بحزن، وحسرة، وألم، غصت منصات التواصل الاجتماعي في اليمن ببيانات النعي في السياسي والشاعر الغنائي الكبير، الدكتور سلطان الصريمي الذي وافته المنية اليوم الاثنين، بعد معاناة طويلة مع المرض.

 

ولد الفقيد الصريمي، في الحجرية بمحافظة تعز في العام 1948، وتشرّب حب الوطن منذ نعومة أظفاره، حيث بدأ دراسته الأولى في كتاتيب قريته، ثم انتقل إلى جيبوتي مع والده وأكمل تعليمه هناك، قبل أن يعود ليخوض تجربة الحياة في عدن عاملًا في مهنة البناء، لكنه لم يكتفِ بالبناء اليدوي، بل سافر إلى روسيا في العام 1980 ليبني مستقبله العلمي، ويحصل على درجة الماجستير في الأدب الشعبي في العام 1985، ثم الدكتوراة في فلسفة العلوم الاجتماعية في العام 1990 من موسكو، وفاز في أول انتخابات برلمانية بعد الوحدة ممثل عن الحزب الاشتراكي.

 

ويعد الشاعر الصريمي من أهم وأبرز الشعراء الغنائيين في اليمن، وله الكثير من القصائد العاطفية والسياسية والاجتماعية التي غناه فنانون يمنيون، أبرزهم أيوب طارش وعبد الباسط عبسي. وتميزت قصائده الغنائية باللهجة التعزية، وأغلب قصائده الاجتماعية ذات رسالة تعالج قضايا مختلفة.

 

ومن أعماله الشعرية، أبجدية البحر والثورة، وهموم إيقاعية، ونشوان وأحزان الشمس، وقال الصريمي، وأربع وردات وقصيدة، وزهرة المرجان، والهواجس.

 

رحيل الشاعر الصريمي، أثار حزنا واسعا بين أوساط اليمنيين، حيث تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى صالة عزاء، سواء على المستوى الرسمي والشعبي، فيما الغالبية أعادوا نشر قصائده على صفحاتهم كبيانات نعي ورثاء.

 

ونعت وزارة الثقافة، كافة ابناء الشعب اليمني، والأسرة الأدبية والثقافية، برحيل شاعر اليمن الكبير، الذي وافته المنية بعد حياة حافلة بالنضال، والكلمة الحرة، والانحياز لقضايا البسطاء.

 

وقالت الوزارة -في بيان النعي- "لقد كان الفقيد – رحمه الله – صوت الشعب، ومعبراً عن آمالهم وأحلامهم، وشاعراً ثائراً لم ينفصل عن قضايا وطنه وأمته، ومناضلاً في ميادين الصحافة والأدب والفكر، وعرفناه فارساً للكلمة، يزرع الأمل في قلوب اليمنيين بقصائده، ويحمل همومهم في حروفه ومقالاته".

 

وأكدت أن "برحيل الصريمي، فقد اليمن أحد رموزه الثقافية والسياسية، وشخصية استثنائية لا تُعوّض، لكن عزاءنا أن إرثه الشعري والفكري سيظل خالداً في ذاكرة الأجيال، وشاهداً على روحٍ لا تُقهر، وشاعر عاش ومات من أجل وطنه وشعبه".

 

وفي السياق قال السياسي اليمني وسفير اليمن في لندن، ياسين سعيد نعمان "يأبى هذا العام، الذي لم تجف فيه الدموع، أن يرحل قبل أن يستنزف مآقينا دموعاً ظلت تقاوم الأوجاع والأحزان، حتى انهمرت في فاجعة الحزن الذي حل بنا برحيل أجمل القصائد وأبلغها".

 

 

وأضاف "في لحظات الحزن هذه تختلط الدموع بترانيم نشوان وهو ينعي "موت غصون البان"، ودمدمة الريح وهي تطفئ "سراج الدار"، وتفجر في الوجدان لوعة الشوق إلى "براعم الحول قبل البزوغ".

 

وتابع نعمان "رحمك الله يا سلطان الكلمة البليغة، والأخلاق الحميدة، والمواقف التي ستنتصب بسببها قامتك إلى أن يرث الله الأرض".


 

الكاتب والشاعر أحمد الشلفي، كتب "وداعا ‏سلطان الصريمي الشاعر الكبير".


 

 

من جانبه قال الكاتب والروائي علي المقري "باعوا الأصابع وخلّوا الجِسم للديدان، وقطّعوها على ما يشتهي الوزّان". مضيفا "رحل الشاعر الكبير سلطان الصريمي كاتب أشهر أغنية سياسية (نشوان) في اليمن".

 

وتابع "شاعر بقي صوت شعبه متلمّساً جراحه وآلامه، شاهراّ صوته في وجوه الطغاة وناهبي خيرات البلد، بدت قصائده كأنها معجونة بعرق الفقراء وأنّات المقهورين الذين يحلمون بغد أقل قسوة".


 

 

وأضاف "لقد كانت قصائده، مع قصائد سعيد الشيباني وعبدالله سلام ناجي وعبدالله عبدالوهاب نعمان ومحمد عبدالباري الفتيح، فاتحة شعرية للشعر المغنّى في الحجرية وتعز، ليمثلوا بذلك مدرسة لتجديد الشعر في تلك المنطقة الزاخرة بالإيقاعات الفاتنة".

 

وقال "برحيله يفقد اليمن صوتا حرّا؛ كان هواه قبلته وصلاته وحياته".

 

النائب البرلماني علي المعمري، قال "كان الفقيد رمزًا وطنيًا وشاعرًا ملهمًا، عبّر عن هموم الشعب وتطلعاته، وترك إرثًا أدبيًا وثقافيًا خالدًا يعكس نضاله من أجل الحرية والعدالة".

 

الكاتب عامر الدميني اكتفى بالقول "وداعا سلطان الصريمي، نتمنى لك الرحمة والمغفرة"، مشيرا إلى أن اليمن فقد أحد أبرز شعرائه المؤثرين، والذين كان لهم دورا كبيرا في مسيرة الشعر والفن والنضال بالكلمة.


 

 

فيصل سعيد فارع، مدير مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، غرد بالقول "وداعا الشاعر الكبير والانسان النبيل الصديق الحبيب الدكتور، سلطان الصريمي".


 

 

من جهته قال الكاتب أحمد الزرقة "حبيبي نفسي عليك ترجف، خائف على أحلامنا لا تكسف"، رحمة الله على الشاعر الكبير سلطان الصريمي الذي وافته المنية اليوم في صنعاء بعد معاناة طويلة مع المرض".

 

وقال "الصريمي الانسان والشاعر المناضل الذي عاش نبيلا وعانى طويلا لكنه ظل ثابتا على جمر الكلمة والحقيقة في زمن الزيف والخداع والتلون والمتلونين".

 


 

الصحفي علي الجرادي كتب "وداعا شاعرنا الكبير سلطان الصريمي، وداعا أبجدية البحر والثورة" ، " نشوان واحزان الشمس."

 

وأضاف "إلى الله ترحل روحك الخضيرة بتليم الحب".


 

 

الباحث نبيل البكيري علق بالقول "وداعاً سلطان الصريمي، الشاعر والإنسان والمثقف الذي ظل وفياً للأرض والإنسان، غادرنا إلى رحاب رب غفور كريم".

 

وزاد "الصريمي مثقف يساري لم تقيده أيديولوجيته فانطلق ملئ اليمن وامتدادها الواسع شمالاً وجنوبا وشرقاً وغرباً وتحدث باسمها وأفراحها وأتراحها".


 

 

الناشط احمد صالح الجبلي، قال "غاب سراج الدار، تفقد اليمن ويفقد الحزب الاشتراكي نجما آخر، الشاعر الكبير الدكتور سلطان الصريمي في ذمة الله".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أدب سلطان الصريمي وفاة شاعر الشاعر الکبیر فی العام

إقرأ أيضاً:

“غريبة الروح .. حكاية الشاعر الذي كتب وجعه بالحبر والحنين”

بقلم : سمير السعد ..

شاعر الاغتراب والحنين الذي صوّر وجعه على وتر الحياة و في زوايا مدينة الناصرية، تلك الأرض الخصبة بالإبداع والموشومة بحكايات العشق والخيبات، وُلد الشاعر جبار الغزي. شابٌ حمل في قلبه روحًا حساسة عكست وجدان الجنوب الجريح. لم تكن مسيرته إلا سلسلة من محطات الألم والاغتراب، حفرها الزمن بيدٍ قاسية في ملامحه وروحه.

في مطلع شبابه، وقع الغزي في حب فتاة جميلة أخلاقًا وشكلاً، ارتبطت مشاعرها به تأثرًا بعذوبة كلماته ودفء روحه الشاعرية. كان يخطّ لها قصائد تشبه ندى الصباح، ويرسلها كرسائل حب تفيض بالعاطفة. لكنها، كأغلب قصص العشق المأساوية، انتهت برفض قاطع من أهلها، تاركين جبارًا في مواجهة الفراغ العاطفي والخذلان.
لم يستطع أن يجتاز هذه النكسة بسهولة. هرب إلى بغداد، محاولًا دفن جرحه بين دروبها الصاخبة، ولكنه لم يجد في شوارعها وأزقتها سوى غربته التي صارت رفيقة ليله ونهاره. هناك كتب واحدة من أعذب قصائده، “غريبة الروح”، التي أظهرت عذابه الداخلي وصراعه مع الذكريات !

“غريبة الروح لا طيفك يمر بيها
ولا ديره التلفيها
صفت وي ليل هجرانك ترد وتروح
عذبها الجفه وتاهت حمامة دوح”

وسط هذا التيه، حملت بغداد له لقاءً يعيد دفءًا مؤقتًا لروحه، حين التقى أمه تحت نصب الحرية بعد سنوات طويلة من الفراق. كان المشهد أشبه بمسرحية حزينة، حيث اجتمع العناق بين دموع الفقد وشوق اللقاء. عكست هذه اللحظة جبار الإنسان، الذي حمل أوجاع الوطن وفقد الأحبة في آنٍ واحد.
مع مرور الوقت، تحوّل الحنين إلى حالة مستديمة في حياة الغزي. كان يتمنى عودة محبوبته، ولو كغريبة تعبر دروب بغداد. حمل في داخله شوقًا مكابرًا، كالعطش للماء الذي لا يرتوي أبدًا ! .

“تحن مثل العطش للماي تحن
ويلفها المكابر
ويطويها وانت ولا يجي ببالك
تمر مرة غرب بيها واهيسك جرح بجروحي
يمرمرني وتحن روحي”

حين كتب “غريبة الروح”، لم تكن مجرد كلمات على ورق؛ بل كانت هوية شعرية تحمل توقيعه الأبدي. جسّد الفنان حسين نعمة هذه المشاعر بصوته، مانحًا النص حياة جديدة تتخطى حدود الكلمات. أضاف الموسيقار فرحان محسن لحنًا يمزج بين الحزن والشجن، ليصبح العمل مرآةً صادقة لروح الغزي.

رغم محاولات الغزي لتجاوز خساراته، بقيت روحه غريبة في هذا العالم. استمر وجعه كشاعر يعكس معاناة كل من عاش الغربة والفقد. ربما لم ينصفه الزمن، لكن أعماله ستظل شاهدة على شاعر جعل من الحزن إبداعًا، ومن الألم قصيدة خالدة.
هكذا، يبقى جبار الغزي رمزًا إنسانيًا يحمل تفاصيل حكاية وطن بأكمله، حيث الحب والخذلان، الغربة والحنين، والشعر الذي يخلد الأرواح المتعبة.

رحلة الغزي لم تكن رحلة فردية، بل كانت انعكاسًا لمأساة جيلٍ بأكمله. جيل عاش تحت وطأة الظروف القاسية التي مزجت بين الحروب والخذلان والهجرة القسرية. في كل بيت شعري كتبه، كان ينطق بلسان المحبين المحطمين، وبصوت كل غريب حمل قلبه عبء الذكريات.
قصائده لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل صور شعرية مؤثرة عكست شعوره بالضياع والخذلان، وجعلت مستمعيه يشعرون وكأنهم جزء من قصته. كان الحزن حاضراً في كل حرف، كأن روحه نُقشت على الورق. لم يكن الغزي شاعرًا تقليديًا يكتب فقط للتسلية أو الوصف، بل كان شاعر القلب الجريح الذي استمد إلهامه من تجربة عاطفية وإنسانية عميقة.

على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته قصائده، ظل الغزي أسير الحزن. لم تشفِ الشهرة جراحه ولم تملأ الفراغ الذي تركه حبّه الأول. حياته انتهت بمأساة لم تكن غريبة على مسيرته المليئة بالألم. ترك هذا العالم وهو لا يزال غريب الروح، باحثًا عن طيف محبوبته، وعن مدينته التي لم تلتئم جراحها في قلبه.
اليوم، وبعد عقود من رحيله، ما زالت كلماته تُتلى كأنها صلوات على أرواح المتعبين. “غريبة الروح” ليست مجرد قصيدة ، إنها مرآة لروحه ولأرواح كل من فقد شيئًا أو شخصًا أحبّه.
حمل الناصرية في قلبه وبغداد في غربته، ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الشعر الشعبي العراقي. لم يكن مجرّد شاعر كتب عن الحب والفقد، بل كان صوتًا للروح العراقية المعذّبة، وصورة حيّة لصراع الإنسان مع أقداره.

ويبقى السؤال الذي تركه وراءه معلقًا في وجداننا ..
“هل يمكن للغريب أن يجد وطنًا لروحه، أم أن الغربة قدرٌ لا فرار منه؟”

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • “غريبة الروح .. حكاية الشاعر الذي كتب وجعه بالحبر والحنين”
  • وداعاً رفيق الفقراء.. وداعاً شاعر الحب والثورة..
  • الرئيس يعزّي في وفاة الشاعر والأديب سلطان الصريمي
  • الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشاعر والأديب سلطان الصريمي
  • برحيل الشاعر سلطان الصريمي… اليمن يخسر ربان الأغنية السياسية
  • اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ينعي الشاعر الكبير الدكتور سلطان الصريمي
  • الشاعر الغنائي صلاح عطية يعلن وفاة الملحن ناصر عارف
  • الشاعر الكبير سلطان الصريمي في ذمة الله
  • وزارة الثقافة والسياحة تنعى الشاعر الكبير الدكتور سلطان الصريمي