تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

انتهى عام ٢٠٢٤ بحلوه ومرة، وإنّ كانت حروب وصراعات هذا العام هى العنوان الأبرز، وهو ما سوف ينعكس بصورة عامة على أمن واستقرار العالم؛ فمنذ انطلاق شرارة الحرب الأوكرانية قبل أكثر من عامين والحرب الإسرائيلية قبل أكثر من عام، إلا أنّ تبعات هذين الحربين الكبيرين ظهرت فى الفوضى التى ضربت المنطقة العربية والعالم.


سقطت دول وتشكلت أخرى على خلفية هذه الفوضى، ولعل الحرب الأوكرانية كانت نموذجا للتأثير الدولي، بينما ظلت الحرب الإسرائيلية النموذج المصغر للتأثير الإقليمي؛ صحيح الحرب الأهلية فى السودان سبقت أحداث ٧ أكتوبر عام ٢٠٢٣، ولكن تظل الحرب الإسرائيلية علامة فارقة على فوضى المنطقة العربية.
فالحرب الإسرائيلية شكلت المنطقة العربية وأعادت رسم خريطتها من جديد؛ خاصة بعد الحرب التى شنتها إسرائيل ضد حزب الله اللبنانى في الجنوب، وما تقوم به إسرائيل بين الوقت والآخر من ضربات فى العمق اليمني، وبخاصة المناطق التى يُسيطر عليها أنصار الله أو الحوثيون وبخاصة فى العاصمة صنعاء، والأهم من هذا وذاك، تغيير النظام السياسي في سوريا.
اتجهت إسرائيل إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يُحافظ على أمنها، أو يُعيد آلة الردع الإسرائيلى التى اهتزت بعد العمليات العسكرية التى قامت بها حركة حماس؛ فكل ما حدث فى المنطقة العربية كان نتيجة مباشرة لتحرك حماس العسكرى قبل أكثر من عام، حتى الدول التى أصابتها الفوضى قبل هذا التاريخ تأثره سلبًا بعد هذه الأحداث.
 

مؤشر الإرهاب فى عام ٢٠٢٤ وتطلعات المستقبل:


يرتفع مؤشر الإرهاب العالمى فى العام ٢٠٢٤ عن عام ٢٠٢٣ بنسبة تُقدر بـ ٢٢٪، بما يُعنى أنه مازال يُمثل تهديدًا عالميًا خطيرًا، حيث ارتفع إجمالى الوفيات الناجمة عن الإرهاب إلى ٨٣٥٢ عن عام ٢٠٢٣، وهو الآن أعلى مستوى له.


وقياسًا للمقارنة بين ارتفاع مؤشر الإرهاب فى عام ٢٠٢٤ عن العام السابق له؛ فإنّ مؤشر الإرهاب قد يرتفع بنسبة تصل إلى ٥٠٪، على اعتبار ارتفاع المؤشر فى العام السابق، فضلًا عن الاضطرابات والحروب والصراعات التى ضربت المنطقة العربية، خاصة وأنّ هناك توجها بتصعيّد تنظيمات الإسلام السياسي في إطار رسم خريطة الشرق الأوسط.


الظروف السياسية التى طرأت على المنطقة العربية سوف تدفع فى اتجاه ارتفاع مؤشر الإرهاب، خاصة وأنّ هناك قوى صاعدة إقليميًا وهى تركيا، تسعى لامتلاك نفوذ أكبر من خلال تنظيمات الإسلام السياسي، وبخاصة التنظيمات الراديكالية العنيفة، والتى باتت أكثر ولاءً لها سواء الموجودة فى سوريا أو فى الغرب الليبي.


التطلعات إلى منطقة أكثر استقرارًا أو إلى عالم يسوده الأمن، جزء من الخيال، خاصة وأنّ أوراق اللعبة باتت فى يد دول عالمية وإقليمية تبحث عن مصالحها الخاصة، حتى ولو كان ذلك من خلال دعم التنظيمات الإسلاموية الراديكالية التى سبق ووضعت على قوائم الإرهاب العالمية من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 


المستقبل لا يحمل إلى أيام حبلى بتنظيمات الإسلام السياسى بمختلف أنواعها، ليست التنظيمات الدعوية أو تلك التى تمسك العصا من الوسط، ولكن التنظيمات الأكثر تطرفًا، بهدف تحقيق المصلحة السياسية الخاصة، حتى وإنّ هدد ذلك أمن العالم.


بيئة العنف والصراعات 


انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بصراعها فى أوكرانيا أثر على جهودها فى مكافحة الإرهاب، وهو ما انعكس على تنامى ظاهرة الإرهاب العالمي، الأمر ينطبق أيضًا على أوروبا التى خرجت تباعًا من أفريقيا، وبخاصة فرنسا بعد عدد من الانقلابات العسكرية، وهنا خسرت واشنطن وكثير من الدول الأوروبية وجودها ونشاطها فى القارة السمراء، وبالتالى تأثيرها فى مواجهة تنظيمات العنف والتطرف.


خطيئة الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولى الذى تحرك وراءها لم يقتصر فقط على الحرب الإسرائيلية ولكن انتقل إلى الدعم اللا محدود لإسرائيل، وهو ما خلق حالة من الفوضى، استفادت منها جماعات العنف والتطرف، وبخاصة تنظيم داعش، الذى نظم صفوفه فى بعض المناطق مثل البادية السورية زالمناطق الصحراوية على الحدود العراقية.


الصراع الإسرائيلى انتقل إلى إيران وأذرعها فى المنطقة العربية، وهو ما وسع من دائرته، ولعله هو المسئول الأول عن تغيير النظام السياسى فى سوريا؛ فقد أعطيت هيئة تحرير الشام الضوء الأخضر فى التحرك للسيطرة على المحافظات السورية الأخرى، خاصة وأنها كانت تُسيطر على محافظة إدلب، ومن هنا سقطت كل المحافظات حتى سقطت العاصمة دمشق، والهدف هو إسقاط النفوذ الإيرانى فى المنطقة.


الأدوات التى تم استخدامها كانت جماعات العنف والتطرف ذات الخلفية السنية، القاعدة وداعش ومن سار على نحوهما، وتمت الاستعانة بتركيا فى رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، ولكن الهدف الأهم هو اسقاط الإمبراطورية الإيرانية والتى وصلت إلى ٤ دول عربية، ومنها سوريا.


لما تمثله سوريا من دعم كبير لحزب الله اللبناني، نظرًا لوجود حدود مشتركة يتم تهريب الأسلحة من خلالها، وهنا نجحت إسرائيل فى توظيف الصراع لصالحها، كما فعلت واشنطن من قبل فى الحرب الأفغانية فى العام ١٩٧٩، عندما دعمت ما أطلق عليهم المجاهدون العرب، فى مواجهة التمدد الروسي، وهؤلاء هم من شكلوا فيما بعد نواة القاعدة، ومنها تشكل تنظيم داعش.


واشنطن وأمريكا تُعيد تشكيل الشرق الأوسط بما يُحقق أمن إسرائيل، وتستخدم فى ذلك التنظيمات الإسلاموية الراديكالية؛ فهى بديل إيران وأذرعها فى المنطقة، وتركيا هى عرّاب هذا التغيير، على اعتبارها كبرى الدول التى تمثل العالم السني، ولديها استعداد للقيام بهذا الدور، بل بذلت جهودًا فى سبيل تحقيق ذلك.


فى الحقيقة أنّ أى تغيير يحدث فى منطقة الشرق الأوسط ليس له علاقة بالانتصار للحريات ولا بدعم الاستقرار، ولكنه مرتبط فى الأساس بتحقيق أمن الحليف الأمريكي؛ فما حدث من تغيير سابق أو لاحق لا يرتبط برغبة الشعوب العربية بعودة الإسلاميين ولا بصعودهم، ولكنه مرتبط بالأساس بتحقيق أمن إسرائيل.
٢٠٢٥ عام تمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية
المتوقع أنّ تكون هناك محاولات أمريكية وإسرائيلية لتمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية فى العام ٢٠٢٥ بهدف خلق بديل لأذرع إيران، خاصة وأنّ التنظيمات الإسلاموية المتطرفة ليس لديها مانع فى أنّ تقوم بالدور الأمريكى والإسرائيلى فى التغيير المطلوب بعد خسائرها خلال عام ٢٠٢٤ وما قبله.
وهذا يُعنى أنّ هذه التنظيمات قرأت ما يحدث على الساحة بعمق وحاولت أنّ تستفيد منه؛ فعرضت نفسها، ليس هذا فحسب ولكنها قدمت عروضًا للتنازل عن بعض القناعات مقابل أنّ تكون موجودة فى السلطة، ولعل هذا بدا واضحًا بصورة كبيرة فى الحالة السورية حتى هذه اللحظة.
ما حدث فى سوريا مرشحًا للتكرار فى عدة دول أخرى مثال، ليبيا واليمن، ولذلك التنظيمات المتطرفة تقوم بإعداد نفسها فى هذه الدول، ولعلها تقوم بتقديم فروض الطاعة والولاء، وهنا تبدو المصلحة متبادلة بين ما تُريده واشنطن وترغب تل أبيب فى تحقيقه، وما بين ما تُريد التنظيمات الراديكالية؛ رغبة أمريكا وإسرائيل مرتبطة بتحقيق مصالحهما حتى ولو كان ذلك من خلال صعود تنظيمات العنف والتطرف.
وهنا لابد من استيعاب مخطط تمكين التنظيمات الإسلاموية الراديكالية ومحاولة التعامل معه بحكمة وحنكة؛ صحيح هناك مشروع إيرانى يمثل خطرًا على الخليج وأمنه، ولكن التماهى مع مشروع التنظيمات المتطرفة لا يقل خطرًا عن المشروع الأول، وهنا لابد من مواجهة كل المشاريع التى تمثل خطورة على أمن المنطقة والعالم بشكل متواز.
لابد من الوقوف أمام كل المشاريع التى تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة العربية؛ صحيح هناك أولويات فى مواجهة هذه المشاريع، ولكن من المهم الانتباه إلى خطورة كل هذه المشاريع، ومواجهتها فى توقيت واحد أو الاستعداد لهذه المواجهة، قد يحدث تلاقى فى الأهداف، ولكن مهم استيعاب هذه المساحة والقفز عليها لمصلحة أهم وهو تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة جماعات العنف والتطرف فى نفس الوقت.
التقاعس عن القيام بهذا الدور قد لا تقل نتيجته عن خطر المشروع الإيرانى أو التركى أو حتى الإسرائيلي، وكل منهما يُريد أنّ يكون له دور إقليمى أكبر من حجمه، أو يُريد حجم يزيد على حجمه الطبيعى من خلال احتلال مزيد من الأرض أو احتلال القرار فى بعض الدول، وبالتالى من المهم مواجهة كل المشاريع التى تُهدد أمن المنطقة فى وقت واحد.
مستقبل المنطقة العربية 
جزء من علاج الواقع مرتبط بتشخيص الحاضر، وبما أننا نودع عام ٢٠٢٤ بمؤشر مرتفع للإرهاب، فى ظل حروب وصراعات تصب فى اتجاه تنامى جماعات العنف والتطرف، فلابد من رسم خطوط المواجهة وتحديد الأهداف، بحيث تكون مركزة على تفكيك التنظيمات المتطرفة وأفكارها المؤسسة، وأنّ يكون ذلك بصورة مجردة، بمعنى ألا تعوق المصالح السياسية الضيقة عن القيام بهذا الهدف. 
لابد من إنشاء تحالف عربى يتم استقطاب فيه الدول الكبرى لمواجهة تنامى جماعات العنف والتطرف وتوفير حاضنة لها، مع توفير بدائل لحلول أخرى بعيدًا عن استقدام هذه التنظيمات أو استخدامها فى المواجهة، وأنّ تنحى المصالح السياسية الضيقة مقابل مواجهة التحدى الأكبر والأبرز والمتمثل فى مواجهة التنظيمات المتطرفة عابرة الحدود والقارات.
لابد من إنشاء هذا التحالف سريعًا أو الدعوة لإنشائه بعد وضع تصور عام لدوره، وأنّ يكون هناك نقاش مفتوح حول ما يمكن أنّ يحققه على المدى القريب والبعيد، وأنّ يتم التركيز فى المناقشات حول البدائل التى يقدمها هذا التحالف كحلول بحيث لا تصعد هذه التنظيمات، ليس هذا فحسب ولكن أنّ تكون هناك خطة للمواجهة.
لابد أنّ تكون هناك نقاشات عميقة حول هذا المقترح، ويتم تداول هذه النقاشات على مساحة أوسع من الكتّاب والمفكرين والباحثين والمراقبين، بحيث توضع ملامح التحالف وأهدافه ورؤاه وما يمكن أنّ يحققه، ثم يتم تنفيذ التحالف فينتقل من مجرد فكرة جاءت متأخرة إلى واقع لابد من تنفيذه بأدوات عصرية وسريعة تناسب الواقع.
تقديرى لهذا التحالف أنّ تكون جمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية هم نواة هذا التحالف لمواجهة الخطر القادم من الخلف، ثم تنضم لهم عدد من دول المنطقة، ودول أخرى فى المحيط الإقليمى والدولي، فعلى قدر هذه الدول وحجمها وإيمانها بضرورة تفكيك هذه التنظيمات سوف يكون نجاح هذا التحالف.
القادم قد يكون أسوأ بكثير من الحاضر، ولذلك لابد أنّ يكون التحرك سريعًا فى اتجاه خلق المستقبل، خاصة وأنّ التنظيمات الإسلاموية الراديكالية تمر بعدة تحولات هدفها أنّ تقدم نفسها للظروف التى يعيشها العالم والمنطقة وتبدو حاضنة لهذه التنظيمات، وقف صعود هذه التنظيمات أولوية مهمة للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
٢٠٢٥ هو عام الحسم فى مستقبل المنطقة العربية، إما حسمًا فى وقف نزيف الصعود غير المبرر والداعم للتنظيمات المتطرفة أو مواجهة هذه التنظيمات بما يشل من قدراتها على الانتشار، وهنا يجب الانتباه والتخطيط والعمل فى استقبال هذا العالم.
وأخيرًا فإن مواجهة صعود التنظيمات الإسلاموية الراديكالية ليس ترفًا، ولا يمكن تأخير هذه المواجهة، فما تعيشه المنطقة العربية وما ينتظرها يتطلب سرعة المواجهة، وأنّ تكون مخططه بحيث تؤتى ثمارها وبما يعود بالفائدة على أمن الشرق الأوسط.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عام الحرب منير أديب العنف والتطرف سوريا صنعاء خريطة الشرق الأوسط الولايات المتحدة الأمريكية تركيا جماعات العنف التنظیمات المتطرفة الحرب الإسرائیلیة المنطقة العربیة هذه التنظیمات مؤشر الإرهاب الشرق الأوسط هذا التحالف فى المنطقة فى مواجهة خاصة وأن عام ٢٠٢٤ فى العام من خلال لابد من على أمن وهو ما التى ت

إقرأ أيضاً:

أبو الغيط: مستقبل الاستثمار في المنطقة العربية مرتبط بالاستقرار والتنمية المستدامة

القو أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة في إفتتاح أعمال الدورة (14) من قمة AIM للاستثمار والتي اقيمت في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، وتطوير بيئة الاستثمار لدعم الاقتصاديات الوطنية في مواجهة التحديات والعقبات التي تعوق تحقيق التنمية المستدامة.

وقال أبو الغيط: إننا نعيش، لحظة استثنائية من التاريخ العالمي المعاصر طابعها السيولة وانعدام اليقين بشأن مسار النظام الدولي، وطبيعة القواعد الحاكمة له، وشكل العلاقة بين أقطابه الرئيسية، حيث إنها لحظة صعبة، شهد عالمنا مثلها في القرن المنصرم، ونرجو أن يكون الجميع قد تعلم من التجارب التاريخية المريرة ما يجنب البشرية تكرار المآسي والآلام، ويدفعها على طريق النمو الذي تجني ثماره كل الشعوب.

وأضاف ان منطقتنا تعيش لحظة صعبة حافلة بالتغيرات المتسارعة، والتحديات المتواترة، يقتضي التعامل معها حكمة في تعيين المصالح الوطنية وتعزيزها والدفاع عنها، وعملاً مشتركاً أوثق على المستوى العربي.

وقال إن المجزرة الممتدة التي ارتكبها - ولا زال - الاحتلال الإسرائيلي في غزة شاهدة، على نحو مؤلم ومخزٍ، لاختلال عميق في القيم التي تتبناها قوى عالمية مؤثرة، وكأن هناك معياراً تحاسب به إسرائيل وحدها، ومعايير أخرى لبقية الدنيا، فيُسمح للاحتلال أن يقتل عشرات الآلاف من المدنيين ويحاصر ويدمر ويستخدم سلاح التجويع ويمر كل هذا دون عقاب أو ردع، ويسمح للاحتلال أن يتحلل من الاتفاقات التي وُقعت ويمر هذا من دون تحميله المسئولية عن استمرار المأساة في غزة، إن القضية الفلسطينية ستظل بالنسبة لنا، نحن العرب، قضية شعب وأرض، الأرض يجرى الاستيلاء عليها ومصادرتها، والشعب يُراد طرده وتشريده، كما جرى من قبل، أما الأرض فستعود يوماً في إطار حل الدولتين، وأما الشعب الفلسطيني فهو باق على أرضه إلى حين إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية

وأوضح ان مسئوليتنا وواجبنا هو دعم صموده وتعزيز بقائه والحفاظ على مقومات قضيته العادلة.

وقال إن مفتاح انطلاق المنطقة العربية للحاق بركب الدول المتقدمة وتطورات الاقتصاد العالمي يتعلق في الأساس بالقدرة على الاستغلال الأمثل للطاقات الشابة لديها، ولموقعها الاستراتيجي الجاذب للاستثمار، فسكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شباباً، وإن لم نحسن تأهيل هذا الشباب والاستثمار فيه، سيتحول من نقطة انطلاق لتحقيق التنمية المستدامة إلى عبء على الاقتصادات وعنصر طارد للاستثمارات، بل ومحرك للاضطرابات كما نشاهد في بعض البلدان، وعلى الأرجح بيئة خصبة لشتى صنوف التطرف الديني والسياسي.

ولذلك، لا يمكن الحديث عن مستقبل الاستثمار في المنطقة العربية دون أن نربطه بالاستقرار والتنمية المستدامة، فالاستثمار لم يعد مجرد نشاط اقتصادي بحت، بل أصبح عنصراً أساسياً في تحقيق الأمن والتكامل الاقتصادي، خاصة في المناطق التي تواجه تحديات إنسانية وأزمات ممتدة، ولا أبالغ إذ أقول إن تعزيز الاستثمار في المنطقة العربية هو فرض عين وضرورة بقاء، فلا سبيل سوى الاستثمار لخلق ملايين الوظائف التي يحتاجها شباب المنطقة والتي لن ينطلق الاقتصاد، ويتحقق الاستقرار من دون توفيرها.

وأكد على إن الجامعة العربية حريصة على مواصلة الجهود الرامية لدعم التكامل الاقتصادي العربي، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية، ودفع عجلة الاستثمار المستدام الذي يعود بالنفع على المجتمعات العربية، والحقيقة أن العديد من الدول العربية قد خطت خطوات كبيرة في تطوير بيئة الأعمال، من خلال تبني إصلاحات قانونية وتنظيمية تسهم في تسهيل حركة الاستثمار، وتعزيز الشفافية.. إيماناً بأن الاستثمار هو السبيل الأمثل لتطوير البنية التحتية، وتنمية القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والتكنولوجيا، والصحة.. .ولا شك أن هذه القمة تعتبر بمثابة فرصة حقيقية لبحث آليات جديدة لتعزيز التعاون وتحفيز المشاريع الاستثمارية المشتركة التي تواكب التوجهات العالمية في مجالات الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا المتقدمة والصناعات التحويلية وغيرها من القطاعات ذات الأولوية.

وقال إن التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية اليوم، تتطلب صياغة مقاربة جديدة تقوم على التعاون والتكامل لا على التنافس والانغلاق فالعالم يشهد اليوم تشكل أنظمة اقتصادية جديدة وأقطاب استثمارية صاعدة وموجات من التحول الرقمي والابتكار مما يحتم علينا أن نكون جزءاً من هذه التحولات، لا مجرد متلقين لها أو متفرجين عليها.

وفي هذا الصدد، لا تفوتني الإشارة إلى أن جامعة الدول العربية بصدد الانتهاء من مسودة اتفاقية الاستثمار العربية الجديدة الرامية لزيادة وتشجيع الاستثمار حتى تواكب بشكل أكبر فعالية الأعراف والمتغيرات الدولية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • رأي.. أنور قرقاش يكتب: السودان بين التضليل وتفاقم المأساة الإنسانية
  • أبناء المنوفية يحتشدون في العريش دعما للدولة المصرية ورفضا للتهجير
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: بروميدييشن والغموض السياسي؟
  • «التنسيقية النسوية» تدعو لوقف الحرب فوراً ومشاركة المرأة في جميع مراحل السلام
  • ترامب: الحرب في غزة ستتوقف في المستقبل القريب
  • ترامب: الحرب على قطاع غزة ستتوقف في المستقبل القريب
  • من يقتل الحقيقة لا يستطيع أن يكتب التاريخ
  • البحيرات والأنهار جرت بالجزيرة العربية قبل 9 آلاف سنة
  • أبو الغيط: مستقبل الاستثمار في المنطقة العربية مرتبط بالاستقرار والتنمية المستدامة
  • لم تتغير منذ ملايين السنين.. معالم الصحراء البيضاء بالفرافرة تضم منحوتات صخرية بديعة