قالت صحيفة إسرائيلية إن الاتفاق السعودي الحوثي، الذي توسطت فيه الأمم المتحدة تحت ضغوط أمريكية شديدة، يلقي الضوء أيضًا على المعضلة المتأصلة في حرب إسرائيل ضد الحوثيين.

 

وذكرت صحيفة هآرتس في تحليل ترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" في اليمن، حيث يسيطر الحوثيون على ما يقرب من 35 في المائة من الأراضي و60 في المائة من السكان، يلعب نظام من التبعيات المترابطة دورًا.

 

وأضاف أن الاختلاف في الأهداف الاستراتيجية بين الرياض وأبو ظبي والنزاعات الداخلية داخل الجيش الوطني، وضعفها المتأصل، وانعدام الثقة العامة في حكومة اليمن، والتدخل التكتيكي للولايات المتحدة - التي تفتقر إلى أهداف استراتيجية واضحة، خاصة خلال فترة الانتقال بين الرئيسين بايدن وترامب - كلها تلعب في أيدي الحوثيين".

 

وبحسب التحليل فإنه خوفًا من الهجمات الانتقامية، لم تنضم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر إلى التحالف ضد نظام الحوثيين، والذي كانت إسرائيل وحلفاؤها يأملون في إنهاء حكم الحوثيين.

 

وقال "بينما يحاول الحوثيون توسيع حكمهم في اليمن، فإنهم يلقون باللوم على "الأعداء الأجانب" في إخفاقاتهم".

 

وتابع "بينما تهاجم إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة البنية التحتية والقواعد الحوثية، يواصل الحوثيون شن حربهم الداخلية - سواء ضد منافسيهم السياسيين أو لتوسيع مناطق سيطرتهم".

 

السعودية تخفف الغضب العام ضد الحوثي

 

وأردف "إنهم يسعون، دون جدوى حتى الآن، إلى الاستيلاء على محافظة تعز الاستراتيجية، وضم مدينة مأرب، والانتقال من هناك إلى حقول النفط في جنوب اليمن. وتتمثل رؤيتهم في السيطرة على البلاد بأكملها. ويقود الحوثيون جيشًا يبلغ تعداده بين 300 ألف و500 ألف مقاتل، من النظاميين والاحتياطيين. وعلى النقيض من ضعف الحكومة اليمنية المعترف بها، فإنهم يحافظون على سيطرة صارمة على جميع مجالات الحياة".

 

واستدرك "في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، هناك آمال في تشكيل تحالف غربي عربي جديد لإنهاء حكم الحوثيين. ومع ذلك، امتنعت السعودية والإمارات ومصر حتى الآن عن الانضمام إلى التحالف العسكري القائم.

 

وتطرق التحليل إلى المساعدات المالية السعودية لليمن وقال "من عجيب المفارقات أن جزءًا من مساعدات المملكة للحكومة اليمنية مخصص لدفع رواتب موظفي الدولة العاملين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، كما هو منصوص عليه في اتفاق بين السعودية والحوثيين. ونتيجة لهذا، تساهم السعودية بشكل كبير ليس فقط في تمويل إدارة الحوثيين، التي تحصل على حصتها من خلال ضرائب الدخل، بل وأيضًا في تخفيف بعض الغضب العام ضدها.

 

ويشير التحليل العبري إلى أن كلا من أمريكا وبريطانيا يتحملان الندوب المريرة للحرب السعودية الفاشلة التي بدأت في عام 2015 بدعم أمريكي متحمس.

 

وبعد انسحاب الإمارات من حرب اليمن يضيف التحليل "في نهاية المطاف، اختارت الرياض أيضًا مسارًا سياسيًا مع الحوثيين. وعلاوة على ذلك، انهار أيضًا الافتراض القائل بأن الجيش الوطني اليمني يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في العمليات البرية لاستكمال الحملة الجوية".

 

ويرى التحليل أن مصطلح "الجيش الوطني اليمني" نظري إلى حد كبير - ليس فقط بسبب قدراته المحدودة ومعداته الرديئة مقارنة بالحوثيين، ولكن أيضًا لأن قادته وجنوده يتألفون من خليط من القبائل، بعضها متناحرة. غالبًا ما يفوق ولائهم لقبيلتهم أو السياسيين الذين يمثلون قبيلتهم ولائهم للحكومة. ومع الرواتب الضئيلة، انشق العديد من الجنود إلى الحوثيين لأسباب اقتصادية.

 

انعدام الثقة بين الجيش الوطني والحكومة

 

وأكد أن انعدام الثقة في الجيش والحكومة اليمنية عميق لدرجة أن الإدارة في حضرموت بدأت مؤخرًا في تجنيد الشباب في ميليشيا محلية بدلاً من الجيش الوطني، بينما تطالب بالحكم الذاتي للمنطقة.

 

ولفت إلى أن القوة العسكرية الأساسية للحكومة، في الواقع، تحت سيطرة "المجلس الانتقالي الجنوبي" (STC)، -المدعم من الإمارات- الكيان السياسي الذي يمثل شعب جنوب اليمن، والذي يسعى إلى إعادة تأسيس جنوب اليمن كما كان موجودًا قبل الوحدة في عام 1990.

 

المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تأسس في عام 2017 تحت قيادة عيدروس الزبيدي، هو من الناحية الفنية جزء من الحكومة الرسمية في اليمن ويشارك في المجلس الرئاسي الذي يحكم المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحوثيين في البلاد. ومع ذلك، يعارض بشدة أي اتفاق مع الحوثيين من شأنه أن يجعلهم شركاء في الحكم.

 

وطبقا للتحليل فإن هذه الديناميكية تلقي بظلال من الشك على جدوى الاتفاق الموقع بين الحوثيين والسعودية، والذي ينص أحد بنوده على ضرورة بدء الحكومة اليمنية والحوثيين مفاوضات لتشكيل إدارة مشتركة. ولا تنتهي التعقيدات عند هذا الحد.

 

تباين أجندات الرياض وأبوظبي تصب في صالح الحوثي

 

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن الزبيدي يحظى بدعم الإمارات، التي لديها أجندة مختلفة عن السعودية فيما يتعلق بمستقبل اليمن. ففي حين تتصور الرياض يمنًا موحدًا، تطمح أبو ظبي علنًا إلى إعادة تأسيس جنوب اليمن تحت نفوذها الحصري. ويستند هذا النهج إلى تحليل واقعي لا يرى سوى القليل من الأمل في إنشاء حكومة موحدة في اليمن أو هزيمة حكم الحوثيين.

 

وزاد إن الاختلاف في الأهداف الاستراتيجية بين الرياض وأبو ظبي والنزاعات الداخلية داخل جيش اليمن، وضعفها المتأصل، وانعدام الثقة العامة في حكومة اليمن، والتدخل التكتيكي للولايات المتحدة - التي تفتقر إلى أهداف استراتيجية واضحة، خاصة خلال فترة الانتقال بين الرئيسين بايدن وترامب - كلها تلعب في أيدي الحوثيين".

 

واستطرد "إن الحرب في غزة ومشاركة الحوثيين في مبادرة "وحدة الجبهات" وفرت لهم رصيداً استراتيجياً بالغ الأهمية: السيطرة على البحر الأحمر والقدرة على تهديد هذا الطريق البحري الحيوي. هذا بالإضافة إلى تهديدهم المستمر - الذي تحقق بالفعل في الماضي - ضد المملكة العربية السعودية وأي دولة خليجية تنضم إلى الحرب ضدهم".

 

وخلصت صحيفة "هآرتس" في تحليله إلى القول إن "هذه التهديدات مستقلة، وتخدم في المقام الأول طموح الحوثيين للهيمنة على اليمن. وهي ليست مشروطة بموقف إيران أو ملزمة بالتزامات تجاهها. لذلك، وعلى الرغم من الدعم العسكري الذي يتلقاه الحوثيون من طهران، فليس هناك يقين من أنهم سيلتزمون إذا قررت إيران إصدار أمر بوقف الأعمال العدائية في البحر الأحمر".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية اسرائيل الحوثي أمريكا الجیش الوطنی جنوب الیمن فی الیمن

إقرأ أيضاً:

تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة

حذر تقرير نشره موقع "معهد واشنطن" من أن تعطيل جماعة أنصار الله "الحوثي" في اليمن لحركة الشحن في البحر الأحمر يشكل تهديدا مباشرا لقدرة الولايات المتحدة على نشر قواتها بسرعة وإيصال الإمدادات العسكرية إلى مناطق النزاع.

وأشار التقرير الذي أعده العقيد في القوات الجوية الأمريكية جيمس إي. شيبرد، وهو زميل عسكري في "معهد واشنطن"، إلى أن الحل يكمن في "مزيج من الإجراءات اللوجستية والتدابير العسكرية والجهود الدبلوماسية المتكاملة".

ولفت التقرير إلى أن التصعيد الحوثي الأخير جاء بعد إطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 15 آذار/مارس حملة عسكرية مستمرة ضد الجماعة اليمنية استهدفت كبار المسؤولين ومراكز القيادة ومستودعات الأسلحة والبنية التحتية في اليمن.

وأوضح أن الهدف من الحملة الأمريكية على الحوثيين هو "استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب"، مشددا على أن "أهمية هذا الممر المائي لا تقتصر على كونه طريقا تجاريا لبضائع بقيمة تريليون دولار سنويا، بل هو أيضا مسار لوجستي رئيسي للقوات الأمريكية".


وشدد التقرير على أن الهجمات التي تنفذها جماعة أنصار الله في اليمن "تمثل تحديا مباشرا لما وصفته الولايات المتحدة بأنه مصلحة وطنية أساسية".

وأشار التقرير إلى أن الهجمات الحوثية جزء من استراتيجية إيرانية تهدف إلى "حرمان الخصوم من حرية المناورة في المنطقة"، مضيفا أن "طهران زودت الحوثيين بالتدريب والمعدات والتوجيه اللازم لتطوير قدراتهم في استهداف السفن بصواريخ كروز وباليستية وطائرات مسيرة".

وأوضح أن هذا التهديد دفع العديد من شركات الشحن إلى سلوك طريق أطول وأكثر كلفة حول رأس الرجاء الصالح، ما يبطئ وتيرة الدعم اللوجستي العسكري ويهدد بفعالية قدرة واشنطن على الاستجابة الطارئة في مناطق النزاع.

ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة تعتمد على الشحن التجاري في نقل نحو 80 بالمئة من العتاد الدفاعي، موضحا أن خطورة الوضع تكمن في أن السفن غير المسلحة لا يمكن حمايتها جميعا بسبب محدودية الموارد البحرية الأمريكية.

وأكد التقرير أن تجاوز باب المندب عبر رأس الرجاء الصالح يضيف ما يصل إلى 15 يوما من وقت العبور ومليون دولار من تكاليف الوقود، محذرا من أن مثل هذه التأخيرات غير عملية في السيناريوهات العسكرية العاجلة.

واعتبر أن الحل يكمن في تنويع وسائل النقل، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تعمل على مشروع شبكة النقل عبر البحر العربي (TAN)، التي تشمل 300 مركز لوجستي ومرافئ ومطارات ومحاور برية في المنطقة، لكنها لم تفعّل بالكامل بعد بسبب مشكلات تنظيمية وجمركية.

وأبرز التقرير كذلك إمكانية استخدام الممر البري بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُشغل حاليا بواسطة شركتي "تراك نت" و"بيور ترانس"، ويمكنه نقل حتى 350 شاحنة يوميا، ما يجعله منافسا للمسارات التقليدية، حسب التقرير.


وفي توصياته التي قدمها إلى الإدارة الأمريكية لمواجهة تهديد الحوثي، شدد معد التقرير على ضرورة "مواصلة الضغط على الحوثيين إلى أن يصبحوا غير قادرين أو غير راغبين في تهديد الملاحة".

كما دعا إلى "تصعيد الحملة الجوية الحالية مع دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني بقوات برية موثوقة"، مشددا على ضرورة "ردع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، من خلال إبراز القدرات العسكرية الأمريكية في المنطقة".

وأضاف أن "توسيع التعاون الأمني مع شركاء إقليميين مثل مصر وإسرائيل والأردن والسعودية أمر حاسم"، إلى جانب "استكشاف طرق بديلة للنقل العسكري، من بينها الممر الإماراتي الإسرائيلي".

وختم التقرير بالقول إن "تنفيذ هذه التدابير مجتمعة كفيل بوضع استراتيجية شاملة للتصدي النهائي لتهديدات الحوثيين وإيران على الصعيدين العسكري والتجاري العالمي".

مقالات مشابهة

  • لماذا الأمم المتحدة تقلق من الضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي في اليمن؟
  • لضرب الحوثي.. الجيش الأمريكي ينشر 4 مقاطع فيديو من البحر
  • الحرب الأميركية على الحوثيين في اليمن ...ستة اسئلة تطرح نفسها
  • فورين بوليسي: البحرية الأمريكية و"لعبة الخلد" مع الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • تقرير: هجمات الحوثيين في اليمن تمثل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة
  • موقع عسكري غربي: حرب برية في اليمن.. ما تقييم القدرات العسكرية للطرفين؟ (ترجمة خاصة)
  • الجيش الأمريكي يكشف عن المستقبل المظلم الذي ينتظر مليشيا الحوثي في ظل فاعلية ترومان و فينسون
  • هكذا علقت إسرائيل على الغارات الأميركية التي تشنها على اليمن 
  • السعودية تفاجئ وكلاءها في اليمن: استعدوا للتصالح مع الحوثيين
  • إسرائيل ترحب بالغارات الأمريكية في اليمن وتدعو لنهج أكثر حزما ضد الحوثيين