فلسطينيو الأونروا في سوريا: المسار والمصير بعد انهيار النظام
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
تساؤلات مشروعة تُطرح عن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات وكالة "الأونروا" في سوريا في ظل انهيار النظام والعملية السياسية التي تجري على قدم وساق لمرحلة بناء سوريا الجديدة وفق دستور ومحددات يعكف على كتابة تفاصيله خبراء ومتخصصون.
في العام 1949، وحسب إحصاء وكالة "الأونروا"، وصل عدد اللاجئين المسجلين في سجلات الوكالة في سوريا إلى 80 ألف لاجئ فلسطيني، وحتى تاريخ ديسمبر/ كانون الأول 2021 أصبح العدد 655.
منذ العام 2011، ونتيجة للأوضاع الأمنية والاقتصادية، غادر سوريا حوالي 150 ألف لاجئ فلسطيني، موزعين إلى حوالي 23 ألف لاجئ في لبنان، و13 ألفًا في الأردن، و6 آلاف في مصر، و12 ألفًا في تركيا، وآلاف أخرى منتشرة في دول أوروبية وغربية عمومًا.
بالإضافة إلى آلاف أخرى من اللاجئين اضطروا للنزوح الداخلي؛ نتيجة دمار مخيماتهم ومنازلهم وعدم السماح لهم من قبل النظام بالعودة إليها، لا سيما مخيم اليرموك الذي تأسس في العام 1957 فوق مساحة من الأرض تبلغ 2.1 كيلومتر مربع، ويُعتبر أكبر المخيمات الفلسطينية في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة: (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، ولبنان، وسوريا)، والذي كان يسكن فيه قبل العام 2011 حوالي 160 ألف لاجئ فلسطيني، مسجلين في سجلات "الأونروا"، وكان جزءًا من امتداد جغرافي وديمغرافي متصل وصل عدد السكان فيه إلى ما يقارب من 1.200.000 شخص حسب وكالة "الأونروا".
إعلانعلى الرغم من نقص الخدمات والبنية التحتية المدمرة إلى حد كبير، بين شهر ديسمبر/ كانون الأول 2020 ويونيو/ حزيران 2022 سُمح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى مخيم اليرموك، وذلك رهنًا بموافقة الحكومة السورية. وتشير التقديرات إلى أن ما يقارب من 1.200 عائلة (فلسطينية وسورية) قد عادت إلى المخيم (حوالي 4.000 شخص)، ومن بين هؤلاء هناك حوالي 800 عائلة فلسطينية.
الوضع القانونياكتسب اللاجئ الفلسطيني في سوريا وضعًا قانونيًا يسمح له بالعمل والتملك والاستشفاء والتعليم دون الحصول على الجنسية، فقد ورد في القانون رقم 260 بتاريخ 10/07/1956: "يُعتبر الفلسطينيون المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية بتاريخ نشر هذا القانون كالسوريين أصلًا في جميع ما نصت عليه القوانين والأنظمة النافذة، وبحقوق التوظيف والعمل والتجارة، وخدمة العلم، مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية".
وتم إنشاء مؤسسة خاصة لمتابعة شؤون اللاجئين الفلسطينيين هي: "الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" التي تأسست في 25/1/1949 بعد نكبة فلسطين، وتتبع "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل"، وتعتبر صلة الوصل الإستراتيجية بين وكالة "الأونروا" والحكومة. ومهمتها الأساسية: "تنظيم شؤون اللاجئين الفلسطينيين العرب ومعونتهم وتأمين مختلف حاجاتهم، وإيجاد الأعمال المناسبة لهم، واقتراح التدابير لتقرير أوضاعهم في الحاضر والمستقبل".
مخيمات تحتاج إلى تأهيل وإعادة إعمارتحديات كبيرة مُلقاة على عاتق وكالة "الأونروا"، والحكومة الجديدة، والدول المانحة في إعادة إعمار ما تهدم من مخيمات، إذ تُعتبر مخيمات اليرموك وخان الشيح ودرعا وحندرات من أكثر المخيمات تضررًا، وتعرّضت لاستهداف مباشر. علاوة على ضرورة بناء المدارس والعيادات وبقية المرافق التابعة للوكالة، واستئناف العمل من جديد بكافة أركانه، وتسهيل عودة اللاجئين إلى مخيماتهم.
إعلان المفقودون من اللاجئين الفلسطينيينتشير "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" الحقوقية، ومقرها لندن، إلى أنه منذ العام 2011 قُتل في سوريا 4.294 فلسطينيًا، واعتقل النظام 3.085 فلسطينيًا، منهم 127 امرأة و45 طفلًا. وتشير التقديرات إلى وجود 333 فلسطينيًا مفقودًا.
استطاعت المعارضة بعد الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024 تحرير 46 معتقلًا فلسطينيًا، 38 منهم من فلسطينيي سوريا، و8 من فلسطينيي الضفة الغربية. ولا يزال البحث جاريًا عن آخرين.
وتشير التقديرات إلى أن بعض الفلسطينيين قد فُقدوا في سوريا منذ ثمانينيات القرن الماضي دون أي دليل حتى الآن على ما إذا كانوا قد توفوا أو ما زالوا على قيد الحياة، كما هو حال الفلسطيني فاروق صبحي خورشيد. وتشير عائلته إلى وصوله إلى مطار دمشق في العام 1984، وكان عمره 51 سنة، إذ اعتقله النظام ولم يعد له أثر بعد ذلك، على الرغم من المحاولات الحثيثة للبحث عنه.
جيش التحرير الفلسطيني والفصائلتأسس جيش التحرير الفلسطيني في العام 1965، وتُعتبر الخدمة في الجيش إلزامية لكل لاجئ فلسطيني تجاوز التاسعة عشرة من العمر، ولمدة بدأت بسنتين ونصفٍ، ثم تراجعت إلى سنتين، ثم إلى سنة ونصفٍ. وما ينطبق على الجيش السوري ينطبق على أفراد جيش التحرير الفلسطيني من حيث الخدمة والالتزامات.
علاوة على خدمتهم في "الجيش"، فقد انخرطت جموع كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في صفوف الفصائل الفلسطينية المحسوبة على النظام، واتخذت من سوريا مقرًا لها، وشاركت في مرحلة من المراحل في الأعمال العسكرية التي كان يقودها النظام في سوريا.
بيدَ أن هذه الفصائل تلقت رسالة طمأنات من إدارة العمليات العسكرية للمعارضة السورية بأنها لن تتعرض لها بعد سقوط النظام، وحصلت على طمأنات بتحييد الشعب الفلسطيني ومعه القوى الفلسطينية، وعدم المساس بقيادتها ومكاتبها.
بالتالي، لم يتم التعرّض لأي من المسؤولين الفلسطينيين بعد أن بادرت الفصائل الفلسطينية إلى القيام بسلسلة من الخطوات تؤكد التزامها بالحياد، مثل إزالة المظاهر المسلحة والشعارات والصور وإغلاق المعسكرات.
إعلان الوضع الإنسانيفي مؤشر لافت للوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، جاء في البيان الذي عممته وكالة "الأونروا" في 23/12/2024، تحت عنوان "توضيح من الأونروا في سوريا للاجئي فلسطين"، أن: "هشاشة أوضاع لاجئي فلسطين في مختلف أنحاء سوريا تزداد، وقد تبين ذلك من خلال المسوحات العديدة التي أجرتها فرق الأونروا، ويبدو جليًا أن لاجئي فلسطين يجدون صعوبة في التعامل مع التضخم المتزايد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وبالتالي يلجؤون إلى تناول كميات أقل من الطعام حيث لا يستطيعون شراء الدجاج أو اللحوم وما إلى ذلك.
وللتغلب على التحديات يضطرهم الأمر للجوء إلى إستراتيجيات سلبية للتكيف أيضًا، مثل قيام الأطفال بأعمال شاقة، وترك الأطفال للمدارس، وزواج الفتيات القاصرات، وغيره".
وحسب نداء "الأونروا" العالمي بتاريخ يناير/ كانون الثاني 2023، يوجد في سوريا 102 مدرسة تديرها الوكالة يعمل فيها 1.876 موظفًا، وتستقبل سنويًا 49.500 طالب وطالبة. كما يوجد 23 مركزًا للرعاية الصحية الأولية تستقبل 810 آلاف زيارة مرضية سنويًا، وتقدم 1.012 رعاية سنوية للحوامل قبل الولادة، ويعمل في تلك المراكز 680 موظفًا.
تقدم الوكالة خدمات الحماية الاجتماعية لما مجموعه 142.500 شخص من الأشد عرضة للمخاطر، كما تقدم قروض تمويل صغيرة لما مجموعه 6.824 قرضًا سنويًا. وبالتالي، تُعتبر الوكالة أحد الشرايين المهمة لحياة اللاجئين الفلسطينيين، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه وحتى تاريخ ديسمبر/ كانون الأول 2024، تم تمويل نداء "الأونروا" الطارئ الخاص بسوريا بنسبة 16.72% فقط.
وعلى الرغم من كافة الجهود التي تبذلها الوكالة لحشد الأموال من المانحين، لم يكن من الممكن حشد المزيد. ومع ذلك، تشير "الأونروا" إلى أنها تمكنت من تقديم بعض المساعدات الإنسانية الأساسية للاجئين، حيث قامت بتوزيع دورتين من المساعدات النقدية الطارئة تغطيان فترة ستة أشهر، كما قدمت مساعدات غذائية للاجئين الأكثر ضعفًا. ومع ذلك، لم يكن من الممكن تنفيذ أي من أنشطة الاستجابة الإنسانية الأخرى المخطط لها، بما في ذلك دعم العائلات خلال فصل الشتاء.
إعلان العودة إلى المخيماتمع تاريخ الثامن من الشهر الجاري وبعد الساعات الأولى للإعلان عن انهيار النظام في سوريا، بدأ بعض اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى مخيماتهم، وبشكل خاص من لبنان، والأردن، ومدينة إدلب في حلب. وقد ذكرت "الأونروا" أنهم بحاجة ماسة إلى المساعدة، بما في ذلك المساعدات النقدية والغذائية والمواد غير الغذائية وغيرها من الاحتياجات.
بدأت الوكالة بإعلام الدول المانحة سعيًا منها للحصول على التمويل المناسب. هذا، وقد قالت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" ومقرها لندن، في بيان صادر عنها بتاريخ 18/12/2024، إن عددًا من عائلات اللاجئين الفلسطينيين واجهت صعوبات أثناء عودتها من تركيا إلى سوريا.
وأوضحت أن السلطات التركية منعتهم من دخول الأراضي السورية عبر المعابر الحدودية، على الرغم من تقديمهم وثائق تثبت أنهم وُلدوا وعاشوا في سوريا كلاجئين فلسطينيين منذ عقود، وذلك بسبب ورود كلمة "فلسطيني" في بطاقات الحماية المؤقتة التي يحملونها. وقد أدى ذلك إلى حصر حق العودة إلى سوريا على المواطنين السوريين فقط، مما دفعهم إلى مناشدة السفارة الفلسطينية في تركيا لحل مشكلتهم.
الحفاظ على الهوية والتمسك بالحقوقيتطلع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا للحفاظ على هويتهم الفلسطينية وتمسكهم بحقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم في فلسطين، وفقًا للقرارات والمواثيق الدولية ذات الصلة. كما يسعون للحفاظ على النسيج الاجتماعي والموروث الشعبي والعيش بكرامة من خلال توفير كامل حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية بالتنسيق مع وكالة "الأونروا".
ويطمح اللاجئون إلى أن يكونوا جزءًا من السِلم الأهلي والاستقرار والأمن المجتمعي مع الاندماج الكامل في مجتمع الدولة المضيفة، دون الذوبان الذي يمكن أن يؤثر على البُعد السياسي المرتبط بقضيتهم كلاجئين وحقهم في العودة. ويأملون أن يُدرج هذا البُعد في مضامين الدستور الجديد للبلاد.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اللاجئین الفلسطینیین للاجئین الفلسطینیین لاجئ فلسطینی على الرغم من کانون الأول العودة إلى فلسطینی ا ألف لاجئ فی العام فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
د. حسن البراري يكتب … الثورة المضادة في سوريا!!!!!!!
#سواليف
أحدث #سقوط_نظام #بشار_الأسد هزة عميقة أثارت الرعب في قلوب الكثيرين في المنطقة، فقد كان هذا النظام – على ضعفة وعزلته – بمثابة أحد أعمدة الاستقرار الهش في المشرق العربي ورمزًا لتحالفات إقليمية ودولية ظن البعض أنها ثابتة لا تتزعزع. ومع انهيار هذا الركيزة، اهتزت #موازين_القوى وتبدلت الحسابات الاستراتيجية ليجد العديد من الأطراف الإقليمية والدولية أنفسهم أمام مشهد جديد يتسم بحالة من عدم التيقن. فسقوط النظام ما هو إلا بداية لمرحلة غامضة يتسابق فيها الجميع للبحث عن موطئ قدم في منطقة شهدت تحولًا جذريًا. فالحلفاء والأعداء على حد سواء، وجدوا أنفسهم في مواجهة #واقع_جديد يعيد تشكيل التحالفات ويكشف عن هشاشة التوازنات التي كانت تدار وراء الستار.
في محاولة بائسة، بدأت بعض وسائل الاعلام التأسيس لسردية لعلها تشكل مدخلا لثورة مضادة لإجهاض تطلعات الشعب_السوري للتحرر وحكم نفسه بعد عقود من الاستبداد والفساد والاستئثار بالسلطة. وهذه السردية الجديدة تستند إلى ركيزتين هما: سيطرة اللون الواحد على الحكم الجديد، والتساهل مع العدوان الإسرائيلي على سوريا وجيشها وأرضها.
في إدلب اتسم الحكم بسيطرة اللون الواحد، حيث فرضت هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني رؤية أحادية كرست نهجا استبداديا يرفض التنوع السياسي والفكري، وربما كان ذلك مبررًا لضرورة الثورة والاستمرار بها على قاعدة لا صوت بعلو على صوت الثورة. لكن بعد سقوط نظام بشار الأسد وتبوأ أبو محمد الجولاني الذي غير اسمه إلى أحمد الشرع (rebranding) مركز القيادة وأصبح بفعل الأمر الواقع حاكم سوريا قام بتشكيل حكومة اللون الواحد. في مقابلة مع قناة العربية أفاد الشرع بأنه على دراية بأن سوريا هي بلد متنوع وأنه يحترم هذا التنوع وأنه لا يمكن أدلبة (تطبيق نموذج ادلب) سوريا غير أن الضرورة هي من دفعته لهذا الخيار في البداية. بكل أمانة، تمكن أحمد الشرع من التعامل مع الإعلام بحكمة وحنكة سياسية مع أن المراقبين سيحكمون على الأفعال وليس الأقوال.
مقالات ذات صلة مدير عام يحرم (12) موظفاً من راتب تقاعد شهر كامل.! 2024/12/31الركيزة الثانية فيها الكثير من التضليل والتحريف للواقع السياسي، وتفيد بأن هيئة تحرير الشام تساهلت مع العدوان الإسرائيل على سوريا. المدافعون عن التغيير في سوريا قللوا من أهمية العدوان الإسرائيلي وأعادوا ذلك إلى ضعف النظام السوري نفسه الذي يعد المسؤول الأساسي عن هذا الوضع، وليس الجماعات التي نشأت في سياق الحرب الأهلية.
لا يمكن تحميل ضعف #سوريا في مواجهة #إسرائيل بأي حال من الأحوال إلى #هيئة_تحرير_الشام، بل هو نتيجة لظروف معقدة متعددة تفاعلت على مرّ السنوات إذ شهدت سوريا العديد من التحولات الجذرية التي أثرت بشكل كبير على قدرتها الدفاعية وموقعها الإقليمي. أولى هذه التحولات كانت الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011. هذه الحرب المدمرة أضعفت مؤسسات الدولة السورية وأفرغتها من قدراتها العسكرية والسياسية. وساهم النظام بتدير سوريا عندما اتبع سياسة القمع الدموي ضد المعارضة، مما أفضى إلى تدمير البنية التحتية للبلاد وتدهور الاقتصاد بشكل غير مسبوق. وفي هذا السياق، كان الجيش السوري مشغولًا في مواجهة التمرد الداخلي، ولم يعد قادرًا على التركيز على التهديدات الخارجية، مثل إسرائيل. وربما الملاحظة الأهم هي أن هيئة تحرير الشام، شأنها شأن باقي فصائل الثورة السورية، تولدت نتيجة مباشرة للتحديات الداخلية في سوريا، وليست العامل الأساسي في إضعاف موقف البلاد أمام إسرائيل. كما أن سياسة النظام السوري في تحالفاته الإقليمية والدولية، بما في ذلك التعاون مع إيران وحزب الله، جعلت سوريا تتعرض لضغوط إضافية على صعيد العلاقات مع القوى الغربية والعربية. هذا التورط في نزاعات متعددة أثر سلبًا على قدرتها في التصدي للتحديات الأمنية، وسمح لإسرائيل بالاستفادة من هذه الفوضى في التوسع بحيث أصبحت دمشق ساقطة عسكريا.
هناك دول في الإقليم، توجست من تسونامي التغيير في سوريا، ويمكن طبعا فهم هذا التوجس في سياق التفاعلات الإقليمية المعقدة التي تجري في المنطقة. لذلك نجد أن اعلامها بدأ بترسيخ السردية لعلها تكون مدخلا لخلق الفوضى في سوريا.
في الختام اتذكر مقولة البريطاني باتريك سيل – ربما أهم خبير كتب عن سوريا – بأن الصراع كان دوما على سوريا!!