كيف أغرق جيش الاحتلال غزة بالقنابل عن طريق الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
سلّطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي لأدوات الذكاء الاصطناعي في إغراق قطاع غزة بالقنابل، خلال حربه المستمرة على القطاع.
وقالت الصحيفة في تقرير أعدته إليزابيث دوسكين، إن "إسرائيل أنشأت مصنعا للذكاء الاصطناعي، وأطلقت العنان له في حرب غزة الحالية"، منوهة إلى أنه "قبل سنوات طورت تل أبيب وحدة استخباراتية وحولتها إلى ساحة فحص الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى نقاش بين القادة العسكريين البارزين حول قدرة البشر على التحكم به".
ولفتت إلى أن الجيش الإسرائيلي أغرق قطاع غزة بالقنابل، مستفيدا من قاعدة البيانات التي تم تجميعها بعناية شديدة على مر السنين، والتي تفصل عناوين المنازل والأنفاق والبنية التحتية الأخرى الحيوية لحركة حماس.
وتابعت: "بنك الأهداف نُفذ بسرعة، ومن أجل الحفاظ على وتيرة الحرب، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى أداة ذكاء اصطناعي معقدة اسمها هاسبورا، والتي يمكن أن تولد بسرعة مئات الأهداف الإضافية"، وذلك حسب شخصين مطلعين على العملية.
وأوضحت الصحيفة أن "استخدام الذكاء الاصطناعي سمح بإعادة تعبئة بنك الأهداف للجيش الإسرائيلي، ومواصلة حملته دون انقطاع"، مبينة أن "اللجوء إلى هذه الأداة هو مثال على كيفية مساهمة البرنامج الذي استمر لعقد من الزمان، لوضع أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في مركز عمليات استخبارات الجيش الإسرائيلي".
وبحسب ما نقلته "واشنطن بوست" عن خبراء، فإن الجيش الإسرائيلي أقر بوجود هذه البرامج التي تعتبر من أكثر المبادرات بمجال الذكاء الاصطناعي.
لكن تحقيق الصحيفة يكشف تفاصيل جديدة لم يتم الحديث عنها في السابق، وتتعلق بالعمل الداخلي لآلة التعلم للبرنامج، إلى جانب التاريخ السري الطويل لتطويره.
وأشارت إلى أن برنامج الذكاء الاصطناعي كان وراء المشاهد التي سرعت من عمليات القتل في غزة، والتي طالت أكثر من 45 ألف شخص، نصفهم من النساء والأطفال، بحسب الأرقام المعلنة من وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة.
سرعة توليد الأهداف
وقال أشخاص على معرفة بممارسات الجيش الإسرائيلي، بمن فيهم الجنود الذي قاتلوا في غزة، إن "الجيش زاد من نسبة الضحايا المقبولة بين المدنيين عن النسبة العادية، وإن هذا التحول ساعد عليه الأتمتة والتشغيل الآلي، الذي زاد من سرعة توليد الأهداف وتوسيع مداها".
واعتمدت الصحيفة في تحقيقها على مقابلة عدد كبير من الأشخاص المطلعين على النظام، معظمهم طلب عدم الكشف عن هويتهم. وقال ستيفن فيلدستين، الزميل البارز في وقفية كارنيغي للسلام العالمي: "ما يجري في غزة هو استمرار للتحول بطريقة شن الحرب".
وزعم الجيش الإسرائيلي أن الحديث عن أخطاء باستخدام الذكاء الاصطناعي وتعريضه حياة المدنيين للخطر "غير صحيحة". وقال "كلما زادت القدرة على تجميع المعلومات بشكل فعال، كلما كانت العملية أكثر دقة. إذا كان هناك أي شيء، فإن هذه الأدوات قللت من الأضرار الجانبية ورفعت من دقة العملية التي يقودها الإنسان".
ويطلب الجيش الإسرائيلي من الضابط التوقيع على أي توصيات من أنظمة "معالجة البيانات الضخمة" الخاصة به، حسب مسؤول استخباراتي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته. وأضاف الشخص أن "هاسبورا" وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى لا تتخذ القرارات بشكل مستقل.
وتقول الصحيفة إن التغييرات في وحدة الاستخبارات المعروفة باسم 8200 تكثفت في عام 2020 تحت إدارة يوسي ساريل، الذي قام بتحويل عمل الوحدة وطرق جمع الاستخبارات. وكان ساريل من الداعين لتطوير آلة ذكاء اصطناعي وبرمجية "هاسبورا" لجمع المعلومات وتقوم على خوارزميات تكهنية، يسمح للجنود بالاستعلام بسرعة عن كنز هائل من البيانات المعروفة داخل المؤسسة العسكرية باسم "المسبح".
ومن خلال مراجعة كميات هائلة من البيانات من الاتصالات التي تم اعتراضها ولقطات الأقمار الصناعية وشبكات التواصل الاجتماعي، تقوم الخوارزميات بإخراج إحداثيات الأنفاق والصواريخ وغيرها من الأهداف العسكرية.
ويتم وضع التوصيات التي تنجو من التدقيق من قبل محلل استخباراتي في بنك الأهداف من قبل ضابط كبير. وتستخدم أداة أخرى للتعلم الآلي، تسمى لافندر، نسبة مئوية للتنبؤ بمدى احتمالية أن يكون الفلسطيني عضوا في جماعة مسلحة، ما يسمح للجيش الإسرائيلي بتوليد حجم كبير من الأهداف البشرية المحتملة بسرعة.
وتحمل الخوارزميات أسماء مثل الخيمائي وديبث أوف ويسدوم وهانتر وفلو، حيث يسمح الأخير بالاستعلام عن مجموعات بيانات مختلفة ولم يتم الإبلاغ عنها مسبقا. وطالما طرح العديد من ضباط الوحدة أسئلة وشكوكا حول آلة التعلم الآلي والقرارات السريعة التي تتخذها، وأنها تحمل في داخلها عيوبا أساسية.
ولم تشر التقارير المقدمة إلى القيادة العليا إلى كيفية استخلاص المعلومات الاستخباراتية، سواء من المحللين البشريين أو أنظمة الذكاء الاصطناعي، ما يجعل من الصعب على المسؤولين تقييم النتائج، وذلك مسؤول عسكري كبير سابق.
التكهن بأثر الهجمات
ووجدت مراجعة داخلية أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة العربية تعاني من أخطاء، حيث فشلت في فهم الكلمات والعبارات العامية الرئيسية، حسب مسؤولين عسكريين سابقين. وبحسب الجيش الإسرائيلي فإن تكنولوجيا التعلم الآلي تستطيع التكهن بأثر الهجمات وعدد المدنيين الذين سيتضررون وتساعد إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي.
وبالإضافة إلى المخاوف بشأن جودة الاستخبارات المشتقة من الذكاء الاصطناعي، فإن استخدام هذه التكنولوجيا قد أثار تحولا جذريا في النموذج داخل الجيش الإسرائيلي، حيث اختطف ثقافة استخباراتية كانت تاريخيا تقدر التفكير الفردي لصالح ثقافة تعطي الأولوية للبراعة التكنولوجية، حسب ثلاثة من الأشخاص.
وقد مكنت وحدة 8200 منذ فترة طويلة المحللين من المستوى المنخفض، من تجاوز رؤسائهم المباشرين وإصدار تحذيرات مباشرة لكبار القادة.
وتحت قيادة سارييل وقادة استخباراتيين آخرين، أعادت وحدة 8200 هيكلتها للتركيز على المهندسين، وخفض المتخصصين باللغة العربية. وكذا التخلص العديد من القادة الذين يعتبرون مقاومين للذكاء الاصطناعي، وحل بعض المجموعات التي لا تركز على تكنولوجيا استخراج البيانات، حسب ثلاثة أشخاص.
المصنع يدك غزة
وباعتراف إسرائيل نفسها، لعب الذكاء الاصطناعي دورا كبيرا في عملية الاستهداف في غزة. ففي غضون أيام من هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر انهالت ذخائر مارك 80 المصنعة في الولايات المتحدة والتي يبلغ وزنها 2,000 رطلا على القطاع. وفي بيان صحفي صدر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي أن "هاسبورا" ساعده في قصف 12,000 هدف في غزة.
وعلى أنغام موسيقى درامية وفيديو لمباني تنفجر، أعلن البيان الصحفي عن "تعاون هو الأول من نوعه"، حيث تم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع أهداف الذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي، ما يتيح "تنفيذ مئات الهجمات في لحظة".
وقال آدم راز، المؤرخ الإسرائيلي الذي أجرى مقابلات مع جنود وقادة حول استخدام 8200 للذكاء الاصطناعي، إنه حسب أن الجيش الإسرائيلي كان يضرب هدفين تقريبا في الدقيقة في ذروة القصف - وهو ما رأى أنه معدل "مذهل".
وفي الأيام الأولى من الحرب كان مصنع الأهداف يعمل بسرعة فائقة، وكان يعمل به حوالي 300 جنديا على مدار الساعة. وكان مطلوبا من العديد من المحللين فحص الأهداف الموصى بها من "هاسبورا" و"لافندر"، وهي عملية قد تستغرق من ثلاث دقائق إلى خمس ساعات.
وتم التخلي عن القاعدة التي تلزم توفر دليلين استخباريين بشريين، للتحقق من صحة التنبؤ من "لافندر"، وتقليصه إلى دليل واحد في بداية الحرب، حسب شخصين مطلعين على الجهود.
وقال جندي إنه في بعض الحالات في فرقة غزة، هاجم جنود مدربون بشكل سيئ على استخدام التكنولوجيا أهدافا بشرية دون تأكيد تنبؤات "لافندر" على الإطلاق. وفي أوقات معينة، كان التأكيد الوحيد المطلوب هو إن كان الهدف ذكرا، حسب شخص آخر مطلع على الجهود.
وقال: "لقد بدأت مع لافندر، ثم قمت بعمل الاستخبارات". وللتتبع السريع للأشخاص الذين أشار إليهم لافندر باعتبارهم أعضاء محتملين في حماس، حصل الجيش على صور في الوقت الفعلي لأشخاص في منازلهم باستخدام طريقة رفض الجندي وصفها. ومكنتهم أدوات التعرف على الوجه المصممة خصيصا من مقارنة الصور بالصور الموجودة لأعضاء حماس في قاعدة بيانات لافندر.
وقال الشخص إنه في حين بدت المطابقات دقيقة، إلا أن بعض الجنود شعروا بالقلق من أن الجيش يعتمد فقط على التكنولوجيا دون تأكيد على أن الأشخاص ما زالوا أعضاء نشطين في حماس.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال الذكاء الاصطناعي غزة غزة الاحتلال قنابل الذكاء الاصطناعي حرب الابادة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی الذکاء الاصطناعی فی غزة
إقرأ أيضاً:
أبوظبي.. أول برنامج بكالوريوس في مجال الذكاء الاصطناعي
أعلنت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي إطلاق أول برنامج بكالوريوس في مجال الذكاء الاصطناعي، مُحدثةً تحولاً جذرياً في التعليم الجامعي لهذا المجال.
إذ يتميّز البرنامج بنهجه الشامل الذي يجمع ما بين المعرفة التقنية المعمّقة، ومهارات القيادة، وريادة الأعمال، وخبرة قطاع الصناعة، والتطبيقات العملية، ما يجعله متميّزاً عن المناهج التقليدية.
يعد «برنامج بكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي» نموذجاً مبتكراً متعدد التخصصات يزوّد الطلاب بأسس متينة في مجالات الذكاء الاصطناعي المختلفة، بما في ذلك تعلّم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، والرؤية الحاسوبية، وعلم الروبوتات.
ويشمل البرنامج تدريباً مكثفاً في الأعمال، والشؤون المالية، والتصميم الصناعي، وتحليل السوق، والإدارة، ومهارات التواصل.
ويعتمد البرنامج في مضمونه العلمي على نهج عملي يعزز التفكير الريادي، ما يمكّن الطلاب من قيادة التحولات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي ويهدف إلى إعداد مفكرين يتمتعون برؤى مميّزة ومهارات متعددة لحل التحديات والمساهمة في تطوّر هذا المجال على المستوى العالمي.
وأكد معالي خلدون خليفة المبارك، رئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أهمية هذا البرنامج الذي سيسهم في إحداث تحول جذري تحقيقًا لرؤية القيادة الحكيمة لضمان مواصلة الإمارات ترسيخ مكانتها الرائدة في مجال الأبحاث الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقه واستثمار إمكاناته لدفع عجلة الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتحقيق التقدّم المجتمعي.
ونوه إلى أن البرنامج سيسهم أيضا في تزويد الجيل القادم بالمهارات التقنية المتقدّمة والفهم الشامل لدور الذكاء الاصطناعي، مما يعزز قدرة الدولة على بناء قوة عمل مؤهلة ومتخصصة تقود التحولات المستقبلية في الذكاء الاصطناعي بما يحقق مصلحة الدولة والمنطقة والعالم أجمع. وإلى جانب تزويد الطلاب بالمهارات التقنية الأساسية في مجال الذكاء الاصطناعي، تكرّس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي جهودها لإعداد الجيل القادم من المبتكرين، والمطورين، والمديرين، والقادة في هذا المجال.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، يعزز هذا البرنامج الشامل مهارات الطلاب القيادية، ويُكسبهم أساسيات الشؤون المالية والقانونية والإدارية، بالإضافة إلى مهارات التواصل والتفكير النقدي، ما يؤهلهم لدفع عجلة تطوير الذكاء الاصطناعي واعتماد تطبيقاته في المستقبل.
ويعتمد البرنامج على نموذج التعليم التعاوني الذي يتمحور حول التعاون بين المعلمين والطلاب ويدمج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب التجربة الأكاديمية، ليؤدي دوراً محورياً في عملية التعلّم.
وتشمل مساقات البرنامج محاور متقدمة، مثل التعلّم العميق، والذكاء الاصطناعي التوليدي، والذكاء الاصطناعي في مجال العلوم، بالإضافة إلى التدريب في مجالات الأعمال وريادة الأعمال.
من جهته، أكد البروفيسور «إريك زينغ»، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والبروفيسور الجامعي أن البرنامج يأتي ضمن الرؤية المستقبلية للجامعة.
وأشار إلى أن البرنامج يجمع تعليم الذكاء الاصطناعي مع ريادة الأعمال، واستكشاف المشكلات، واكتساب المهارات الأساسية لتطوير المنتجات وأكد الحرص على إعادة تعريف مفهوم التعليم في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ لا يقتصر البرنامج على إعداد مهندسين فحسب، وإنما يعد أيضاً رواد أعمال، ومصممين، ومؤثرين، ومديرين، ومبتكرين قادرين على قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات، وفي جميع المراحل.
ويجمع البرنامج ما بين التدريب متعدد التخصصات والتعلّم العملي ويطّلع الطلاب من خلاله على مجالات متنوّعة، تشمل العلوم الإنسانية، والأعمال، والفنون الحرة، ليمنحهم منظوراً أوسع يتجاوز نطاق علوم الحاسوب والتخصصات العلمية التقليدية وليكتسبوا خبرة عملية من خلال فترات تدريب تعاونية في القطاع الصناعي، إلى جانب برامج تدريبية وإرشادية، وشراكات مع كبرى الجهات الفاعلة في مجالات الصناعة والبحث في الذكاء الاصطناعي.
يشمل البرنامج مسارين أكاديميين متميّزين هما مسار الأعمال، الذي يركز على التكامل التجاري وريادة الأعمال، ومسار الهندسة، الذي يركز على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي ونشرها، وتعزيز استخدامها في مختلف القطاعات.
ويتوافر للطلبة الملتحقين بالبرنامج بيئة متكاملة تضم موارد حاسوبية متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، وفصولاً دراسية ذكية، ومساحات مخصصة للحاضنات إلى جانب تلقي علومهم على أيدي هيئة تدريسية عالمية تتمتع بخبرة واسعة في الأوساط الأكاديمية والصناعية.
يُذكر أن التقدّم للالتحاق بهذا البرنامج الرائد متاح أمام الطلاب المحليين والدوليين، ويهدف لاستقطاب ألمع المواهب وأكثرها طموحاً، ما يعزز مكانة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي جهة رائدة في التعليم الجامعي بمجال الذكاء الاصطناعي.