المتطرفون يستبعدون التسوية والتيار الداعم لها بلا أوراق ضغط.. سيناريوهات إسرائيل لـ«غزة» في 2025
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
في مطلع العام الجديد 2025، تتعدد التساؤلات حول استراتيچية إسرائيل في التعامل مع قطاع غزة، والسيناريوهات التي تفكر فيها، ولماذا لم تتبلور رؤية إسرائيلية شاملة تجاه الملف الفلسطيني، ككل، والقطاع على وجه الخصوص، وإلى أي مدى تتأثر حكومة، بنيامين نتنياهو، بالضغوط اليمينية المتطرفة، التي تعترض على أي اتفاق مع المقاومة الفلسطينية، وتحذر من أنه «سيكون تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل»؟
تتداخل الأبعاد السياسة والعسكرية والأمنية، مع الانقسامات الداخلية في إسرائيل، تعرقل جميعُها مساعي التهدئة في القطاع، حيث لا يزال الموقف داخل «الكيان» متذبذبًا، من واقع الخلافات داخل الحكومة نفسها، ومراكز الفكر والدراسات، ووسائل الإعلام، وشعبيًّا، تتباين ردود الفعل في إسرائيل بين الدعوة إلى الموافقة على وقف إطلاق النار، وبين رفض أي تسوية قد «تعطي المقاومة الفلسطينية ميزةً سياسية أو اقتصادية».
تعيدنا هذه الأجواء إلى الهواجس الدفاعية التي تحكم الاستراتيچية الإسرائيلية، وتستند إلى مجموعة من الأسس الأمنية التي تجعل أي تسوية مع الجانب الفلسطيني مرفوضةً من التيارات اليمينية المتشددة، كونها على قناعة بأن أي مفاوضات هدنة ستمنح الفلسطينيين فرصةً لإعادة تعزيز قدراتهم العسكرية (صواريخ، أنفاق، وتكتيكات ميدانية)، مما يزيد من التهديدات الأمنية على المدى البعيد، على حد وصف هذه التيارات.
الموقف نفسه يعكس عقليةً ترفض تقديم أي تنازلات، وتَعتبرها إضعافًا لـ«الهيبة الإسرائيلية»، وأنه «لابد من مواصلة الحرب لتدمير البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية»، مقابل أصوات أخرى أقل تطرفًا في إسرائيل تدعو إلى «إقرار تهدئة مؤقتة»، وهؤلاء يرون أن «الوقت قد حان لإعادة تقييم الوضع العسكري في غزة، وأن التصعيد المستمر ليس إلا عقبةً أمام التوصل إلى حلول دائمة».
خلافات كبيرةرغم أن الأصوات الأقل تطرفًا لا تجد دعمًا كبيرًا بين اليمين المتشدد، المهيمن على صناعة القرار الإسرائيلي، فإنها تشكل جزءًا من تيارٍ يعتقد أن «وقف العنف قد يوفر فترةً مؤقتةً لإعادة تجميع القوات العسكرية في مواجهة التصعيد المتفاقم». فيما يعكس الخطاب الإعلامي في إسرائيل الخلافات حول التعامل مع القطاع. فصحيفة «هآرتس» ذات الاتجاه اليساري، ترى أن «التوصل إلى اتفاق تهدئة مع حماس قد يكون ضرورةً لضمان استقرار المنطقة وتجنُّب التصعيد المستقبلي، وضرورة أن يتضمن الاتفاق ضمانات حقيقية لوقف إطلاق النار».
وكان ناشر «هآرتس» عاموس شوكين، قد طالب بـ«تدخل دولي ضد حكومة نتنياهو، كون سياساتها تشبه الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية كشرط لتحقيق الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين». فيما يؤكد المحلل بالصحيفة، عاموس هرئيل، أن «نتنياهو يستغل الوضع العسكري لتحقيق أهدافه السياسية، لجعل الحرب جزءًا من الحياة اليومية للإسرائيليين، مستغلًّا تحالفاته مع اليمين المتطرف، والرغبة المشتركة لتعزيز سيطرتهم على السياسة الداخلية، مما سيُضعف استقلال الجيش، ويُدخل إسرائيل في أزمات متواصلة».
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد كتب مراسلها لشئون المناطق الفلسطينية، أليشع بن كيمون، عن «اتجاه الحكومة الإسرائيلية لفرض حكم عسكري دائم في غزة، عبر: إعادة الانتشار العسكري، إنشاء مواقع جديدة، وتمديد شبكة الطرق التي يسيطر عليها الجيش في أنحاء غزة، ما يعزز من السيطرة العسكرية الدائمة. وأن عملية فرض السيطرة الإسرائيلية على القطاع تتم دون إعلان سياسي عن مراحلها التدريجية» مدعومة بتغييرات قيادية في حكومة نتنياهو، تعزز وزراء اليمين المتطرف: بتسلئيل سموتريتش، إيتمار بن غفير، وغيرهما، مع دعم قوي من قادة المستوطنين لتوسيع الاستيطان في غزة.
لا تُخفي صحيفة «معاريف» وجودَ انقسامات داخلية في إسرائيل، وأن «هناك مَن يرى في وقف إطلاق النار وسيلةً لتقليص الخسائر البشرية، وأنه يتيح للجيش إعادة الاستعداد لمواجهة تهديدات مستقبلية، مقابل مَن يعارضون أيَّ اتفاق مع الجانب الفلسطيني ما لم يتضمن نزع السلاح». فيما أشارتِ الصحيفة في وقت سابق إلى «خطة إسرائيلية مكونة من 3 مراحل صاغتها حكومة نتنياهو مع رجال أعمال لإنشاء إدارة عسكرية إسرائيلية، محاولةً إنشاء سلطة فلسطينية جديدة في القطاع، وتنفيذ إصلاحات في السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية»!
مقترحات ورهاناتأما معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب (INSS) فيتحدث عن خيارات المستقبل في قطاع غزة، بناءً على معايير استراتيچية تهم إسرائيل كـ«إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة، بعد خضوعها -وفق الرؤية الإسرائيلية- لإصلاحات هامة لضمان قدرتها على إدارة غزة، خاصة إصلاح الأجهزة الأمنية والقضائية وضمان التزامها بمكافحة الإرهاب ومنع أي تهديدات أمنية ضد إسرائيل، أو تحويل غزة إلى مقاطعة تحت الإدارة الفلسطينية مع دعم إقليمي ودولي»!
ورغم أن السلطة الفلسطينية لا تعير مثل هذه المقترحات اهتمامًا، يصر، نتنياهو، على عدم إشراك السلطة الفلسطينية في إدارة غزة، ويفضِّل إضعافها لصالح إقامة كيان مستقل في القطاع، على النحو الذي يتم حاليًّا من خلال تغذية الفتنة بين الفلسطينيين في مخيم «جنين». فيما يرى مركز «بيجن- السادات» للدراسات الاستراتيچية أن «الخيار المفضل للإسرائيليين والأمريكان إدارة القطاع عبر سلطة فلسطينية، وأن أي تهدئة لا تشمل تنازلات أساسية من الطرف الفلسطيني كالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، تُعتبر انتصارًا لحماس، وهو ما سيعزز موقفها في المستقبل على حساب إسرائيل».
أما بعض برامج إذاعة الجيش الإسرائيلي والمحطات التليفزيونية في «الكيان» فتعبِّر عن تنوُّع الآراء بين الخبراء العسكريين وغيرهم حول جدوى التهدئة، حيث يراها البعض «تمنح إسرائيل وقتًا ثمينًا لإعادة الاستعداد العسكري لمواجهة أي تصعيد محتمل في المستقبل». ويحذر آخرون من أن «منح حماس فرصة لإعادة تسليح نفسها خلال تلك الفترة قد يؤدي إلى نتائج عكسية على أمن إسرائيل.. معتبرين أن أي اتفاق من هذا النوع قد يضر بالقدرة الأمنية لإسرائيل ويزيد من تهديدات حركة حماس في المستقبل».
سيناريوهات المستقبلمحاولة استشراف مستقبل الوضع في قطاع غزة من المنظور الإسرائيلي تُظهر أن المواقف الداخلية ستظل متباينة بين اليمين المتشدد الذي يرفض أي تنازلات للفلسطينيين، والأحزاب المعتدلة التي قد تدعو إلى تسوية أو تهدئة مؤقتة. ومع ذلك، ستسعى التيارات المتطرفة لاستمرار الحل العسكري، مما قد يطيل النزاع، وقد تخفف إسرائيل جهدَها العسكري بشكل نسبي، مع التركيز على العمليات النوعية، وتعزيز وجودها على حدود غزة واستخدام تقنيات جديدة كالحواجز الأمنية، والدفاع الجوي، والحرب الإلكترونية للحدِّ من الهجمات الصاروخية.
غير أن فرصة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، في 20 يناير المقبل، تبدو ضئيلة، حتى مع الضغوط التي يمارسها أهالي الأسرى الإسرائيليين، من واقع ما قاله وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، من أن «عودة الرهائن ليستِ الأولوية، وأن الأولوية لتدمير المقاومة الفلسطينية».
ومع ذلك، تحاول حكومة إسرائيل الظهورَ في صورة المهتمة بملف الأسرى، بعدما طالب نتنياهو بـ«قائمة بأسماء الرهائن الأحياء قبل أي تقدُّم في المفاوضات»، لكنها تظل مجرد محاولة لتهدئة الرأي العام الإسرائيلي. وفي ظل تعدُّد وجهات النظر داخل إسرائيل حول مفاوضات التهدئة، ستظل التوقعات المستقبلية للوضع في غزة معقدة، خاصة مع استمرار التحديات الداخلية والخارجية، وحتى في حال تجاوز الخلافات الجوهرية، فإن أي اتفاق سيكون هشًّا ومعرَّضًا للانهيار إذا لم يتم تنفيذ التزامات الأطراف بدقة.
اقرأ أيضاًبشير عبد الفتاح: نتنياهو يسعى لتحقيق هدفه بإعادة تشكيل شرق أوسط جديد (فيديو)
متحدث «فتح»: نتنياهو يريد استمرار الحرب لضمان البقاء في الحكم
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قطاع غزة غزة بنيامين نتنياهو حكومة المقاومة الفلسطينية سيناريوهات إسرائيل السلطة الفلسطینیة إطلاق النار فی إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
مكتب نتنياهو يلمح إلى اتفاق جزئي بعد تحذيرات كبار المسؤولين بشأن مستقبل غزة
ذكر إعلام إسرائيلي، أن مكتب رئيس الوزراء نتنياهو يلمح إلى اتفاق جزئي بعد تحذيرات كبار المسؤولين بشأن مستقبل غزة، وفقا لما ذكرته فضائية"القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل.
منظمة العفو الدولية تطالب إسرائيل بالإفراج عن المعتقلين العاملين في الصحة إسرائيل تنشر تفاصيل جديدة عن اغتيال هنية فى طهران و حماس تكذب الرواية خلافات علنية لـ"سموتريتش" وبن غفير.. بسبب الأموال
وفي سياق متصل، نشب خلاف علني نادر بين الوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وكلاهما من اليمين المتطرف.
واتهم وزير المالية سموتريتش زميله في الحكومة بن غفير، بـ"الشعبوية"، بعد أن هدد حزب الأخير اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت" بمواصلة التصويت ضد مشاريع القوانين المتعلقة بالميزانية، احتجاجا على تخفيض ميزانية وزارة الأمن القومي التي يرأسها بن غفير.
وفي حديثه مع هيئة البث الإسرائيلية "كان"، رفض سموتريش شكاوى بن غفير، قائلا إنه "لم يطلب أبدا أي شيء ولم يحصل عليه في نهاية المطاف".
وقال سموتريتش إن رواتب الشرطة قد زادت بالفعل، وإن بن غفير يقدم نفسه على أنه "سانتا كلوز" الذي يمنح الهدايا، بينما يشوه سمعة وزارة المالية.
كما أضاف سموتريتش: "بالتأكيد لن يكون من الممكن دفع رواتب للشرطة، وبالتأكيد لن يكون من الممكن تمويل تكاليف الحرب، إذا واصل بن غفير محاربة القوانين المالية".
وزارة الأمن القومي:ويرفض بن غفير دعم قوانين متعلقة بالميزانية، تؤدي لفرض تخفيضات مالية على وزارة الأمن القومي التي يرأسها، وذلك بسبب التكلفة المرتفعة للحرب على غزة، وتداعي مجالات اقتصادية في البلاد بسبب المعارك المشتعلة على عدة جبهات.
نقل نتنياهو إلى جناح محصن تحت الأرض بعد جراحة البروستاتا
كشفت وسائل إعلام عبرية، بعد خضوع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو 75 عاما إلى جراحة لاستئصال البروستاتا التي استمرت لمدة 3 ساعات، في مركز هداسا الطبي في عين كارما بمدينة القدس المحتلة، فأنه سيعاني من بعض المضاعفات الخطيرة التي سيعيش بها لنهاية حياته.
وقال مكتب نتنياهو (75 عاما) في بيان، إن رئيس الوزراء "نقل إلى جناح محصن تحت الأرض للتعافي".
وكان رئيس الوزراء تحت تأثير التخدير الكامل لإجراء العملية، التي قال مكتبه إنها مقررة بعد أن اكتشف الأطباء عدوى في المسالك البولية نتيجة لتضخم حميد في البروستاتا.
وفي بيان منفصل من المستشفى، قال رئيس قسم المسالك البولية البروفيسور عوفر غوفريت، إن العملية "سارت كما هو مخطط لها.
وأجريت العملية الجراحية بينما تواصل إسرائيل الحرب في قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من 14 شهرا.
وفي مارس الماضي، خضع رئيس الوزراء الإسرائيلي لعملية جراحية لرتق فتق، وفي يوليو من العام الماضي زرع الأطباء له جهاز تنظيم لضربات القلب بعد مخاوف طبية.