لجريدة عمان:
2025-02-08@13:12:23 GMT

مراثٍ لودائع النسيان

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

تعني الكلمات المكتوبة آخر العام الميلادي، وداعًا واستذكارًا للسنة المنقضية بأيامها ولياليها بدقائقها وساعاتها، وغصة القلب الدامي والمقلة الدامعة في دواوين الحياة الممهورة بنزيف السنين، المخفي عن أعين الخلق والخلائق تحت سماء الله.

ماذا كسبنا من صراعنا المحكوم بالهزيمة مع الزمن سوى أرصدة الخيبات المتراكمة وخطوط التجاعيد المحفورة على الوجنات.

نتحايل على الموت المرتقب بالكتابة بأحرف وكلمات نُحمّلها مشقة التعبير عن تفاصيل الحياة في زمن لا يحتفظ إلا بمن يشاء في ذكره ويرغب في تخليده. نحاول اقتناص الفرح والأمل والمضي في دروب تكتنفها الخيبات التي لا يبددها إلا فرح مسروق من لحظة انتصار الكلمة في بياض التدوين، كولادة كِتاب متوج على عرش الحكي المتنقل من الشفاه إلى سطوة السطور المنتظمة كالرواحل في سير القوافل، وإن تعرجت في الطرقات على تراتيل الحداة. نمضي وفي البال عبارات الجاحظ الذي دونها في رسائله «دع عنك كل شيء، ما كان عليك أن يكون لي ولدٌ يُحيي ذكري ويحوي ميراثي، ولا أخرج من الدنيا بحسرتي، ولا يأكله مُراءٍ يرصدني وابن عمّ يحسدني، ولا يراعي فيه المُعدّلون في زمان السوء، ولا تُصطنع فيه الرجال ويقضي به الذمام، فقد رأيت صنيعهم في مال المفقود والمناعة والوراث الضعيف، ومن مات بغير وصية».

نحاول هدهدة الإفصاح عن الوجع في وداع العام وانتظار القادم، مع أن الكتمان خيانة في عرف الحقيقة، والحقيقة منفية من عالم الذات الخاضع لسطوة المجاملة وسيطرة المعايرة، إلى أين الهروب من عالم متملق يتنكر للقيم والأخلاق الإنسانية، ويفرض علينا قانون الصمت والعجز عن رفع المظلمة والانتصار للأطفال والنساء والعجزة والمدنيين في فلسطين، هذا الشعور الذي ألزمنا بالتوقف عن مشاهدة ومتابعة ما يجري في الساحات العربية، فالعنف والأذى والظلم استشرى من العدو وذي القربى بحق شركاء الوطن والجغرافيا. ومقابل ذلك وُكّلت لنا مهمة التفرج والانزواء بعيدًا عن مشاهد الإبادة الجماعية وحرق الأحياء والمنازل والمرضى، ويولّد ذلك الاستسلام لهزيمة الحواس وخذلان النفوس.

ماذا فعلنا لوقف آلة القتل الجامحة كهيجان المحيط، سوى الترقب ومراقبة النتائج الوخيمة. إذن فليعذرنا الضمير إن دفنا بقايا الأمنيات المهزومة والأحلام الضائعة، والاحتماء في كنف الكلمات المغموسة بالأنين لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.

ذلك في الشأن العام، أما في الحيز الخاص فإننا نشعر باليأس والتبرم حينما نفقد من لم يتخط معنا عتبات الأعوام، الأصدقاء الراحلين، والذكريات التي هضمها النسيان حقها فأزالها من سجل الأيام، أو فتك بها النكران وضاعت في صحراء الإهمال الشاسع. وأبقت الذاكرة المتطرفة في الانتقاء على من اصطفته واستحق الذكر والتدوين. ألا يعد ذلك انتصارًا للمفردات والأحداث التي فرضت هيمنتها. فطوبى لمن افتك لنفسه مقامًا في محارب البقاء والخلود، أما الذكريات التي انتقلت إلى مقابر النسيان فلذويها الصبر والسلوان.

في نهاية كل عام نتنازل عن فكرة التقييم للأهداف المخطط لها منذ سنة، أو استعراض النتائج على المستوى الوظيفي أو الإنتاجي؛ لأن ذلك عمل من أعمال المؤسسات وبعض البشر الذين يسيرون وفق حسابات وقياسات خاصة، لكننا نجد أن الاستمتاع بلذة الحياة لا يتطلب إخضاع النفس لقسوة الأرقام والكسور، فقد يطرأ طارئ غير مخطط له كالاستماع إلى نغمة عابرة توقظ الحواس الخاملة فتستدعي أحداث من الأجداث وتُعرض الذكريات المهملة وقد يتولد الحنين من الذكرى، وأحيانا تحيلنا رائحة ما إلى خزائن الشم، مثل: الأسواق القديمة التي تّذكرنا برائحة الجدات والأعياد، وفي حالات مشابهة قد تقدح عبارة في كتاب شرارة تأليف عمل أدبي أو علمي يضاف إلى رف في المكتبة، وقد يحرض مشهد سينمائي أو مسرحي فكرة معالجة ظاهرة أو قضية ما.

نأمل أن يأتي عام يُغاث فيه الناس وفيه يفرحون، وقد انجلت الحروب والهموم والغموم، وانزاحت عن كاهل البشرية آثام وآثار العنف المتوارث منذ مقتل هابيل وإلى هذه اللحظة. وكل عام والجميع بخير.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تحضيرات أولية لإعادة الحياة إلى مركب الأمل للتنس

زنقة 20  متابعة

ذكرت مصادر، أن الشركة الوطنية لإنجاز وتدبير المنشآت الرياضية “سونارجيس”، أطلقت التحضيرات الأولية لإعادة تأهيل المركب الرياضي الأمل بالدار البيضاء.

و بحسب ذات المصادر ، فإن الأشغال ستهم ملعب التنس المركزي ، و ملاعب التنس الملحقة ، و تهيئة المسبح، و موقف السيارات.

و عاش مركب الأمل للتنس بمدينة الدار البيضاء، سنوات من الاهمال ، وهو الذي كان يحتضن أكبر المباريات وعلى رأسها جائزة الحسن الثاني العالمية للتنس.

محبو التنس بمدينة الدار البيضاء ما يزالون يستبشرون خيرا في إعادة الأمل للملعب، أو عبر فتحه وتحويله إلى أكاديمية للتنس، تحتضن مواهب على أمل صناعة أبطال عالميين.

مقالات مشابهة

  • هل يخفي قمر إنسيلادوس أدلة عن الحياة الفضائية؟
  • حبيقة: الموارنة هم المدافعون عن الحياة في لبنان وعن ثقافته المتنوعة
  • أُصيب بطلقٍ ناريّ... الشاب بلال إبن الـ27 عاماً فارق الحياة
  • نازحو مخيم جباليا يعيشون في خيام ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة
  • هيتاشي العراق.. ساحر الأجهزة الكهربائية يعيد الحياة بفرّة درنفيس (صور)
  • شاهد.. مقطع فيديو جديد للغارة “الاسرائيلية” التي استهدفت الشهيد “حسن نصر الله” 
  • من قلب جباليا.. الجزيرة نت ترصد صور الحياة بين الركام
  • تحضيرات أولية لإعادة الحياة إلى مركب الأمل للتنس
  • مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور لـ سانا: كما سنعمل على إعادة تشكيل وتموضع نقاط التفتيش التي كانت مصدراً لنشر الخوف والتوتر، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإجراءات القمعية الأخرى التي كانت تمارسها حواجز النظام البائد داخل المدن والقرى وخارج
  • مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور لـ سانا: سنقوم باتخاذ سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تحسين الوضع الأمني في المحافظة، وإزالة مظاهر تهديد الأمن والاستقرار التي خلفها النظام البائد، حيث قمنا في الفترة الماضية بإعادة فتح بعض الطرقات جزئياً، وسننتق