جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-11@06:08:03 GMT

مِسك الختام

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

مِسك الختام

هند الحمدانية
يخفُت الشغف الذي يُرافق رحلة تجوُّلِك بين صفحات كتابٍ مُبهم، تقف على أعتاب آخر سطرٍ فيه مُستذكرًا فقط اللحظات التي انتُزِعَت من روحك أو تركت فيك أثرًا لن ينمحي أو درسًا تخطَّيته بشق أنفاسك، فغيَّر في داخلك الكثير من القناعات والمعتقدات التي ظننتها راسخةً فيما مضى.
هكذا هي الأعوام تمضي في قافلة العمر، عامًا بعد عام، ويوم ميلادٍ يتلوه آخر، يُعيدنا لصرخة المهد الأولى، ولحضن الوالدة التي غمرتنا بقربها نسمات الجنة، ولتكبيرة الآذان الأولى التي لامست مسامعنا قبل أن نفتح أعيينا الصغيرة للحياة.


يقول الشاعر المصري أمل دُنقل: "قالتْ: تعال إليَّ واصعد ذلك الدرج الصغير.. قلتُ: القيود تشُدُني والخطو مضنى لا يسير.. مهما بلغت فلستُ أبلغ ما بلغت.. فالعمر أقصر من طموحي.. والأسى قتل الغدا...".
العمر أقصر من طموح الإنسان، ومهما بلغ فيه من الأمنيات والإنجازات فهو لم يبلغ شيئًا حقيقةً، وكأنه يقف بين عامين غريبين، عامٌ مضى وآخر آتٍ، لا يلتقيان أبدًا، بينهما برزخٌ لا يبغيان. فأنت الذي كنت بالأمس ومن خُضت كل تلك التحديات في عامك المنصرم، لستَ أنت نفسك الذي سوف يدخل عامك الجديد، لقد أمسيت إنسانًا آخر، تركيبة جديدة بكل نوازعها من الخير والشر ومن الإيمان واليقين، ومن التجربة والمعرفة ودرجات النضج والأرواح التي سوف تستقبل معها عامك الجديد.
تُستَقبَلُ الأعوام الجديدة بالنوايا الجديدة واليقين، فأهلًا بعامٍ جديدٍ نُجدِّدُ معه نوايا القلب ونحبو إليه بقلبٍ سليمٍ ومُعافى، وهي هِبة عظيمة أمَّن الله بها علينا أن نأتيه بقلبٍ سليم.
نُجدِّدُ نية النصر المبين للعام الجديد؛ فلقد تحقق الجزء الأكبر منها، وتراكمت الانتصارات تباعًا، وشيدت يقينًا لا تُزعزعه زوبعات الريح.. يقينٌ ثابتٌ بدنوِ تحقُّق آيات الله "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ" (الروم: 47)، "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ" (آل عمران: 126)، واكتمل الصبر الجميل لإخواننا في غزة وعموم فلسطين، وانقشعت غيمة التضليل العالمية تجاه القضية الفلسطينية، وأبصرت الشعوب شمسَ الحقيقة، واعترفت جموع الدول الغربية بأحقيَّة أرض فلسطين لأهلها الصامدين، وخرجت الأحكام القضائية الدولية تُطارد الصهاينة المُغتصِبين، وسقطت آخر الأقنعة عن المُتصَهْيِنِين، وشاهت منهم الوجوه واسْوَدَّ الجبين. إنه عام النصر الذي أشرق في السابع من أكتوبر، ولم يتبق على الاحتفاء بنشوته إلّا قاب قوسين أو أدنى.
نُجدِّدُ نية الخير للوطن، نُجدِّدُ الرجاءات وحُسن النوايا، نوايا الخير لأرض الخير، والدعوات التي تُخالط الجوارح كلما ردد القلب: "رب اجعل هذا بلدًا آمنًا"؛ فهو مُستقر الروح، وملتقى الأهل والأصحاب والأحباب، وفيه مراتع الذكريات من الطفولة للصبا وإلى الممات. رجاؤنا لله ودعواتنا بالسداد والرشاد في الرأي والحكم، ونية التوفيق في تعزيز البطانة الصالحة الرشيدة، وتتعامل مع قضايا الناس واحتياجاتهم بالأمانة والصدق، البطانة الأمينة التي تخاف الله وتخشاه وتنظر لكرسي المسؤولية على أنه اختبار وليس اعتبار. نوايانا لهذا الوطن بالبطانة الصالحة الرقيقة، التي تشف عن حقائق الأمور والجمهور، فتسمح للضوء والصوت والحر والبرد والهمس والرضا والغضب أن يصل لآذان السلطة، ولا تحجب عن هذا الشعب حقه؛ بل تكون معينًا له لا عليه.
وفي الختام.. وقبل أن أطوي صفحة العام القديم، أعقدُ نيَّتي الخالصة للعام الجديد "نية الحمد والامتنان"؛ فلقد كان هذا العام عامًا مليئًا بالرضا والأمان والاطمئنان، وضعتُ فيه أمنيات بسيطةٍ وخرجتُ منه بنِعَمِ عظيمة، طلبتُ من الله سُحبًا بيضًا تُظلل عامي؛ فأنزل عليَّ من المُزن ما تطيب به أيامي، عامًا دخلناه بقلوبٍ سليمةٍ راضيةٍ وخرجنا منه بقلوبٍ سليمةٍ مُطمئنة.
مسك الختام لهذا العام، الرضا الذي لا يُخالطه شك بكل الأقدار التي تنتظرنا، وبكل النِعَم التي تحمِلها جوانحنا وأحشاؤنا، وبكل الحب الذي يُحيط بنا من الأهل وشركاء الحياة والأبناء، وأرواحنا التي ما زالت تنعَم بهذا الوجود، وتسعى في مناكب الأرض ولعمارة الوطن بالأمل والعمل والمعرفة والإنسانية، بتكليفٍ ربانيٍّ صريحٍ كما يقول الله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ" (الأنعام: 165).
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

تصعيد إسرائيلي في لبنان والجيش يدعوه للانسحاب من المناطق التي يحتلّها

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن “مقتل سوريين اثنين في غارة إسرائيلية على طريق الدردارة الخيام جنوبي البلاد”، كما “أصيب شخص إثر غارة من مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارته في بلدة بيت ليف جنوب لبنان”.

وشنت مسيرة إسرائيلية “غارة على تلة الكنيسة بين الطيبة ورب ثلاثين جنوب لبنان مستخدمة قنابل صوتية، في وقت لوحظ تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية من نوع هرمز 900 مسلحة في أجواء قرى قضاء صور، على مستوى منخفض جدا”.

قائد الجيش اللبناني: انسحاب الجيش الإسرائيلي يجب أن يتم اليوم قبل الغد من المناطق التي يحتلها

قال قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إن “انسحاب الجيش الإسرائيلي يجب أن يتم اليوم قبل الغد من المناطق التي يحتلها”.

وأضاف قائد الجيش اللبناني خلال استقباله نقيب محرري الصحافة جوزيف القصيفي في مكتبه في اليرزة، “أن الانسحاب يؤدي إلى الاستقرار ويوطد حضور الدولة الفاعل في كل المناطق اللبنانية”.

ووفق ما نقله جوزيف القصيفي، أكد العماد رودولف هيكل، “أن الجيش اللبناني ملتزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 وقرار وقف النار الصادر عن هذا المجلس”.

وصرح بأن “الجيش منتشر في منطقة جنوب الليطاني ويقوم بمهماته من دون إبطاء أو معوقات، بالتعاون الكامل مع المجتمع الجنوبي في تلك المنطقة”.

‌‏الرئيس اللبناني: سحب سلاح “حزب الله” يتم عبر الحوار

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، إن ‌ “سحب سلاح “حزب الله” يتم عبر الحوار”، مشيرا إلى “العمل سيبدأ قريبا على صياغة استراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني”.‌‏

وأكد الرئيس اللبناني، أن “لبنان ملتزم بتنفيذ الإصلاحات وبالقرار 1701 بشكل كامل، معتبرا أن بقاء إسرائيل في النقاط الخمس التي أحتلتها لن يكون مفيدا للبنان ويعقد الوضع أكثر”.

وقال: “نطالب واشنطن بالضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس التي احتلتها في جنوب لبنان”.

وشدد عون، على أن “الإصلاحات وسحب السلاح مطلبان لبنانيان ونحن ملتزمون بالعمل من أجل تحقيقهما”.

وقال الرئيس اللبناني إن “القوى الأمنية اللبنانية فككت 6 تجمعات كانت تحت سيطرة مجموعات فلسطينية خارج المخيمات، وصادرت أو دمرت الأسلحة فيها”.

وأكد عون أن “الأولوية هي لتخفيف حدة التوتر في الجنوب، والإرادة موجودة لذلك”، لافتا إلى أن “لبنان بحاجة إلى الوقت والمساحة لحل الأمور بروية”.

وقال عون إن الحكومة، قبل ثلاثة أسابيع، “وافقت على تجنيد 4500 جنديا بالجيش اللبناني لزيادة استعدادنا في الجنوب”.

وفي شأن “حزب الله”، قال عون، “بالنسبة لطريقة سحب سلاح “حزب الله”، هناك أهمية للجوء إلى الحوار، وكما  قلت في خطاب القسم، لا يوجد مكان لأي أسلحة، أو أي مجموعات مسلحة، إلا ضمن إطار الدولة”.

وأضاف: “المسائل تحل بالتواصل والحوار ففي نهاية المطاف، “حزب الله” هو مكون لبناني.. سنبدأ قريبا في العمل على صياغة استراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني”.

وأكد الرئيس عون أن “الموقف اللبناني موحد، وجميعنا ملتزم العمل باتجاه الهدف عينه. أحيانا يكون لدينا اختلاف في الرأي، وهذا أمر طبيعي وهو يشكل جوهر الديمقراطية، علينا أن نناقش ونتحاور. وفي النهاية، هدفنا واحد”.

مقالات مشابهة

  • بالصور.. حرق لافتات عهد لبنان الجديد
  • دعاء صلاة الاستخارة.. طريق المؤمن لاختيار الخير
  • الخثلان يوضح الأعمال التي تُدخل الإنسان الجنة بلا عذاب.. فيديو
  • الحكيم يحذر من التدافع الذي يخلف نتائج صفرية تهدر الجهد والوقت
  • السودان الجديد الذي يسوق له “دقلو” هو ارض جدباء بلا سكان ولا بنى تحتية
  • أذكار الصباح اليوم الخميس 10 أبريل 2025.. «بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ»
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الشبكة التي نتخبط فيها
  • المقالات التي تعمل على تعزيز السلام والأمن على أرض السودان
  • أيهما يبطل صلاة المسلم عدم الخشوع أم السرعة؟.. دينا أبو الخير تجيب
  • تصعيد إسرائيلي في لبنان والجيش يدعوه للانسحاب من المناطق التي يحتلّها