طيور مهاجرة لإبراهيم السعافين تفتح صندوق الذكريات وتؤكد: الوطن هوية وملاذ
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
بأسلوبه الجميل ولغته السهلة الجاذبة للقارئ والحوار المثقف لشخصياته، طرح الدكتور إبراهيم السعافين -قبل بضعة أيام- روايته الجديدة "طيور مهاجرة" في 356 صفحة من القطع المتوسط، الصادرة عن الدار الأهلية في عمان، طارحا سؤال الهوية والحرية والاغتراب ومهاجري القوارب.
السعافين نال جوائز الدولة التقديرية بالأردن والملك فيصل العالمية وفلسطين عن روايته "ظلال القطمون" وأصدر "تحولات الشكل في القصة القصيرة" و"مقام النجيل" و"أصول المقامات" و"شمس تائهة" و"الرواية العربية تبحر من جديد" و"نشأة الرواية والمسرحية في فلسطين و"شعر محمود درويش.
وقبل الخوض في التفاصيل، وجه الدكتور السعافين شكره لابنته "لبنى" لتزويده ببعض الروايات الشفوية والملاحظات القيمة، والدكتور "مرشد أحمد علي" الذي زوده بمعلومات حول بعض المواقع التربوية في حلب والمحامي "جهاد أبو ريا" الذي زوده بروايات شفوية ومكتوبة.
وتطرح "طيور مهاجرة" أسئلة الهوية وحلم العودة وحتى التصفيات خارج الوطن. وتؤكد أن الوطن هو الهوية والملاذ الأخير. وتطلب التجذر في الوطن مهما كانت الظروف "الوطن هو الأم" وتتجول بعض شخوصها في مناطق معروفة في قاهرة المعز معروفة حتى للكاتب.
إعلانوخلال تجوال في أحداثها تعثر على الكثير من الصور البلاغية "كل شيء صامت إلا أصوات الحشرات الخافتة تناوش الصمت بحذر شديد" وتتعرف مجددا على طرق التعارف وميلاد الحب بين (طلبة الجامعات) كما يسرد لنا الدكتور السعافين قصة حب بين طالب وطالبة بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، وذكرياتهما في حديقة الأورمان القريبة من الجامعة.
رواية الدكتور السعافين تتناول الغربة وحلم الوطن (الجزيرة) حلم العودةوالمتابع لتسلسل حركة الشخصيات والحوارات يقفز للذاكرة سؤال "لماذا لا نرحل إلى غزة" بين شخصيتين رئيسيتين هما "عبد العزيز" و"الحاج عواد" وتكمن الإجابة في أنه "ليس لدينا خيار يا ولدي.. أنت ترى أننا طردنا من منازلنا وأرضنا ولدينا عائلة كبيرة والأفضل أن نكون واقعيين.. علينا الانتظار قليلا، فربما نعود إلى ديارنا أو نجد لنا حلا آخر" لكن هذا الرأي لم يشف غليل "عبد العزيز" الذي يرى أن حلم العودة بعيد جدا، فالهزيمة قاسية والعدو متغطرس والعالم إلى صفه والانتداب قام بالمهمة عن سبق إصرار.
وتمتاز "طيور مهاجرة" بالواقعية المستندة لأحداث تاريخية موثقة كاستحضار تحيز سلطات الانتداب البريطاني ضد أهالي "الطنطورة" وتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين والتغاضي عن تسليحهم واعتقال "محمود العابد" مقيد اليدين والسلاسل في قدميه ووجهه يطفح بالقهر والغضب في وجه الملازم البريطاني الذي كال له لكمة على خده الأيسر "لقد وجدنا في جيبه مسدسا وعشر رصاصات. إنه كاتم صوت. هذا شقي مجرم حقه الإعدام" وتم إعدامه.
وتسجل أحداث قرية ناصر الدين قرب طبرية، حيث دخل بلطجية الهاغاناه بلباس القرويين "حيلة شيطانية" في الرابع من أبريل/نيسان 1948، ظن الأهالي أنهم قوات نجدة عربية حضرت للمساندة فاستقبلوهم بالترحاب، وحين وصلت سياراتهم وسط القرية، بادروا بإطلاق النار على الجميع دون استثناء، ولم ينج من سكان القرية سوى 40 شخصا لاذوا بالفرار و"هدموا البيوت وأحرقوا الأشجار" في إشارة لأساليب جنود الاحتلال في اقتحام مخيمات اللجوء في الضفة الغربية المحتلة، متخفين كباعة الدجاج والخضراوات بلباس فلسطيني.
فلسطين تستحق كل الحبومن شخصيات الرواية عاشقتان لفلسطين "سحر وسناء" حيث "تستحق فلسطين كل الحب. ولكن الناس اعتادوا على ضياع فلسطين" وكذلك "نجوى" ابنة أحد زعماء المقاومة وجدها من معاوني الشهيد "عز الدين القسام" التي اختارت دراسة التاريخ لأنها تعشق فلسطين وتاريخ جدها شهيد فلسطين.
وتصف الرواية بكثير من التفاصيل وكأن الكاتب يتقمص شخصياته ويعرف بالضبط مخزونها العاطفي تجاه الوطن أو كما أسماه "صندوق الذكريات" الذي يفتحه المهاجر الذي ترك وطنه مكرها أو المغترب. فالسؤال الدائم "لماذا رحل والده من الطنطورة إلى غزة ثم للقاهرة والآن في مدينة ألمانية" والإجابة تحمل مرارة فـ"الرحيل مبعث قلق دائم.. يعرف البداية لكنه لا يعرف النهاية" وهل كان بإمكان بطله "يوسف" طالب الحقوق في جامعة القاهرة أن يشهر إصبعه في وجوه جنود أعمتهم شهوة القتل والانتقام.
إعلان مهاجرو القواربوتروي بلغة واقعية ورشيقة "لغة مثقفين" -دون تقعر أو مبالغة وكثير من التشويق- رحلة مخيفة في قارب صغير من شاطئ غزة باتجاه الجزر اليونانية. وكان القارب كالريشة المذعورة تتلاعب به الأمواج والرياح. والأطفال يصرخون من البرد والخوف، وامرأة حامل سحقتها حمى التيفوئيد، والربان يصرخ في الركاب، ويلعن اليوم الذي أصبح يمارس فيه هذه المهنة الحقيرة.
وتتعالى الأصوات وتتصدى إحدى المهاجرات لربان السفينة "هاربون من الموت مع الجماعة إلى موت مع غربة مذلة. تلتهم فيها الحيتان والأسماك أجسادنا. لو تركت المركب يسير على هواه دون توجيه حتى يبتلع البحر الجميع لرميتك وحدك طعاما للسمك. اهدأ لقد أرعبت الأطفال. مصير الناس معلق بيديك. لقد أغريتنا وسلبتنا ما نملك".
وتفند هذه الرواية مقولة "هاجر بعيدا تعش سعيدا" وتبين بلسان مهاجرين من أكثر من دولة عربية في مركز للإيواء في ألمانيا "أنا لا أحب أن أهجر بلدي. أنا أرحل من ذكرى تمزقني في كل حين". ويتساءلون "لماذا كتب علينا مغادرة بلادنا وهي أجمل بلاد الدنيا؟ وهل الهجرة حل لكل مشاكلنا؟".
الرواية نالت جوائز الدولة التقديرية بالأردن والملك فيصل العالمية وفلسطين (الجزيرة) أسرى الذكرياتومن ضمن الأسئلة المباشرة التي يطرحها الدكتور السعافين وتلازم مجتمع المهاجرين أو المهجرين، ليثبت أن الوطن يبقى حاضرا "هل ننسى ذكرياتنا وحياتنا وأصدقاءنا ونستأنف حياة جديدة في هذه البلاد؟ وهل نحن بحاجة لمكان نعيش فيه بلا جذور؟ وهل ننسى سحر المجدل وتاريخ أهلها في صناعة المنسوجات؟ وهل تنسى "سحر" -(إحدى الشخصيات الرئيسة)- والدها الذي كان شرطيا في بوليس الانتداب البريطاني، ثم أصبح فدائيا تحت قيادة "مصطفى حافظ" الضابط المصري الذي قاد فدائيي غزة؟ وهل سنمزق بين هويتين لكننا لن نجد في نهاية المطاف غير هوية واحدة؟ نحن من هناك وحلمنا بالعودة يتجدد".
إعلانكما يثبت مجددا أن طالبي اللجوء يبقون "أسرى الذكريات" ويعيد شخوصه طرح الأسئلة "هل يمكن لهؤلاء الناس أن يكونوا بديلا لأهلنا؟ وهل لهذا البلد (ألمانيا) أن يقبلنا ونعيش دون قلق على مستقبل أولادنا في محبة وسلام؟".
ويرافق حلم العودة جميع الشخصيات ويبقى الوطن حاضرا، فنرى أن يوسف (أبرز الشخصيات) يقول "سأحاول العودة إلى غزة، هي خياري الأول، الناس يحاولون الخروج، لا أظنهم يعرفون ما هو خارجها، ربما يجذبهم الوهم أن الخارج سمن وعسل".
حكمتانوتطرح "طيور مهاجرة" حكمتين نابعتين من تجارب حياتية مؤلمة، هما "الغربة تكشف معادن الرجال" والثانية "الصداقة في الغربة لها ثمن" إضافة لوفاء الأم، كما تتحدث عن علاقة الألمان بالأميركيين وتكشف أن الألمان يكرهونهم فـ"الأميركيون يأتون إلى بلادنا، يأتون وهم يملكون دولارات كثيرة ويتعاملون معنا بعجرفة واستعلاء، إننا نمقتهم".
وتجيب الرواية عن الذين يتهمون الصغار بأنهم سينسون وطنهم عندما يكبرون "نحن في هجرتنا لا نهرب من قضيتنا، نحملها في عقولنا وقلوبنا وأرواحنا، مع أولادنا ومشكلاتنا وملابسنا وحقائبنا وحركاتنا وسكناتنا" و"سنقول لمحقق الإقامة نحن ضحايا ضحاياكم".
المهجرون أزمة أجيالوفي حديث خاص للجزيرة نت، قال الدكتور السعافين إن الرواية تتناول فكرة الهوية والحرية والغربة والاغتراب وطنيا وقوميا وإنسانيّا، فثمة هجرة قسرية لا مجال لتفاديها كهجرة بعض الفلسطينيين الذين لا يجدون ملجأ يؤوون إليه، إنها هجرات قسرية أو طوعية لظروف مسوّغة أو قاهرة.
وأضاف أنه "يغلب على المهاجرين أن يواجهوا بمشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية ونفسية وعرقيّة، بعضها فيما يتصل بالأسرة من تربية أو تعليم أو تقاليد أو ظواهر يصعب التكيّف معها. وفي الأغلب يشعر المهاجر بأزمة الأجيال، فثمّة جيل الكبار الذي يعاني من صعوبة التكيف مع البيئة الجديدة، وجيل الناشئة الذين سرعان ما يتكيّفون أو يذوبون في مجتمعاتهم الجديدة، وهذا محطّ أزمة وصراع".
إعلان انحياز للعودةوالرواية والحديث للدكتور السعافين "تنحاز إلى جانب العودة دون تعسف، وخاصة للفلسطيني الذي لا يستطيع أن يعود، وتتمثل عودته بعودة أحفاده من ابنته، التي تتزوج فلسطينيا متجذرا في فلسطين، وأنصح الشباب بمراجعة سير المهاجرين الذين امتلكوا المنصب والمال والجاه، وعادوا أخيرًا ليكونوا في أوطانهم. كما أن الرواية كموقف نظري هي عمل خيالي، وأنا أنطلق في كتابتي من وجهة النظر هذه، إذ يصبح التاريخي والحقيقي خياليا، فمن الصعب أن تلزمك أية شخصية أو أية حياة بلعبة التسجيل. مصائر الشخصيات في الرواية هي التي تقود حركتها وفق منطقها الخاص، لا ضمن منطق الواقع، على أن معظم شخصياتها من وحي الخيال الذي يستوحي بدوره عالم الواقع".
وختم حديثه بالقول "كان اهتمامي إيصال الرسالة بطريقة فنيّة دون تكلف أو تعسف، أو إغفال العناصر الأساسية للفن ومنها الفكرة واللغة والأسلوب والبناء والتشويق، فالكاتب ليس معلما، له الصوت الأعلى، ولكنه يشارك القارئ حكايته وفكرته عن طريق محاولتي الإقناع والتشويق".
الدكتورة رزان إبراهيم: شخصيات طيور مهاجرة ظلت محكومة بتسلط الماضي (الجزيرة) حضور الوجع الفلسطينيمن جانبها ترى أستاذة الأدب والنقد الحديث في جامعة البترا الدكتورة رزان إبراهيم أن الوجع الفلسطيني ظل حاضرا في "طيور مهاجرة" لكن الدائرة اتسعت لتشمل وجعا عربيا ممتدا، شمل السودان وسوريا، من خلال قضية الهجرة الذي بات في العقود الأخيرة من أبرز قضايا الثقافة العربية، بسبب ازدياد عدد المهاجرين الذين ارتحلوا عن أوطانهم بحثا عن أمان محتمل في أمكنة أخرى.
وقالت للجزيرة نت إن الرواية تنأى بنفسها عن الإغراق في الشكلية والترف الجمالي، مؤثرة الانغماس بالوضعية البشرية، وتتوسل إلى ذلك نسقا من الاستذكارات من شأنه إبقاء النص رازحا تحت ثقل الماضي، وهو ما أبقى شخصيات الرواية محكومة بتسلط الماضي الذي يلجأ إليه الروائي كي يربط النتائج بالأسباب، لذلك تحركت لغة الرواية من الأمام إلى الوراء، لتقول لنا إن أياما مظلمة عاشها الفلسطيني في الحاضر لم تكن بعيدة عن عتمة عاشها في الماضي.
إعلان حتمية المقارنة بين ثقافتين وحضارتينوأوضحت الأكاديمية بجامعة البترا أن المشاعر التي يحتفظ بها المرء تجاه أرضه الأولى لا يمكن أن تكون بسيطة، وأن الإنسان حين يجبر على العيش في عالم مختلف يبقى مصرا على استرداد زمن تمت سرقته، وهو ما تبرزه الرواية من خلال أكثر من لوحة درامية تدفعنا لتأمل المهاجر وهو يعيش حنينا هوسيا إلى المكان الأول.
وحسب الدكتورة رزان فإن المقارنة بين ثقافتين وحضارتين أمر حتمي في الرواية، بما يدفع باتجاه وعي طباقي يقارن بين مكانين بحمولتين ثقافيتين مختلفتين، فالرواية تلتقط تلك العلاقة المعقدة بين بيئتين فيما يمكن احتسابهما قطبي مغناطيس متنافرين. فالمهاجر قد يكون من جيل حمل موروثه معه الذي اصطدم مع محيط جديد لم يعتد عليه. وهنا تبرز معاناة مهاجر يشعر بالانشطار بين المكان الأول والمكان الذي ارتحل إليه، والبشر كما تطرحهم الرواية يختلفون في قدراتهم على التأقلم وربما استعادة التوازن، ويستعر البعد الدرامي ويشتعل الصراع بين أبناء يرون في الموروث عبئا يعيق اندماجهم وبين آباء يظل الجذر قابعا فيهم يمنعهم من امتصاص قيم المحيط الجديد.
وختمت بالقول "إن عين السعافين ظلت في الرواية على قادم قد يكون أفضل، فنجده كعادته يترك بقعة من ضوء جسّدها لقاء بين البطل والبطلة بدا محض خيال لكنه تحقق مع ولادة أطفال في فلسطين يستأنفون تاريخ عائلة أجبرت على الرحيل فيجمع الله الشتيتين بعدما يظنان ألا تلاقيا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
هل أصلح صناع فيلم بضع ساعات في يوم ما أخطاء الرواية؟
قد تعتقد أن القائمين على فن السينما حين يقررون تحويل عمل روائي إلى فيلم سيلجؤون لاختيار قصة ملهمة تستحق أن تُروى على الشاشة الكبيرة، لكن ليس هذا ما فعله صانعو فيلم "بضع ساعات في يوم ما" الذين فضّلوا الركض خلف شعبية روايات المؤلف محمد صادق وكثرة قرائه، وإشباع هوس قطاع عريض من الجمهور بقصص الثنائيات المتوازية عوضا عن الانتصار للأدب الفريد من نوعه.
التنوع لا ينفي التكرار"بضع ساعات في يوم ما" تجربة سينمائية يعود بها الممثلون المصريون للبطولة الجماعية، ويستعرض العمل حكايات رومانسية أبطالها مجموعة من الأصدقاء، والمشترك بين القصص أنها تدور لكها بالوقت نفسه في زمن لا يتجاوز 8 ساعات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"فينشينزو.. رجل المافيا".. عدالة العصابات وتهجير السكان لاستغلال الأرضlist 2 of 2تخطى 120 مليون جنيه.. "الحريفة 2" يدخل قائمة أعلى الأفلام المصرية تحقيقا للإيراداتend of listتتميز القصص بالتنوع التام، ومع ذلك لا يمكن وصفها بالأصالة، إذ تبدو الحكايات مكررة أو متوقعة باستثناء نهاية قصة كريم فهمي، الذي كان وجوده مفاجأة ولم يظهر سواء بالإعلانات الدعائية أو الملصقات الخاصة بالفيلم.
السقوط في بئر النصفي الأصل جاءت الرواية التي لا تتجاوز صفحاتها 155 صفحة، مما يجعلها أقرب إلى رواية قصيرة (نوفيلا)، مما يفسر إضافة قصص وخطوط درامية للفيلم لم تكن في القصة الأصلية مثل قصتي أحمد السعدني ومي عمر، ومايان السيد وخالد أنور، وغالبية مشاهد محمد سلام.
إعلانعاب الرواية ركاكة الأسلوب والمباشرة، والأسوأ كثرة الوعظ والخُطَب خاصة في قصة هدى المفتي التي قدمت خطا دراميا -رغم جرأته الظاهرة- يُسيء للأفكار النسوية التي حاولت الشخصية تأكيد تبنيها لها بسذاجة مفرطة وآليات دفاع معيبة.
غلاف رواية "بضع ساعات في يوم ما" (الجزيرة)ومع الإعلان عن تحويل الكتاب إلى فيلم، أمل الكثيرون في قيام صانعيه بعمل معالجة درامية تُحسّن من جودته وتجعله يتفوق على الرواية، إلا أن إسناد كتابة السيناريو للكاتب محمد صادق في أول تجربة له زاد الأمر سوءا كونه المؤلف الأول وصاحب الأخطاء الأصلية، بل نتج عنه ضعف شديد في الحوار والسردية.
إيرادات جيدة رغم السطحيةمع ذلك نجح الفيلم في تحقيق إيرادات قاربت 25 مليون جنيه مصري خلال 4 أسابيع فقط قابلة للزيادة كونه لا يزال متاحًا في دور العرض، رغم طرح الكثير من الأفلام العربية المنافسة في الوقت نفسه، التي لحسن حظ صانعيه يميل نصفها لكونها نخبوية وأقرب للأعمال المستقلة.
في حين يميز "بضع ساعات في يوم ما" بجماهيرية أبطاله على رأسهم هشام ماجد صاحب أفضل كيمياء فنية في العمل مع هنا الزاهد، التي شاركته بطولة فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" العام الماضي.
ومع سلاسة أداء كليهما إلا أن القصة الأفضل جاءت من بطولة أحمد صلاح السعدني ومي عمر، إذ حظيت بأكبر قدر من المصداقية، فاضحة حقيقة العلاقات العاطفية بين قطاع من مؤثري منصات التواصل الاجتماعي الباحثين عن "الريتش" والتفاعل من أجل الإعلانات حتى لو تم ذلك عبر سلسلة من الكذب والادعاءات الرخيصة.
أما الأفضل على مستوى التمثيل وعلى غير المتوقع هي مايان السيد التي جسدت دور فتاة مصابة بمتلازمة "توريت"، وهي اضطراب عصبي وراثي يتسبب في حركات وأصوات لا إرادية متكررة. ومن أجل الدور صرحت مايان بأنها شاهدت أعمالا وثائقية عن المرض، وقرأت عدة دراسات عنه لمزيد من المعايشة.
إعلانيذكر أنها ليست المرة الأولى التي تنجح فيها في أداء شخصية شابة مصابة بمرض نفسي، إذ سبق أن قامبت بدور "مادي" المصابة باضطراب ثنائي القطب بمسلسل "إمبراطورية ميم"، و"خديجة" التي تعاني من التوحد في مسلسل "إلا أنا".
خرجت من فيلم بضع ساعات في يوم ما مبسوطة بس حاسة اني مخدتش closure من اللي اسماء جلال كانت بتتكلم عنه.
— shrook (@NEWEGYPTIANA) January 7, 2025
ومن الفنانين، يجب الإشارة إلى دور محمد سلام الذي خطف الكاميرا وقدم شخصية لم يلعبها من قبل بتلقائية وبساطة أكدت للجمهور افتقادهم رؤيته على الشاشة. أما في خانة الأسوأ، فيمكن وضع قصة الثنائي أسماء جلال ومحمد الشرنوبي اللذين لما يتمتعا بأي كيمياء بينهما واتسمت حكايتهما بالسطحية من جهة، والمبالغة كسائر القصص من جهة أخرى.
أفضل من الرواية ولكن!"بضع ساعات في يوم ما" هو فيلم رومانسي خفيف تفوق على الرواية التي اُقتبس منها وإن كان لم يرق لمستوى التوقعات بعدما انتظره الجمهور طوال ثلاث سنوات.
العمل مناسب لعشاق أفلام مثل "هيبتا" -للمؤلف نفسه- و"قمر 14″ و"عسل مُر" و"هاتولي راجل"، ويُنصح بمشاهدته من قبل الباحثين عن دراما اجتماعية تستعرض علاقات عاطفية مسلية دون عمق أو إلهام، مما يجعل مشاهدته للكبار فقط سواء لجرأة بعض من محتواه أو لكونه لن يكون ممتعا للصغار.
"بضع ساعات في يوم ما" فيلم معتمد على البطولة الجماعية (مواقع التواصل الاجتماعي)الفيلم قصة وسيناريو وحوار محمد صادق، وإخراج عثمان أبو لبن، الذي يُجيد تقديم الأفلام المعتمدة على البطولات الجماعية ويُحسن اختيار تقطيعات المونتاج بين الحكايات. أما بطولة العمل فجاءت من نصيب هشام ماجد النشط دراميا وسينمائيا، إذ شهد عام 2024 بطولته لفيلمين ومسلسل رمضاني، ويُفترض -حتى الآن- أن يشهد عام 2025 ظهوره في فيلم ومسلسلين ومسرحية.
إعلانشاركه البطولة كل من هنا الزاهد، وأحمد صلاح السعدني، ومي عمر، ومحمد سلام، وأسماء جلال، ومحمد الشرنوبي، وخالد أنور، ومايان السيد، وهدى المفتي، وكريم فهمي، وحنان سليمان.