هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكرادَ شمال شرق سوريا، بـ«إلقاء أسلحتهم أو مواجهة الموت في الأراضي السورية»، بالتزامن مع خلافات بين الفصائل الكردية حول الانخراط في الجيش السوري الجديد المزمع إنشاؤه. وأبدى قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، استعدادًا مشروطًا للمشاركة في الجيش الجديد، مؤكدًا أن هدفهم التصدي لمخطط تقسيم سوريا، وشدد على أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ليست مرتبطة تنظيميًّا بحزب العمال الكردستاني (المحظور في تركيا).

وتتسارع الخلافات الداخلية بين الفصائل الكردية، حيث يطالب المجلس الوطني الكردي (انكس) بفكِّ الارتباط بين قوات «قسد» وحزب العمال الكردستاني، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الكردي في سوريا، خاصة مع تصاعد الاشتباكات بين قوات «قسد» والفصائل المدعومة من تركيا في منبج وسد تشرين، حيث تكبَّد الطرفان خسائرَ بشرية، مع استمرار الدعم الأمريكي لـ«قسد» في مواجهة الحشود العسكرية التركية، فيما تتعالى الدعوات لتوحيد القوات الكردية تحت راية جيش واحد يحمي «كردستان سوريا» ويضمن حقوق الأكراد في مستقبل البلاد ضمن سياق سياسي شامل يُنهي الصراعات الداخلية.

وفي تصريحات صحفية، قال مظلوم عبدي: «لم نصل بعدُ إلى مفاوضات مباشرة مع «هيئة تحرير الشام»، لكن نعتقد أنه يجب أن تكون سوريا دولةً لا مركزية تعددية ديمقراطية، حيث تتم حماية هوية البلاد المتنوعة دستوريًّا، وحقوق جميع مكونات الشعب السوري بمَن فيهم الشعب الكردي. لا نبحث عن تقسيم سوريا، ومستعدون للعب دورنا في البناء والمشاركة في الحكومة التي ستدير البلاد.لقد شهدت سوريا الكثيرَ من إراقة الدماء، وندعو اليوم بشكل عاجل إلى حوار كامل ومباشر لتحقيق عصر من السلام والأمن، حتى تتمكن سوريا من المُضي قُدمًا وإعادة البناء».

وتعالت أصوات كردية (المجلس الوطني الكردي/انكس) تطالب بضرورة فكِّ الارتباط بين قوات الحماية الكردية، وعناصر حزب العمال الكردستاني، وكان هذا المطلب سببًا في انشقاق المجلس عن الهيئة العليا الكردية، التي تشكلت في 12 يوليو عام 2012 بدعم من رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، حينها، ويضم هذا المجلس: حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني (الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني)، وانهار هذا التحالف بعد أقل من عام واحد في منتصف 2013 بسبب الخلافات الكردية.

وتوسطت أمريكا وفرنسا لتقريب وجهات النظر بين الجانبين لحلِّ الخلافات الكردية الكردية، بهدف تشكيل وفد كردي موحد للتفاهم مع الإدارة السورية الجديدة، وللنقاش حول المناطق المهددة من جانب الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، وحفظ حقوق المكون الكردي، بعدما تسببتِ الخلافات في صدامات عنيفة بين الديمقراطي الكردستاني وعناصر حزب العمال الكردستاني، في «سنجار»، الأمر الذي أدى لانسحاب الحزب الديمقراطي الكردستاني من المنطقة عقب فشل استفتاء عام 2017 لاستقلال كردستان العراق، وحدثت بعدها صدامات بين حزب العمال الكردستاني والحشد الشعبي ووحدات حماية سنجار اللذين حلَّا محل الديمقراطي الكردستاني بسنجار.

أما في شمال شرق سوريا، فتمثل وحدات الحماية الكردية YPG الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD، وهي جزء من قوات سوريا الديمقراطية، وهي التي تولت مواجهة داعش أولًا، ثم العدوان التركي على مناطق شمال شرق سوريا، لاسيما بعد تحالف تركيا مع الجيش الحر الذي يكنُّ عداوةً شديدةً للقوات الكردية، ومارس ضدها مجازر عدة.

وهناك خلاف بين حزب العمال الكردستاني وذراعه السياسية حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية قوات الحماية الكردية، مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وذراعه العسكرية بيشمركة روج آفا، والمجلس الوطني الكردي «انكس»، بسبب رغبة الطرف الأول في إدارة ذاتية مستقلة تمامًا عن الدولة السورية. كما يتهم الديمقراطي الكردستاني حزب العمال بتهديد استقرار إقليم كردستان العراق، باعتبار سنجار جزءًا من «روج آفا» في الشمال الشرقي السوري. في المقابل، يتهم حزب العمال الديمقراطي الكردستاني بالتآمر مع تركيا ضد المصالح الكردية.

الولاءات الكردية تجاه حزب العمال الكردستاني تختلف داخل المجتمع الكردي نفسه، فأيديولوچية حزب العمال الكردستاني يسارية وصدامية، تعتمد مبدأ الكونفدرالية والاستقلال التام عن الدول المركزية، وهو ما يختلف عنه الكثير من الفصائل الكردية الأخرى، ومن هذه الفصائل، وحدات الحماية الكردية في سوريا، والحزب الديمقراطي الكردستاني حزب بارزاني، الذي يتبنى الفيدرالية والتهدئة مع تركيا بالنظر للعلاقات التجارية القوية بين الطرفين، لاسيما النفطية.

ووجَّهت «جبهة كردستان سوريا» نداءً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» قسد، للمُضي قُدمًا في تنفيذ خطوات جادة لحلِّ الخلافات بين الطرفين لإنهاء ملف المحتجزين قسرًا، والإفصاح عن مصير المغيَّبين في سجونها منذ سنوات، وذلك في بيان صدر الأربعاء الماضي. وطالبتِ الجبهة بإعادة النظر في المناهج التعليمية وتغييرها بما يتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان، وحلِّ منظمة «جوانين شورشكر»، لما لها من دور سلبي في خطف القاصرين والقاصرات وتجنيدهم، وإخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني بشكل فوري من سوريا، درءًا وتحسبًا لاتخاذهم ذريعةً لأي تدخل أجنبي. كما دعتِ الجبهة إلى الالتزام بالفيدرالية كأفضل صيغة سياسية لبناء سوريا الجديدة، وتأمين حقوق الشعب الكردي ضمن كيان موحد لما أسمته كردستان سوريا.

وطالبتِ الجبهة في بيانها أن تتحول قوات قسد إلى قوات وطنية كردية سورية، وأن تتوحد مع قوات بيشمركة روج آفا، ضمن خطة مدروسة في إطار جيش موحد، لتصبح قوات كردية سورية وطنية مهمتها حماية كردستان سوريا على حد وصفها. وميدانيًّا، تزايدت حِدة الاشتباكات بين قوات قسد والجيش الوطني السوري التابع لأنقرة، حول منبج وسد تشرين وجسر قرة قوزاق، وادعى كلا الطرفين السيطرةَ على كامل منبج، وكذَّب كل طرف ادعاءات الآخر.

وقالت قوات «قسد»، إنها أحبطت هجومًا واسعًا للفصائل الموالية لتركيا على ريف منبج الجنوبي الشرقي، وقتلت 12 مسلحًا. وفي وقت سابق، قالت وزارة الدفاع التركية إن مدينة منبج وسد تشرين في محافظة حلب السورية تحت سيطرة فصيل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة.. مؤكدةً أن مزاعم تقدُّم المسلحين الأكراد في تلك المناطق «لا تمتُّ للواقع بِصلة».

وقال المستشار الصحفي في وزارة الدفاع التركية، الأدميرال زكي أكتورك: «نحن على استعداد للعمل المشترك مع الإدارة السورية الجديدة في مكافحة الإرهاب، وإنه لا مكان لأي تشكيلات إرهابية -بما في ذلك: داعش، حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب وامتداداتها- في مستقبل سوريا ومنطقتنا».

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرئيس التركي أردوغان رجب طيب أردوغان أكراد شمال شرق سوريا قوات سوریا الدیمقراطیة الدیمقراطی الکردستانی حزب العمال الکردستانی کردستان سوریا بین قوات

إقرأ أيضاً:

هل أحبطت إسرائيل مخطط تركيا بنشر قوات في سوريا؟

نقلت رويترز عن 4 مصادر قولها إن إسرائيل استبَقت تحرك تركيا لنشر قوات تابعة لها في قواعد سورية، وقامت بقصفها وتدمير بعضها بشكل شبه كامل.

وقالت المصادر الأربعة إن تركيا تفقدت 3 قواعد جوية على الأقل في سوريا قد تنشر قواتها فيها ضمن اتفاق دفاع مشترك مزمع قبل أن تقصف إسرائيل المواقع بضربات جوية هذا الأسبوع.

ويشير هذا القصف إلى احتمال نشوب صراع بين جيشين قويين في المنطقة بشأن سوريا التي تشكلت فيها حكومة جديدة بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضيين.

وجاءت الضربات الإسرائيلية، ومن بينها قصف مكثف مساء الأربعاء، على المواقع الثلاثة التي تفقدتها تركيا، على الرغم من جهود أنقرة لطمأنة واشنطن بأن زيادة وجودها العسكري في سوريا لا يستهدف تهديد إسرائيل.

وأثار الحكام الجدد بدمشق الذين أطاحوا بالأسد قلق إسرائيل التي تخشى ممن تصفهم بالإسلاميين على حدودها وتضغط على الولايات المتحدة للحد من النفوذ التركي المتزايد في البلاد.

وتستعد أنقرة، وهي حليف قوي لفصائل الثوار التي أطاحت بالأسد، للعب دور رئيسي في سوريا بعد إعادة تشكيلها، بما في ذلك إبرام اتفاق دفاع مشترك محتمل قد يشهد إقامة قواعد تركية جديدة وسط سوريا واستخدام المجال الجوي للبلاد.

إعلان

زيارات "غير معلنة"

وقال مسؤول مخابراتي إقليمي ومصدران عسكريان سوريان ومصدر سوري آخر مطلع إنه في إطار التحضيرات، زارت فرق عسكرية تركية خلال الأسابيع القليلة الماضية قاعدة "تي فور" وقاعدة تدمر الجويتين بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة.

ورفضت المصادر الكشف عن هوياتها خلال مناقشة أمر هذه الزيارات التي لم يعلن عنها من قبل.

وقال مسؤول المخابرات الإقليمي إن الفرق التركية قيّمت حالة مدارج الطائرات وحظائرها وغيرها من البنى التحتية في القاعدتين.

وأضاف مسؤول المخابرات والمصدران العسكريان السوريان أن زيارة أخرى كانت مقررة إلى قاعدتي "تي فور" وتدمر في 25 مارس/آذار الماضي ألغيت بعد أن ضربت إسرائيل القاعدتين قبل ساعات من موعد الزيارة.

وقال مسؤول المخابرات الذي عرض صورا للأضرار إن الضربات على قاعدة تي فور "دمرت المدرج والبرج وحظائر الطائرات وطائرات على الأرض وبعثت برسالة قوية مفادها أن إسرائيل لن تقبل بوجود تركي موسع".

وقال مصدر سوري رابع مقرب من تركيا "قاعدة تي فور لم تعد صالحة للعمل بالمرة الآن".

لا تأكيد رسميا

في حين قال مسؤول في وزارة الدفاع التركية -ردا على سؤال عن الزيارات- إن "التقارير والمنشورات المتعلقة بالتطورات في سوريا، سواء كانت حقيقية أو مزعومة، يجب ألا تؤخذ بعين الاعتبار ما دام أنها لم تصدر عن السلطات الرسمية، لأنها تفتقر إلى المصداقية وقد تكون مضللة".

وامتنع متحدث باسم وزارة الدفاع السورية عن التعليق.

ووصفت وزارة الخارجية التركية أمس الخميس إسرائيل بأنها "أكبر تهديد للأمن الإقليمي". وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لرويترز -اليوم الجمعة- إن تركيا لا تريد أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا.

جانب من الدمار الذي ألحقته الضربات الإسرائيلية الأخيرة بموقع عسكري في حماة وسط سوريا (الفرنسية) ضربات قوية

في الأشهر الأربعة التي تلت الإطاحة بالأسد، سيطرت إسرائيل على أراض في جنوب غرب سوريا وفتحت قنوات تواصل مع الدروز وضربت معظم الأسلحة والمعدات الثقيلة التابعة للجيش السوري. وكانت ضربات الأربعاء الماضي هي الأشد قوة حتى الآن.

إعلان

وقالت وزارة الخارجية السورية إن إسرائيل قصفت 5 مناطق منفصلة في غضون 30 دقيقة، مما أدى إلى تدمير شبه كامل لقاعدة حماة وإصابة عشرات المدنيين والجنود.

وقالت إسرائيل إنها قصفت قاعدة "تي فور" الجوية وقدرات عسكرية أخرى في قواعد جوية في محافظتي حماة وحمص، بالإضافة إلى بنية تحتية عسكرية في منطقة دمشق.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الضربات الجوية بأنها تحذير بأننا "لن نسمح بالإضرار بأمن دولة إسرائيل". واتهم وزير الخارجية غدعون ساعر أنقرة بالسعي إلى إقامة ما وصفها "بمحمية تركية" في سوريا.

وقالت نوا لازيمي، المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، إن إسرائيل تخشى أن تضع تركيا أنظمة روسية مضادة للطائرات وطائرات مسيرة في قاعدة "تي فور".

وأضافت "ستمكن القاعدة تركيا من تحقيق التفوق الجوي في هذه المنطقة، وهذا يشكل مصدر قلق كبير، لإسرائيل لأنه يقوض حريتها في العمليات في المنطقة".

محاولة طمأنة

وتحاول تركيا طمأنة الولايات المتحدة بأنها تريد العمل على تحقيق استقرار جارتها الجنوبية سوريا.

وقال دبلوماسي إقليمي كبير مقرب من تركيا ومصدر في واشنطن إن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أبلغ مسؤولين أميركيين في واشنطن الشهر الماضي بأن الرئيس السوري أحمد الشرع لن يشكل تهديدا لدول الجوار.

وقال أحد المصدرين العسكريين السوريين إن فيدان ومسؤولين أتراكا آخرين أبلغوا الشرع في وقت سابق بأن أنقرة تدرس خطواتها بدقة نحو إبرام اتفاق دفاعي حتى لا تثير غضب واشنطن، وهو ما لم تؤكده تركيا.

وقال مسؤول في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لرويترز "ستدفع تركيا، وليس إسرائيل، أغلى ثمن بين دول المنطقة إذا حدث فشل أو زعزعة استقرار في سوريا، ويتضمن هذا مسألتي اللاجئين والأمن"، في إشارة إلى حرص أنقرة على إحلال الاستقرار في سوريا.

إعلان

وقال سونر جاغابتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن إن تركيا وإسرائيل على "مسار صدام أيديولوجي، لكن يمكنهما تجنب التصعيد العسكري من خلال وساطة واشنطن"، وفق تعبيره.

من جانبها، تؤكد إسرائيل أنها لا تريد مواجهة ولا تموضعا تركيًا على حدودها.

ونقلت هيئة البث الرسمية اليوم الجمعة عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله "سنعمل على منع إقامة قواعد بحرية أو جوية تركية في سوريا".

مقالات مشابهة

  • صحيفة عبرية: إسرائيل تقترح تقسيم النفوذ في سوريا لوقف أردوغان
  • قناصات ضد داعش.. المحاربات الكرديات يرفضن التخلي عن السلاح في مواجهة تهديدات مزدوجة
  • الجيش اليمني يصد محاولة تسلل حوثية في جبهة الأحطوب غربي تعز
  • الاتحاد الديمقراطي: سوريا بحاجة لاطراف دولية ونرفض مركزية دمشق
  • خبير اقتصادي: تهريب نفط الاقليم يخدم الأحزاب الكردية والشركات الأجنبية
  • غازي فيصل: إسرائيل تسعى لتحويل سوريا إلى دولة منزوعة السلاح وسط صمت دولي
  • الذهب يتخلى عن مكاسبه إثر اضطراب الرسوم الجمركية
  • هل أحبطت إسرائيل مخطط تركيا بنشر قوات في سوريا؟
  • عاجل | السيد القائد: الجماعات التكفيرية في سوريا لا هم لها ولا شغل إلا قتل المدنيين المسالمين العزل الذين لا يمتلكون السلاح
  • سوريا.. بدء انسحاب أول رتل لقوات قسد من مدينة حلب