بوابة الوفد:
2025-01-02@09:20:44 GMT

صراع السيارات الكهربائية

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

 

في خضم التحولات الكبرى التي تشهدها صناعة السيارات الكهربائية، تبرز المنافسة العالمية بين أوروبا والصين كأحد أكثر القضايا الاقتصادية المعاصرة إثارة. هذا التنافس لم يعد صراع صناعي بقدر ما هو مواجهة استراتيجية تمس بنية الاقتصاد العالمي نفسه. ففي ظل القرارات الأخيرة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات مؤقتة تصل إلى 38% على السيارات الكهربائية الصينية، إلى جانب الرسوم البالغة 10% التي فُرضت في السابق، تتصاعد حدة التوتر بين القوتين في الأسواق الأوروبية، بينما تبقى الأسواق الأخرى، بما فيها العربية، أمام مفترق طرق، تتطلّع إلى دور أعمق في هذه المعركة التي يمكن استغلالها لخلق فرص اقتصادية وتنموية واعدة.


الصين، التي استطاعت بناء سلسلة إمدادات متكاملة لصناعة البطاريات، تمكّنت عبر آليات الدعم الحكومي واسع النطاق من تحويل سوقها المحلي إلى أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، لتجمع بين التفوق التكنولوجي والتكلفة المُنخفضة. بينما على النقيض، تواجه الشركات الأوروبية صعوبة في تحقيق تنافسية اقتصادية وصناعية مُماثلة، وهو ما دفعها إلى الضغط على حكوماتها لاتخاذ إجراءات حمائية، في محاولة لإبطاء الامتداد الصيني في الأسواق الأوروبية. إلا أنه ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات قد لا تكون حلاً مستداماً، إذ من المتوقع أن تسعى الصين نحو توسيع حصتها في الأسواق الخارجية، بما في ذلك الأسواق الناشئة، التي تُعد ذات أهمية استراتيجية لكل من الطرفين.
وبموازاة هذه التحولات، تبرز فرص حقيقية للعالم العربي، الذي يُمكنه توظيف هذه المنافسة العالمية لصالحه عبر جذب استثمارات ضخمة في قطاع السيارات الكهربائية، لاسيما في مجال تصنيع البطاريات وإنتاج المعادن النادرة المستخدمة في هذه الصناعة. يمكن لهذه الاستثمارات أن تحقق للعالم العربي نقلة نوعية، عبر خفض الاعتماد على إيرادات النفط، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. وبما أن السيارات الكهربائية تمثل خطوة نحو الحد من الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء، فإن تبنيها بشكل واسع قد يساهم في مواجهة التحديات البيئية وخفض البصمة الكربونية للمنطقة.
لكن، وكما أن هذه الفرص مُغرية، فهي تتطلب استعداداً ضخماً لمواجهة تحديات عدة. فالتحول نحو السيارات الكهربائية لا يمكن أن يحدث من دون بنية تحتية متكاملة تشمل شبكات كهرباء متقدمة ومحطات شحن متوفرة في مختلف المناطق، وهو ما يستدعي استثمارات مالية ضخمة، وتخطيط استراتيجي طويل الأمد. إضافة إلى ذلك، يجب على الدول العربية التفكير في كيفية جعل السيارات الكهربائية متاحة لفئات أوسع من المواطنين، في ظل ارتفاع تكاليف اقتنائها حالياً. وهذا التحدي يتطلب سياسات تضمن تحفيز السوق المحلي، وتعزيز الوعي المجتمعي حول الفوائد البيئية والاقتصادية للسيارات الكهربائية، وسبل استخدامها بشكل فعال.

ومن المهم أن تتبنى الحكومات العربية رؤية أكثر شمولية، لتستفيد من التنافس الصيني الأوروبي وتضع إطار واضح للتعاون مع الشركات الكبرى التي تتطلع إلى تأسيس مراكز إنتاج في المنطقة. ويجب أن تشمل هذه الرؤية على كيفية تطوير شراكات استراتيجية مع الجهات الأجنبية لتعزيز القدرات المحلية في مجالات التصنيع والتكنولوجيا، وتوجيه استثمارات القطاع الخاص نحو تطوير قطاع السيارات الكهربائية وتوفير فرص عمل جديدة.
إضافة إلى ذلك، لا بد من إدراك التحولات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر، وهو ما يستدعي من الدول العربية التخلي تدريجياً عن الاعتماد الكلي على موارد الطاقة التقليدية، ودعم استراتيجيات التنويع الاقتصادي من خلال استغلال الطاقات المتجددة والسيارات الكهربائية. فمثل هذا التوجه سيعزز من استقلالية الدول العربية في مجال الطاقة، ويسهم في الحد من التبعات البيئية السلبية، ويوفر قاعدة قوية للنمو المستدام.
بناءً على كل هذه المعطيات، يمكن القول بأن العالم العربي يقف اليوم أمام لحظة مفصلية، حيث يستطيع استثمار الصراع الاقتصادي بين أوروبا والصين كفرصة لتحقيق قفزة تنموية واستراتيجية، تعزز من مكانته الاقتصادية على الساحة الدولية. هذا المسار يتطلب تعاون وثيق بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتطوير سياسات جريئة تضع المستقبل البيئي والاقتصادي في مقدمة الأولويات، وتسهم في خلق بنية اقتصادية أكثر استدامة واستقلالية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تدويل التعليم العالى

إقرأ أيضاً:

وضع خطة جديدة لتحسين الشبكة الكهربائية ومتابعة تركيب عدادات الدفع المسبق في سرت

الوطن|متابعات

عقدت إدارة توزيع الكهرباء بسرت، التابعة للشركة العامة للكهرباء، اجتماعًا موسعًا اليوم، برئاسة مدير الإدارة عبد الحميد هيبلو، وبمشاركة عدد من المسؤولين والمختصين في مجال الكهرباء.

وشارك في الاجتماع كل من مساعد مدير الإدارة فرج ملوم، ومدير دائرة التوزيع بسرت مفتاح معتمد، إضافة إلى رئيس قسم التفتيش الإداري الخليج ورئيس فرع الشرطة الكهربائية الخليج، إلى جانب أعضاء لجنة الإشراف والمتابعة لتركيب عدادات الدفع المسبق ومندوبي الشركات المكلفة بالتركيب.

ووفقًا لما أفادت به مصادر إدارة التوزيع بسرت، تناول الاجتماع آليات التنسيق بين الجهات المعنية، بما في ذلك الشركات المنفذة وإدارة الحسابات، بهدف تحسين كفاءة الشبكة الكهربائية في المدينة. وتم التركيز على متابعة عمليات تركيب عدادات الدفع المسبق لضمان الالتزام بالمواصفات الفنية وتجنب أي أخطاء محتملة.

كما ناقش الاجتماع السبل الكفيلة بحل المشكلات الفنية التي تواجه الشبكة الكهربائية وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمستهلكين في وسط وشرق مدينة سرت.

 

 

الوسومتوزيع الكهرباء خطة سرت كهرباء ليبيا

مقالات مشابهة

  • بعد انفجارها خارج فندق ترامب.. فيديو يوثق الأضرار التي أصابت سيارة «تسلا» الكهربائية
  • صور مسربة لـ سيارة بورش كايين الكهربائية قبل انطلاقها
  • وضع خطة جديدة لتحسين الشبكة الكهربائية ومتابعة تركيب عدادات الدفع المسبق في سرت
  • ما هي الاستثمارات التي سجلت أكبر ارتفاع في 2024؟.. هذا ما حققته الليرة التركية
  • شرطة ولاية الخرطوم تضبط مخزناً للأجهزة والمعدات الكهربائية المسروقة بسوق صابرين بأم درمان
  • تصل إلى 50%.. تخفيضات عيد ميلاد كارفور 2025 على الأجهزة الكهربائية
  • آلية جديدة متدرِجة لضريبة المركبات الكهربائية .. تبدأ من 10% وتنتهي بـ 55%
  • كم فقد العراق من منظومته الكهربائية اثر توقف الغاز الايراني؟
  • د. لبيب قمحاوي .. التحديات التي تجابه المنطقة العربية في الحقبة القادمة