موت رضيع من البرد في غزة وتوأمه يكافح للبقاء على قيد الحياة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
غزة - رويترز
استيقظ يحيى البطران مبكرا أمس الأحد ليجد زوجته نورا تحاول إيقاظ ابنيهما التوأم حديثي الولادة، جمعة وعلي، اللذين كانا نائمين معا في الخيمة التي يعيشون فيها داخل مخيم بوسط قطاع غزة.
وأدى البرد القارص والأمطار الغزيرة، التي هطلت على القطاع خلال الأيام الماضية، إلى جعل حياتهم بائسة لكن ما سمعه البطران كان أكثر بؤسا.
وقال لرويترز أمس الأحد إن زوجته كانت "بتقولي إللي ساعة بحاول أصحي في جمعة، جمعة مش راضي يصحي... قمت أخبط في الولد هيك... مجمد لونه أبيض صار زي التلج".
وأوضح الأطباء أن جمعة، وعمره شهر، توفي نتيجة انخفاض درجة حرارة الجسم، وهو واحد من ستة فلسطينيين توفوا نتيجة البرد في غزة خلال الأيام القليلة الماضية. أما علي ففي العناية الفائقة وحالته حرجة.
وأدى الطقس في ثاني شتاء يمر على غزة خلال الحرب إلى زيادة معاناة مئات الآلاف من النازحين. ولم تحقق الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أي نتيجة.
وتعكس وفاة جمعة مدى صعوبة الوضع الذي تواجهه الأسر المعرضة للخطر.
وتقول السلطات الإسرائيلية إنها سمحت لآلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والمياه والمعدات الطبية ومستلزمات الإيواء بالدخول إلى غزة.
فيما تقول وكالات الإغاثة الدولية إن القوات الإسرائيلية تعوق تسليم المساعدات مما يزيد من الأزمة الإنسانية هناك سوءا.
وفر البطران مع عائلته من منزلهم في بلدة بيت لاهيا بشمال القطاع في بداية الحرب إلى مخيم المغازي على أرض مفتوحة في وسط غزة أعلنتها السلطات الإسرائيلية منطقة إنسانية.
وبعدما أصبح المخيم غير آمن، انتقلوا إلى آخر في مدينة دير البلح القريبة.
وقالت نورا البطران والدة جمعة "كوني كبيرة ممكن أتحمل لكن إيش ذنب الصغير؟ لا بيقدر يتحمل الجوع، ولا بيقدر يتحمل السقعة، ولا بيقدر يتحمل الضياع إللي هو فيه، يعني إيش ذنبه يا ناس؟ بناشد وبنطالب إللي بده يساعدنا يساعدنا من جميع النواحي، تخلص الحرب".
* خيام ممزقة
في المخيم تطايرت عشرات الخيام التي تمزق الكثير منها بالفعل بعد أشهر من الاستخدام أو غمرته المياه وسط الرياح القوية والأمطار، مما جعل الأسر تكابد لإصلاح الأضرار وترقيع الجوانب البلاستيكية البالية ووضع حواجز من الرمال لصد المياه.
وقالت صابرين أبو شنب، وهي أم لثلاثة أطفال غمرت المياه خيمتها، إن المياه بللت الفراش والبطاطين والوسائد، حتى الملابس الداخلية للأطفال.
وتعاني صابرين من الربو إلا أنها لم تشعر بأي تحسن مع تناول الأدوية بسبب برودة الطقس ونقص البطاطين وعدم وجود ملابس ثقيلة.
إنه جانب آخر من الأزمة الإنسانية التي يواجهها سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة الذين يعانون من الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة بلا هوادة ضد المتبقين من مسلحي حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ومع نظام مساعدات غير منتظم صار عرضة للنهب بشكل متزايد مع انهيار النظام.
ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن الحملة الإسرائيلية على حماس أسفرت عن مقتل أكثر من 45500 فلسطيني وحولت القطاع إلى أرض من الأنقاض والمباني المدمرة.
واندلعت الحرب بعد أن شن مسلحو حماس هجوما على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى غزة.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس الأحد إن المساعدات ليست كافية على الإطلاق وإن وقف إطلاق النار ضرورة ملحة وسط خطر المجاعة المحدق.
وفي وقت سابق من هذا الشهر أشار مسؤولون من إسرائيل وحماس إلى وجود آمال في أن تؤدي المحادثات بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة إلى اتفاق لوقف القتال وإعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، مما قد يفتح الطريق أمام اتفاق وقف إطلاق نار كامل.
لكن التفاؤل إزاء التوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام تلاشى ولا يزال من غير الواضح مدى قرب الجانبين من التوصل إلى اتفاق.
وحتى وسط معاناة النازحين تواصل القوات الإسرائيلية قتال مسلحي حماس في المناطق المدمرة حول بلدات بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا شمال قطاع غزة وهي مناطق صار من الصعب الآن وصول فرق الطوارئ إليها وسط القتال.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لماذا صمدت “حماس”؟.. تحليل لفشل الإستراتيجية الإسرائيلية
#سواليف
نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريراً أعده أستاذ دراسات الحرب في كلية كينغز كوليج في لندن مايكل كلارك، تساءل فيه عن قدرة “ #حماس ” في #غزة، وكيف أن #إسرائيل فشلت في تدمير الحركة.
وقال إن حكومة “حماس” في القطاع لم تهزم، وهذا بسبب تحضيراتها الذكية، واعتماد إسرائيل على القصف الجوي.
وأضاف الكاتب أن إسرائيل أعلنت رسمياً، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، الحرب على “حماس”، وأعلن رئيس الوزراء بنيامين #نتنياهو أن “تدميرها” هو هدفه الرئيسي في #الحرب. ثم تحدث لاحقاً عن “إبادتها”.
مقالات ذات صلة الاثنين .. ارتفاع طفيف على الحرارة 2025/03/10وفي الأسبوع الماضي، وجه الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب لـ “حماس” “تحذيراً أخيراً”، على منصته “تروث سوشيال”. وقال: “أطلقوا سراح جميع الرهائن الآن، وليس لاحقاً، وإلا انتهى الأمر بالنسبة لكم”.
وكان رد “حماس” على خطاب ترامب قوياً، مدروساً تقريباً. وقالت فيه إن أفضل طريقة للإفراج عن الأسرى هي المضي قدماً في المرحلة الثانية المحددة من اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال كلارك إن العروض التي نظمتها “حماس” في الأسابيع الماضية لتسليم الأسرى كانت تهدف إلى تمرير رسالة تحدٍ بأن الجماعة لا تزال تسيطر على غزة ولم يتم محوها. كما ترسل أيضاً رسالة إلى العالم بأنها بعيدة كل البعد عن النهاية، وتهين إسرائيل في طريقة تسليم الأسرى أو جثثهم. ولكن “حماس” تضررت بشدة من الهجوم الإسرائيلي على غزة. فقد قتلت إسرائيل ثلاثة من كبار قادتها. وفككت كتائبها الـ 24 وقتلت 18,000 مقاتل من بين 48,200 شخص قتلوا في الحرب حسب أرقام وزارة الصحة في غزة.
العروض التي نظمتها “حماس” لتسليم الأسرى كانت تهدف إلى تمرير رسالة تحدٍ وهي أن الجماعة لا تزال تسيطر على غزة ولم يتم محوهاويرى الكاتب أن “حماس” فشلت في استفزاز حرب ضد إسرائيل وعلى عدة جبهات، والتي كان يمكن أن تحفز “حزب الله” في لبنان والفلسطينيين في الضفة الغربية والجماعات المدعومة من إيران في مختلف أنحاء المنطقة. وفي الحقيقة، كما يقول الكاتب، تشن إسرائيل حرباً ضد أعدائها بالمنطقة وتأمل بـ “إعادة تشكيل” المحيط المباشر لها.
ولكن “حماس” نجت، مع ذلك، وهذا ما يجب على أي جماعة تمرد فعله. ويعتقد الجيش الإسرائيلي أنه بحاجة لعدة سنوات قبل أن يتمكن من إعادة “حماس” للوضع الذي كانت عليه قبل عام 2006، عندما سيطرت على القطاع بعد صراع مع السلطة الوطنية، وربما لن تحقق هذا الهدف أبداً. وأشار كلارك إلى ما قاله وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، في الأسابيع الأخيرة من منصبه، بأن “حماس” “جندت مقاتلين بنفس العدد أو أكثر من الذين خسرتهم”، وربما كان الأمر أسوأ بالنسبة للجيش الإسرائيلي. فمن بين سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، والذين يعيشون وسط الدمار، فإن أكثر من نصفهم دون سن الـ 18 عاماً ونحو 300,000 شاب في الفئة العمرية التي تجند “حماس” مقاتليها منهم عادة.
ويعلق كلارك أن قادة الظل للحركة يشعرون أن لدى الحركة الكثير لتعيش من أجله، ومن غير المرجح أن يعيشوا ليروا الكثير منه.
ويعتقد الكاتب أن نجاة “حماس” يمكن نسبتها إلى وجهين لعملة واحدة إستراتيجية. الوجه الأول هو الاستعدادات التي قام بها قادة “حماس” للرد الإسرائيلي على هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. ولعل قادتها لم يتوقعوا فجوة مدتها عشرون يوماً قبل أن يتقدم الجيش الإسرائيلي إلى غزة. ولكن عندما حدث ذلك، لجأت “حماس” إلى مخزونها من الأسلحة في أنفاقها التي تمتد لأميال تحت الأرض. ومع إجبارهم على الخروج من كل منطقة، كانوا يفرون عبر هذه الأنفاق، أو ينضمون إلى حشود اللاجئين المدنيين الذين كانوا أكثر عدداً من أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من فحصهم بدقة. وقد لجأوا إلى الأنفاق التي لم تكن متاحة لسكان غزة العاديين من الهجمات الجوية الإسرائيلية، وكانوا يعيشون على مخزونهم من الطعام عندما قيدت إسرائيل إمدادات الغذاء، في محاولة فاشلة لتحويل السكان ضد “حماس”.
ووجد مقاتلو الحركة سهولة في إعادة تموضعهم، مع تركيز هجوم الجيش الإسرائيلي. فعندما ركزت إسرائيل على الشمال، اتجهوا جنوباً، وعندما تحركت القوات الإسرائيلية أخيراً نحو الجنوب، عادت “حماس” إلى الشمال ومراكز مثل جباليا والشجاعية. وقد أعاد الجيش الإسرائيلي الهجوم على مخيم جباليا ثلاث مرات بالفعل. وتمكنت “حماس” من إدارة دولة صغيرة بحرية تقريباً في وسط غزة، والتي تجاوزها الجيش الإسرائيلي، بل وحتى سيطرت على المواصي، الملجأ المدني المخصص في الجنوب، بمجرد أن تمكنت من الحصول على إمدادات المساعدات المرسلة إلى هناك. وفوق كل شيء، قامت “حماس” بالاستعدادات اللازمة للحفاظ على بنيتها سليمة من خلال عملياتها الاستخباراتية الخاصة، بغض النظر عن عدد قادتها أو مقاتليها أو مصانع إنتاج الأسلحة التي فقدت. ويقال إنها أعادت توجيه مواردها بعد كل هجوم. وإلى جانب الأسلحة التي تخزنها “حماس”، فإن إنتاجها المحلي من الصواريخ قصيرة المدى عيار 107 ملم زاد الآن أكثر من أي وقت مضى.
واستمر إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من عيار 60 ملم، كما حافظت على تدفق بعض الأسلحة الروسية والصينية التي زودتها بها إيران. ومن الواضح أن بنادق إي كي-47 الروسية كانت منتشرة في كل مكان، فضلاً عن بندقية القنص الإيرانية الصنع من طراز صياد. وعلاوة على ذلك، تم استخدام قاذفات أر بي جي-7 الروسية المضادة للدروع ومشتقاتها العديدة على نطاق واسع ضد القوات الإسرائيلية، إلى جانب نوع آخر صيني من أر بي جي وهو نوع 69.
جندت “حماس” مقاتلين بنفس العدد أو أكثر من الذين خسرتهموقال كلارك إن إيران واصلت تمويل “حماس”، ولكن على مدى 17 شهراً من الحرب، استولت “حماس” أيضاً على ما يكفي من المساعدات الغذائية لجمع ما يقرب من مليار دولار من بيع المساعدات إلى سكان غزة أنفسهم، أي ما يزيد بنحو 30% عن المبلغ الذي يعتقد أن القطريين قدموه مباشرة إلى القطاع لأغراض إنسانية. ولا يمكن لمنظمة مفككة أن تفعل كل هذا.
والواقع أنه بحلول ربيع العام الماضي بدا أن الصراع تحول إلى معركة بين ذراع الاستخبارات الإسرائيلية الشاباك والعملية الاستخباراتية الصارمة لـ”حماس” في “كتائب القسام”، التي صمدت حتى الآن وتمكنت من الحفاظ على سيطرة محكمة على السكان اليائسين. والجانب الآخر من العملة إذن هو العجز الإستراتيجي للجيش الإسرائيلي، نظراً لأن نتنياهو لم يحدد له قط هدفاً قابلاً للتحقيق في الحرب.
ويرى كلارك أن إستراتيجية مكافحة تمرد ربما نجحت أكثر، لو استندت على إستراتيجية “تطهير وسيطرة” على مناطق غزة والسماح للمدنيين بالعودة وتوفير ما يحتاجونه، ومن ثم التحرك من منطقة إلى أخرى، وربط “بقع الحبر” بين المناطق الآمنة والمحتلة حتى يتم تجميد وعزل “حماس” عن المجتمعات التي تم حصرها في منطقة معينة. وهذا النوع من مكافحة التمرد يتطلب أعداداً كبيرة من القوات لفترة طويلة، ومن المؤكد أنه سيتسبب في خسائر فادحة. كما يتطلب قدراً كبيراً من “ضبط النفس الكبير”، وهو أمر محبط للقادة والجنود على حد سواء.
ولكن الجيش الإسرائيلي لم يقترب أبداً من تطبيق هذه الإستراتيجية، وقد وصف المحللون في مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية عمليات الجيش الإسرائيلي بأنها أديرت بشكل “عشوائي”.
ولأن الحكومة الإسرائيلية كانت مستعدة لخوض حرب على ثلاث أو ربما أربع جبهات مختلفة، فإنها حققت بعض النجاح. ولهذا، لم تكن راغبة قط بتخصيص العدد الأكبر من القوات لغزة.
وبعد استدعاء 300,000 جندي احتياطي وهجوم أولي بخمس فرق على القطاع، انخفض العدد في غزة بشكل كبير في أوائل عام 2024 ولم يرتفع مرة أخرى إلا من حين لآخر.
عندما ركزت إسرائيل على الشمال، اتجهوا جنوباً، وعندما تحركت القوات الإسرائيلية أخيراً نحو الجنوب، عادت “حماس” إلى الشمالوتم إرسال القوات إلى جبهة لبنان والضفة الغربية، ثم عاد الجنود إلى وظائفهم المدنية بسبب حاجة الاقتصاد إليهم. وبدلاً من ذلك، اعتمدت القوات الإسرائيلية على الهجمات الجوية المكثفة كلما حصلت على معلومات استخباراتية عن إعادة تأسيس مجموعات “حماس”. وهذا يناسب “حماس” تماماً. أعادت تأسيس نفسها في المدارس والمستشفيات وهي تعلم أن القوات الإسرائيلية ستقصف وتقتل المزيد من المدنيين. قد يفكر الجيش الإسرائيلي في تاريخ من حملات مكافحة التمرد الفاشلة التي اعتمدت كثيراً على القصف الجوي، من الحدود الشمالية الغربية في عشرينيات القرن الماضي إلى أفغانستان وشمال العراق في عشرينيات القرن الحادي والعشرين. ولا تزال مئات الأنفاق التي أنشأتها “حماس”، حوالي 40% منها، موجودة هناك ويمكن استخدامها كملاجئ للمقاتلين من الغارات الجوية.
وتم تكليف مهندسي الفرقة 143 في الجيش الإسرائيلي بالعثور على تلك الأنفاق الأساسية التي تربط جنوب غزة بطرق إمداد “حماس” عبر الحدود في سيناء وتدميرها. لكنها مهمة طويلة، وحتى هنا يعتقد أن جميعها لم يتم تحديدها على الخرائط بعد.
وربما بدت مزاعم إسرائيل أن “حماس” تحتجز شعب غزة رهينة، فلم تجر أي انتخابات لا في غزة ولا في الضفة الغربية، إلا أن “حماس”، وحتى نهاية أيلول/سبتمبر، كانت تحظى بأعلى دعم بين الفلسطينيين، 36% وربما كانت إستراتيجية الجيش الإسرائيلي المعيبة في غزة سبباً وراء هذه النسبة.