جودة التعليم... المدارس الرائدة والذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
الإمارات تفكّر منذ الآن بالمستقبل للعقود الخمسة المقبلة، بأنّ الاستثمار الناجح بالتعليم هاجس يشغل قيادتنا الرشيدة، كما لن يجعل من نضوب النفط في المنطقة مشكلة كبيرة على الدولة، من هنا يجري تسليط الضوء على نظام الجودة، وهو سمة من سمات العصر الحديث، وهو الوفاء بمتطلّبات المستفيد لتحقيق التحسّن المستمر، وخاصة في المؤسسات التربويّة، لأنّها تمثل نموذجاً فريداً للتنمية.
لا يختلف اثنان على أن تأهيل التربويين في مجال الذكاء الاصطناعي ليس خياراً
هناك فريق آخر لا تخلو آراؤه في تحقيق الجودة من البعد عن الواقعية، ويذكر بعض خبراء التعليم أنّ أصحاب الجودة الشاملة أنفسهم قد تخلّوا عن بعض المثاليّة المطلقة، بعد أن أصبحوا على قناعة بأنّها غير عمليّة. لاسيما الجودة في مجال التعليم الذي أصبح أولوية وطنية تتبناها الحكومة، ومحاولة تمكين الجودة من خلال تطوير الطاقات الإبداعية من التربويين وبناء قيادات تعليمية إماراتية متسلحة بالمعرفة والكفاءة المهنية والتقنية، وتعزيز مكانة الهوية الثقافية، ومحاولة تطوير منظومة تعليم المستقبل.
إنّ أقصر الطرق في نظري - دونما مثاليّات خارقة للعادة- هو للوصول إلى جودة التعليم من خلال الاستفادة من كفاءات المدارس الخاصة الرائدة في الدولة، والكوادر الوطنية المؤهلة ذات الخبرة الواسعة، حيث أصبحت الإمارات من أوائل الدول في الاستثمار في مجال التعليم، حيث تحظى بعض المدارس الرياديّة في الدولة بالنجاح، وحققت الجودة في المجال التعليمي وهو مصدر فخر يستحق الإشادة والتكريم، من منطلق وعينا التام بأنّ لا إبداع ولا ابتكار من دون الاستفادة من الطاقات الداخليّة في الدولة، حيث معاني الجودة تتجلّى حتماً في مدى قدرتنا على توظيف مفهوم الجودة الشاملة الذي يركّز بشكل كبير على الاستثمار الأمثل للطاقات المحليّة أوّلاً، ومن ثمّ مسايرة المتغيّرات الخارجيّة الهائلة، من خلال تلك المدارس الأوائل التي أصبحت من خلال التقييم الذي قامت به الوزارة من أحسنها جوده وأكثرها تطلّعاً نحو الأهداف المنشودة.
هذه المدارس قادرة على الفهم إلى حدّ كبير لثقافة البيئة المحلية، ومدى وتوافر المناخ الملائم والمحفّز نحو تحقيق أعلى المعايير المناسبة للارتقاء بالطالب والوفاء بمتطلبات الجودة، هذه المدارس على فهم تام وحقيقي بقدرات ومؤهّلات طلابنا من خلال النماذج الموجودة في مدارسهم، والاستنارة بآفاقهم التعليميّة وخبراتهم الحديثة، والتنسيق مع الإدارة التي تمتلك الخبرة لأنّها تدرك الهوية الوطنية وخصوصيتنا الثقافيّة. حتماً سيكون ذلك أفضل بكثير من انتزاع طاقم خارجي من بلدان ما أو خبرات تعليميّة يتم زرعها داخل بيئة قد لا تتوافق مع المنظومة الرائعة لبعض المدارس التي أصبحت تحظى بإعجاب كثيرين في الدولة، وتستقطب فئات مجتمعيّة، مع الأخذ بالاعتبار أهميّة التركيز على الفروق الفرديّة لأنّها تقبل فقط من يتجاوز امتحاناتهم التعجيزيّة أحياناً.
المقترح الثاني: لا يختلف اثنان على أن تأهيل التربويين في مجال الذكاء الاصطناعي ليس خياراً، بل ضرورة لتحقيق قفزة نوعية في التعليم. الذكاء الاصطناعي يُقدّم أدوات مبتكرة تسهم في تحسين التعليم، وهو بوابة جديدة لترسيخ ثقافة الجودة من خلال توظيفها بشكل فعال، لتطوير قدرات ومهارات التعلم والابتكار والإبداع، بل القوة الدافعة لتحويل مجال التطوير التربوي إلى مستوى متقدم يواكب توقعات الجودة المستدامة، ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن يكون المعلمون على دراية تامة بكيفية استخدام هذه الأدوات وفهم الأخلاقيات المرتبطة بها.
المقترح الثالث: لنحظى بالجودة في التعليم يجب التعويل على الكوادر الموظّفة في وزارة التربية والمنطقة التعليميّة لتسجيل أبنائهم في هذه المدارس الحكومية لتتلامس الحقائق مع الواقع الحاصل، ليتشكّل لديهم فهم حقيقي لمستوى المحصول التعليمي وتقييما عادلاً ومنصفاً للمدارس من خلال أبنائهم - وليس التحدث من برج عاجي- وقدرتها على تحقيق أعلى مستوى من رفع الكفاءات وفهم الثغرات الحاصلة، ويتفاعل الموظّفون في الوزارة من كثب مع كل مسارات وزارة التربية وقرارتها المطبّقة على أبنائهم أوّلاً، ولا يبنون اقتراحاتهم على آراء الآخرين أو من انطباعات أولياء الأمور، بغية فهم فاعليّة بعض القوانين والقرارات الاستثنائية في الوزارة.
من نافلة القول إنّ الجودة الشاملة هي التحدّي الحقيقي الذي ستواجهه الأمم في العقود المقبلة، وهذا لا يعني إغفال باقي الجوانب التي لا بد أن تواكب سرعة التطور الحاصل على المجالات كلها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات فی الدولة فی مجال من خلال
إقرأ أيضاً:
“مدرسة جميلة” ومربيٍ فاضل هو (ابن) سرحتها الذي غنى بها
"مدرسة جميلة" ومربيٍ فاضل هو (ابن) سرحتها الذي غنى بهاقصة التعليم بين جيلين
.نحاول هنا رد الفضل الى أهله...و الى الدور الذي قام و يقوم به المعلم الجليل و المربي الفاضل الاستاذ حمد النيل فضل المولى عبد الرحمن قرشي.. معلم مادة الجغرافيا في مدرسة "جميلة" المتوسطة..في مدينة الأبيض ...إبان العهد الذي يبعد سنوات ضوئية عن سودان اليوم. كتب الاستاذ حمد النيل رداً على مقالي: " الثامن من مارس و الجالسات على أرصفة العدالة في السودان" فاهاجت كتابته الذكرى و استدعت أحقيته في الوفاء و العرفان، و لو بالقليل مما يستحق. له أجزل الشكر و الامتنان.
ما ينفك اشتاذنا يذكر الفضل للمعلمين و المدراء الذين عمل معهم و يحتفي بسيرتهم العطرة و يؤرخ لحقبة في التعليم قد يصعب التوثيق لها و تداركها بسبب الحرب و ما خلفته من ضياع للوثائق و تهجير للمعلمين داخل البلاد و خارجها.. و ربما تكون كتاباته النبراس الذي يهدي في الظلمات...يوقد جذوات الطريق كلما أنطفأ..يقص علينا احسن القصص. فقد آنستنا كلماته في وحشة دنيانا بعد الحرب و ردت الينا بعض الطمانينة...فلا اهل العزم نادوا علينا ...و لا نودوا ...و كلما ذكر معلمي مدرسة جميلة " كساها حسناً و حببها.. حتى كانّ اسمها البشرى أو العيد"...
في كردفان..و في سالف العصر و الأوان...كان للتعليم مدارس متميزة و رواد...وكانت المدارس الداخلية...لبنة الوحدة الوطنية ...و الوشائج المجتمعية...و كانت المدارس محصنة بالمعامل و المكتبات...و ميزانيات للانشطة الطلابية ..و بعيداً عن مدى فاعلية الاستراتيجيات التعليمية و مدى الاستجابة لحاجة الارياف و الاصقاع البعيدة ..أو في البادية..وحيث العيشة الجافية... و ليس بعيداً عن الكارثة الماحقة التي حلت بالبلاد قبل ثورة ديسمبر في كافة مجالات الحياة ...و على التعليم بوجه خاص ..تعطلت لغة الكلام. و لغة الارقام ..و لغات الإشارة ..و عاني الطلاب من و عورة دروب الاستنارة. ..تكدست قاعات الدراسة و أصبح الفصل بين طبقات المجتمع في مجال التعليم اشبه بالابارتهايد..للبعض قبلة عند الشروق...و للبعض قبلة ثانية..لم تصطدم بهموم الحياة ..و لم تدر – لولا الحرب- ما هيه. استشرت مؤسسات التعليم الخاص في مراحل التعليم ما قبل الجامعي و عجزت المدارس الحكومية عن الإجلاس و عن دفع مرتبات المعلمين ...فتضاعفت اعداد الاطفال خارج المنظومة التعليمية.. و لم تستوعب الحكومات أهمية التعليم التقني ..و لا عملت على تاهيل المدارس و بنيتها التحتية أو زيادة الميزانية للتعليم أو الصحة حتى يحصل الاطفال على رعاية صحية و على تعليم اساسي مجاني لا يفرق بين طبقات المجتمع في سبيل بناء امة يمكنها تحيقق ولو بعض اهداف التنمية المستدامة اسوة بالشعوب التي تعيش معنا نفس الالفية على كوكب الأرض. أما في المراحل الجامعية فقد وصلت الاوضاع الكارثية مداها جراء إلغاء العام الدراسي لاعوام حسوما ما أدى الى ضياع سنوات على الخريجين.و جاءت الحرب و انتشر الحريق ..فاذا الدنيا كما نعرفها و اذا الطلاب كل في طريق ..و صدح العالم بالرقم الفلكي: اكثر من تسعة عشر مليون من السودانيين من الأطفال و الشباب خارج النظام التعليمي...و من لم يمت بالجهل مات بغيره.
هل من رؤية يا ترى حول كيف سيؤثر هذا الوضع على جيل باكمله و على شعب يأمل أن يكون في مصاف البشرية!
في مدرسة جميلة ...بقيادة الاستاذ محمد طه الدقيل..فريق من المعلمات و المعلمين – و من بينهم الاستاذ حمد النيل - كان الفريق ينحت الصخر و يبنى من الاحجار قصورا..آمنوا بادوارهم و بالطالبات..و لم يهنوا..و كانوا هم الأعلون...و ما قلته في مقالك استاذنا سوى شئياً شهدناه ...عظيم في تجليه .رحيم حين تلقاه...بديع في معانيه اذا ادركت معناه.
كانت الحصص الصباحية..وكانت المعامل مجهزة تحوى المحاليل و المركبات الكيميائية ..نتقلنا الى آفاق العلم و التجارب .و كانت الجمعيات الادبية و اكتشاف المواهب و اهمها الشعر والقصة و الرسم و التمثيل. و كانت حصة الجغرافيا نقلتنا فيها بين المدارات و الصحارى و السهول و جبال الاطلس.و الروكي الانديز و جبل التاكا و جبال الاماتونج..تاخذنا عبر افلاك و مجرات.و تخوم..و نسعد حين يحط بنا الخيال "فوق للقوس و السماك الأعزل"...بعيد في نجوم.
ثم كان الاستعداد لحفل نهاية العام الدراسي و كانت مسرحية "مجنون ليلى" اخرجها الاستاذ محمد طه الدقيل...بعد أن امضت الطالبات اسابيع للحفظ و تجويد الأداء و كانت البروفات تتم في الامسيات...و المواصلات توفرها المدرسة إذ ان مكتب التعليم بالابيض كان راعياً و كان مسؤلاً عن رعيته، آنذاك.
و صار اليوم الختامي في ذلك العام و المسرحية ذات المضامين الانسانية حديث المدينة.. .لزمن طويل.
لم تذكردورك -استاذنا- في ذلك الألق و الجمال...و آثرت ان تمشي في طريق الأيثار فلا يعرف الفضل الا ذووه...من قبلك كان هناك كثيرون منهم الاستاذ محمود -و كنت قد ذكرته في غير مقال في معرض الوفاء والإخلاص لرفقاء دربك الرسالي-..الذي انتقل الى مدرسة جميلة بعد تحويلها.
كتب الاستاذ محمود قصيدة في و داع مدير كلية المعلمات بالابيض الاستاذ المربي الجليل عليه الرحمه بشير التجاني.. و كان بالكلية نهران للمستوى المتوسظ ..حميراء و جميلة...كتب القصيدة و لحنها و درّب الطالبات عليها لاقائها في احتفالية الوداع:
"أختاه من لحن القصيد نهدي الى الجمع السعيد حلو النشيد...و مودعين ربيعنا و – ربيعنا-... ابقى لنا زرعاً حصيد...زرعاً سقاه بعلمه و بخلقه و رعاه بالرأي السديد... فشعاره العمل الجميل و قدوة للخير و الفعل المجيد " الخ.
فصدق عليكم القول. ذلك الرعيل الذي يؤثر الغير و يرد الفضل الى أهله..و ما الزرع الذي تعهدتموه "بالعلم و الخلق و الراي السديد"...الا زرعاً أخرج شطأه ..فاستغلظ فاستوى على سوقه...و سيؤتى حقه يوم حصاده...باذن الله.
جميلة خياها الحيا و سقى الله حماها و رعى... .. كانت حصنا..و حمىً...و كانت مرتعا..كم بنينا من حصاها اربعاً و انثنينا فمحونا الاربعا...و خططنا في نقى الرمل ....فحفظ الريح و الرمل و ..و فضل المعلم المربي الجليل... أجمل السير...و ... وعى...
لن ننسى اياماً مضت.في محرابها و ستظل مدرسة "جميلة...جميلة على متن الحياة...ما بقي في الأرض أمثال المعلم الجليل..." اذكر ايامها ثم انثنى على كبدي من خشية أن تصدعا".
".قد يهون العمر إلا ساعة...و تهون الأرض...إلا موضعا"
ايمان بلدو
eiman_hamza@hotmail.com