المغرب وموريتانيا.. فرص اقتصادية ومشاريع إستراتيجية
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
مراكش – يعتقد محللون، تحدثوا للجزيرة نت، أن الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للمغرب مؤخرا ستفتح آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين، بالاستفادة من فرص اقتصادية وشراكة إستراتيجية توفرها المبادرة الأطلسية، وتنفيذ مشروع نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.
وكان الملك محمد السادس قد استقبل الرئيس الموريتاني بالقصر الملكي في الدار البيضاء قبل أيام، وأشار بيان للديوان الملكي إلى أن "اللقاء يندرج في إطار علاقات الثقة والتعاون القوية بين البلدين، وأواصر الأخوة الصادقة بين الشعبين الشقيقين"، مضيفا أن "قائدي البلدين ثمنّا التطور الإيجابي الذي تعرفه الشراكة المغربية الموريتانية في جميع المجالات".
وتُعَد هذه الزيارة هي الأولى للرئيس الموريتاني منذ توليه الحكم في بلاده سنة 2019.
وفي تعليق له للجزيرة نت، يشير الأكاديمي المغربي الشرقاوي الروداني إلى أن الزيارة تأتي في ظل تحولات إستراتيجية كبرى في القارة الأفريقية وفي العالم العربي والإسلامي، مما يعطيها أهمية بالغة لتعزيز العلاقات الثنائية.
ويشير المتحدث إلى أن التكامل الاقتصادي يشكل عاملا أساسيا في تعزيز العلاقات، ومصدر مكاسب إستراتيجية للطرفين، لا سيما أن المغرب نجح في تحقيق تقدم كبير بمجالات مثل الزراعة والطاقة المتجددة والبنية التحتية، ويمكن أن يكون شريكا إستراتيجيا لموريتانيا في دعم خططها التنموية.
إعلانبدوره، يبرز أستاذ العلاقات الدولية عبد الفتاح بلعمشي، للجزيرة نت، أن اللقاء له ما بعده، لأن السياسة الخارجية الموريتانية أصبحت تتمتع بنوع من الانفتاح، وتضمن للمصلحة الوطنية مزيدا من الفرص، وذلك من خلال تحركات الرئيس بصفته رئيس الاتحاد الأفريقي، مما شكّل دفعة أساسية لتطوير وتنمية العلاقات الموريتانية الأفريقية في اتجاهات عدة.
المغرب وموريتانيا يؤكدان حرصهما على تطوير مشاريع إستراتيجية للربط بينهما (شترستوك) مبادرةيؤكد المغرب وموريتانيا حرصهما على تطوير مشاريع إستراتيجية للربط بين البلدين الجارين، وكذا تنسيق مساهمتهما في إطار المبادرات الملكية بأفريقيا، خاصة أنبوب الغاز الأفريقي-الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، كما جاء في بلاغ الديوان الملكي المغربي.
ويلاحظ أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، في تصريح للجزيرة نت، أن المغرب ينتهج سياسة تعاون انفتاح وتكامل مع موريتانيا بحكم موقعها الإستراتيجي، وليست سياسة هيمنة أو إملاءات.
فيما يؤكد المحلل الاقتصادي سعيد أوهادي أن مبادرة الشراكة الأطلسية فرصة كبيرة لتقوية العلاقة بين البلدين، خاصة أنها تروم تثبيت دعائم الاستقرار بالمنطقة ومساعدة بلدان الساحل في الولوج إلى المحيط الأطلسي.
كما أنها تجعل من المشاريع الكبرى بالمناطق الجنوبية للمملكة، خاصة ميناء الداخلية الذي يزمع تشغيله في 2029، منصة لتقوية تواجد المغرب الاقتصادي في أفريقيا، مع نهج سياسة التعاون جنوب-جنوب.
ويؤكد المتحدث أن نجاح المغرب نقل صادراته نحو أفريقيا من 300 مليون دولار إلى أكثر من 3 مليارات دولار خلال عقدين من الزمن، ووصول عائدات الشركات المغربية المستثمرة بالدول الأفريقية إلى نحو 2.5 مليار دولار يمهد الأرض لتكامل اقتصادي.
كما أن هذه المبادرة تندرج ضمن إستراتيجية المغرب لنقل الغاز النيجيري عبر خط أنابيب آمن يمر عبر 11 دولة من بينها موريتانيا، وصولا إلى أوروبا بميزانية متوقعة تفوق 25 مليار دولار، وهي أمور قد تستفيد منها كلها موريتانيا سياسيا واقتصاديا بحكم موقعها الجغرافي.
إعلان انتعاش تجاريبدوره، يقول رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات عبد الفتاح بلعمشي إن البلدين الجارين يشكل كل واحد منها للآخر عمقا إستراتيجيا ومحورا أساسيا، مشيرا إلى أن توازنات إقليمية وجيوسياسية حالت فيما مضى دون جعل هذه العلاقات أكثر مثالية.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن ثمة تحولا في اتجاه دفع لتطوير وتنمية العلاقات بين البلدين، بعد تولي الرئيس ولد الغزواني الرئاسة في موريتانيا، ولو بشكل بطيء.
عبد الفتاح بلعمشي يلاحظ أن التراكم الحاصل في العلاقات البينية قابل لتحقيق طموحات أكبر اقتصاديا وتجاريا (الجزيرة)من جهته، يبرز الخبير الاقتصادي المغربي سعيد أوهادي أن العلاقات التجارية بين البلدين عرفت انتعاشا منذ سنة 2022، بعدما كانت تعيش على وقع التذبذب قبل ذلك.
وحسب سفارة المغرب بنواكشوط وتأكيد من وزارة الاقتصاد والمالية المغربية ناهزت المبادلات التجارية بين البلدين خلال سنة 2022 حوالي 300 مليون دولار، بعدما لم تتجاوز 1.9 مليار دولار خلال الفترة من 2009-2019، بمعدل سنوي أقل من 173 مليون دولار.
ويفسر الأكاديمي هذا الانتعاش في سنة 2022، بانعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في مارس/آذار 2022 في دورتها الثامنة بعد 9 سنوات من الجمود، مما كان له وقع إيجابي على العلاقات الاقتصادية بين الجارين.
ويضيف أن فرض ضرائب جديدة على صادرات المغرب المتجهة إلى أفريقيا عبر موريتانيا، كان يمكن أن يؤثر على علاقة البلدين، لكن المغرب تشبث بسياسته المنفتحة، بصفته أول مستثمر أفريقي بموريتانيا في قطاعات متنوعة مثل الاتصالات والبنوك وتحويل وتثمين منتجات الصيد البحري والزراعة، وإنتاج الإسمنت ومواد البناء وتوزيع الغاز المنزلي، بالإضافة إلى توزيع المواد البترولية.
كما يعتبر المغرب أول مورد في أفريقيا لموريتانيا بحوالي 50% من البضائع المستوردة، و73% من مجمل واردات موريتانيا من البلدان المغاربية، إذ تتكون الصادرات المغربية إلى موريتانيا من 80% من المواد الغذائية والزراعة والمواد المصنعة وآلات ومعدات النقل، كما تشكل الخضراوات والفواكه 20% من إجمالي تلك البضائع.
إعلان مجال حيوييلاحظ الأكاديمي المغربي عبد الفتاح بلعمشي أن التراكم الحاصل في العلاقات البينية قابل لتحقيق طموحات أكبر اقتصاديا وتجاريا وثقافيا، لأن البلدين ينعمان بالأمن والاستقرار في منطقة متوترة ويسعيان معا إلى تغليب منطق التنمية والرفاه على منطق الصراع والتجاذب، كما يشكلان موضوعيا في حال تطور علاقتهما البينية منطلقا أساسيا لتبديد عناصر تعثر تحقيق اندماج مغاربي، وتعزيز الموقع التفاوضي لشمال أفريقيا بمواجهة القوى الدولية المختلفة.
خالد شيات يؤكد أن التوجه نحو الواجهة الأطلسية يمثل بديلا إستراتيجيا مهما للمغرب (الجزيرة)بدوره، يؤكد أستاذ العلاقات الدولية خالد شيات أن مبادرة المغرب للانفتاح على الواجهة الأطلسية والانخراط في مشاريع تنمية متكاملة ليست فقط مع موريتانيا بل مع دول أخرى، مشيرا إلى دعم قوى عظمى كالولايات المتحدة والدول الأوروبية والصين، وربما روسيا، لهذه المشاريع.
ويؤكد أن التوجه نحو الواجهة الأطلسية يمثل بديلا إستراتيجيا مهما للمغرب، ويخدم مصالح جميع الأطراف، مع ضمان استقرار موريتانيا السياسي وحمايتها من أي تدخلات إقليمية.
أما الروداني فيرى أنه في ظل المنافسة المتزايدة بين الأطراف الإقليمية والدولية، تجد موريتانيا نفسها أمام خيار إستراتيجي يتمثل في التعاون مع محور إقليمي يدعم الاستقرار والتنمية أو البقاء ضمن تأثيرات محدودة.
وساطةلا يكتفي المغرب بالحرص على تطوير مشاريع إستراتيجية مع موريتانيا، بل يلعب دور الوسيط في عدد من القضايا، كما حدث خلال الخلاف الناشئ بين القيادة السنغالية الجديدة وموريتانيا حول استغلال الغاز الطبيعي في مشروع "لا كراند تورتو".
ويلاحظ الأكاديمي الشرقاوي الروداني أن المغرب استطاع إعادة بناء الثقة بين الطرفين، بما يتمتع به من مصداقية دولية وإقليمية تمكّنه من تقديم حلول مبتكرة تقسم المنافع وتضمن التوازن بين المصالح الوطنية للطرفين، وهذا الدور يعكس التزام المغرب بتعزيز التعاون الإقليمي وتجنب الصراعات التي تعيق التنمية.
إعلانويضيف أن المغرب يمكن أن يقترح آليات تكاملية تعزز التعاون بين موريتانيا والسنغال، خاصة في ربط هذا المقترح بمنظومة أنبوب الغاز (نيجيريا-المغرب)، إذ إن هذا الربط لا يخلق فقط إطارا عمليا للتكامل في مجال الطاقة، بل يحول التنافس إلى شراكة تحقق مكاسب اقتصادية وأمنية، ويعزز الاستقلال في الطاقة للمنطقة.
ويتابع المتحدث ذاته أنه لتحقيق هذا التكامل، يمكن للمغرب أن يدعو إلى إنشاء مجلس إقليمي للطاقة، يجمع الأطراف المعنية لتنسيق الجهود وحل النزاعات، وضمان تحقيق أقصى استفادة من المشاريع المشتركة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مشاریع إستراتیجیة بین البلدین للجزیرة نت أن المغرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
اقتصادية قناة السويس.. قفزة في الإيرادات واعتماد مشروعات استثمارية ضخمة لدعم الصناعة والتصدير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقد مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس اجتماعه الرابع للعام المالي 2024-2025، برئاسة وليد جمال الدين، وبحضور عدد من الوزراء والمسؤولين، لمناقشة المؤشرات المالية للنصف الأول من العام، واستعراض جهود الترويج الاستثماري، واعتماد مشروعات جديدة تعزز من مكانة المنطقة الاقتصادية كوجهة استثمارية عالمية.
خلال الاجتماع، استعرض المجلس الأداء المالي للهيئة خلال النصف الأول من العام المالي 2024-2025، حيث بلغت الإيرادات الفعلية 5.673 مليار جنيه، محققة زيادة 32% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، و8% عن التوقعات المدرجة بالموازنة الحالية.
كما شهدت إيرادات الموانئ ارتفاعًا كبيرًا، حيث ساهمت بنسبة 77% من إجمالي الإيرادات، بينما ارتفعت إيرادات الأنشطة الأخرى إلى 23%، مقارنة بمتوسط 8% خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعكس نجاح الهيئة في تنويع مصادر الدخل وتعظيم أصولها لمواجهة تحديات الملاحة العالمية.
استعرض وليد جمال الدين جهود الترويج الاستثماري، مشيرًا إلى نجاح الهيئة في استقطاب 66 مشروعًا جديدًا بإجمالي استثمارات 1.755 مليار دولار، تتيح 1600 فرصة عمل. شملت هذه المشروعات 54 مشروعًا جديدًا، و12 مشروعًا توسعيًا لشركات قائمة، مما يعكس ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال داخل المنطقة الاقتصادية.
وافق مجلس الإدارة على 4 مشروعات جديدة في قطاعي الغزل والنسيج والصناعات المعدنية، بإجمالي استثمارات 1.843 مليار دولار، أبرزها مشروع “إروجلو جلوبال” التركية لتوسيع نشاط صناعة الملابس الجاهزة والجينز في القنطرة غرب، باستثمارات 180 مليون دولار، على مساحة 274 ألف م²، وتوفير 5000 فرصة عمل ،مشروع “شنغهاي هونر” الصينية لإنتاج المنسوجات المنزلية، باستثمارات 3.5 مليون دولار، على مساحة 40 ألف م²، وتوفير 300 فرصة عمل ،مشروع “جيانجسو جوتاي” الصينية لصناعة الملابس الجاهزة، باستثمارات 10 ملايين دولار، على مساحة 21 ألف م²، وتوفير 2000 فرصة عمل، مجمع “شين فينج إيجيبت” الصناعي بالسخنة، باستثمارات 1.65 مليار دولار، على مساحة 3.75 كم²، يهدف إلى إنتاج مكونات السيارات والأجهزة المنزلية، ويوفر 7994 فرصة عمل مباشرة.
كما وافق المجلس على توقيع اتفاقية تعاون مع شركة بتروسيف لتنفيذ أعمال مكافحة التلوث البحري بالزيت في موانئ الأدبية، العين السخنة، والطور، تعزيزًا للالتزام بالمعايير البيئية والاتفاقيات الدولية.