جددت الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أمس الأحد منطقة عدرا في ريف دمشق تساؤلات بشأن الأهداف الإسرائيلية وخططها للمرحلة المقبلة في سوريا بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأفاد مصدر عسكري سوري لمراسل الجزيرة بأن 10 أشخاص قتلوا أمس في الغارة، وذكرت مصادر إعلامية سورية أن المنطقة المستهدفة هي مستودع للأسلحة يقع في منطقة صناعية على بعد نحو 30 كيلومترا من دمشق.

وغارة أمس هي الأحدث ضمن سلسلة من الهجمات نفذتها إسرائيل منذ سيطرة الإدارة الجديدة في سوريا على مقاليد الحكم في 8 ديسمبر/كانون الأول الحالي.

وأعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي في وقت سابق الانتهاء من الجزء الأساسي من العملية في سوريا، وقالت إنه تم تدمير نحو 80% من القدرات العسكرية لسوريا.

ووفقا لإذاعة الجيش، نفذت مئات الطائرات الإسرائيلية هجمات على أكثر من 250 هدفا في مواقع مختلفة بسوريا، من دمشق إلى طرطوس، وتركزت الهجمات على مستودعات الأسلحة وكتائب الدفاع الجوي في المناطق الوسطى والجنوبية.

كما استهدفت الغارات مراكز الأبحاث العلمية العسكرية ومطارات عسكرية، بما في ذلك مطار المزة العسكري بريف دمشق.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني كبير قوله إن سلاح الجو الإسرائيلي دمر طائرات وسفنا حربية وقواعد عسكرية وأنظمة صواريخ أرض جو ومواقع إنتاج ومستودعات أسلحة وصواريخ أرض أرض ومنشآت إستراتيجية.

إعلان

وبالتوازي مع ذلك، احتلت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل بعد أن أعلنت سقوط اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.

أهداف معلنة

ولم تخفِ إسرائيل مخاوفها من وقوع تلك الأسلحة في أيدي سلطة جديدة تتوجس من توجهاتها، ولذلك جاء تحركها "بهدف قص أجنحة أي سلطة جديدة ترغب في مواجهة إسرائيل"، وفقا لتعبير الكاتب عبد الوهاب المرسي.

بدوره، يرى المحلل السياسي سعيد الحاج أن تحركات إسرائيل في الفترة الماضية بسوريا حققت لها أهدافا، إذ فرضت أمرا واقعا جديدا عبر زيادة قدراتها التجسسية والعسكرية المباشرة وغير المباشرة في سوريا (ولبنان بالتبعية)، وقوّت أوراقها التفاوضية مع أي قيادة مستقبلية لسوريا، فضلا عن تدمير مقدرات تسليحية مهمة بشكل يساهم في إضعاف سوريا الدولة لمدة غير محددة مستقبلا، وإخراجها من كونها تهديدا له ولو كان نظريا ونسبيا.

من جهته، يلفت المختص في الشؤون السورية وائل علوان إلى أن إسرائيل كانت تستهدف أماكن تقليدية في سوريا حتى قبل سقوط الأسد، مثل مراكز البحوث العلمية والمختبرات التي يتم فيها تطوير الأسلحة، ولا سيما الأسلحة الكيميائية وما يرتبط بها.

لكن الملاحظ -حسب علوان- أن القصف بعد نظام الأسد كان أوسع وأكبر، واستهدف مستودعات أسلحة لا تعد خطيرة ولا فتاكة ولا بعيدة المدى، وربط ذلك بمحاولة إسرائيل استهداف الترسانة العسكرية حتى لا تكون الدولة القادمة في سوريا مسلحة، بصرف النظر عن البديل القادم من الإدارة الجديدة التي تحكم دمشق الآن أو عبر انتقال سياسي بتداول سلمي للسلطة.

وإضافة إلى المكاسب العسكرية، يرى المرسي أن المسؤولين الإسرائيليين يتطلعون إلى اللحظة التي سيجلس خلالها الجميع على الطاولة للتفاوض، ويرغبون في أن تمتلك إسرائيل أكبر قدر من الأوراق في تلك اللحظة.

ويرى أن إسرائيل لن تقبل أن يوضع مصير الجولان المحتل على طاولة المفاوضات، وأقصى ما يمكن أن تقبل به هو التراجع مجددا إلى ما وراء خط التهدئة مقابل ضمانات بألا تتحول سوريا إلى مصدر للتهديد، سواء من قبل الفصائل السنية أو من قبل إيران.

إعلان مخاوف ومخاطر

لكن التحركات الإسرائيلية تحمل مخاطر باعتراف أطراف إسرائيلية في المقام الأول، فقد وصفت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها الصادرة صباح الاثنين 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري التوغل الإسرائيلي على الحدود السورية بأنه "خطأ تاريخي سيكلف إسرائيل غاليا".

وقالت هآرتس إن الجيش الإسرائيلي استطاع دخول المنطقة المنزوعة السلاح على الجانب السوري من مرتفعات الجولان فقط، لأن "الجنود السوريين تخلوا عن مواقعهم العسكرية".

لكن هذا التغيير في الوضع الراهن في الأراضي المعترف بها على أنها تابعة لسوريا "يخلق ذريعة جديدة للاشتباكات حتى لو لم تكن فورية".

وهنا يقول الخبير العسكري والأمني أسامة خالد إن التحركات الإسرائيلية ربما تتسبب في تفلت كثير من الجماعات وحتى الأفراد السوريين للاجتهاد والتفاعل الفطري العفوي لشن هجمات فردية أو جماعية على القوات الإسرائيلية التي احتلت مدنا وقرى عديدة، وهذا "الوجود الاحتلالي" يعني شرعية لكل سوري لقتال الوجود الإسرائيلي على أساس أنه قوة احتلال يجب طردها من الأرض السورية.

وحرصت الإدارة السورية الجديدة عبر تصريحات مختلفة على التأكيد أنها لا تخطط لأي تحرك خارجي، إذ قال القائد العام للإدارة أحمد الشرع -في تصريحات عدة- إن سوريا لن تشكل أي تهديد لأي دولة، وهي منهكة من الحروب وبحاجة لتنميتها وتقويتها، وهذا ما ستركز عليه إدارته بعد عقود "من الظلم والطغيان وتدهور الأوضاع المعيشية".

لكن إسرائيل تبقى "العدو الأكبر والأكثر تربصا بسوريا الجديدة"، وفقا لسعيد الحاج الذي يرى أن إسرائيل لن تترك سوريا وشأنها، ولن تراهن على انشغالها بملفاتها الداخلية وأولوياتها الكثيرة، وأنها لن تقتنع بتصريحات الطمأنة بأن سوريا لا تقوى على مواجهات عسكرية، وأنها ستبقى تنظر لسوريا الدولة والشعب كتهديد إستراتيجي.

ولذلك، يخلص الحاج إلى أن الإدارة الجديدة ستكون مطالبة بمنح أولوية الاهتمام لبناء عقيدة الدولة الإستراتيجية والعسكرية والأمنية وفق رؤية إستراتيجية عسكرية أمنية تبدأ بتعريف الذات والدور والمكانة، وتشمل العلاقات الخارجية ومنظومات التحالف والشراكة والتعاون والصداقة والخصومة والعداء، بما في ذلك مصادر التسليح والاتفاقات الأمنية والعسكرية.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإدارة الجدیدة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

مسؤولون أمريكيون يجتمعون مع الإدارة السورية الجديدة بدمشق

سوريا – أكدت سفارة واشنطن في سوريا، الثلاثاء، إن مسؤولين أمريكيين التقوا في دمشق مع الإدارة السورية الجديدة، وأكدوا الحاجة إلى ضمان عملية سياسية شاملة في البلاد وتمثيل جميع السوريين فيها.

وذكرت السفارة بمنشور عبر حسابها على فيسبوك: “التقى مسؤولون أمريكيون مع السلطات المؤقتة في دمشق وأثاروا الحاجة إلى حماية المواطنين الأمريكيين والتأكد من مصير المواطنين الأمريكيين المختفين مثل أوستن تايس ومجد كمالماز”.

وأضافت أن “المسؤولين أثاروا الحاجة أيضا إلى مواصلة القتال ضد داعش، ومنع إيران من الظهور مرة أخرى في سوريا، وتمثيل جميع السوريين بشكل كامل، وضمان عملية سياسية شاملة”.

وفي منشور آخر، قالت السفارة الأمريكية إنه “من الرائع أن نلتقي في دمشق بقادة الأعمال السوريين من الصناعة والمصارف والتكنولوجيا والاستشارات، والاستماع إليهم حول التحديات والفرص المتاحة لتنشيط الاقتصاد السوري بعد سقوط نظام الأسد الفاسد”.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • ساعر: إسرائيل ستقيّم الإدارة الجديدة بدمشق وفق أفعالها
  • رغم القتال في شمال سوريا..قائد الإدارة الجديدة يتحادث مع وفد من الأكراد في دمشق
  • إسرائيل تكثف غاراتها على سوريا بعد سقوط نظام الأسد.. أهداف عسكرية ومخاوف إقليمية
  • مسؤولون أمريكيون يجتمعون مع الإدارة السورية الجديدة بدمشق
  • كاتب صحفي: أحاديث إدارة سوريا الجديدة عن إسرائيل أمر مستغرب
  • محمد مصطفى أبو شامة: أحاديث إدارة سوريا الجديدة عن إسرائيل أمر مستغرب
  • محلل سياسي: أحاديث إدارة سوريا الجديدة عن إسرائيل أمر مستغرب
  • وفد خليجي في دمشق للقاء قائد الإدارة السورية الجديدة
  • وزير الخارجية الكويتي يصل دمشق للقاء الإدارة الجديدة للبلاد