الإسلاميون والانتقال الديمقراطي في السودان – صراع داخلي واستغلال أدوات العنف
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
منذ سقوط نظام المؤتمر الوطني في عام 2019، تبيّن أن الإسلاميين في السودان لن يتركوا الانتقال الديمقراطي يمضي في مأمن، إذ يرون فيه تهديدًا مباشرًا لهيمنتهم السابقة. هذا التيار، الذي حكم السودان لثلاثين عامًا بقبضة أمنية وسياسية محكمة، ما زال يسعى لاستعادة نفوذه عبر وسائل متعددة، تتراوح بين الصراع السياسي الداخلي واستغلال الأدوات العسكرية والمليشيات الإسلامية، وهو ما يظهر جليًا في تصريحات قياديين مثل أمين حسن عمر.
رؤية الإسلاميين للحرب والديمقراطية
تصريحات أمين حسن عمر الأخيرة، التي جاءت في مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر، تكشف عن استراتيجية واضحة للتيار الإسلامي العريض. فهو يرى الحرب الجارية "عدوانًا" يجب وقفه بالقوة العسكرية لا عبر التسويات السياسية، مشددًا على أن الإسلاميين يمثلون القوة الحقيقية التي تحارب على الأرض، وليس الجيش وحده. مثل هذا الطرح لا يهدف فقط إلى تعزيز موقف الإسلاميين في الحرب، بل أيضًا إلى تقويض أي جهود انتقال ديمقراطي يرونها مهددة لنفوذهم.
أوضح أمين أن التسويات المقترحة عبر منابر مثل جدة وجنيف لا تخدم مصالحهم، مشبهًا المطلوب من الدعم السريع باستسلام ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. هذه التصريحات تعكس رفضًا قاطعًا لأي عملية سياسية تعيد تشكيل السلطة بعيدًا عن هيمنة الإسلاميين.
الصراع الداخلي بين الإسلاميين
رغم محاولات أمين حسن عمر الإشارة إلى وحدة التيار الإسلامي العريض، إلا أن الواقع يظهر انقسامات حادة بين الفصائل الإسلامية، لا سيما مع المؤتمر الشعبي. منذ وفاة زعيم الشعبي حسن الترابي، دخلت العلاقة بين التيارين مرحلة صراع مفتوح، حيث باتت قيادة المؤتمر الشعبي هدفًا لاتهامات متكررة من قيادات المؤتمر الوطني. يتمحور الهجوم حول وصف الشعبي بالخيانة نتيجة مواقفه الأكثر انفتاحًا تجاه قوى الحرية والتغيير، ما زاد من التوتر الداخلي بين الإسلاميين.هذا الصراع ليس جديدًا، لكنه تصاعد مع الحرب الحالية. فبينما يسعى المؤتمر الوطني للعودة إلى السلطة عبر القوة العسكرية، يتخذ المؤتمر الشعبي موقفًا أكثر ليونة تجاه التفاوض، مما يجعله هدفًا لانتقادات الإسلاميين المتشددين.
استغلال المليشيات الإسلامية
من أبرز أدوات التيار الإسلامي العريض في هذه المرحلة استغلال المليشيات الإسلامية المسلحة، التي تتبنى فكر السلفية الجهادية، مثل كتائب "البراء"، "أنصار الشريعة"، و"دولة الإسلام". تصريحات أمين حسن عمر أكدت وجود عشرات الآلاف من الإسلاميين المقاتلين على الأرض، الذين يُعتبرون السواد الأعظم من القوة العسكرية التي تواجه الدعم السريع. هذه المليشيات تعمل بشكل مستقل عن الجيش الرسمي، لكنها في الواقع تُدار لتحقيق أهداف الإسلاميين، وليس للدفاع عن الدولة.
هذا التحالف بين الإسلاميين والمليشيات الجهادية يهدد مستقبل أي عملية انتقال ديمقراطي في السودان، إذ يرسّخ ثقافة العنف كأداة لحسم الخلافات السياسية. علاوة على ذلك، فإن استخدام هذه المليشيات يُعقّد جهود أي وساطة دولية، حيث تفتقر هذه الجماعات إلى الانضباط أو الالتزام بأي اتفاقات سلام.
انعكاسات الموقف الإسلامي على المشهد السوداني
تؤدي استراتيجية الإسلاميين الحالية إلى تعميق الأزمة السياسية والعسكرية في السودان على عدة مستويات-هي إطالة أمد الحرب و رفض التسويات السياسية واستمرار استخدام القوة العسكرية يجعل الوصول إلى سلام مستدام أمرًا بعيد المنال. , تقويض الانتقال الديمقراطي: الإسلاميون يرون الديمقراطية تهديدًا مباشرًا، ولذلك يسعون لإفشال أي ترتيبات سياسية تضع السودان على مسار الاستقرار ,تصعيد الصراع الداخلي الهجوم على المؤتمر الشعبي وباقي الفصائل الإسلامية يخلق انقسامات تزيد من هشاشة التيار الإسلامي، لكنه في الوقت نفسه يزيد من حدة الصراع السياسي داخل السودان. وهم بصدد تعزيز العنف المسلح , من خلال استغلال المليشيات الجهادية يعزز من ثقافة العنف، ويضع السودان أمام تحديات طويلة الأمد تتعلق بتفكيك هذه الجماعات.
يظهر من تصريحات أمين حسن عمر وتحركات الإسلاميين على الأرض أنهم لن يتركوا الانتقال الديمقراطي في السودان يمضي بسلام. بل يسعون لاستغلال الحرب كوسيلة لاستعادة نفوذهم، حتى لو كان ذلك على حساب استقرار البلاد. في الوقت ذاته، يعكس صراعهم مع الفصائل الإسلامية الأخرى، مثل المؤتمر الشعبي، أن التيار الإسلامي نفسه يعاني من تصدعات داخلية عميقة. أمام هذا الواقع، يبقى مستقبل السودان مرهونًا بقدرته على كسر حلقة العنف وإعادة بناء مشروع سياسي وطني يتجاوز هيمنة الإسلاميين وتكتيكاتهم التخريبية.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التیار الإسلامی المؤتمر الشعبی القوة العسکریة أمین حسن عمر فی السودان
إقرأ أيضاً:
بمشاركة عدد من الشركات العاملة في قطاع التجهيزات السنية.. جامعة حلب تنظم المؤتمر العلمي العاشر لطب الأسنان والذي يتضمن محاضرات علمية ومعرضاً لأحدث أدوات المعالجة السنية
2025-04-22najwaسابق مدير الشؤون السياسية بإدلب يلتقي وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية انظر ايضاً مدير الشؤون السياسية بإدلب يلتقي وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية
إدلب-سانا التقى مدير الشؤون السياسية في إدلب الأستاذ محمد الخلف وفداً من الجالية السورية في …
آخر الأخبار 2025-04-22بمشاركة عدد من الشركات العاملة في قطاع التجهيزات السنية.. جامعة حلب تنظم المؤتمر العلمي العاشر لطب الأسنان والذي يتضمن محاضرات علمية ومعرضاً لأحدث أدوات المعالجة السنية 2025-04-22مدير الشؤون السياسية بإدلب يلتقي وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية 2025-04-22مسؤول أممي: حان الوقت للاستثمار في سوريا لتأمين مستقبل أفضل لشعبها 2025-04-22جامعة دمشق تتقدم 240 مرتبة ضمن تصنيف UniRanks الأمريكي للجامعات 2025-04-22وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني: نتواصل بشكل دائم مع سوريا لتعزيز التعاون بين البلدين 2025-04-22أوقاف درعا تعلن عن جائزة حوران للقرآن الكريم 2025-04-22الطليعة يُتوج ببطولة حماة بكرة القدم للبراعم 2025-04-22الدفاع المدني يطلق ورشات تدريبية لتعزيز مفاهيم الاستجابة للكوارث في دير الزور 2025-04-22خطة عمل لتحسين منشآت نادي الوثبة وتطوير مستوى الفئات العمرية فيه 2025-04-22مياه درعا تبدأ برفع التعديات على خط دفع مشروع الثورة مرحلة أولى
صور من سورية منوعات صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17 أول سماعة طبية رقمية في اليابان تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل نبضات القلب 2025-04-10فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |