العلاقي: شلقم دبلوماسي استثنائي انتصر لشعبه
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
أشاد محمد العلاقي، الخبير القانوني، بحياة وخبرة عبد الرحمن شلقم، وزير الخارجية الأسبق، اصفا إياه بالدبلوماسي الاستثنائي، وأنه أشهر من جبل على رأسه نار، واصفا من يتهمه بالخيانة بأنه من العوام الذين يخلطون بين الوطن والنظام.
واستشهد “العلاقي” بقصيدة شهيرة لمحمد الفيتوري والتي وصف بها شلقم قائلا “إن المقادير تستثني الرجال وان تشابه البشر الافذاذ والبشر”، متابعا “لكن لكي يعرف الجيل القادم من هو عبد الرحمن شلقم لابأس من القول إنه عبد الرحمن محمد شلقم من مواليد الغريفه بولاية فزان”.
وسرد حياة شلقم قائلا، “تخرج من كلية الصحافه بجامعة القاهرة، وتقلد العديد من المناصب الإدارية ، السياسية، والدبلوماسية لعل اهمها وزارة الخارجيه وسفير ليبيا بايطاليا ومندوب ليبيا بالامم المتحدة اخير رجل مثقف”.
وواصل الإشادة بشلقم، قائلا، “صحفي مرموق، وشاعر، وفنان فوق ذلك دبلوماسي وسياسي محترف اشتغل مع النظام في هذه الوظائف جميعها بكفاءة عاليه جعلته يحظى بمعاملة خاصة شملته بالرعايه من قبل راس النظام”.
وقال “عند تفجر الثورة في 17 فبراير 2011 وامام تصدي النظام للمتظاهرين في طرابلس وبنغازي ومصراته والبيضاء والزنزانة اتصل عبدالرحمن شلقم بالإدارة في ليبيا وأبلغهم بضرورة وقف حمام الدم خاصة بعد الخطاب المتشنج الذي ألقاه القذافي في ميدان الشهداء الذي كان يسمى بميدان الساحة الخضراء”.
وتابع “تشهد على صدق قوله ما دار بينه وبين أبوزيد دوردة في المكالمة الشهيره التي بثت في وسائل الإعلام وأمام تعنت النظام لم يجد المندوب الليبي الا الانحياز لشعبه في سابقة تاريخيه تسجل لصاحبها كأول دبلوماسي ينحاز لشعبه على حساب النظام الذي يشتغل فيه”.
وأضاف “كنت يوم 25 فبراير في بيت أصهاري وكان التلفزيون مفتوح على قناة الجزيرة التي فجأة تحولت إلى نيويورك لنقل كلمة المندوب الليبي فقلت للحاضرين وكنت واقفا انتظر ماذا سيقول إذا كان عبد الرحمن الذي أعرفه وأسمع عنه لابد أن يتخذ موقفا معنا وفعلا كان ذلك كذلك’.
ودافع عنه قائلا، “يعتقد بعض العوام الذين يخلطون بين الوطن والنظام ان عبد الرحمن شلقم خان وطنه وسبب ذلك خلطهم بين النظام السياسي والوطن فما الذي يدفع عبد الرحمن للخيانه فهو اولا يحضى برعاية النظام اكثر من زملائه الوزراء وهو ثانيا ميسور الحال من خلال الوظائف التي تقلدها والمهمات التي اجراها خلال عمله وتقلد في بلاده اهم الوظائف الثقافيه ، والسياسية ، والدبلوماسيه”.
واستطرد، ” هؤلاء يعتقدون للاسف الشديد ان العمل مع النظام هو نوع من الزواج الكاثوليك الذي لا يقبل الانفصال ابدا ان عبد الرحمن المثقف والسياسي والدبلوماسي لم يكن له بد الا الانتصار لشعبه لسببين انه كان شاهدا لما يجري انه حاول ما استطاع ان يوقف نزيف الدم فلم يجد له صدي وذهبت محاولاته ادراج الرياح ممن اخذتهم العزة بالاثم “.
واختتم قائلا، “يقارن بعض العوام موقف مندوب ليبيا بموقف مندون سوريا ويشيدون بموقف الجعفري مندوب سوريا الذي يدافع عن نظام قمعي يرتكب أفظع الجرائم بحق السورين وسجلت أكبر اختراقات لحقوق الإنسان ويقارنون ذلك بموقف عبد الرحمن شلقم الذي معناه نعم يجب الخروج على النظام عندما يخرج عن جادة الصواب ويسرف في انتهاك حقوق مواطنيه بعد إنذاره، وهذا ما فعله مندوب ليبيا الوطني الكبير والذي كان له الدور الأكبر في انتصار ثورة فبراير إلا أنه غير مسؤول عما حدث بعدها لأنه علينا أن نسعى وليس علينا أن ندرك النجاح”.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
حامل القلم في مجلس الأمن: إرث استعماري بلبوس دبلوماسي
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ السياسة والسياسات العامة
"حامل القلم" في مجلس الأمن ليس مجرد مصطلح دبلوماسي، بل هو مفهوم يحمل في طياته أبعادًا تاريخية وسياسية تعكس استمرارية الأنماط الاستعمارية في العصر الحديث. يشير هذا المصطلح إلى الدولة التي تتولى صياغة القرارات والمبادرات المرتبطة بملف معين يناقشه مجلس الأمن. وتُمنح هذه الدولة صلاحية تقديم مشاريع القرارات ومتابعة المفاوضات حولها، لتصبح بمثابة “الوصي" على القضايا المعنية، سواء كانت متعلقة بالنزاعات الإقليمية أو القضايا الإنسانية أو العقوبات.
أصل المفهوم وتطوره
ظهر مفهوم "حامل القلم" بعد الحرب العالمية الثانية، مع تأسيس مجلس الأمن كأحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية لحفظ السلم والأمن الدوليين. في البداية، كان هذا الدور غير رسمي ويعتمد على المبادرات الفردية للدول الأعضاء، لكنه تحول بمرور الوقت إلى ممارسة منظمة ضمن أعراف مجلس الأمن. غالبًا ما يُسند هذا الدور إلى إحدى الدول دائمة العضوية، خاصة تلك التي لديها مصالح مباشرة أو تاريخ استعماري في المنطقة المعنية، مما يجعل "حامل القلم" امتدادًا غير مباشر لنظام الهيمنة السياسية والاستعمارية.
على سبيل المثال، فرنسا تتولى عادة صياغة القرارات المرتبطة بدول غرب إفريقيا، بينما تركز بريطانيا على شؤون الشرق الأوسط، والولايات المتحدة على قضايا أمريكا اللاتينية. هذا التوزيع ليس عشوائيًا؛ بل هو انعكاس مباشر لتقسيم النفوذ الاستعماري القديم الذي أعاد إنتاج نفسه في شكل دبلوماسي.
السودان ورفض الوصاية
فيما يتعلق بالسودان، فإن قضية "حامل القلم" تأخذ بعدًا خاصًا. خلال الأزمات التي مرت بها البلاد، لا سيما في دارفور والنزاع بين الشمال والجنوب، كانت المملكة المتحدة عادة هي "حامل القلم"، وهو أمر يثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرارات الدولية المتعلقة بالسودان.
إن قبول السودان بهذا الوضع يعني ضمنيًا الاعتراف بمبدأ الوصاية الذي يتنافى مع سيادة الدولة وكرامتها الوطنية. من الناحية الفعلية، يسمح مفهوم "حامل القلم" للدول الكبرى بالتدخل في شؤون الدول النامية تحت مظلة الشرعية الدولية، وهو ما يُعد استمرارًا لنهج استعماري قديم لكنه مغلف بخطاب حقوق الإنسان والسلام العالمي.
دعوة لموقف صارم
ينبغي على السودان أن يرفض علانية هذه الوصاية، ليس فقط لاعتبارات سياسية، بل أيضًا لدلالاتها الرمزية. إن مواجهة هذه الممارسات تبدأ بإعادة تعريف الأدوار داخل مجلس الأمن، والمطالبة بإشراك أوسع للدول المتضررة في صياغة القرارات التي تؤثر على مصيرها.
في عالم يدعي أنه تجاوز مرحلة الاستعمار، يظل مفهوم "حامل القلم" شاهدًا على أن النظام الدولي لم يتحرر بعد من إرث الهيمنة. على السودان، وباقي الدول المتضررة، أن تُبقي أعينها مفتوحة، وأن تعمل على تفكيك هذه الهياكل الموروثة، لتؤكد أن السيادة ليست مجرد شعار، بل ممارسة حقيقية لا تقبل التأويل أو المساومة.
"حامل القلم" ليس مجرد أداة تنظيمية؛ إنه طوق استعماري جديد، وعلينا أن نكسر هذا الطوق."
quincysjones@hotmail.com