الجديدة بتشكيل لجنة دستورية تكون مهمتها تعزيز قيم المواطنة، وضم جميع الفصائل والمكونات السياسية والأقليات لضمان مشاركتها فى مستقبل البلاد. وحذّر من أن عدم اتخاذ هذه الخطوة قد يهدد وحدة سوريا بشكل خطير.

وأضاف أن سقوط نظام بشار الأسد منح الولايات المتحدة فرصة لإعادة توسيع وجودها العسكرى فى سوريا، بعد أن كانت قد قلصته لصالح روسيا وإيران. إلا أن الإدارة الأمريكية استغلت هذا التغيير، وأصبحت تعمل على إنشاء قواعد عسكرية جديدة، مثل تلك التى أقيمت فى عين العرب (كوباني)، فى محاولة لتقليص النفوذ الروسى والصينى والإيراني. وبذلك، تحولت سوريا إلى ساحة صراع حقيقى بين القوى الدولية، التى تسعى إلى فرض أجنداتها عبر وكلائها داخل البلاد.

الدكتور حامد فارس استاذ العلاقات الدولية دمشق تعلق

يرى الباحث السورى حسام طالب أن الحديث عن الديمقراطية فى سوريا غير ممكن فى ظل الوضع الراهن، حيث تعيش البلاد حالة انهيار شامل. منذ سقوط النظام، شهدت سوريا فوضى أمنية، مما يجعل من المبكر الحديث عن دولة ديمقراطية.

حاليًا، توجد حكومة مؤقتة تدير الشأن السوري، لكنها لا تُصنَّف كحكومة ديمقراطية، نظرًا لعدم الوصول بعد إلى مؤتمر وطنى موسع، دستور جديد، أو انتخابات. وعندما يتم تحقيق هذه العناصر، يمكن حينها الحديث عن حكومة ديمقراطية حقيقية. وحتى ذلك الحين، فإن الحكومة الحالية تمثل مرحلة انتقالية ضرورية لإدارة البلاد، على أن تكون جزءًا من التحضيرات لمستقبل سياسى أكثر استقرارًا.

وأضاف أن الحكومة المؤقتة اضطرت لأن تكون من لون واحد بعد سقوط النظام، بهدف إدارة الوضع السوري. ومع ذلك، هناك مشاورات مستمرة بين الإدارة السورية الجديدة وجميع مكونات الشعب السوري، برعاية دول عربية ودولية، للوصول إلى مؤتمر وطنى شامل. وقد زار المبعوث الأممى جير بيدرسون سوريا مؤخرًا لمناقشة هذا المؤتمر، حيث من المتوقع أن تلعب الأمم المتحدة دورًا محوريًا فى تنظيمه.

وأكد حسام طالب أن إسرائيل استغلت حالة الفراغ التى أعقبت سقوط النظام السوري، حيث انهار الجيش السورى خلال ساعات، ما سمح لها بالتوسع داخل سوريا، لا سيما فى القنيطرة، جبل الشيخ، وجبال الحرمون، بالإضافة إلى بعض القرى الاستراتيجية. واليوم، تعمل الإدارة السورية الجديدة، بدعم من الدول الصديقة والأمم المتحدة، على إقناع إسرائيل بالانسحاب من هذه المناطق. كما أشار السيد أحمد الشرع إلى استعداد سوريا لاستقبال قوات الأندوف الدولية، ما يعكس التزام سوريا بـ اتفاقية ١٩٧٤ وضبط حدودها، لضمان عدم تحولها إلى مصدر تهديد لدول الجوار.

وحول التدخلات التركية، أوضح طالب أن تركيا دعمت المعارضة السورية على مدار ١٤ عامًا، لكنها لا تملك سيطرة كاملة على سوريا اليوم. ومع ذلك، تتمتع بعلاقة قوية واستراتيجية مع الإدارة السورية الجديدة، حيث يوجد اتفاق مشترك لمكافحة محاولات التقسيم وأى تهديدات تمس أمن البلدين.

وأشار إلى أن الإدارة السورية الجديدة قد انفتحت على الدول العربية، مما ساهم فى تعزيز الحضور العربى داخل سوريا، وهو ما يحد من النفوذ التركي، سواءً كان ذلك عبر الوصاية أو التدخل المباشر.

وحول خطر الصراعات الداخلية، أكد طالب أن الخطر لم ينتهِ تمامًا، لكنه ليس بالحجم الذى يتم تصويره. وأشار إلى أن معظم الفصائل المسلحة أبدت رغبتها فى الانضمام إلى الجيش السورى الموحد، المزمع تشكيله قريبًا.

كما تجرى مشاورات مستمرة مع وزير الدفاع السورى الحالى مرهف أبو نصرة، وقد كانت الاجتماعات مع قادة الفصائل إيجابية، حيث تم التأكيد على ضرورة توحيد جميع الفصائل تحت كيان عسكرى واحد، يحفظ وحدة وسيادة سوريا ويدافع عن أراضيها.

حسام طالب باحث سياسي سوري التنظيمات الراديكالية

 

يؤكد السياسى السورى عبد الرحمن ربوع أن وصول التنظيمات الإسلاموية الراديكالية إلى السلطة فى سوريا ديسمبر ٢٠٢٤ كان نتيجة حتمية للمرحلة التى مرت بها البلاد، فقد شهدت هذه الفترة عسكرة الصراع، وتفوق المجموعات الجهادية على حساب القوى الثورية والجيش الحر، بالإضافة إلى تأثيرات داخلية وخارجية ساهمت فى تشكيل هذا الواقع.

وقال، لم يكن تولى هيئة تحرير الشام الحكم فى دمشق أمرًا متوقعًا، كما أنه لم يكن الخيار الذى طمح إليه السوريون بعد أربعة عشر عامًا من الثورة وستين عامًا من الحكم الاستبدادي. ومع ذلك، يرى كثير من السوريين أن قيادة الهيئة للمرحلة الحالية قد تكون مفيدة للتخلص من أعباء الماضى وبدء صفحة جديدة فى تاريخ سوريا.

ويعتقد ربوع، أن هذه المرحلة لن تدوم طويلًا، بل ستشهد موجات جديدة من التغيير، تمهّد لعودة سوريا إلى وضعها الطبيعى كـدولة مدنية حديثة، بعيدة عن العسكرة والتطرف، قائمة على أسس قانونية ودستورية تقطع مع الاستبداد والتشدد بجميع أشكاله.

ويشير ربوع إلى أن السلطة الحالية فى دمشق قد أثبتت، خلال حكمها لإدلب، أنها تتخذ موقفًا معاديًا تمامًا لتنظيم داعش وغيره من الجماعات المتشددة مثل حراس الدين، جند الأقصى، وحزب التحرير. 

وخلال السنوات التسع الماضية، تعاون زعيم الهيئة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) مع المجتمع الدولى فى مكافحة الإرهاب، حيث نسّق مع روسيا لإبعاد المقاتلين الشيشان والداغستانيين عن جبهات القتال، وتعاون مع الولايات المتحدة وتركيا لمنع نشاط داعش داخل إدلب، وسمح بعمليات تصفية وتحجيم قادة التنظيمات المتطرفة عبر التحالف الدولي، وهو ما تم تحت تنسيق مباشر مع هيئة تحرير الشام.

ويوضح ربوع أن الإدارة الحالية فى دمشق ليست ديمقراطية، بل لديها مشروعها السياسى الخاص، الذى لا يختلف كثيرًا عن مشاريع الإسلام السياسى الأخرى. وهى نفسها لا تخفى ذلك، إذ أعلنت منذ اليوم الأول رفضها لأى شراكة فى الحكم خلال هذه المرحلة، مركّزة جهودها على، إعادة إعمار الدولة وبناء هياكلها الإدارية والخدمية، القضاء على إرث الفساد والاستبداد الذى تركه النظام السابق، التخلص من النزعة الطائفية وإرساء حكم مركزى قوي.

وتبنّت الإدارة الجديدة"شرعية المتغلب"، معتبرة أن السلطة وهبها الله لهم، ولا يمكن لأحد أن ينزعها منهم سوى الله. ومع ذلك، استجابت لاحقًا لبعض الضغوط الدولية، معلنة عن الحوار الوطني، وفتحت قنوات تواصل مع الوفود الدولية التى زارت دمشق.

أكد ربوع أن إسرائيل كانت آخر من دافع عن بقاء بشار الأسد، حيث وفّرت له الحماية حتى اللحظات الأخيرة. ويضيف أن هذا ليس مجرد تحليل، بل تصريحات رسمية أدلى بها قادة إسرائيل، سواء فى الحكومة أو المعارضة.

فقد كان الأسد الضامن الأكبر لأمن إسرائيل من جهة سوريا، ومنع أى تهديد مباشر لها. كما لعب دورًا رئيسيًا فى شق الصف العربى وإضعاف الموقف تجاه القضية الفلسطينية، حيث كان يدّعى المقاومة ومعاداة إسرائيل، لكنه فى الواقع حافظ على حدودها آمنة طوال عقود، ولم يسمح بإطلاق رصاصة واحدة باتجاهها.

 

الدكتور عبدالرحمن ربوع باحث سياسي سوري 

 

 

مقالات مشابهة

  • عادل عزام يكتب: «يا كولر ارفع إيدك.. شعب مصر هو سيدك»
  • عادل حمودة يكتب: أسوأ ما كتب «بوب وود ورد»
  • بكثير من الفرح والأمل.. نازحو ود مدني يعودون لبيوتهم التي هجروها بسبب الحرب
  • منير أديب يكتب: ترامب ما بين صفقة لم يحققها وحلم يسعى لتحقيقه
  • خبراء المركز المصري يحذرون من التحولات السياسية في الشرق الأوسط وعودة صعود التنظيمات الإرهابية
  • د.حماد عبدالله يكتب: قراءة فى صفحات تاريخ الوطن !!
  • محمد عبدالقادر يكتب عن رحلة المخاطر والبشريات
  • أديب تونسي: معرض الكتاب يبني جسرا جديدا بين الثقافات العربية والعالمية
  • 3 عواصم كبرى تناقش المسألة السورية.. مفكرون من واشنطن وموسكو والقاهرة يقدمون رؤيتهم حول المستقبل فى ظل التحديات الراهنة
  • المستشار وليد رضوان يكتب: أزمة القوانين الاستثنائية فى العلاقة بين المالك والمستأجر