آخر تحديث: 19 غشت 2023 - 9:41 صبقلم:علي الصراف لا يغرب عن معرفة حاكم المصرف المركزي العراقي علي العلاق أن كل دولار يتم تداوله في السوق السوداء هو دولار مأخوذ من المصرف نفسه.لا تحتاج الى عبقرية لمعرفة أن الدولارات مرقمة. والأرقام يرصدها بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي من تليسكوب منصوب على نافذة المبنى المطل على مبنى الكابيتول على الجانب الشرقي للشارع رقم 19 في واشنطن.

بمعنى آخر.. لا داعي للهبل ولا للاستهبال. المصرف المركزي العراقي، بهذا المعنى، هو الذي يموّل أعمال التهريب ونشاطات السوق السوداء! الاحتياط الفيدرالي يعرف تماما الى أين تذهب الدولارات. وهو الذي يستهبل عندما يسمح للعلاق بأن يستهبل بمزاعم أن السوق السوداء هي التي تؤثر على أسعار صرف الدينار، وأنه غير قادر على ضبط هذه السوق. عائدات العراق النفطية (تمثل 95 في المئة من إجمالي مدخولات البلاد) تستقر في حساب خاص لدى الاحتياط الفيدرالي. ومن هذا الحساب يتم تمويل التعاقدات والمشتريات الحكومية مع الدول أو مع الشركات. الكل يعرف أن الفساد ممكن حتى مع هذه التعاقدات والمشتريات. الاحتياط الفيدرالي يعرف ذلك أيضا. ولأغراض التجارة المحلية فإن الاحتياط الفيدرالي يرسل بضع مئات من ملايين الدولارات يوميا إلى المصرف المركزي العراقي. هذا المصرف يبيع الدولارات عبر منصة خاصة به. وعمليات هذه المنصة خاضعة للمراقبة أيضا، لأجل أن يعرف الاحتياط الفيدرالي من هو “المستفيد النهائي” من الدولارات. والمستفيد النهائي، كما لا يغرب عن معرفة العلاق، هو إيران. القطاع الخاص، في كل أرجاء العالم، ليس مشروع جريمة. ولكنه أصبح مشروع جريمة في العراق، لأن الذين يتحكمون بعائداته ومقدراته مجرمون بالأساس الفكرة السائدة هي أن الميليشيات والمصارف التابعة لإيران في العراق تقوم بأعمال تهريب الدولارات إلى إيران. هذه الفكرة غبية تماما، لأنها ناقصة. إيران وميليشياتها ومصارفها تقوم بتهريب الدينار العراقي أولا، قبل أن تسعى إلى تحويله إلى دولارات. تمتلك المصارف الإيرانية تريليونات الدنانير العراقية.والمصرف المركزي العراقي، حريص على قيمة الدينار العراقي، ليس لأنه يبيع الوطنية ببلاش، وإنما لكي يحمي قيمة تحويلات إيران مما تمتلكه من الدنانير العراقية.وعندما يؤكد العلاق أن قيمة الدينار سوف تبقى مستقرة، وإن هناك ما يحميها من أطنان الذهب، فإنه يعرف ماذا يقول! يعرف إلى أين تصل الرسالة! الرجل قد يستهبل العراقيين. إلا أنه لا يستهبل نفسه، لا مع الاحتياط الفيدرالي، ولا مع إيران.ولو أن السلطات العراقية أرادات أن تحمي الدينار وكانت تمتلك ذرة شرف (لا أكثر)، لكانت أغلقت الحدود، وأسقطت الدينار المتداول، وأصدرت عملة جديدة. لكنها تعرف أن علي خامنئي سيكون بعد نصف ساعة، هو وحرسه الثوري، في القصر الجمهوري، مدعوما من قوى “الإطار التنسيقي”، وهي تهتف “بالروح، بالدم، نفيدك يا تومان”.ما يحصل هو أن إيران وميليشياتها ومصارفها تبيع الدينار للمصرف المركزي وللسوق السوداء، لتحصل منهما على الدولار، وترسله بشتى السبل إلى إيران.معظم تجارة العراق السلعية مستوردة من الخارج، ومعظم هذا “المعظم” يأتي من إيران، أو عن طريق وكلائها في عدد من دول الجوار أو أبعد. ومعظم حاجة “السوق المحلي” للدولار إنما هي لتغطية هذه المستوردات. أي أن إيران هي المستفيد الأول في نهاية المطاف. والتزوير والتهريب، في هذا النطاق، “على قفا مين يشيل”. الفكرة السائدة الأخرى، هي أن الولايات المتحدة تفرض عقوبات على إيران، وتحارب تهريب الدولارات إليها. وهذه الفكرة هي الأخرى غبية تماما، لأنها عوراء. الخاضع للرقابة وللعقوبات هو العراق!تعرف الولايات المتحدة أنها سلمت السلطة لعصابات تابعة لإيران. تعرف الولايات المتحدة جيدا من هم الحاكمون في العراق، فردا فردا. التليسكوب يرى بوضوح ماذا يدخل ويخرج من حساباتهم الشخصية وحسابات أقاربهم وشركات أقارب الأقارب، وأصدقاء المقربين، وعشيرة كل واحد من أفراد العصابة.سلمتهم السلطة، لتتسلمها من باب آخر! هذا هو سبب ذهاب عائدات العراق إلى حساب خاضع لإشراف الاحتياط الفيدرالي. إنه حساب رقابة وتدقيق على تعاقدات العصابة ومشترياتها. لا توجد جريمة، لها علاقة بالمال، لا يراها ذلك التليسكوب. كل خبرات المافيات والعصابات، من روما وصقلية إلى شيكاغو، جعلت ذلك التليسكوب قادرا على أن يرى ماذا يوجد الآن في جيب كل واحد من قادة الجماعات والميليشيات في العراق.العلاق يعرف ذلك أيضا. وعندما يشكو أمره بأن معركته ضد التهريب والسوق السوداء، شاقة وعسيرة، وأنه ملتزم بمواصلتها، فإن الشخص الذي يقف وراء ذلك التليسكوب يضحك ويقول، ربما باللهجة العراقية “إيّ، نعم”.لا يهم الولايات المتحدة ماذا يحصل للعراق، لأنها تأخذ حصتها منه، وهي التي تسمح بمرور حصة إيران، لضمان “الاستقرار” لمصالحها، في العلاقة المعقدة بينها وبين عصابات إيران تمويل إيران، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، هو تمويل للإرهاب، ولنشاطات زعزعة الاستقرار في المنطقة.لا يهم الولايات المتحدة ماذا يحصل للعراق، لأنها تأخذ حصتها منه، وهي التي تسمح بمرور حصة إيران، لضمان “الاستقرار” لمصالحها، في العلاقة المعقدة بينها وبين عصابات إيران. إلا أن إفقار العراق وهدم قدراته على البقاء، تعني الكثير بالنسبة إلى مواطنيه. البلد ينتحر عمليا بمشنقة ارتباط حياته بعائدات النفط. كما ينتحر بالجفاف، فضلا عن الفقر. كل ذلك من دون نهب، فكيف إذا ترافق به؟ هذا بلد لا تمكن السيطرة عليه إذا ما انقلب الفقر إلى ثورات. وبالرغم من أن أعمال الفساد تحاول أن تفسد كل من تستطيع، إلا أن المشكلة في الفساد هي أنه لا يستطيع أن يُفسد كل الناس، كما أنه لا يغني أحدا.الفساد يعمي البصيرة والبصر أيضا. وهذه مشكلة أصعب. أي أنه يتجاهل ضحاياه، كما يتجاهل نهاياته هو نفسه. هناك مقدار مرئي في تاريخ العراق من الوحشية المضمرة؛ وحشية الانتقام. والتخلف ظل يزيده همجية في العادة. وبالرغم من أن عائدات النفط ما تزال توفر الغطاء الكافي لعمى البصر والبصيرة، إلا أن آليات النهب الراسخة، وتراجع العائدات المحتمل، وفساد خطط التنمية الكاذبة التي تحاول حكومة الميليشيات بيعها الآن، تضع الجميع على حافة هاوية لا أحد يعلم كم ستكلف من سفك الدماء.العلاق، يستطيع أن يظهر وكأنه يحارب التهريب والسوق السوداء، لكي يواصل معركة المخادعات مع نفسه، ومع الاحتياط الفيدرالي الذي يراه ويرى دولاراته في السوق السوداء، إلا أنه يستطيع أن يبدأ من الصفر أيضا. يستطيع القول: ضاع ما ضاع، وحان الوقت لإغلاق كل المصارف الخاصة، وكل فروع المصارف الخارجية. وإن كل دولار يمتلكه المصرف المركزي سوف يذهب لتمويل مشاريع ذات جدوى حقيقية، خاضعة لمراقبة، ليس الاحتياط الفيدرالي، وإنما الناس أنفسهم. وما من سلع تستورد من الخارج، إلا وتخضع للتقييم وللتدقيق الجنائي.القطاع الخاص، في كل أرجاء العالم، ليس مشروع جريمة. ولكنه أصبح مشروع جريمة في العراق، لأن الذين يتحكمون بعائداته ومقدراته مجرمون بالأساس.الاحتياط الفيدرالي يريدهم أن يكونوا كذلك. للولايات المتحدة مصلحة فيهم، كما أن لإيران مصلحة فيهم أيضا. إلا أن البلد الذي صار نهبا للفقر والتخلف، لن يتأخر طويلا ليرى المرئي من تواريخ الانتقام.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: المصرف المرکزی العراقی الولایات المتحدة السوق السوداء مشروع جریمة فی العراق إلا أن

إقرأ أيضاً:

الجيش العراقي: تاريخ طويل من التضحيات والتحولات الكبرى

يناير 6, 2025آخر تحديث: يناير 6, 2025

المستقلة/- يحتفل الجيش العراقي اليوم الاثنين بمرور 104 سنوات على تأسيسه، مشعلًا شمعته الرابعة بعد المئة في تاريخ مليء بالتضحيات والمشاكل والتحولات السياسية والاجتماعية التي عصفت بالعراق. وعلى الرغم من التحديات العديدة، بقيت سمعة الجيش العراقي محترمة، مع محاولات مستمرة من قبل قياداته للحفاظ على هذه السمعة التي تتماشى مع تاريخه الحافل بالأحداث.

التأسيس والنشأة

تأسس الجيش العراقي في 6 كانون الأول 1921، أي قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة بشهرين. حيث تم إنشاء الدولة العراقية في مؤتمر القاهرة الذي عقدته المملكة المتحدة في مارس 1921. وكان أول فوج للجيش العراقي هو “فوج موسى الكاظم”، الذي أُسس على يد مجموعة من الضباط العراقيين الذين كانوا في الجيش العثماني، بقيادة الضابط العراقي من كركوك جعفر العسكري، الذي شغل لاحقًا منصب وزير الدفاع العراقي.

التطور والتحولات السياسية

منذ تأسيسه، تعاقب على رئاسة أركان الجيش العراقي 30 ضابطًا، بدءًا من نوري سعيد في يناير 1921، وصولًا إلى الفريق الركن عبد الأمير يار الله، الذي يشغل هذا المنصب حاليًا. مر الجيش العراقي بتحولات سياسية هامة خلال تاريخه، من أبرزها التحول من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري في عام 1958، والذي قاده عبد الكريم قاسم مع مجموعة من الضباط الوطنيين في انقلاب عسكري غير مجرى تاريخ العراق.

الجيش العراقي والحروب والتحولات الكبرى

من أبرز التحولات في تاريخ الجيش العراقي كان حله وتفكيكه في عام 2003. فبينما كان الجيش العراقي يبلغ من العمر 82 عامًا، تم اتخاذ قرار من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بحله بعد غزو العراق. هذا القرار أدى إلى تغييرات جذرية في البنية العسكرية للعراق، وأثار الكثير من الجدل والتساؤلات حول مستقبل الجيش والدولة العراقية.

التحديات والحفاظ على السمعة

على الرغم من تلك التحولات الكبرى، لم تخلُ مسيرة الجيش العراقي من الأزمات والتحديات. إلا أن محاولات القيادات العسكرية العراقية على مر العقود كانت تهدف للحفاظ على مستوى عالٍ من الاحترافية والكفاءة. وقد تمكن الجيش العراقي في مراحل مختلفة من الزمن من الحفاظ على سمعة جيدة بين الجيوش العربية، رغم الظروف السياسية المضطربة والحروب المستمرة.

الجيش العراقي اليوم

اليوم، وفي ظل التطورات الأمنية والسياسية التي يشهدها العراق، يبقى الجيش العراقي قوة أساسية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد. ومع إعادة بناء الجيش العراقي بعد تفكيكه في 2003، شهدت السنوات الأخيرة العديد من الجهود لإعادة تأهيله وتجهيزه لأداء مهامه بكفاءة واحترافية، بما في ذلك دوره في مكافحة الإرهاب ومحاربة الجماعات المسلحة التي تهدد أمن العراق.

خاتمة

يبقى الجيش العراقي، رغم ما مر به من تقلبات، رمزًا للقوة والتضحية من أجل وطنه. ومع مرور الوقت، يواصل هذا الجيش تاريخًا طويلًا من التحديات والانتصارات، يأمل العراقيون في أن يكون هو السند الذي يعيد للعراق أمنه واستقراره في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • تأكيداً لشفق نيوز.. وزير الكهرباء العراقي يعلن إطلاق 625 ميغاواط من إيران
  • يد العراق في إيران لخوض وديتين أمام الرجال
  • أبرز ملفات زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى إيران
  • رئيس الوزراء العراقي يزور إيران
  • متنبئ جوي يحدد الفترة السوداء بأجواء العراق ويتوقع خطرًا محدقًا بالأجيال القادمة
  • متنبئ جوي يحدد الفترة السوداء بأجواء العراق ويتوقع خطرًا محدقًا بالأجيال القادمة- عاجل
  • الذكرى الـ104 لتأسيس.. ماذا تعرف عن الجيش العراقي؟
  • رشيد:نأمل من الجيش العراقي أن لايهدد إيران
  • تحية إلى الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه
  • الجيش العراقي: تاريخ طويل من التضحيات والتحولات الكبرى