الغاز وزياده معدل الانجاب في قري منطقة قٌلِي بولاية النيل الابيض
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
د. حامد عمر علي
درجت بعض هيئات الامم المتحدة و أيضاً بعض المنظمات الطوعية علي انفاذ بعض المشاريع التي تستهدف وقف التدهور البيئي وإعادة الغطاء النباتي خاصة الغابات. ويعتبر الجزء الشمالي الغربي من ولاية النيل الابيض والمتاخم لولاية شمال كردفان، من أكثر المناطق تأثراً بالتدهور البيئي المتمثل في التصحر وزحف الرمال التي غطت مساحات واسعةً من الأراضي الزراعية والرعوية علاوة علي تدهور الغطاء النباتي واضمحلال وزوال الأشجار .
هدف المشروع الرائد الذي نفذته منظمة بلان سوزان في منطقة قٌلٍي الي إنعاش الغطاء النباتي وذلك بإدخال وتشجيع إستخدام الغاز المسال بدلاً من الفحم والحطب وروث البهائم. كما أسس المشروع صناديقً دوارة revolving funds في القري التي تم أختيارها لتمويل شراء اسطونات الغاز والبتوجازات وتوزيعها للاسر المختارة و المستوفية للشروط . وأيضاً اشرف المشروع علي تكوين وتدريب ما يعرف بلجان تنمية القري village development committees من النساء والرجال لادارة الصناديق الدوارة . وتشمل مهام هذه اللجان أيضاً اختيار الاسر المستوفية لشروط التوزيع وامتلاك الاسطوانات وكيفية التمويل والسداد . هذا وقد قامت ادارة المشروع باختيار واعتماد عدد من صغار التجار بالقري وتاهليهم ليكونوا وكلاء لأسطوانات الغاز كما قامت بتدريب المواطنين علي كيفية التعامل مع الاسطونات والبوتوجاز, بالاضافة الي التوعيه بأهمية الصحة العامة والمنزلية والنظافة الشخصية ونوع الأمراض ذات الصلة بالمياه وتلوثها والأضرار الصحية التي قد تنتج من حرق روث الحيوانات.
درجت معظم المنظمات اخضاع المشاريع بعد انتهاء الفترة المحددة لتنفيذ أنشطتها، الي ما يُعرف بالتقييم النهائي للمشروع . الهدف من هذا التقييم هو معرفة الي اي مدي تمكن المشروع من تحقيق أهدافه ، ولبي احتياجات المواطنين ، ومدى ملاءمته للمنطقة أو المجتمعات المختارة ، والاثر الاجتماعي والتنموي الذي أحدثه ، والدروس المستفادة منه ، وإمكانية تطبيقه في المناطق الأخرى . كلفتني منظمة بلان سودان برئاسة مجموعة الخبراء (د يعقوب عبدالله -عليه الرحمة - المختص في مجال البيئه والدرسات الاجتماعية، ود عبد الوهاب المكي في مجال الصحة العامه والاصحاح البيئي، ود مريم .... في مجال تنمية المرأة والنوع ) الذين اختارتهم منظمة بلان سودان لإجراء التقييم النهائي لهذا المشروع الحيوي وفقًا للمعايير المرجعية التي وضعتها المنظمة والجهات الممولة بدقة واحترافية عالية ، مما يلزم فريق التقييم بالالتزام بها قدر الإمكان . وكما هو معلوم للكثيرين فان طرق التقييم تعتمد علي مراجعة مستندات وثائق المشروع وتقاريره الدورية والزيارات الميدانية الى القري المستهدفة و اجراء اللقاءات المباشرة مع المجموعات البشرية و اعضاء لجان التنمية المستفيدة من المشروع وغيرها. وبالرغم من ان عمليات التقييم تحكمها البنود المرجعية ، الا ان الحصول علي المعلومات المناسبة التي تثري التقييم وتقريره تعتمد كذلك علي مهارات وخبرات المقيمين و مدي معرفتهم بجغرافية وثقافة وعادات المجتمع المعني. و من الاشياء المهمة في التقييم أيضا بناء الثقة بين المقيمين والمستفيدين من المشروع وتوضيح الغرض من التقييم قبل استنطاقهم . وكذلك لابد من احترام عادات المواطنين وثقافتهم ومعتقداتهم وغيرها من الاشتراطات الضرورية الاخري وفق متطلبات وحالة المكان والزمان . كما سبق القول فان الاهداف الرئيسية للتقييم تتمحور حول معرفة الاثار الايجابية والسلبية لاستخدام الغاز المسال في عمليات الطهي ومعرفة أثر المشروع علي البيئة المحيطة بالمنطقة ، مثل التناقص في معدل قطع الاشجار وأثره علي الصحة العامة مثل انخفاض معدل الالتهابات الصدرية و الاثار الايجابية الناتجة عن توفير وتحسين خدمات المياه في القري . وقف المقيمون علي كثير من النتائج الإيجابية وكذلك بعض السلبيات للمشروع ، ولكن من النتايج الايجابية التي لم تخطر علي بال فريق التقييم ، ولا حتي علي بال الذين صمموا المشروع (وأشاروا الي نتائجه المتوقعة) ، وكذلك الذين وضعوا البنود المرجعية للتقييم ، هو دور استخدام غاز الطهي في "زيادة معدل الانجاب بالمنطقة ". لقد عبر بعض رجال المنطقة في اكثر من قرية عن ذلك اثناء النقاش والحوار الجماعي group discussion عن هذا الامر بقولهم (جهرةً) ان لاستخدام الغاز المسال في الطهي المنزلي دور فعال في زيادة معدل الانجاب بالمنطقة . لقد الجمتني الدهشة وكذلك بقية الفريق من هذه الافادة ولكن سرعان ما تبددت الدهشة عندما أضاف بعض المواطنين في اكثر من قرية بقولهم " قبل استخدام الغاز، كانت النساء يستخدمن روث الابقار صباحاً و مساءً في طهي الطعام، كانت اجسامهن وملابسهن "معطنه بالدخان "وتفوح منهن رائحة الروث وهي رائحة طاردة تشعرك بالانقباض وتجبرك علي الابتعاد من النساء ، لذلك قلتْ الحميمية ، وتباعدت المراقد بيننا وبين النساء !.. ولكن بعد هذا المشروع و امتلاكنا لاسطوانات الغاز ( والبتوجازات ) وكذلك توفر الميآه النقية فارقت النساء استخدام الروث والفحم والحطب وأيضاً اصبح الحمام متاحاً يوميًا وبالتالي صارت النساء اكثر نضارة ونظافة ً وجاذبية.. طابت النفوس و تقاربت السراير (والباقي علي الله )".. وأردف المتحدث قائلا (الحمد لله كثرت المناسبات احتفاءاً بالمواليد). هذا الاثر الجانبي لاستخدام الغاز المسال في منطقة قٌلٍي او في ظروف معينة وبيئة شبيهة لها ، والذي لم يكن في حسبان مصممي المشروع ، لا شك أنه هام وغير متوقع . ورغم ذلك فإن فائدته علي مستوي سياسات التخطيط الاسري قد تحتاج الي المزيد من التحقق .إن استخدام الغاز هو لا شك عامل مساعد وهام وفق نتائج هذا التقييم ، ولكن ليس من الممكن ان ينسب له الفضل كله في زيادة معدل الانجاب. لكن ما اتفق عليه رأي المقيمين هو اهمية مراعاة ما يدعوا اليه اطباء الصحة العامة حول النظافة ، وقد تهيأت الظروف المناسبة لذلك بسبب توفر المياه النقية بالقري (كما تنبه الي ذلك المستفيدون انفسهم) وحلقات التوعيه بالصحة العامة والنظافة الشخصية،علاوة علي توقف استخدام النساء لروث البهايم في الطهي بتوفر الغاز، أدي كل ذلك الي تحسن مستوي الصحة العامة في قري المشروع وبالتالي "فإن النساء اصبحن اكثر نظافةً و نضارةً في الملبس و المظهر العام، مما قد يجعل ( الرجال اكثر انجذاباً وحميمية لهن ".
د حامد عمر
Email.hamidomer122@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: استخدام الغاز الغاز المسال الصحة العامة معدل الانجاب فی زیادة
إقرأ أيضاً:
استثمار ضخم للغاز الطبيعي المسال في السنغال وموريتانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بدأ مشروع غاز "جراند تورتيه أحميم" لشركة "بريتش بتروليوم" بإنتاج الغاز من الحقول البحرية في السنغال وموريتانيا، حيث تتوقع البلدان وصول الشحنات قريبًا، مما يعطي دفعة قوية للنمو الاقتصادي.
وتم تطوير المشروع البالغ قيمته 4.8 مليار دولار بالتعاون بين بريتش بتروليوم وشركة كوسموس للطاقة، ويُقدّر أن يُنتج حوالي 2.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا في مرحلته الأولى، وفقا لشبكة بلومبرج.
ومن المقدر أن يتدفق الغاز من آبار في أعماق البحار - بعمق يصل إلى 2850 مترًا - إلى سفينة تخزين عائمة حيث ستتم معالجته. وبدأت التدفقات نحو المشروع العائم، ومن المتوقع أن تبدأ شحنات الغاز الطبيعي المسال "قريبًا جدًا"، حسبما ذكرت وزارتي الطاقة في السنغال وموريتانيا في بيان مشترك خلال 31 ديسمبر.
وتوفر صادرات الغاز من هذا المشروع الذي تأخر لفترة طويلة دعمًا إضافيًا للسنغال بعد أن بدأت الدولة الواقعة في غرب إفريقيا بتصدير النفط العام الماضي.
وساعد ذلك في رفع معدل النمو إلى مستوى قياسي بلغ 8.9% خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد بنسبة 9.3% هذا العام.
ويمثل التوسع فرصة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمالية العامة في دولة من المحتمل أن تشهد عجزًا في الميزانية يتجاوز 11% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.
وتخطط السنغال لتقليل عجز الميزانية إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027 من خلال تقليص الإنفاق الحكومي وزيادة إيرادات الضرائب اعتبارًا من 2025، حسبما ذكر رئيس الوزراء عثمان سونكو الأسبوع الماضي.
وأشارت شركة بريتش بتروليوم إلى أنه من المتوقع أن يُنتج المشروع الغاز الطبيعي المسال لأكثر من 20 عامًا.