سودانايل:
2025-02-02@05:51:51 GMT

سيرة الفلسفة الوضعية

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

(1)

د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي

مقدمة
تحديداً، وفي الربع الأخير من حياة القرن العشرين، عاشت حركات راديكالية، ملأت الوجود، وشغلت الناس، وأشعلت العقول. وبدأ الناس كلهم أو معظمهم، أو كلهم ومعظمهم، وفي جميع اركان كوكبهم وأنحائه، يشعرون بقرب الجديد، وانبلاج الحديث، يحسونه فيما حولهم من موجودات، ويسمعون همساته في مجتمعاتهم الناشئة.

وقد أثرت هذه الحركات "حركات التغيير" بشكل كبير وعظيم على حياة الناس، وهزت كياناتهم، وزلزلت عروشهم.
كما أنها أثرت على المفهوم القديم للفلسفة، تلك الفلسفة التي تسعى جاهدة، وراء معرفة أسرار الوجود، واكتشاف كنه الواقع. وتأثرت أيضاً، بالتقدم العلمي الحديث، الذي أثار نظريات وأفكار فلسفية تجاه التحليل اللغوي، والمحتوى العقلي، وبعد ذلك دراسة العلوم المعرفية والنفسية.
وتحاول الفلسفة فعلياً، الكشف عن طبيعة الحقيقة وجوهرها، ونوع المعرفة وكنهها، والحصول على ما هو ذو قيمة أساسية، وهامة في الحياة. كما تحاول دراسة العلاقات المتبادلة بين عالم البشرية وعالم الطبيعة المحيطة، وبين الفرد والمجتمع الذي يضمه.
وتنبثق الفلسفة وتتفتح من ثورة الشك، ورحم التعجب، وجوع الفضول، وحب المعرفة، والاستعداد للفهم. الفلسفة إذن هي نوع من البحث – عملية دراسة ونقد وتفسير وتأمل. إنها تساهم في عملية التقدم البشري منذ العصور القديمة، ومروراً بالقرون الوسطى، وحتى الوصول الي نقطة نهاية غير ملحوقة.
تبدأ طريقة أو عملية التنمية البشرية بالمفاهيم، وتستمر طوال نبضات الحياة البشرية. إنها تأخذ العديد من الدورات التدريبية، طالما يتطور كل إنسان بطريقة معينة ومحددة، تختلف عن طرق الأخرين، تُغرس أو تُزرع في تربة بيئته أو بيئتها.
ومع ذلك، ليس من السهل تحديد تاريخ دقيق لميلاد هذه الانتفاضة العلمية، والثورة الفلسفية. ويمكننا القول، مثل كل شيء آخر له بداية، أنها بدأت، ولا سيما مع أعمال أرسطو، مع مدرسة الإسكندرية، ثم تدفقت العلوم الطبيعية وانسابت باتجاه المصب "أوروبا الغربية" من ينابيع وعيون العرب والمسلمين.
وإذا كان لابد من تسليط الأضواء على زمان معين، لجعله نقطة تجميع أو مركز تجمع، فيجب أن يكون ذلك، -على مدار القرنين السالفين- عندما كان العقل البشري يتحرك، ويعمل تحت شرائع وقوانين بيكون، ومفاهيم وأفكار ديكارت، واكتشافات جاليليو.
بعد هؤلاء كلهم، كانت روح الفلسفة الوضعية (the positivism) حاضرة، وهي التي حلقت عالياً، في اتجاهات معاكسة لتيارات الخرافة والاسطورة، والمدارس الفلسفية الأخرى، تلك التي أخفت بالفعل الطابع الحقيقي لكل العلوم الطبيعية والانسانية.
وقد كان نمو الفلسفة الوضعية بايناً، لكل صاحب عينين، ولكل من له لسان، ويتمتع بشفتين، ولا يوجد عقل عقلاني متفتح، يشك، ولو للحظة مقدارها غمضة عين وانتباهها، في أن هذه الثورة مقدر لها أن تصل إلى نهاياتها، قريباً أو بعد حين.
وحتمياً، سيتم إدخال كل فرع من فروع المعرفة، عاجلاً كان أم آجلاً، في عملية الفلسفة الوضعية. بالطبع هناك البعض الذين ما زالوا يسعون عراة حفاة غرباء في شتاء الخارج، ولم تتم دعوتهم بعد. وتتمتع الفلسفة الوضعية بميزة الشعور بالشعبية، وهو أمر ضروري لقانونها ولتكوينها الشفاف.
ويبدو أن الفلسفة الوضعية بمثابة جهد مكمل للجهود السابقة، أو أنها خطوة أساسية مهمة في السلم الفلسفي؛ إنها محاولة فلسفية معاصرة لإلغاء التنوع والاختلاف بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية، وذلك من خلال تطبيق نفس الآلية المستخدمة في العلوم الطبيعية على العلوم الاجتماعية. وباختصار، الفلسفة الوضعية تتبنى مقاربات تطبق المنهج العلمي على الشؤون الإنسانية.
ووفقاً "لأغوست كونت" (Auguste Comte)، يستخدم العقل البشري بشكل طبيعي في تطويره وتطوره ثلاثة مناهج للفلسفة وهي: المنهج اللاهوتي والمنهج الميتافيزيقي ومنهج الفلسفة الوضعية. وتختلف طبيعة كل واحده منهن عن رفيقاتها بصورة جذرية، وبشكل اساسي، حتى أنهم أو انهن متعارضات تماماً، بدون ان يكون بينهما اي نوع من أنواع التقاطعات أو التشابهات، ولو تلك الشاحبة.
الأولي، علم اللاهوت، هو نقطة انطلاق مهمة في المعرفة البشرية التقليدية، والثالثة، ونعني بها الفلسفة الوضعية، فهي تعتبر حالتها القوية والنهائية والحاسمة، بل تعتبر قمة القمم في هذا المدرج الفلسفي الشامخ. أما الثانية، الميتافيزيقيا، فهي ليست سوى حالة انتقالية أخذت لها حيزاً لا باس به بين الأولي والأخيرة.
فالفلسفة الوضعية في موقفها الأيديولوجي الأساسي هي دنيوية وعلمانية ومعادية للاهوتية ومعادية للميتافيزيقية، ومحبه للعلم، فهي منه وهي اليه.
وهناك نظير تشابه، كما رآه "كونت"، بين تقدم أنماط التفكير في تاريخ الإنسان كله؛ من جهة؛ وفي تاريخ تطور الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ؛ من جهة أخرى.
ففي المرحلة اللاهوتية الأولى أو المعروفة باسم المرحلة اللاهوتية، تكون الظواهر الطبيعية والأحداث الطبيعية الكبرى نتاج عمل وأفعال قوى خارقة للطبيعة أو قوى إلهية. ولا فرق هناك بين الدين الذي يؤمن أفراده فيه بتعدد الآلهة أو الدين التوحيدي الذي يؤمن افراده بإله واحد، فكلاهما سيان.
وفي كلتا الحالتين، يُعتقد أن القوى الخارقة هي التي تولد أو تخلق تلك الأحداث المشهودة. وقد ألقى "كونت" باللوم على هذه المرحلة باعتبارها مرحلة تجسيمية أو تشخيصية، أي أنها تستند إلى جميع المقارنات البشرية أيضاً.
أما المرحلة الثانية، والمسماة بالميتافيزيقية هي في عدة حالات وأحوال، مجرد علم لاهوتي منزوع الشخصية والهوية. ويفترض أن عمليات الطبيعة التي يمكن ملاحظتها تنبثق من قوى غير شخصية أي قوي خارقة غير مرئية. ونوع الإثمار أو الثمار المفقودة في هذه المرحلة، يمكن أن يتم تحقيقها وجنيها في المرحلة الثالثة، مرحلة الجانب العلمي أو الوضعي.
فوظيفة العلوم والمعرفة بشكل عام، هي دراسة الوقائع والنظاميات وتحليلها، حيث لا يمكن للقوانين أو التوضيحات أو التفسيرات للظاهرة أو للظواهر أن تتكون إلا في حالات معينة تحت مظلة القواعد العامة. وقد وصل الجنس البشري إلى النضج الكامل لتفكيره، فقط، بعد أن ترك وركل وراءه التفسيرات الزائفة للمراحل اللاهوتية والميتافيزيقية، وتناوب الولاء غير المشروط للمنهج العلمي.
عفواً، هناك ملحوظة تقول بأن المرحلة التي تعقب مرحلة كان لها السيادة الزمانية والفكرية قبلها أو تلك التي سبقتها في هذا المضمار، لا تعني فناء هذه السالفة وتلاشيها وتشييعها الي مثواها الأخير، ولكن تعني بان السيادة انتقلت لتلك المرحلة اللاحقة الجديدة، مع وجود تأثيرات ضعيفة وواهنة للسابقة التي سبقتها.
ولاحقاً، سنتناول هذه المراحل الثلاثة، بشيء من الاستفاضة الضرورية، وبشيء من التفصيل الممل كماً، والممتع نوعاً. وستنال كل واحدة منهن نصيبها كاملاً من الشرح، ومن التوضيح، ومن التفسير، وسنلتزم في ذلك جانب الحياد التام والموضوعية السافرة، فلن نؤثر في مزاج أي منهن أو نخدش حيائهن.
توضيح مهم
ذكر "أوغست كونت" (Auguste Comte) وهو يشرع في القاء دروسه "دروس الفلسفة الوضعية"، قائلاً: "ستنال الفلسفة الوضعية، بسبب قيام وتأسيس علم الاجتماع وانشائه، طابع العموم الذي مازالت تبحث عنه بلهفة محمومة وهو ما ينقصها حقيقة، وبهذه الطريقة ستصبح هي مؤهلة للتربع والاستواء على عرش الفلسفة اللاهوتية والميتافيزيقية. ويعتبر هذا العموم أو طابعه الخاصية الحقيقية الوحيدة لها في الوقت الاني الحالي." وقال كونت:
"ان انشاء علم الاجتماع قد جاء اليوم لتحقيق الوحدة الأساسية في المذهب الكامل للفلسفة الحديثة."
ويعزو تاريخ تأسيس هذا العلم، الذي تتوقف عليه بقية المذهب، الي ذاك اليوم أو تلك اللحظة الذي/التي كشف فيه أو فيها كونت عن القانون المسمى بقانون الحالات الثلاث (اللاهوتية والميتافزيقية والعلمية أو الوضعية)، لأنه متى ما أخذ هذا القانون له حيزاً في الساحة وثبت أقدامه فان "علم الطبيعة الاجتماعي" لا ولن يظل مجرد فكرة فلسفية، بل يصبح علماً وضعياً.
وها هي ذي الطريقة التي تبعها واتبعها "كونت" في تعريف وفي تحديد صيغة هذا القانون في رسالته المسماة "خطة البحوث العلمية الضرورية لإعادة تنظيم المجتمع" والتي كانت عام 1822م:
"بناء على طبيعة العقل الإنساني نفسها لابد لكل فرع من فروع معلوماتنا من المرور في تطوره بثلاث حالات نظرية مختلفة ومتتابعة: الحالة اللاهوتية أو الخرافية، والحالة الميتافزيقية أو المجردة، وأخيراً الحالة العلمية أو الوضعية."
وبعد أن أعاد "كونت" صياغة هذه الصيغة في الدرس الأول من قرطاسه "دروس الفلسفة الوضعية" أضاف لها:
"وبعبارة أخري يستخدم العقل الإنساني بطبيعته، في كل بحث من بحوثه، ثلاث طرق فلسفية متتابعة تختلف اختلافاً جوهرياً، بل قد يكون مضاداً: وهي أولاً الطريقة اللاهوتية، ثم الطريقة الميتافيزيقية، وأخيراً الطريقة الوضعية.
ومن هنا تنشأ ثلاثة أنواع من الفلسفة، أو من المذاهب الفكرية العامة عن مجموع الظواهر. وتتنافى هذه الأنواع الثلاثة بعضها مع بعض. و"الفلسفة" الأولى نقطة بدء ضرورية للذكاء الإنساني، وأما الثالثة فهي حالته النهائية الثابتة، وأما الثانية فقد قدر لها أن تستخدم فقط كمرحلة انتقال."
ويستعمل كونت هنا كلمة اللاهوت وكلمة الميتافيزيقيا بمعنى خاص وممعن في الخصوصية جداً، وايضاً محدد تحديداً دقيقاً. يطلق "كونت" عنوان اللاهوت على طريقة تطبق في فهم وإدراك مجموعة الظواهر الطبيعية بإرجاعها الي إرادة الآلهة وقوتها الخارقة للعادة. فهو هنا لا يعني الجدل النظري حول المسائل وحول الشؤون الإلهية على النحو الذي يفهمه الناس عادة. أي باعتباره علم عقلي أو مقدس.
وعندما يردد هذا النعت فهو بعيد جداً، وأبعد ما يكون عن التفكير في التحقيق في الحقائق المنزلة، ولا يستعمل أو يستخدم هذه التسمية الا فقط للدلالة على شرح وتفسير ظواهر الطبيعة التي تظهر بسبب من الأسباب الخارقة للعادة وتلك القائمة على التعسف أو بسبب المعجزات.
فكلمة لاهوتي في نظره أي في نظر كونت تعني "خرافي" وفي مكان غير هذا المكان، يطلق "كونت" على هذا النوع من التفسير اسم "خيالي" أو "أسطوري". وبهذا المعنى استطاع أن يسأل ويقول:
ألا يتذكر كل أمريء منا فيما يتعلق بأهم ما يشغل عقله من مسائل أنه كان لاهوتياً في طفولته، وميتافيزيقياً في صباه، وعالم طبيعة في مرحلة نضجه؟
ولا يوحي ايحاءً أو يشير "كونت" ولو مجرد إشارة هنا الي التقاليد الدينية التي يتعلمها الطفل أو يتلقاها عن والديه، ولكنه يميل ميله الفطري الذي يشجعه ويدعوه في أول الأمر الي تفسير الطبيعية وظواهرها ببعض الارادات لا ببعض القوانين. فكلمة لاهوتي هنا تعني ان الفرد الانسان يعزو الي الآلهة رغبات وتصرفات وسلوكيات إنسانية، ويرجع اليها في شرح وتفسير أسباب الظواهر، ويُطلق على هذه الظاهرة في التفكير اسم "مذهب التشبيه" .
وعلى نفس الإيقاع ومواله، لا يستخدم او يستعمل "كونت" مصطلح أو كلمة ميتافيزيقيا في معناها المألوف عادة والمتداول دائماً. فلا علم الوجود من حيث هو وجود، أو علم الظواهر، أو علم المبادئ الأولى هو المنشود وهو المقصود هنا بطريقة مباشرة في الأقل، ولكن المقصود هنا نوع خاص من شرح وتفسير الظواهر التي توقفنا عليها، ومثالاً لذلك فأن فرض الأثير الذي يستخدم في "علم الطبيعة" لتفسير الظواهر الضوئية أو الكهربائية يعتبر فرضاً ميتافيزيقياً. وأيضاً مثال ذلك فرض المبدأ الحيوي في علم وظائف الأعضاء، وفرض الروح في علم النفس، ويقول "كونت" انه تفسير ميتافيزيقي أو تفسير مجرد.
حقيقةً وفي الواقع، ليس هذا النوع من التفسير الا النوع السالف، وقد جُرد جانب كبير من صبغته فبدا شاحباً باهتاً. وهكذا يمكننا القول بأنه يختفي ولا يُرى بالقدر الذي لا يرجع فيه الشخص الظواهر الطبيعية التي يشاهدها ويلاحظها مشاهدة وملاحظة أفضل الي ارادات وقوي تتقلب مع الهوى الي قوانين ثابتة.
فيجب علينا اذن أن نكون حذرين وواعين كفاية، وألا نستعمل أو نتناول هنا لفظي "ميتافيزيقيا" و"لاهوت" بالمعني التام الكامل لكل منهما، فاذا قرا واستنبط البعض منا من قانون الحالات الثلاث، أن تطور الإنسانية سيبتعد بها دائماً عن اللاهوت، لكي يفضي بها الي حالة نهائية لا يجد فيها الدين موقعاً ولا مكاناً له، كان معني ذلك أنه يخطئ خطأ غريباً وعجيباً وكبيراً في فهم "نظرية كونت"، ان تقدم الانسان يقودها، على خلاف ذلك، الي حالة ستكون دينية بالتمام والكمال، وفي هذه الحالة سيرتب وسينظم الدين حياة الانسان باسرها. وربما لم يعترض ولم يرفض "كونت"، تعريف الانسان بأنه حيوان ديني، كما عُرف على هذا النحو في بعض الأحيان وفي كثير من الأحايين.
فبمعني ما، يمكننا ويمكن للجميع ان يتصور تاريخ الإنسانية كما لو كان تطوراً تبدأ حركة سيره بالديانة البدائية (الوثنية) وينتهي الي الديانة النهائية (الوضعية). ولكن أبداً ليس موضوع هذا القانون هو أن يعبر عن التطور الديني للإنسانية. وهو لا يتعلق الا بتقدم الذكاء الإنساني، وهو على علاقة بذلك فقط، وهو يبين الفلسفات المتتابعة التي وجب أن يرتضيها هذا الذكاء في تفسير الظواهر الطبيعية، فهو باختصار القانون العام لتطور التفكير، لا غير ذلك ولا زيادة على ذلك.
... للسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...

bakoor501@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الظواهر الطبیعیة العلوم الطبیعیة

إقرأ أيضاً:

موسكو تعلن السيطرة على قرية إستراتيجية جديدة .. وأوكرانيا تسقط 59 مُسيرة أطلقتها روسيا خلال الليل

عواصم "أ ف ب" "رويترز": اعلنت القوات الروسية الجمعة السيطرة على قرية جديدة في شرق أوكرانيا تجاور بلدة بوكروفسك، واقترابها أيضا من طريق حيوية للإمدادات اللوجستية للجيش الاوكراني.

ورغم خسائره، يتقدم الجيش الروسي منذ أكثر من عام في شرق اوكرانيا ويسعى الى تطويق بوكروفسك وقطع الطريق السريعة عند مدخلي البلدة الشرقي والغربي، الامر الذي سيعوق إمدادات الجنود الاوكرانيين في منطقة دونباس.

واعلنت وزارة الدفاع الروسية السيطرة على قرية نوفوفاسيليفكا بجنوب غرب بوكروفسك، والتقدم نحو منطقة دنيبروبيتروفسك المجاورة.

وسيشكل دخول القوات الروسية هذه المنطقة سابقة منذ بدء الحرب في فبراير 2022، وضربة قاسية للقوات الأوكرانية التي تواجه صعوبة في احتواء التقدم الروسي بسبب افتقارها الى العديد والعتاد.

كذلك، أورد موقع "ديبستايت" القريب من الجيش الاوكراني أن القوات الروسية باتت على بعد مئات الامتار من طريق تقع شرق بوكروفسك وتربط هذه البلدة بكوستيانتينيفكا، وهي مركز لوجستي آخر للجيش الاوكراني، علما أن الجنود الاوكرانيين ما عادوا يسلكون الطريق المذكورة.

إتهام بقتل 22 شخص

اتهمت موسكو الجمعة القوات الأوكرانية بقتل 22 شخصا في قرية روسية محتلة وفق لجنة تحقيق روسية.

تسيطر أوكرانيا على عشرات القرى الحدودية في منطقة كورسك بغرب روسيا منذ أن شنت هجوما مفاجئا في أغسطس. وتقول إن مجز 2000 مدني ما زالوا يقيمون في مناطق تحتلها.

واستعادت روسيا الآن السيطرة على عدة بلدات.

وقالت لجنة التحقيق الروسية في 19 يناير إنها تحقق في مقتل "سبعة مدنيين على الأقل" في قرية روسكوي بوريشنوي على بعد 20 كلم من الحدود الأوكرانية.

وأفادت الجمعة بأنها تحقق حاليا في مقتل "22 مواطنا" بين سبتمبر ونوفمبر.

على الفور من صحة تلك التصريحات ولم يرد ردّ رسمي من أوكرانيا.

واتهم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف المجتمع الدولي بتجاهل روسيا.

وقال للصحفيين "ينبغي التحدث عن ذلك وإظهاره رغم لا مبالاة المجتمع الدولي وعدم رغبته في الاهتمام بمثل هذه الفظائع".

وأعلن المحققون الروس أن خمسة جنود أوكرانيين نفذوا عمليات القتل وأن أحدهم، واسمه يفغيني فابريسينكو، اعتقل أثناء القتال في منطقة كورسك.

ونشرت اللجنة مقطع فيديو لاستجواب رجل قالت إنه يُدعى فابريسينكو، وقد أدلى باعترافه.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في إيجاز صحافي الجمعة "أولا، تعرض الناس للتعذيب والإساءة، ثم قتلوا إما بإطلاق النار عليهم وإما بتفجيرهم".

وتتبادل روسيا وأوكرانيا الاتهامات بقتل مدنيين منذ بدء النزاع قبل ما يقرب من ثلاث سنوات.

واتهمت القوات الروسية بقتل مئات المدنيين في بلدة بوتشا بالقرب من كييف. وكان صحفيو وكالة فرانس برس من بين وسائل الإعلام الدولية التي شاهدت وصورت جثث مدنيين أوكرانيين قتلوا، بعضهم مقيد.

ونفت موسكو تلك الاتهامات واتهمت في المقابل كييف بفبركة الصور وهو ما رفضته العديد من المؤسسات المستقلة التي تعنى بتقصي الحقائق ووسائل الإعلام بما فيها وكالة فرانس برس.

النروج تصادر سفينة

أعلنت الشرطة النروجية الجمعة أنها بناء على طلب من سلطات لاتفيا صادرت السفينة "سيلفر دانيا" الروسية الطاقم لتفتيشها إثر الاشتباه بضلوعها في تخريب كابل بين لاتفيا والسويد.

وأشار بيان صادر عن شرطة ترومس (شمال) الإقليمية إلى "شبهات في إن السفينة ضالعة في أعمال تخريب خطرة لكابل ألياف ضوئية في بحر البلطيق بين لاتفيا والسويد".

وأوضح أن "الشرطة صعدت على متن السفينة لإجراء عمليات تفتيش واستجواب وجمع أدلّة".

وطلب خفر السواحل النروجيون من سفينة الشحن "سيلفر دانيا" التي ترفع علم النروج والمملوكة لشركة "سيلفر سي" النروجية تحويل مسار رحلتها بين مدينتي سان بطرسبرغ ومورمانسك الروسيتين.

وقَبِل الطاقم بتحويل رحلته إلى مرفأ ترومسا في شمال النروج حيث وصل في ساعات الصباح الأولى.

وطاقم السفينة "روسي بالكامل"، على ما كشفت الشرطة مشيرة إلى تعاون من جانب أفراده والشركة المالكة.

وقال صاحب الشركة النروجية "سيلفر سي" تورمود فوسمارك في تصريحات لوكالة فرانس برس "أبحرنا بالقرب من غوتلاند" الجزيرة السويدية التي تضرّر في محيطها كابل الأحد، لكن "لم نقترف أيّ سوء... واستقدمتنا السلطات النروجية إلى المرفأ للبتّ في أننا غير مسؤولين".

صباح الأحد، تعرّض للتخريب كابل ألياف ضوئية تابع لمركز الإذاعة والتلفزيون الحكومي في لاتفيا يربط جزيرة غوتلاند السويدية بمدينة فنتسبيلس في لاتفيا.

وأشار المركز في تحقيقه الأوّلي إلى "عوامل خارجية".

وفي اليوم عينه، صادرت السويد سفينة بلغارية لتفتيشها في إطار تحقيقها في عملية "تخريب خطير".

وفي ظلّ الاشتباه بتخريب متعمد لكابلات اتصالات وكهرباء تحت البحر في الأشهر الأخيرة، تسعى الدول المحيطة ببحر البلطيق إلى تعزيز إجراءاتها الدفاعية.

ويتهم خبراء وسياسيون روسيا بتدبير "حرب هجينة" ضد الغرب على خلفية حربها في أوكرانيا.

وأعلن حلف شمال الأطلسي في وقت سابق هذا الشهر أنه سيطلق مهمة مراقبة جديدة في بحر البلطيق مع سفن دورية وطائرات بهدف ردع أي محاولة لاستهداف البنية التحتية في المنطقة.

إسقاط 59 مُسيرة

قالت القوات الجوية الأوكرانية الجمعة إن الدفاعات الجوية أسقطت 59 من أصل 102 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا في هجوم ليلا.

وذكرت أن 37 مسيرة "فقدت"، في إشارة إلى التشويش عليها إلكترونيا.

وأضافت أن الطائرات الروسية تسببت في أضرار في منطقة سومي في شمال شرق البلاد ومنطقة أوديسا في الجنوب ومنطقة تشيركاسي في الوسط، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

إخماد حريق

قال حاكم منطقة فولجوجراد في جنوب روسيا الجمعة إنه تم إخماد حريق كان قد اندلع في مصفاة نفط بعد هجوم أوكراني بطائرات مسيرة خلال الليل.

وذكر أندريه بوشاروف في بيان على تطبيق تيليجرام أن الدفاعات الجوية الروسية صدت هجوما على المنطقة بثماني طائرات مسيرة.

وأضاف "اندلع حريق في موقع مصفاة النفط نتيجة سقوط حطام إحدى الطائرات المسيرة، وتم إخماده على الفور، ونُقل عامل في المصفاة إلى المستشفى بعد إصابته".

وقال أندريه كوفالينكو رئيس مركز مكافحة المعلومات المضللة في أوكرانيا على تيليجرام إن مصفاة النفط، التي وصفها بأنها واحدة من أكبر المصافي في روسيا، تعرضت للقصف.

وذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنها أسقطت 49 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل، من بينها 25 في منطقة روستوف جنوبا وثماني مسيرات في فولجوجراد.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاده.. سيرة حياة محمد الراوي عالم القرآن والدعوة
  • ندوة بمعرض الكتاب تناقش رواية "حي بن يقظان" وتأثيرها في الفلسفة والأدب
  • سيرة المسيري ذكريات تتجدد!
  • «المادية».. الاتجاه الأول للتفكير الفلسفي
  • خطأ الفهم للفلسفة القديمة وأثر هذا في التشظي
  • هبة محمد علي: كتاب «محمد جلال عبد القوي أديب الدراما العربية» سيرة فنية لأحد أهم كتاب الدراما
  • موسكو تعلن السيطرة على قرية إستراتيجية جديدة .. وأوكرانيا تسقط 59 مُسيرة أطلقتها روسيا خلال الليل
  • الدكتور أحمد نبوي: سيرة حضرة سيدنا النبي نموذج للتربية بالقدوة الحسنة
  • تحذير من النوم بهذه الوضعية.. “يسبب الشيخوخة المبكرة”
  • الحكومة تواصل تسوية الوضعية الإدارية والمالية لموظفي وزارة التربية الوطنية