الأسبوع:
2025-02-02@08:44:17 GMT

ما قل ودل

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

ما قل ودل

1-بداية… لا أنكر أن الخوف الذي يراود الأغلبية يسكنني أيضا، ربما بصورة أكبر أشعر بالقلق طيلة الوقت، لكنه ليس القلق الشخصي، بل ربما هموم العام، بما يمثله انطلاقا من المخاطر التي تهدد الإقليم الذي نعيش فيه، ومستقبل المنطقة بالكامل.

2-رغم هذا القلق العام، فإن ما يشغلني بصورة أكبر هو الشعور الذي تملك الأغلبية، وما ساهمت فيه (النخبة العفنة) دون قصد أو عن قصد، تحت مزاعم الاحتياج أو الحاجة والفقر، تلك النخبة التي رسخت لـ "الدونية والتخلف والرجعية" وأسست لروح الانهزام وانعدام الأمل، وعززت من فكرة أن الحل يتمثل في "الهروب".

3-منذ سنوات عدة تراجعت "النزعة المصرية" بصورة ملحوظة، يتضح هذا الأمر في حديث من يسمون بالنخبة على مواقع التواصل، وحتى في الندوات واللقاءات الصحفية وبعض لقاءات المسؤولين الرسميين، هذا الأمر المحزن لدرجة كبيرة والذي أثر ويؤثر بصورة أبشع إن لم نستعد مصريتنا كمصدر للفخر ودافع للأمل والعمل والعودة لمسار مصر الذي تأسس قبل قرون طويلة.

4-في العام 2022 كنت في زيارة للمغرب، وحينها التقيت بوزير الخارجية المغربي الأسبق، محمد بنعيسى، في إطار لقاء صحفي، بمدينة أصيلة، جلست من أجلها ليلة كاملة أعد الأسئلة وأقرأ لقاءات بنعيسى السابقة وتصريحاته، ذهبت لأحدثه عن المغرب وعلاقاته بتفاعلات المنطقة، فوجدته يحدثني أولا قبل الحوار عن مصر وتفاصيلها الدقيقة، كما لو كان يعيش بيننا، تحدث بلغة المحب القلق الغيور، الذي يعي التحولات الجارية ويشغله المستقبل بصورة عامة، كان بنعيسى يتحدث من منطلق أن مصر هي الدولة التي إذا اهتزت يتهاوى الشرق الأوسط كله، وددت حينها لو استمعت له فقط عن مصر دون أن أسأل أكثر.

لم يكن الحديث مع بنعيسى كافيا لأرى صورة مصر بعيون محبيها المحبين الغيورين والقلقين بصدق، اكتشفته أيضا في زيارتي لسلطنة عمان الشقيقة والجزائر وتونس والبحرين ولقاءات عدة مع النخبة التي تدرج حقيقة التاريخ وحتمية الواقع، لأكتشف أننا بحاجة ماسة لأشياء كثيرة في وقتنا الراهن، بدءا من استعادة الثقة بأنفسنا. نعم نحن بحاجة لمشروع قومي لاستعادة الثقة بمصريتنا بهويتنا، بحضارتنا الخالدة حتى اليوم التي لم تأت من فراغ.

5- إن أكثر ما يزعجني هؤلاء الذي يتعاملون مع الغير على أنهم أدنى مرتبة، أو بلغة هزيلة تتدنى إلى مرتبة الهوان والذل دون أن يدركوا أنهم يضيعون هوية بلد تتكالب عليه الأغلبية، منذ قرون، فيما يتنكر البعض في وقتنا الحاضر لكل ما هو مصري، رغم دور المصرية في كل تفاصيل حياتهم وحتى معرفتهم بالحياة والتعليم والطب.

6-كانت مصر منذ فجر التاريخ خير سند ومقوم ومدافع عن جيرانها وأمتها حتى ما قبل الإسلام والعروبة، لكن قلة ممن تصدروا الساحة تدنوا ورسخوا التدني وعزز كل منهم روح الانهزام والانبطاح وفقدان الثقة، حتى اعتلى من لم يرق مقامه فوق الأرض بشبر فوق قامات لم يكن يحلم بالسير في ظلها.

7-الدعوة هنا ليست للتعالي أو للعنصرية، بل للاعتزاز بمصريتنا التي تعد أمة بحد ذاتها، وهو ما يدفعنا لاستعادة الثقة بأنفسنا، للتأكد من أن مصريتنا كفيلة بتصحيح المسار دائما، وبالبناء والنهوض، فلا ألمانيا التي نهضت بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية أفضل وأعرق من مصر، ولا اليابان التي نهضت بعد كارثة هيروشيما وناجازاكي أهم من مصر، نحن نمتلك كل الأدوات والخبرات والتاريخ والحضارة والثقافة، والإرادة التي تجعل من هذه البقعة شعلة لإنارة المستقبل لأبناء هذه الأرض والأرض المجاورة.

8-نحن بحاجة لأن يشعر كل منا أنه الأفضل، القادر على تغيير واقعه بالعلم والعمل، بالأمل والاجتهاد، حين نستعيد الثقة بأنفسنا، سنعيد نظرتنا لأشياء كثيرة، صناعتنا، زراعتنا، جودة تعليمنا، مستوى خدماتنا الصحية، كل شيء.. كل شيء، حين ندرك أنه من الصعب أن تطلب من فاقد الثقة أن يتقن عمله، أن يبدع، أن يفكر، أن يشارك في التنمية، أو أن يحافظ على ما تحقق، كل هذه الجوانب تمثل أهمية وأولوية في ظل تحديات غير مسبوقة على كافة المستويات.

9- ربما ما يعيشه العالم من مخاض وصراع حول شكل العالم الجديد الذي سيحتاج لسنوات طويلة من "تكسير العظام" يحتم علينا الآن أن نحدد لأنفسنا مكانة تليق بمصر وبتاريخها وحاضرها ومستقبلها، بحاجة لأن نعي أن كل منا قادر على التأثير في موقعه على النجاح في مجاله، على المساهمة في البناء الذي يجب أن يبدأ من الذات.. نحن بحاجة لاستثمار كل ما نملك من وقت ومال في بناء أنفسنا وأبنائنا والأجيال القادمة، دون أن يكون ذلك على حساب أحد حتى من الأشقاء، دون أن نتنكر لمواقفهم، دون أن نتخلى عن المساهمة والمساعدة لهم، دون أن نكون عبئا على أحد.. لدينا القدرة إن استعدنا الثقة بأنفسنا أولا.

عاشرا، وأرى أنه الضرورة الملحة الآن، فإن ما حدث في سوريا وما رأيناه بأعيننا الآن، يؤكد أن مساعي الأجنبي لا تهدف للحرية أو الديمقراطية كما يزعمون، بل في تفتيت الدول وإخضاعها بما لا يضمن حتى العيش بسلام لأبنائها كما نشاهد من عمليات اقتتال وثأر وغيرها من المخاطر القادمة لا محالة هناك، ما يحتم على الجميع الآن الاصطفاف، ليس من أجل التصدي لأي محاولات خارجية فقط، بل من أجل الارتقاء والتنمية الشاملة على كافة المستويات، وهي أهم العوامل التي تعزز قدسية الدفاع عن الوطن والأرض والدولة، مع الوضع في الإعتبار أن الإنسان يدافع عن ما يملكه أو ما يشعر بأنه شريك فيه، وفي حال تنافيه فلا مبرر داخله للدفاع.. .ختاما ستبقى مصر الأرض التي تعيد للمنطقة والأمة توازنها من جديد.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دون أن

إقرأ أيضاً:

بطائرة سعودية خاصة.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إلى الرياض

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أثار الرئيس السوري للفترة الانتقالية، أحمد الشرع، تفاعلا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر الرئاسة السورية صورة له في طائرة خاصة متوجها إلى المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية له منذ الإطاحة بنظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد.

وأبرز نشطاء وجود علم المملكة العربية السعودية على طاولة إلى يمين الكرسي الذي يجلس عليه أحمد الشرع ما أثار تكهنات نشطاء بأنها طائرة تابعة للديوان الملكي السعودي.

ويذكر أن الشرع سبق وأبرز أهمية السعودية وعلاقته الشخصية بالعاصمة الرياض، حيث قال في مقابلة سابقة مع قناة العربية السعودية على أن "المملكة تسعى لاستقرار سوريا وأن للسعودية فرصا استثمارية كبرى في سوريا"، وقال: "أفتخر بكل ما فعلته السعودية لأجل سوريا، ولها دور كبير في مستقبل البلاد"، لافتا إلى أنه "عاش حتى سن السابعة في العاصمة السعودية ويحن إلى زيارتها مجدداً".

الصورة المتداولة والتي أثارت التفاعل نشرتها كذلك وكالة الأنباء السورية الرسمية بتعليق: " يتجه السيد الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني اليوم في أول زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية".

مقالات مشابهة

  • بطائرة سعودية خاصة.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إلى الرياض
  • مبعوث ترامب: أوكرانيا بحاجة إلى انتخابات جديدة حال وقف إطلاق النار
  • «الصحة العالمية»: 14 ألف شخص بحاجة للإجلاء الطبي من غزة
  • «الصحة العالمية»: ما بين 12 إلى 14 ألف فلسطيني ما زالوا بحاجة للإجلاء الطبي من غزة
  • موفد «القاهرة الإخبارية»: استعدادات مصرية مكثفة لاستقبال المصابين من أبناء غزة
  • الفيتوري: ليبيا بحاجة إلى سياسات اقتصادية واجتماعية رصينة تنقذها من الغرق
  • العراق: بغداد بحاجة إلى تعاون دولي لمواجهة تهديدات "داعش" المتزايدة
  • استشاري تغذية يوضح سبب الإحساس بالجوع أكثر في الشتاء «فيديو»
  • استشاري: تجنب تهوية المنازل في الشتاء يُزيد الإصابة بالبرد
  • استشاري تغذية يكشف سبب الشعور بالجوع في الشتاء