المسرح المدرسي نافذة لإحياء الإبداع وتعزيز الولاء الوطني
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
في خضم الأزمات التي تواجه المجتمعات، تصبح المؤسسات التربوية هي الملاذ الأول لإعادة بناء الإنسان. وبينما يُركز النظام التعليمي على المهارات الأكاديمية، يتناسى الكثيرون أن العقل لا يزدهر دون توازن بين الجسد والروح. في هذا السياق، يُعد المسرح المدرسي أداة تربوية شاملة، تجمع بين التأثيرات النفسية والفكرية والروحية، وتسهم في خلق أجيال قادرة على مواجهة التحديات بوعي وإبداع.
لكن المسرح وحده لا يكفي؛ فهو جزء من منظومة تربوية متكاملة تشمل الأنشطة البدنية، الموسيقية، الفنية، والزراعية. الرياضة، على سبيل المثال، لا تقتصر على تقوية الجسد فحسب، بل تحمل تأثيرًا نفسيًا عميقًا. الأبحاث الحديثة تؤكد أن ساعة يومية من الرياضة المدرسية تُقلل من مستويات التوتر لدى الطلاب، وتعزز إنتاجية الدماغ، مما يجعلهم أكثر قدرة على التركيز والإبداع. في حين أن الموسيقى المدرسية تُسهم في تخفيف القلق، وتحفيز الجانب الإبداعي، وتربط الطلاب بعوالم من الجمال والسكون الداخلي.
المسرح المدرسي، كجزء من هذه المنظومة، لا يُعنى فقط بترفيه الطلاب أو شغل أوقات فراغهم؛ إنه منصة تعليمية قادرة على التأثير العميق في شخصياتهم وسلوكياتهم. دراسة أجرتها جامعة “كامبريدج” عام 2017 أكدت أن الأنشطة المسرحية تُعزز من مهارات التواصل الاجتماعي، وتُحسن من الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، حيث يتعلمون التعبير عن أنفسهم بحرية، والتعامل مع مشاعرهم بشكل صحي، مما يُقلل من التوتر والاضطرابات النفسية.
إلى جانب المسرح والموسيقى والرياضة، يأتي درس الزراعة ليُكمل مشهد الأنشطة التربوية التي تُعزز الإبداع والتوازن النفسي لدى الطلاب…تعليم الأطفال الزراعة يُحفزهم على تطوير الوعي البيئي، ويُقوي علاقتهم بالأرض والطبيعة. في العراق، على سبيل المثال، أظهرت دراسة أن الأنشطة الزراعية المدرسية تساهم في تعزيز روح التعاون بين الطلاب وتُشجعهم على التفكير بشكل أكثر إبداعاً . كما تُعلمهم أهمية العمل الجماعي والتفاعل مع البيئة، مما يعزز حس المسؤولية تجاه وطنهم.
أضف إلى ذلك أن الرسم يُساهم في تنمية الخيال الإبداعي والتعبير الذاتي. يُساعد الرسم الطلاب على تنظيم أفكارهم والمساهمة في خلق بيئة مدرسية متوازنة نفسياً. دراسة أجرتها منظمة اليونسكو عام 2019 أظهرت أن الأنشطة الفنية في المدارس، بما في ذلك الرسم، تساهم في تقليل القلق وتحسين الصحة النفسية للأطفال والمراهقين.
إدخال ساعات مخصصة لهذه الأنشطة، مثل الرياضة، الموسيقى، المسرح، الرسم، والزراعة، يُمكن أن يُحدث تحولًا جذريًا في البيئة التعليمية. كل ساعة من هذه الأنشطة تُسهم في تحسين الصحة النفسية للطلاب، وزيادة قدرتهم على التركيز، والتفكير النقدي. فالموسيقى تُنشط مناطق الإبداع في الدماغ، والرياضة تُعزز الاستقرار النفسي، بينما الزراعة تُعلم الطلاب قيمة الأرض والطبيعة.
في الحقيقة يواجه الطلاب تحديات نفسية واجتماعية واضحة لذا يصبح المسرح المدرسي وسيلة فعالة لمعالجة هذه القضايا…المشاركة في عرض مسرحي تُتيح للطفل الفرصة لاستكشاف ذاته، وتحقيق التوازن النفسي، وتعلم القيم الوطنية. بينما تُعزز الأنشطة الزراعية في المدارس ارتباط الطلاب بالبيئة، مما يعمق لديهم الانتماء الوطني.
رغم أهمية هذه الأنشطة، الا انها لاتزال محدودة أو غائبة عن العديد من المدارس. هذا الإمر لا يُفقد الطلاب فرص التعلم فقط، بل يُفقدهم أدوات للتعبير عن أنفسهم وتخفيف الضغوط النفسية التي يواجهونها يوميًا.
آن الأوان للنظر في إعادة هيكلة المناهج التعليمية لتتضمن ساعات يومية للأنشطة البدنية، الموسيقية، والمسرحية والفنية والزراعية…. هذه الأنشطة ليست ترفًا، بل هي أساس لبناء أجيال متوازنة عقليًا ونفسيًا. المدارس ليست مصانع لتخريج الطلاب، بل ساحات لصناعة العقول والقلوب.
إن تعزيز دور المسرح المدرسي، وربطه بالأنشطة البدنية، الموسيقية، والفنية مثل الرسم والزراعة، سيخلق بيئة تعليمية تُشجع على الابتكار، وتُرسخ القيم الوطنية، وتُربي أجيالًا تستطيع التعبير عن نفسها بثقة، والإبداع بروح تفيض بالأمل. المسرح هو انعكاس للمجتمع، والرسم هو انعكاس للروح. وإذا أردنا مجتمعًا مُبدعًا ومُتوازنًا، فعلينا أن نبدأ من حيث تُبنى القيم: خشبة المسرح ولوحة الرسم المدرسية.
اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات المسرح المدرسی هذه الأنشطة
إقرأ أيضاً:
إنشاء 65 مدرسة جديدة.. حصاد تعليم أسيوط خلال 2024
أكد اللواء دكتور هشام أبوالنصر محافظ أسيوط أن عام 2024 شهد العديد من الإنجازات التنموية في مختلف المجالات كان الهدف منها تحقيق مصالح المواطنين ومطالبهم وقد تضافرت جهود وزارات وجهات الدولة المعنية مع المحافظة لتحقيق هذه الإنجازات والتي تمت في إطار خطة الدولة الشاملة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لتحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
حيث تم افتتاح ووضع حجر أساس العديد من المشروعات واستكمال العديد من المشروعات الأخرى التي يجرى العمل بها في مختلف المجالات وخاصة في قطاع التعليم.
وأوضح محافظ أسيوط - في بيان - أنه تلقى تقريرًا من فرع هيئة الأبنية التعليمة بالمحافظة بقيادة المهندس مصطفى عبد الفتاح مدير عام الفرع، بمشروعات المدراس التي تمت ويجري تنفيذها خلال عام 2024 لافتاً إلى أن قطاع التعليم من القطاعات التي شهدت تطوراً كبيراً وإنشاء العديد من المدارس والفصول كأحد المحاور الرئيسية التي تنتهجها الدولة لتطوير المنظومة التعليمية وتهيئة المدارس المخلتفة لأبنائنا الطلاب لتحسين مناخ التعليم من خلال الإنشاءات الجديدة للتغلب علي كثافة الفصول لافتاً إلى أن إجمالي عدد المدارس الجاري تنفيذها بنطاق المحافظة يبلغ 65 مدرسة بواقع 1172 فصل دراسي جديد بتكلفة نصف مليار جنيه حيث تم خلال العام الماضي استلام 6 مدارس بإجمالي 131 فصل جديد بتكلفة 106 مليون جنيه كما يجري العمل في 24 مدرسة أخرى بخطة عام 2024/2025 بواقع 412 فصل دراسي بتكلفة تصل إلى 387 مليون و840 ألف جنيه بالإضافة إلى 35 مدرسة جاري اسنادها وطرحها أو التجهيز للطرح بواقع 629 فصل دراسي كما تم وضع حجر الأساس لعدد 5 مدارس بواقع 142 فصل دراسي جديد بتكلفة 120 مليون جنيه لافتاً إلى أن هذه المشروعات يجرى تنفيذها من خلال هيئة الأبنية التعليمية بالمحافظة ضمن خطة الدولة للنهوض بقطاع التعليم وتطوير المنظومة التعليمية تنفيذاً لاستراتيجية مصر 2030، لتحقيق التنمية المستدامة بالقطاعات الخدمية المختلفة خاصة في مجال التعليم.
وأضاف المحافظ أنه تنفيذاً لخطة المحافظة للنهوض بالتعليم واستيعاب الأطفال المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال "kg1" تم فتح روضة جديدة بإسم روضة النصر بمقر دار المسنين القديم الكائن بجوار المركز الثقافي الإسلامي بحي شرق مدينة أسيوط وتم إنشاء قاعات جديدة لتستوعب الأطفال المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال طبقا لقواعد القبول المنظمة وحرصاً على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب وإيجاد الحلول العاجلة للإعداد المتزايدة من الأطفال المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بالمدارس الرسمية والخاصة.
وأكد المحافظ أننا لا نألو جهداً في العمل على تخصيص أراضي لإنشاء مدارس جديدة لاستيعاب الزيادة الكبيرة في إعداد الطلاب المتقدمين لمراحل التعليم المختلفة بالإضافة إلى الإستمرار في توسعة وإحلال وتجديد المدارس القديمة بإعادة إنشاء مباني جديدة بها عدد فصول أكبر لتخفيض كثافة أعداد الطلاب مؤكداً أن هذا هدف أساسي للمحافظة لصالح تحسين المنظومة التعليمية وتحقيق جودة التعليم لأبنائها خاصة في القرى الأكثر احتياجا
وأشاد محافظ أسيوط بحجم الإنجازات التي تحققت في قطاع الأبنية التعليمية بالمحافظة في عهد فخامة الرئيس السيسي الذى أعطى أولوية خاصة لمحافظات الصعيد وذلك بمتابعة مستمرة ودعم من دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ومحمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني مشيداً بدور الهيئة العامة للأبنية التعليمية بقيادة اللواء يسري عبد الله رئيس الهيئة والجهود المبذولة في إنشاء المشروعات التعليمية والمدارس الجديدة بقرى ونجوع المحافظة ضمن خطة الهيئة السنوية لمواجهة الزيادة في الكثافة الطلابية داخل الفصول وهي واحدة من المشكلات التي واجهت الدولة خلال السنوات السابقة وتغلبت عليها ببناء المدارس والتوسع في المدارس القائمة بالفعل حتى تسير العملية التعليمية على أكمل وجه ولتقليل معاناة الطلاب مشقة الذهاب إلى المدارس البعيدة وكذلك منع تسرب التلاميذ من المدارس والقضاء على تعدد الفترات الدراسية خاصة بالمناطق الأكثر إحتياجاً ذات الكثافات الطلابية العالية وأصبح شعار "التعليم أولا" الذي رفعته القيادة السياسية واقعاً ملموساً من أجل ضمان جودة تعليمية متميزة.