بوابة الوفد:
2025-02-08@13:19:19 GMT

صراع السيارات الكهربائية

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

 

في خضم التحولات الكبرى التي تشهدها صناعة السيارات الكهربائية، تبرز المنافسة العالمية بين أوروبا والصين كأحد أكثر القضايا الاقتصادية المعاصرة إثارة. هذا التنافس لم يعد صراع صناعي بقدر ما هو مواجهة استراتيجية تمس بنية الاقتصاد العالمي نفسه. ففي ظل القرارات الأخيرة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بفرض تعريفات مؤقتة تصل إلى 38% على السيارات الكهربائية الصينية، إلى جانب الرسوم البالغة 10% التي فُرضت في السابق، تتصاعد حدة التوتر بين القوتين في الأسواق الأوروبية، بينما تبقى الأسواق الأخرى، بما فيها العربية، أمام مفترق طرق، تتطلّع إلى دور أعمق في هذه المعركة التي يمكن استغلالها لخلق فرص اقتصادية وتنموية واعدة.


الصين، التي استطاعت بناء سلسلة إمدادات متكاملة لصناعة البطاريات، تمكّنت عبر آليات الدعم الحكومي واسع النطاق من تحويل سوقها المحلي إلى أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، لتجمع بين التفوق التكنولوجي والتكلفة المُنخفضة. بينما على النقيض، تواجه الشركات الأوروبية صعوبة في تحقيق تنافسية اقتصادية وصناعية مُماثلة، وهو ما دفعها إلى الضغط على حكوماتها لاتخاذ إجراءات حمائية، في محاولة لإبطاء الامتداد الصيني في الأسواق الأوروبية. إلا أنه ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات قد لا تكون حلاً مستداماً، إذ من المتوقع أن تسعى الصين نحو توسيع حصتها في الأسواق الخارجية، بما في ذلك الأسواق الناشئة، التي تُعد ذات أهمية استراتيجية لكل من الطرفين.
وبموازاة هذه التحولات، تبرز فرص حقيقية للعالم العربي، الذي يُمكنه توظيف هذه المنافسة العالمية لصالحه عبر جذب استثمارات ضخمة في قطاع السيارات الكهربائية، لاسيما في مجال تصنيع البطاريات وإنتاج المعادن النادرة المستخدمة في هذه الصناعة. يمكن لهذه الاستثمارات أن تحقق للعالم العربي نقلة نوعية، عبر خفض الاعتماد على إيرادات النفط، وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. وبما أن السيارات الكهربائية تمثل خطوة نحو الحد من الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء، فإن تبنيها بشكل واسع قد يساهم في مواجهة التحديات البيئية وخفض البصمة الكربونية للمنطقة.
لكن، وكما أن هذه الفرص مُغرية، فهي تتطلب استعداداً ضخماً لمواجهة تحديات عدة. فالتحول نحو السيارات الكهربائية لا يمكن أن يحدث من دون بنية تحتية متكاملة تشمل شبكات كهرباء متقدمة ومحطات شحن متوفرة في مختلف المناطق، وهو ما يستدعي استثمارات مالية ضخمة، وتخطيط استراتيجي طويل الأمد. إضافة إلى ذلك، يجب على الدول العربية التفكير في كيفية جعل السيارات الكهربائية متاحة لفئات أوسع من المواطنين، في ظل ارتفاع تكاليف اقتنائها حالياً. وهذا التحدي يتطلب سياسات تضمن تحفيز السوق المحلي، وتعزيز الوعي المجتمعي حول الفوائد البيئية والاقتصادية للسيارات الكهربائية، وسبل استخدامها بشكل فعال.

ومن المهم أن تتبنى الحكومات العربية رؤية أكثر شمولية، لتستفيد من التنافس الصيني الأوروبي وتضع إطار واضح للتعاون مع الشركات الكبرى التي تتطلع إلى تأسيس مراكز إنتاج في المنطقة. ويجب أن تشمل هذه الرؤية على كيفية تطوير شراكات استراتيجية مع الجهات الأجنبية لتعزيز القدرات المحلية في مجالات التصنيع والتكنولوجيا، وتوجيه استثمارات القطاع الخاص نحو تطوير قطاع السيارات الكهربائية وتوفير فرص عمل جديدة.
إضافة إلى ذلك، لا بد من إدراك التحولات العالمية نحو الاقتصاد الأخضر، وهو ما يستدعي من الدول العربية التخلي تدريجياً عن الاعتماد الكلي على موارد الطاقة التقليدية، ودعم استراتيجيات التنويع الاقتصادي من خلال استغلال الطاقات المتجددة والسيارات الكهربائية. فمثل هذا التوجه سيعزز من استقلالية الدول العربية في مجال الطاقة، ويسهم في الحد من التبعات البيئية السلبية، ويوفر قاعدة قوية للنمو المستدام.
بناءً على كل هذه المعطيات، يمكن القول بأن العالم العربي يقف اليوم أمام لحظة مفصلية، حيث يستطيع استثمار الصراع الاقتصادي بين أوروبا والصين كفرصة لتحقيق قفزة تنموية واستراتيجية، تعزز من مكانته الاقتصادية على الساحة الدولية. هذا المسار يتطلب تعاون وثيق بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتطوير سياسات جريئة تضع المستقبل البيئي والاقتصادي في مقدمة الأولويات، وتسهم في خلق بنية اقتصادية أكثر استدامة واستقلالية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تدويل التعليم العالى

إقرأ أيضاً:

بأرخص سعر.. فولكس فاجن تعلن إنتاج سيارة ID.1 الكهربائية

تتجه فولكس فاجن إلى استعادة جذورها في مجال السيارات الصغيرة ذات الأسعار المناسبة، حيث أعلنت الشركة عن إطلاق سيارة كهربائية صغيرة بسعر أقل من 21 ألف دولار بحلول عام 2027.

ID.1 – سيارة كهربائية بسعر أرخص في أوروبا

من المتوقع أن تحمل السيارة الجديدة اسم ID.1، مستوحاة من طراز e-Up الناجح.

ستنضم إلى شقيقتها ID.2all، التي ستُطرح في 2026 بسعر أقل من 26 ألف دولار (25 ألف يورو).

تسعى فولكس فاجن لجعل السيارات الكهربائية في متناول المستهلك الأوروبي، مع جودة عالية وربحية مضمونة.

إطلاق 9 طرازات جديدة حتى 2027

تخطط فولكس فاجن لإطلاق 9 موديلات كهربائية خلال السنوات الثلاث المقبلة.

لم تؤكد الشركة بعد مكان تصنيع هذه الطرازات، لكن إسبانيا قد تكون الموقع المحتمل.

سيتم تحويل إنتاج جولف إلى المكسيك لإفساح المجال في مصنع فولفسبورج للجيل الجديد من جولف الكهربائية وكروس أوفر T-Roc الكهربائية.

باعت فولكس فاجن أكثر من 1.35 مليون سيارة ID منذ 2019، لكنها واجهت مشاكل في سلاسل التوريد والبرمجيات، إضافة إلى المنافسة الشديدة في الصين.

استثمرت الشركة 5.8 مليار دولار في مشروع مشترك مع ريفيان لتحسين الهندسة الكهربائية والبرمجيات، مما قد يساعد في تسريع طرح السيارات الكهربائية بأسعار مناسبة.

لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ID.1 و ID.2all ستتوفر في أسواق مثل أمريكا الشمالية. ومع ذلك، يشير الاتجاه الحالي إلى أن فولكس فاجن تركز على السوق الأوروبية قبل أي توسع عالمي.

مقالات مشابهة

  • ترامب يشعل الجدل.. عودة المصاصات البلاستيكية وإيقاف تمويل محطات شحن السيارات الكهربائية
  • رحيل الصحفي محمد منير بعد صراع مع المرض
  • بأرخص سعر.. فولكس فاجن تعلن إنتاج سيارة ID.1 الكهربائية
  • قرار جديد من إدارة ترامب يهدد عالم السيارات الكهربائية
  • صراع وجود.. لا حدود
  • هيتاشي العراق.. ساحر الأجهزة الكهربائية يعيد الحياة بفرّة درنفيس (صور)
  • العراق: صراع القضاء وتحولاته!
  • خلال الشهر الجاري.. قائمة السيارات الكهربائية المتاحة بمصر
  • أرخص أسعار السيارات الكهربائية في مصر 2025
  • موعد ومكان عزاء الفنان صالح العويل.. رحل بعد صراع مع المرض