الخرطوم- بعد نحو 3 أسابيع من فشل الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بزعامة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك في التوافق على تشكيل حكومة منفى، اتفقت فصائل في التحالف مع قوات الدعم السريع على تشكيل حكومة موازية بمواقع سيطرتها في أوائل العام الجديد.

ورفضت قوى سياسية فاعلة في تحالف "تقدم" أبرزها حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني وحزب التجمع الاتحادي، بجانب تجمع المهنيين وقوى مدنية ولجان المقاومة، تشكيل حكومة في المنفى أو أي شكل من أشكال الحكومة.

وفي المقابل، تبنت فصائل الجبهة الثورية في التحالف المعارض تشكيل حكومة في مواقع سيطرة قوات الدعم السريع، وأبرزها زعيم الجبهة الثورية ورئيس حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، الهادي إدريس، وقائد حركة تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر حجر، ورئيس حركة العدل والمساواة – فصيل سليمان صندل، ورئيس مؤتمر البجا المعارض، أسامة سعيد، وشخصيات مدنية.

وكشف 3 قياديين من تنسيقية "تقدم" للجزيرة نت أن لقاءات جرت بين رموز في الجبهة الثورية وقيادات سياسية ومدنية أخرى مع نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو في العاصمة الكينية نيروبي الأسبوع الماضي، ركزت على تشكيل حكومة موازية ومهامها والقوى التي ستشارك فيها.

عبد الرحيم دقلو نائب قائد الدعم السريع التقى برموز وقيادات من تنسيقية تقدم في نيروبي الأسبوع الماضي (مواقع التواصل) لا رجوع للوراء

يقول محمد مختار النور، المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع، إنهم يؤيدون تشكيل حكومة في داخل السودان وليس حكومة منفى، وذلك لتقديم الخدمات واسترداد حقوق المواطنين في مواقع سيطرة الدعم السريع "بعدما حرمتهم حكومة بورتسودان من حقوقهم في التعليم والصحة وأوراق الهوية (جوازات ورقم وطني) واستبدال العملة التي بحوزتهم التي اعتبرتها السلطة غير مبرئة للذمة".

إعلان

ورجح النور خلال حديث مع الجزيرة مباشر، أمس الأحد، إعلان تشكيل حكومة مدنية في أوائل العام الجديد، وتحدث عن مشاورات تجري بين قوى سياسية وحركات مسلحة في تحالف "تقدم" وخارجه، وقوى شعبية وهيئات شبابية في مناطق الدعم السريع.

وعن الدول التي ستعترف بالحكومة الموازية، وضح النور أن ذلك سيكون من مسؤولية الجهات التي ستقف وراء الحكومة وتحركاتهم لإقناع الدول خاصة المجاورة للسودان، ورفض اتهامهم بالسعي لتقسيم السودان.

كما أعلن الهادي إدريس، وهو نائب رئيس تحالف "تقدم"، تمسكهم بتشكيل حكومة مدنية في السودان لكي تنتزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وذلك لقطع الطريق أمام خطط أنصار النظام "البائد" بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير الرامية لتقسيم البلاد، على حد وصفه.

وذكر إدريس، خلال لقاء مع صحفيين سودانيين في العاصمة الأوغندية كمبالا، الخميس الماضي، أنهم أجروا مشاورات مع قيادات في قوات الدعم السريع، أسفرت عن تجاوزهم لفكرة تشكيل حكومة تابعة حصريا لهم، وحصلوا منهم على تعهدات بتوفير الحماية والأمن للحكومة المرتقبة حال تكوينها.

رفض وتردد

وأقر إدريس بوجود تيار يرفض فكرة تشكيل حكومة موازية خوفًا من تقسيم البلاد، إلاّ أنه أكد تمسك غالبية أعضاء الجبهة الثورية وقيادات داخل تحالف "تقدم" بخيار تشكيل الحكومة، إضافة إلى مجموعات مترددة، وأرجع ذلك إلى "ابتزاز الخطاب الدعائي للإسلاميين" حسب تعبيره.

كما يرى يوسف عزت، المستشار السياسي السابق لقائد قوات الدعم السريع، أن النقاش حول تشكيل حكومة مدنية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع محاولة من بعض الأطراف لتجنب اتخاذ موقف واضح من الصراع القائم. ويشير في منشور على منصة "إكس" إلى أن هذه الأطراف تتخفى تحت غطاء المدنية، مما يمنعها من إعلان موقفها الحقيقي تجاه الدعم السريع، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في البلاد.

إعلان

ويضيف عزت أنه إذا كان هناك نية لتشكيل حكومة، فيجب أن تكون تحت قيادة قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مع إشراك جميع أصحاب المصلحة الذين تحملوا تبعات الحرب بالإضافة إلى القوى المدنية.

من جهته، يعتقد المحلل ورئيس تحرير صحيفة "التيار"، عثمان ميرغني، أن تشكيل حكومة منفى أو حكومة هجينة بين المنفى والمناطق التي يحتلها الدعم السريع يعبر عن سقوط أجندة الحرب، كما أن حالة الفراغ الكبير تجعلها "عبثية" بامتياز.

وحسب حديث المحلل للجزيرة نت، فإن الجسم المؤسسي لتحالف "تقدم" يرفض فكرة تشكيل حكومة، وتوقع أن يكون أول تداعياتها انقسام التحالف ثم تلاشيه وعودة القيادة لما تبقى من قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي.

وتحاول الحكومة المزمعة اختطاف اسم الخرطوم لتحظى باعتراف خارجي، لكن حتى هذا الاختطاف سيسقط قريبا باستعادة القصر الجمهوري بواسطة الجيش بعد عبوره النيل الأزرق من جهة الخرطوم بحري ووصوله إلى شواطئه في سلاح الإشارة قريبا جدا، وفقا لميرغني.

الدعم الخارجي

وبرأي عثمان ميرغني، فإن الحكومة المدعاة قد تتسبب في مزيد من التعقيدات إن وجدت أدنى دعم خارجي، ويسندها في ذلك غياب هياكل الحكومة في بورتسودان، والفراغ المؤسسي الذي يسهل الطرق على موضوع عدم الشرعية.

أما فيصل محمد صالح، وزير الإعلام السابق في الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، فيعتقد أن الحكومة المرتقبة ستكون على أساس التحالف مع قوات الدعم السريع، لأنها ستقوم في الأراضي التي تقع تحت سيطرتها.

وفي منشور على صفحته على "فيسبوك" يرى صالح أن قيام هذه الحكومة لا يعني بالضرورة نزع الشرعية عن الحكومة القائمة في بورتسودان، التي يتعامل معها المجتمع الدولي كـ"حكومة أمر واقع"، وعندما لا تجد الحكومة الجديدة أي اعتراف دولي، فهذا قد يتم تفسيره بأن دول العالم بالضرورة تعترف بحكومة بورتسودان.

إعلان

وأهم النقاط التي تضعف فرص نجاح هذه التجربة ستكون علاقتها بالدعم السريع، خاصة مع حجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات حيثما حلّت؛ بجانب ممارساتها والتفلتات الكبيرة وسطها وعدم انضباطها، حسب الوزير السابق.

ويذكر صالح أن الإدارة المدنية التي شكّلتها الدعم السريع بولاية الجزيرة عقب سيطرتها على أجزاء واسعة من الولاية قبل عام لم تستطع أن توفر مجرد الإحساس بالأمان للمواطن، ولم تثبت أن لها أي سلطة على قوات الدعم السريع، متسائلا "هل يكون هذا هو أيضا مصير مدنيي الحكومة الجديدة؟".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع الجبهة الثوریة تشکیل حکومة حکومة فی

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تعلن دخول الحرب مرحلة جديدة والبرهان يتوعد بسحقها

تعهد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان  السبت باقتلاع المليشيات وتحرير كل شبر من الأرض، فيما أعلنت قوات الدعم السريع دخول الحرب مرحلة جديدة، متعهدة بتوجيه ضربات مؤلمة للجيش.

وقال عبد الفتاح البرهان إن الجيش انتقل من الدفاع إلى الهجوم ولن يهدأ له بال حتى يقتلع ما سماها المليشيا ومَن دعَمَها وساندها.

وخلال تدشينه مبادرة لدعم "أسر الشهداء والنازحين واللاجئين والمتضررين من الحرب" أكد البرهان أن "الأمور تسير كما خطط لها وسيتم تحرير كل شبر من أرض الوطن".

وأوضح البرهان أنه واثق من النصر وأن الشعب لن يسمع قريبا بمسيرات تقصف مرافق الخدمات المدنية.

في المقابل، قال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع إن استهداف قاعدة وادي سيدنا وتدمير عدد من الطائرات الحربية والمسيرات ومخازن الأسلحة، هو بمثابة رسالة مفادها أن الحرب دخلت مرحلة جديدة الآن.

وشدد طبيق على أن الأيام القادمة سوف تشهد ضربات موجعة لمواقع استراتيجية لما سماها "مليشيات البرهان والكتائب الإرهابية وأن بورتسودان هي الهدف القادم وفقا لتعبيره".

قصف على الفاشر

وفي وقت سابق، أعلن الجيش السوداني مقتل 4 مدنيين وإصابة 12 آخرين جراء قصف مدفعي لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد.

إعلان

ومنذ أيام تواصل قوات الدعم السريع قصفها المدفعي على الفاشر، الأمر الذي أوقع عشرات القتلى والجرحى، بحسب السلطات السودانية.

ومنذ 10 مايو/أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين قوات الجيش والدعم السريع رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.

في ذات السياق، نددت وزارة الخارجية السودانية بمقتل 11مدنيا جراء استهداف الدعم السريع مركز إيواء نازحين بمدينة عطبرة شمالي البلاد، ووصفت الحادثة بأنها جريمة إرهابية

وقالت الخارجية في بيان "نندد بالجريمة الإرهابية النكراء التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع باستهدافها لمركز إيواء للنازحين بعطبرة، وقتل 11 من النازحين، وكذلك قصفها محطة كهرباء عطبرة التحويلية".

وفي الآونة الأخيرة، تكرر الهجوم بالطائرات المسيرة على محطات الكهرباء بمدن السودان الشمالية "مروي ودنقلا والدبة وعطبرة.

وتتهم السلطات السودانية الدعم السريع بتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة على محطات الكهرباء والبنية التحتية، دون تعليق من الأخيرة.

متغيرات ميدانية

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.

وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).

مقالات مشابهة

  • مستشار في الدعم السريع يكشف عن تدمير مسيرات إستراتيجية
  • الدعم السريع تعلن دخول الحرب مرحلة جديدة والبرهان يتوعد بسحقها
  • الدعم السريع تقصف قاعدة وادي سيدنا الجوية ومقر الكلية الحربية بأم درمان
  • الدعم السريع تقصف قاعدة جوية والكلية الحربية بأم درمان
  • الأمم المتحدة: مخيم زمزم للنازحين في غرب السودان “شبه خال” بعدما سيطرت عليه قوات الدعم السريع
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 60 عنصراً من قوات الدعم السريع في الفاشر
  • مقتل عشرات المدنيين في مجزرة للدعم السريع بغرب كردفان
  • الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر