عربي21:
2025-03-10@15:17:24 GMT

وكأن الشرع مريد في طريقة.. أو درويش في مولد!

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

لا أعرف ما إذا كان مصطلح "الاستكراد" معروفا في العالم العربي، أم أنه مفردة مصرية محلية لم يتسن لها الانتشار عبر الدراما كغيرها من المفردات التي شاعت بفضل المسلسلات والأفلام المصرية!

لكني أتذكر أنني كتبت مقالا حمل عنوان "إنهم يستكردون الرئيس"، وذلك تعبيرا عن مطالب المعارضة المبالغ فيها من الرئيس محمد مرسي، كما كتبت مقالا آخر عنوانه "إنهم يستهيفون الرئيس"، وذلك عندما اعتقد هؤلاء أنه رئيس تحت الوصاية، ومن ثم يمكنهم أن يملوا عليه شروطهم، وأن يمكنهم هم من دفة الحكم، الأمر الذي بدأ مبكرا عندما اشترط المرشح الساقط في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حمدين صباحي وأنصاره؛ على مرسي أن يتنازل له عن جولة الإعادة، وباعتبار أن المذكور هو الأجدر بتمثيل الثورة!

وقد تذكرت ما كتبت في السابق، وأنا أتابع التعامل من العالم الخارجي والإقليم مع أحمد الشرع، بما توحي به هيئته الجديدة، حيث توحي بأنه مريد في طريقة صوفية، أو من الأحباب في جماعة الدعوة والتبليغ، ومن هنا انطلقوا يفرضون الوصاية عليه، ويعتقدون أن بإمكانهم تحديد أين يضع قدميه، وكأنهم ليسوا أمام شخص جاء بمعجزة، عندما وحد الفصائل جميعها خلفه؛ طوعا أو كرها، وأمكنه أن يسقط نظاما يستقوي بالحماية الخارجية، حيث إيران وروسيا، وهو نظام قمعي بامتياز، يرتكب المجازر ولا يبالي، ويفتح السجون لمعارضيه ليقضوا فيها ما تبقى لهم من عمر في سجون هي الأسوأ، ولا يعني كونها كذلك أنه لا يوجد لها فروع في الدول العربية الأخرى!

اللافت -كذلك- أن هذه الأنظمة، وبجانب أنها نتاج عملية غير سياسية تفتقد للشمول، فإنها تكيل بمكيالين، فقد كانت بالقرب من بشار، ولم تطالبه بعملية سياسية شاملة، أو بأي عملية سياسية، لاحتواء شعبه، ووقف المقتلة التي نصبها والتدمير الذي اعتمده سياسة له منذ قيام الثورة عليه
عملية سياسية شاملة:

لقد استمعنا لأنظمة عربية تطالبه بعملية سياسية شاملة، لا تستثني أحدا، وتم التنديد بالويل والثبور وعدم الاعتراف به إذا لم ينتقل حالا وفورا، وفي التو واللحظة، إلى الانتخابات لأنهم يعتقدون أنها ستعيد العلويين إلى السلطة من جديد، وتنتج حاكما مثل بشار الأسد!

اللافت أن من تزعم هذه الدعوة هما النظامين المصري والعراقي، وهما من الأنظمة الاستئصالية، فالأول حكم عسكري أبعد الجميع من عمليته السياسية، بما في ذلك الحزب الوطني الحاكم قبل الثورة، وأقام دولته من "طرح البحر"، ومن هم من خارج السياسة، ولا يمثلون لونا سياسيا بعينه.

وليس صحيحا أن الإقصاء هو للتنظيمات الإسلامية، فقد شمل كل مكونات ثورته المجيدة في 30 يونيو؛ وكأن مطالبتهم بإسقاط الرئيس المدني المنتخب، كانت من أجل أن يحل محله الرئيس العسكري بانتخابات صورية.

أما العراق، فهو مثال لغلبة المذهبية على الحكم، حيث حكم الأقلية الذي جاء محمولا على الدبابات الأمريكية الغازية، مع تهميش وتحقير للأغلبية التي يمثلها أهل السنة، فلم تحدث تجزئة العراق في العهد السابق ولكنها حدثت في العهد الذي يدعو الشرع لعملية سياسية شاملة لا تقصي أحدا!

الدعوة نفسها انطلقت من طهران، التي تحتاج من يطالبها بعملية سياسية شاملة أيضا، فلا يجوز للمذهب أن يكون الحكم، وإن مثّل الأغلبية، وهناك شكوى مريرة من تهميش السنة وازدرائهم، فانظر من يتحدث عن العملية السياسية الشاملة؟!

اللافت -كذلك- أن هذه الأنظمة، وبجانب أنها نتاج عملية غير سياسية تفتقد للشمول، فإنها تكيل بمكيالين، فقد كانت بالقرب من بشار، ولم تطالبه بعملية سياسية شاملة، أو بأي عملية سياسية، لاحتواء شعبه، ووقف المقتلة التي نصبها والتدمير الذي اعتمده سياسة له منذ قيام الثورة عليه!

وعندما تأتي هذه الأنظمة الآن وتطلب هذا من الشرع مع أنه لم يستلم من السلطة إلا القصر الرئاسي، فإنها تمارس وصاية ينغي أن ترفض، رفضا قاطعا!

وهي دعوة في أصلها وفصلها، تعني أن تقام المبادرة السياسية الشاملة، على أساس المحاصصة ليمثل في الدولة الجديدة حزب البعث، والعلويين، ومن هنا يمكن للثورة المضادة في الإقليم تحديد عنوان من ستتعامل معه للوصول لمرحلة اليمن، ومصر، وتونس، إنهم فقط يريدون الوصول إلى عناوين العملاء، وإذ قال قائلهم لن نسمح بعودة محمد مرسي إلى سوريا، فقد أغراه سمت الشرعي حتى ظن أنه مريد في طريقة، ودرويش في حلقة ذكر، أو عضو في جماعة الدعوة والتبليغ.. يبدو أنهم نسوا الجولاني ولم يعودوا يتذكرونه!

الشرعية الثورية:

عندما قال الشرع إن البلاد قد تحتاج لأربع سنوات لإجراء الانتخابات، انزعجوا وكأنهم من دعاة الديمقراطية، فلماذا لا يريدون أن يصدقوا أنها الثورة، ولم يأت الشرع وإخوانه إلى القصر نتيجة التحول الديمقراطي حيث فاز الشرع وسقط بشار؟!

والثورات بطبيعتها تحكم بالشرعية الثورية، فلماذا يعتمد العالم عبر التاريخ هذه الشرعية إلا في الحالة السورية؟ ولا استثناء في ذلك من الثورة الفرنسية إلى الثورة الإيرانية مرورا بثورة ضباط الجيش في مصر سنة 1952، ومرورا بكل الثورات في العالم!

ولست هنا في معرض الدفاع عن اتجاه في مواجهة اتجاه، فلنا أن نشير إلى أن مصر لم تعرف بعد ثورة يوليو الانتخابات البرلمانية إلا بعد بضع سنوات، وهي انتخابات بذلت السلطة الجديدة جهودا خارقة لهندستها، لدرجة أنها مكنت ضباطها من خوضها بدون منافسة، كما لم تعرف سوى الانتخابات الرئاسية الصورية حتى الانتخابات الرئاسية التعددية النزيهة في سنة 2012!

ولماذا تعتمد طهران على الشرعية الثورية إلى الآن، وتضن على الشرع بذلك، وكأن حليفهم الهارب بشار الأسد سلم له السلطة طواعية؟!

البعض تستهويهم المقارنة الفاسدة، وكأن الحالة المصرية بفشلها هي النموذج، فالدستور أولا أم الانتخابات أولا؟ وهو سؤال الفتنة الذي أنطلق في مصر بين فرقاء الثورة في مصر، فيتم استدعاؤه وطرحه في المشهد السوري، وعرض الإجابة النموذجية عليه من واقع التجربة، والأمر السوري مختلف في الشكل والموضوع، وبشار الأسد لم يتنحَّ عن الحكم لصالح المجلس العسكري، فقد هرب، وانهار جيشه، وترك ثكناته بدون مواجهة!
بمقتضى الشرعية الثورية التي ما زالت تحكم إيران منذ ثورة الخميني (1979) فإن سلطة أعلى برئاسة مرشد الثورة (قلت مرشد الثورة؟) هي من تختار من سيتنافسون على الانتخابات الرئاسية، وكل الهياكل القائمة مثل هيئة تشخيص مصلحة النظام هي من منطلق ثوري لا تعرفه النظم السياسية المستقرة، فهل يوافقون على تولى الشرع مسؤولية المرشد الأعلى للثورة السورية؟! فإيران التي تطالب أحمد الشرع بالانتقال الفوري والسريع إلى الشرعية الدستورية، تعيش في الشرعية الثورية منذ خمسة وأربعين عاما!

المقارنة بين مصر وسوريا:

البعض تستهويهم المقارنة الفاسدة، وكأن الحالة المصرية بفشلها هي النموذج، فالدستور أولا أم الانتخابات أولا؟ وهو سؤال الفتنة الذي أنطلق في مصر بين فرقاء الثورة في مصر، فيتم استدعاؤه وطرحه في المشهد السوري، وعرض الإجابة النموذجية عليه من واقع التجربة، والأمر السوري مختلف في الشكل والموضوع، وبشار الأسد لم يتنحَّ عن الحكم لصالح المجلس العسكري، فقد هرب، وانهار جيشه، وترك ثكناته بدون مواجهة!

والدولة العميقة في الإقليم تهاجم الشرع لأنه لم يوقف التوغل الإسرائيلي في الحدود السورية، وتجاوزوا أن حماية الحدود اختصاص أصيل للجيش الذي لم يحله الشرع ولكنه حل نفسه بنفسه واقعيا، فإذا به كعهن منفوش، فما عقوبة من يهرب من الميدان؟!

ما علينا، فالحالة المصرية أسقطت مبارك ولم تسقط نظامه، وهذا النظام ممثلا في المشير محمد حسين طنطاوي هو من استلم السلطة، لكن الحاصل في سوريا أن النظام سقط برئيسه، وأن من استلم السلطة هو قائد الثورة، كما يحدث في جميع الثورات المكتملة ومنها الثورة الإيرانية التي تحكم منذ قرابة النصف قرن، فهل نظمت عملية سياسية شملت رجال الشاة، ولو بعد كل هذه السنوات، هل تذكر لنا الثورة الإيرانية كيف كانت نهاية رجال الشاة؟!

لست الآن في معرض مناقشة الشرعية الثورية، إلا أنني لا أستطيع التسليم بمحاولة الوصاية على الشرع ودعوته لعملية سياسية شاملة، من أنظمة استئصالية قمعية، فقدت حليفها الاستئصالي القمعي بدون أن تدعوه لعملية سياسية لا تستثني أحدا، فربما لو فعلت، وربما لو استجاب، لأنقذ نفسه وسمعة عائلته من هذه النهاية العار!

لست أنتم يا هؤلاء!

x.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة سوريا الشرعية سوريا ثورة شرعية احمد الشرع مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك اقتصاد سياسة من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة بعملیة سیاسیة شاملة عملیة سیاسیة شاملة بشار الأسد فی مصر

إقرأ أيضاً:

المهدي الإبن والمهدي الأب.. مسألة الشرعية والحنكة السياسية

كتب الأستاذ الجامعي د.محمد عبد الحميد

أثارت وتثير محاولة إنشاء حكومة موازية جدلاً كثيفاً حول مسألة الشرعية... فقد تحدث الباشمهندس صديق الصادق المهدي في لقاء صحفي مبثوث على الإنترنت حول هذه القضية معلناً رفض تحالفهم (صمود) إسباغ الشرعية على سلطة البرهان (بورتسودان) والحكومة المزمع إنشاءها من قِبل الدعم السريع وبعض المنشقين من تحالف تقدم.
غير أنه في ذات اللقاء عاد وأكد بأنه يمكن التعامل مع هذه الحكومة أو السلطة أو الجيش في حالة تقديم المساعدات للمحتاجين.
لا يود الكاتب هنا أن ينشأ محكمة معرفية حول قدرات المهدي الإبن لمستوى فهمه النظري حول مسألة الشرعية، فذلك سيكون أمر قاسي على سياسي دخل السياسية من غير أبوابها المعرفية العلمية. فمسألة الشرعية من أكثر المسائل تعقيداً في علوم السياسة... وقد يبدو الفرق واضح بين إمكانية المهدي الإبن و المهدي الأب. فقد عالج الأب قضية الشرعية مع نظام البشير بمنطق عقلاني كَيّسٍ، حيث ذكر للبشير في خطاب شهير له بُعيد وقوع الإنقلاب في 1989 بالقول (نحن معنا الشرعية وأنت معكم القوة)... يُلاحظ أن المهدي الأب لم يذهب في الإتجاه الحدي Sharp الذي نحاه إبنه بعد أكثر من ثلاثة عقود. ففيما يبدو أن فرق المعارف والتخصص واضح بين الإثنين.
مهما يكن من شئ، وعلى عموم الأمر يمكن النظر لمسألة الشرعية من خلال النظر لمدرستين تناولتا مسألة الشرعية. الأولى يمثلها ماكس فيبر Max Weber عالم الإجتماع السياسي الألماني الشهير 1864- 1920م. والأخرى يمثلها عالم السياسة الإنجليزي المعاصر ديفيد بيتهام David Beetham. صاحب كتاب (شرعية السلطة Legitimation of Power 1991) فالشرعية عند فيبر حدية قطعية ثابتة غير متحركة، أما عند بيتهام فهي ديناميكية متحركة.
في المجمل ومع الإختلاف الجوهري بين النظرتين فإن فيبر يتحدث عن الشرعية في السياقات الثابتة، فينظر لها على أنها إما مفقودة أو موجودة. وقد لا تخرج عنده من أحد الأطر الثلاثة التي حددها بشكل قاطع وهي الشرعية التقليدية(المؤسسة على العادات). الشرعية الكارزمية(المؤسسة على شخصية القائد) و الشرعية القانونية- العقلانية القائمة على (المؤسسة على الدستور).. وقد يُلاحِظ المتابع هنا أن هذه الأنماط الثلاثة تتضمن الشرعية وفق القانون De joure أو/ و الشرعية المؤسسة على الأمر الواقع De facto.. تُمكّن أنماط فيبر للشرعية بصورة أو بأخرى لرأي مثل الذي ذهب إليه المهدي الإبن، غير أنها وفقاً لكونها حادة وقطعية لا تمكنه من إصدار حكم بنفي الشرعية عما هو قائم في بورتسودان. فبالقطع إن ما هو موجود في بورتسودان ليس شرعية دستورية بالمعنى القانوني، لكنها في الوقت نفسه تستمد الشرعية من خلال ما يحاول أن يسبغه البرهان على نفسه من خلال الشرعية الكارزمية كقائد للجيش في منحى خطير - منحى - الحرب (لاحظ هنا محاولة إضفاء لقب الكاهن عليه) فضلاً عن أنه أي البرهان لم يقدِم على إلغاء الوثيقة الدستورية تماماً، وإنما إحتفظ بها لغرض الإعتماد عليها في محاولة البحث عن الشرعية خاصة بعد التعديلات التي أدخلها عليها. فهو يحاول من خلال ذلك تجميع معظم أطر فيبر للشرعية... غير أن ديفيد بيتهام قد حسم الأمر بصورة أكثر سهولة وجعل من مفهوم الشرعية أكثر مرونة more flexible بحيث تجاوز نموذج فيبر الكلاسيكي. وفتح الباب لشكل يُمكِن تسميته بالشرعية الهجينة Hybrid legitimacy خاصة في الدول ذات الأوضاع الهشة كالسودان التي ليست بها قواعد مستقرة لممارسة الشرعية. فقد طور بيتهام نموذجه على ثلاثة أبعاد أيضاً لكنها تختلف عن تلك التي قدمها فيبر حيث حددها ب (١- التوافق على القواعد. ٢- التبرير القيمي. ٣- التعبير عن الموافقة) ويمكن أن تقرأ أبعاد نموذج بيتهام الثلاثي في السياق السوداني على النحو الآتي، التوافق مع القواعد عندما إحتفظ البرهان بمجلس السيادة والوثيقة الدستورية رغم إفراغهما من محتواهما. التبرير القيمي ويُقرأ من خلال إستخدام خطاب الحرب كمبرر للشرعية مثل لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. ولا سلطة لمَنْ لم يُحارب. أما الموافقة فيمكن قراءتها في الدعم الدولي المعلن وغير المعلن وأبرزه حضور إجتماع أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وحضور القمة العربية بشأن غزة في مارس 2025م. فضلاً عن وجود تمثيل دبلوماسي في معظم الدول وعقد الصفقات التجارية والعسكرية... إلخ وقد نجح البرهان نجاحاً فائقاً في أن يجد شرعية لحكمه (هجين) حسب النموذج الذي قدمه بيتهام نسبة لهشاشة الأوضاع في السودان من جهة، ولأنه إستطاع وتحت وقع الحرب أن يقنع قطاعات شعبية واسعة خاطب وجدانهم الجريح بسبب ممارسات الدعم السريع وإنتهاكاتهم واسعة النطاق لحقوق المدنيين والتي تعامت عنها تقدم ومن بعدها صمود. هذا فضلاً أنه إستطاع أن يقيم توازناً بين مختلف القوى ومع بعض النخب مثل (إلتفاف الجيش حول قيادته، فصائل سياسية - الكتلة الديمقراطية، المؤتمر الوطني ، القبائل، بعض لجان المقاومة والكثير من الشخصيات المستقلة ذات التوجه الليبرالي).
بهذا فقد أمن البرهان لنفسه شرعية - هجين - وفقاً للنموذج الذي طوره بيتهام وهي الشرعية التي سيصعب على المهدي الإبن نزعها منه بمجرد رفضه لإنقلاب البرهان. لذلك فسوف يتعين عليه وعلى تحالف صمود إن أقر الأخير أيضاً بمبدأ عدم شرعية البرهان أن يبطل مفاعيل تلك الشرعية بإقناع القوى المحلية والإقليمية والدولية بذلك... لقد أكد المهدي الإبن على استحالة ذلك عندما تم سؤاله حول (ماذا يتضمن عدم الإعتراف بالشرعية؟ ) فذكر فيما معناه:( بأن هنالك ضرورات للتعامل مع الوضع القائم في حالة توصيل المساعدات والإغاثات ليس لأنها شرعية ولكن بالنسبة للسودانيين المحتاجين). تؤكد إجابة المهدي الإبن أنه يمكن أن يتعامل مع حكومة قائمة ولا يعترف بشرعيتها... وهنا يمكن إستدعاء حديث المهدي الأب لعمر البشير أنتم معكم القوة ونحن معنا الشرعية. فإذا كانت مقولة الأب تؤكد على حنكة سياسية وتبرز رجل يعرف كيف يتعامل مع أمر واقع محكوم بمنطق قوة السلاح ويفضحه بمنطق الشرعية الدستورية و الأخلاقية. فكيف يمكن للمهدي الإبن أن يتجاوز هذه المعضلة وهو يركن لحدية قاطعة تقرر عدم الشرعية في واقع تباعدت فيه سبل التواصل مع الجماهير الشعبية التي راحت تهتف في كل منبر ومحفل بشعار له مغزى سياسي يضمر فيما يضمر تأكيد شرعية للبرهان (جيشٌ واحد شعبٌ واحد) وللمفارقة مع واحد آخر من أبناء المهدي أيضاً.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • رومانيا على صفيح ساخن.. هل يقود استبعاد جورجيسكو إلى اضطرابات سياسية أوسع؟
  • المهدي الإبن والمهدي الأب.. مسألة الشرعية والحنكة السياسية
  • الاحتفال تحول لمعركة..المؤبد لـ عاطل أنهى حياة شخص وأصاب آخر في مولد بأسيوط
  • بعد تحرك البرلمان.. عقوبات رادعة للمتورطين في أعمال الهجرة غير الشرعية
  • لخدمة فريق معين.. كمال درويش ينتقد قرعة الدوري
  • من هو مقداد فتيحة الذي ارتبط اسمه في إشعال الساحل السوري؟!
  • الشرع: لا خوف على البلاد ما دامت الثورة خرجت من هذه المساجد
  • حريق ضخم في مولد بقطاع غزة.. هل تأثرت مخازن المواد التموينية؟
  • لغز بلا أدلة.. الموت الغامض لأيقونة الفن.. من قتل سيد درويش؟
  • عاجل.. الشرع: بعض فلول النظام الساقط سعى لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها